الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرات فتعسرت عليه المعيشة فترك ذلك وجلس على الفتوح فكان يأتيه رزقه من حيث لا يحتسب فتارة يكون في سعة وتارة يكون في ضيق وكان يقبل ما يأتيه من النذر ولا يقبل ما يأتيه من الهدايا ولو كانت سنية وكانت الناس تقصده في حوائجهم فتقضي بتوجهاته ودعائه كما اشتهر ذلك عنه ورزق القبول التام عند الخاص والعام مع المهابة والتوقي والاحترام وكان حاله الستر والخفا والتمكن وله أصحاب مخصوصون يجتمعون به في أول النهار والليل وكان الغالب عليه التكلم في وحدة الأفعال ظاهراً وقليلاً ما كان يتكلم في وحدة الصفات والذات ظاهراً وكان معلناً بمحبة السادة الصوفية وكان يثني كثيراً على الاستاذ العارف الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي وكذلك على كتب العارف الشعراني رضي الله عنهم وأخذ عنه اناس كثير من حلب وغيرها واعتقدوه وتلمذوا له ولم يدع من تآليفه غير رسالتين الأولى في المشط المصنوع من الباغه سماها الاساغه للتسريح بالمشط المعروف بالباغه والثانية في الحديثين اللذين أخرجهما في مسند الفردوس ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من قوله من قال أنا مؤمن فهو كافر وقوله عليه الصلاة والسلام من قال أنا مؤمن حقاً فهو كافر أو منافق وكانت وفاته بحلب في صبيحة يوم الأربعاء العشرين من جمادي الآخرة سنة اثنين وتسعين ومائة وألف ودفن في بيته باشارة منه قبل وفاته بنحو سنة والآن يزار مرقده رحمه الله تعالى.
عبد الحي البهنسي
عبد الحي بن إبراهيم بن عبد الحي المعروف بالبهنسي الحنفي الدمشقي الشاب الأديب الفاضل العروضي الماهر المتفوق كان رحمه الله من الأفاضل الكمل فقيهاً نحوياً وله خط حسن وتقوى وعفاف ولد بدمشق في سنة خمس وثلاثين ومائة وألف ونشأ بها وتوفي والده المقدم ذكره وهو مراهق فقرأ القرآن على المقري الشيخ إبراهيم الحافظ الدمشقي وقرأ واشتغل في العلوم فقرأ العربية على الشيخ محمد التدمري الطرابلسي والشيخ عبد الرحمن الصناديقي والشيخ محمد الخمسي المغربي نزيل دمشق وقرأ المغنى في النحو على الشيخ علي الداغستاني نزيل دمشق وقرأ على الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي وأخذ الفقه عن الشيخ صالح الجينيني وقرأ العروض والصرف على الشيخ محمود الكردي والفرائض والحساب على الشيخ مصطفى اللقيمي الدمياطي نزيل دمشق وقطن في مدرسة السيد فتح الله الفلاقنسي الدفتري التي أنشأها في محلة القيمرية منعزلاً عن الناس ومجانباً لهم ونظم الشعر
الحسن فمما وصلني منه ما كتبه للأديب محمد مكي الجوخي الدمشقي وهو قوله
يا من رقى فسما السما
…
ومن البدور تعلما
وازداد عن شرف البدور تلطفاً وتكرماندب إذا واجهته
أعمى لزال به العمىفتراه كالبحر المحيط إذا حلا يبري الظما
يبدي الجواهر من سليمالفكر كي تنتظماوغير القافية دون البحر فقال مكملا
لا زالت الأعدا فدالمن استنار به السناهو سيد من لطفه
الباهي الزهي تكونامن عذب أوصاف لهتزري ببهجته الجنى
لما انثنى ما أبهج الاعطاف منه والينايا قلب ان يممته
عانى لزال به العناوقصدت فيحا جودهمتأدباً نلت المنى
شهم كمى اسمهالقلب أسكنه أنافي حلبة لو بارزت
هـ قنا تكسرت القنايحوي بجد كل قصدرامه متمكنا
لا زال ملحوظاً ومحفوظا فتى متحصناًما غرد القمري على
ايك يبشر بالهنا
فأجابه المذكور بقوله
أفريدة هاتيك أمأسلاك در نظماًأم شمس صبح أشرقت
أم بدر أفق قد سماأم عنبر الشحر الزكيأم نشر مسك قد نما
أم روض زهر يانعفمن النسيم تبسمالا بل نظام الشهم من
بالفضل صار مقدماًندب إذا يممتهتلقاه بحراً مفعما
فهو الذي من فضلهغرر المعاني استخدمامذ أقبلت في الطرس خل
نا من حلاها أنجمايا حسن أبيات زهتبالحسن ما أحلى وما
من عذب ألفاظ بهاتبري من القلب الظماأنى يضاهي حسنها
عقد لآل نظماًفهاك مني مدحةفأقبل لها متكرما
واعذر أخاك فإنهلولا ودادك أحجمالا زلت ترقى رتبة
من دونها بدر السماما هيمنت ريح الصباأو غبث مزن قد همى
وكتب إليه الأديب مكي المذكور هذه الأرجوزة ممتدحاً بقوله
حمداً لربي الواهب الفتاح
…
الرازق المولي الندي المناح
الباسط الأرزاق ذي الآلاء
…
فهو المجيب السامع النداء
ثم صلاة الله مع سلام
…
على النبي المبدأ الختام
والآل والصحب الكرام النجبا
…
مدى الدهور ثم ما هبت صبا
وبعد يا أخي منك قد أتت
…
أرجوزة عن فضلكم قد أعربت
مشحونة من غرر المعاني
…
فائقة قلائد العقيان
كاللؤلؤ المنثور نظمها حلا
…
لأبدع أن تكون للجيد حلى
نظم الامام الأربحي الأكيس
…
الفاضل المقدام نجل البهنسي
أعني به المفضال عبد الحي
…
فياله من فاضل زكي
من أشرقت أنواره للأدبا
…
فصار في أفق المعالي كوكبا
فهو البليغ البارع الملسان
…
وهو الذي في عصره حسان
فهو الكريم ابن الكريم الأمجد
…
الطاهر الأخلاق شهم أوحد
لقد غدا في كل فن كاملا
…
وقد حوى الآداب والفضائلا
فالله ربي قد حباه فضلا
…
إذ كان حقاً للمعالي أهلا
يا سيداً من بالكمالات ارتدى
…
يا ماجداً بالروح حقاً يفتدى
إني وحق ودك القديم
…
محبتي من باطن سليم
ما شابها زور ولا بهتان
…
قلوبنا دليلها البرهان
اياك أن تغتر بالظواهر
…
وكن حليماً من أولي البصائر
وأحرص على الأخوان والخلان
…
يا ناقداً لا زلت في أمان
فقد فهمت الرمز بالكناية
…
يا من غدا بين الورى كالآية
لا زلت في أوج الكمال ترتقي
…
حتى يقال أنت بدر الأفق
فأجابه المترجم بهذه الأرجوزة
الحمد لله العليم الباقي
…
مقدر الأعمار والأرزاق
القادر المختار في مراده
…
يفعل ما يشاء في عباده
وبعد أنني أقول مجتدي
…
من طاب في عنصره والمحتد
مذ غبت ليلة عن التشري
…
يا سيداً عن خلك الضعيف
اشتدها جسمي وزاد وجدي
…
وكدت أن أذوب وسط جلدي
فلم أجد لي مخرجاً ومخلصاً
…
الا امتداحي صادقاً ومخلصا
جرثومة الجود أرومة الندى
…
روحي لوضاح جبينه فدا
من قد غدت تعمنا هبانه
…
لا برحت تكسي الهناء ذاته
من نظمه الشهي الرقيق الباهر
…
أسلاك مرجان أو الجواهر
ينضد الألفاظ والمعاني
…
كأنها قلائد الحسان
تفوق قسا ببديع النظم
…
ولا يشوبه بقبح الخزم