الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما ورد في لفظ الحديث، وفى أثنائه قال له:(ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر - يعني الدين - الإسلام - أي الشهادة - وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد). أخرجه الترمذي وغيره، والإسلام لا يتصور في المسلم بدون الصلاة الواجبة والقاعدة المهمة فيه وفى ظهوره وبروزه إلى الواقع المشاهد، لذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).
النهي الشديد عن تركها:
الصلاة كما تقدم إحدى قواعد الإسلام الخمس الواجبة على كل مسلم ومسلمة يؤمن بالله ورسوله، ويؤمن بأن الإسلام دين جاء من الله إلى عامة الناس بواسطة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهي فرض على كل مسلم ومسلمة بالغيين عاقلين بشروطها المذكورة في كتب الفقه، ولا يسع المسلم تركها أو التهاون فيها، إذ هي الفارق والمميز بين الإسلام والايمان به وبما جاء به، وبين الكفر والجحود بالله وبما شرعه لعباده، كما جاء مصرحا به في جملة من الأحاديث، منها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه عند الترمذي، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(بين الايمان والكفر ترك الصلاة) وفى رواية عنه (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاه). عند مسلم والترمذي وأبي داود وابن ماجة، ويرى بعض العلماء - كابن حبيب عند
المالكية - أن تارك الصلاة كافر جاحد لا يصلى عليه إذا مات ولا يدفن في مقابر المسلمين - اعتمادا على هذا الحديث وغيره - ذلك لأن الوعيد من الله شديد على تارك الصلاة، ويظهر هذا - أيضا - من جواب الكافرين يوم القيامة عندما يسألهم أهل الجنة عن الموجب الذي أدخلهم إلى سقر - جهنم - ذلك في قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (1).
هذه آيات بينات من كلام رب العالين، الخالق العليم، العادل الرحيم، تضطرب لها فرائص ذوي الألباب، وتخشى مدلولها القلوب الحية الحساسة، وتقشعر منها جلود الذين يخشون ربهم، وتتزلزل من وقعها الأقدام، وتتجاهلها القلوب الميتة، المظلمة بظلام الكفر والمعاصي، {سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} (2) هناك في يوم القيامة، لا وسيط ولا شفيع يتوسط بينهم وبين الحاكم العادل بل ما هناك الا الجزاء على الأعمال التي وقعت في الحياة الدنيا، قال الله بعد ذلك: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ
(1) سورة المدثر من الآيات 38 إلى 47.
(2)
نفس السورة 26 - 29.
التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} (1) ومعنى كل ذلك يقول أهل سقر لأهل الجنة ردا عن سؤالهم/ لم نكن في حياتنا الدنيا نعبد الله ربنا، ولم نكن نسعف ونعين الفقراء المحتاجين من خلقه بأموالنا، الخ أعمالهم وأقوالهم.
بل جاء التهديد والوعيد الشديد في حق الساهي عن صلاته المتهاون في أدائها، وفي نسيانها أيضا، كل هذا لمكانتها ومنزلتها في الإسلام، حتى لا يتهاون بها متهاون، وذلك قوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} والسهو عنها كيفما كان يدل على عدم الاهتمام بها.
ولا شك بين المسلمين في أنها فرض عين، وواجب على كل فرد من أفراد المسلمين وأعيانهم المكلفين بالشرائع وإقامتها، فهي فرض على كل مسلم ذكر وأنثى، يفعلها في كل حالاته من صحة ومرض، وإقامة وسفر، في حالة سلم وحرب، يترك جميع أشغاله لأدائها إذا حان وقتها، ويعاقب إذا أخرها عن وقتها بلا عذر مقبول شرعا، ففرضها ووجوبها على كل مسلم معروف من الدين بالضرورة كما يقول الفقهاء، فلا يحتاج إلى جدال ومناقشة في فرضها، فمنكر فرضها كافر جاحد يعامل معاملة الكافرين بالله الجاحدين لربهم وخالقهم، المنكرين لشرائعه التي كلف المرسلين بتبليغها إلى عباده ليعبدوه بها وحده لا شريك له،
(1) من الآية 48 إلى 51 من نفس السورة.