المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الصراع على الحدود - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ١٠

[بسام العسلي]

الفصل: ‌ الصراع على الحدود

9 -

‌ الصراع على الحدود

كان الصراع على الحدود، أهم تطور عسكري وقع في العام (1957). وقد نجح (عمارنة) في أن يأتي لتونس بكميات كبيرة من الأسلحة التي اجتازت حدود الجزائر في النصف الأول من العام. وأعلنت الحكومة الإفرنسية في شهر - أوت - آب - حقها في مطاردة الثوار الجزائريين إلى داخل الأراض التونسية، وهو حق زعمت أن القانون الدولي يخونها إياه، لتمنع مرور الأسلحة عبر الحدود. وهكذا شرعت بإقامة حاجز من الأسلاك الشائكة المكهربة (أطلق عليه اسم خط موريس نسبة الى وزير دفاعها) يمتد مائة ميل على طول الحدود التونسية - الجزائرية. وقد أقيمت فيه نقاط مسلحة بالمدفعية وأجهزة الرادار. وهذا الخط المكهرب يشبه ذاك الذي أقيم على الحدود الجزائرية - المغربية أيضا وقد بدأ العمل به في شهر سبتمبر - أيلول - وكان جيش التحرير، يستخدم لقطع هذه الأسلاك الحشوات المستطيلة (بنغالور) لإحداث ثغرات فيها، ثم يقوم رجاله بقطع الأسلاك بواسطة المقصات الخشبية. وكان جنود جيش التحرير يدفعون أمامهم أحيانا قطعانا من الماشية لتفجير الألغام الافرنسية، ويصبح باستطاعة الجنود عندئذ المرور مع البغال

ص: 110

المحملة بالامدادات من أسلحة وذخائر. وقد تعلم الجيش الإفرنسي مؤخرا اسخدام المحولات الكهربائية لمنع انقطاغ التيار.

وقد كلف (خط موريس) قوات جيش التحرير الوطني الكثير من أيام العمل الإضافية، وخسارة كبيرة في الأرواح. وأدى إلى إبطاء وصول شحنات الأسلحة إلى مجاهدي الداخل، ولكنه لم يمنع وصولها بصورة نهائية. ولعل وجوده هو الذي أدى الى تطور الصراع، والتوسع بالهجمات التي كان يقوم بها المجاهدون في الداخل، للحصول على السلاح من الافرنسيين، وأدى كذلك إلى بقاء كمية أكبر من الوسائط القتالية برفقة المجاهدين المدربين تمام التدرب، على الأرض التونسية، فشكلوا بذلك الاحتياط العام لقوات الثورة الجزائرية.

لقد أرادت القيادة الاستعمارية الافرنسية عزل مسرح العمليات الجزائري عن محيطه الجغرافي والتاريخي، على نحو ما فعلته من قبل عند احتلال الجزائر، وعلى نحو ما فعلته أيضا عند القضاء على الثورات الجزائرية المتتالية. وقد أدرك قادة الجزائر، ومعهم قادة المغرب العربي - الاسلامي (تونس والمغرب) هذه الحقيقة، فتم العمل منذ البداية وحتى انتصار الثورة على تنسيق التعاون فيما بين الأقطار الثلاثة. ولم تكن إقامة (الحواجز) وتكوين (المناطق المحرمة) إلا محاولات لتمزيق وحدة أقطار المغرب العربي - والاسلامي. وفي الواقع، فقد تعرضت عملية تنسيق التعاون بين الأقطار الثلاثة إلى إحباطات كثيرة، تركت مرارة عميقة في نفوس المجاهدين الجزائريين. وكانت تلك الاحباطات من صنع فرنسا، أو ناجمة عن وجود الاستعمار ذاته. ولكن قيادة جبهة التحرير استطاعت تجاوز العقبات المصطنعة. وأمكن لها باستمرار أن تجد طريقة مناسبة لتنسيق التعاون مع جارتيها الشقيقتين ..

ص: 111

وحدة من جيش التحرير في الحدود التونسية - الجزائرية.

ص: 112