الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السهام
السهام جمع سهم، ويجمع السهم أيضا على أسهم وسهمان، والسهم في اللغة العربية له دلالة على مسميات عدة.
1 -
السهم بمعنى الحظ والنصيب - القسمة - وهو مستعمل كثيرا في لغتنا إلى اليوم، فيقول القائل: سهمي في كذا، كذا، أو أسهمني معك، بمعنى اجعل لي قسمة ونصيبا معك.
فمن ورود السهم بمعنى الحظ والنصيب: سهام الفرائض في قسمة التركات، ومنه - أيضا - ما ورد في كتب الطب والرقى من كتب السنة النبوية، فقد ذكرت أن رهطا - جماعة - من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها، فنزلوا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فاتفق أن لدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء ممكن لشفائه، فلم ينفعه شيء، فذهبوا إلى رهط الصحابة يسألونهم، هل لديهم علاج يعالجون به سيد الحي؟ فقالوا لهم نعم، على شرط أن تجعلوا لنا جعلا - أجرا - فاتفقوا على قطيع من الغنم - قيل ثلاثين - فرقاه أحد الصحابة بسورة الفاتحة،
فشفاه الله في الحين، وقام كأنما نشط من عقال، فلما أخذاوا منهم الجعل - الأجر - توقفوا في أكله مع شدة حاجتهم إليه، وقال الذي رقى - وهو أبو سعيد الخدري كما جاء مصرحا به في إحدى الروايات -: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسأله، هل ما أخذناه على الرقية حلال لنا أو حرام علينا؟ فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا له ما وقع، قال للسائل:(وما يدريك أنها رقية؟ أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم بسهم) أي اجعلوا لي معكم سهما ونصيبا فيما أخذتموه، قال لهم هذا تطمينا لقلوبهم وتطييبا لخاطرهم وتشريعا لأمته حتى لا يبقى لهم أي شك في حلية ما أخذوه عن رقيتهم للديغ، والقصة مبسوطة في كتب الحديث بطرق مختلفة، لأنه قال:(إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله). أخرجه الإمام البخاري في كتاب الطب من صحيحه، كما أخرجه غيره.
2 -
ويطلق السهم - أيضا - على واحد السهام التي كان العرب في الجاهلية يقترعون بها فيما بينهم، ويستقسمون بها وهي - الأزلام - واحدها زلم - فقد كانوا يقترعون بها على ما يريدون، ويلعبون بها القمار، وتسمى - أيضا - القداح، واحدها قدح بكسر القاف، فكانوا إذا اختلفوا في شيء كتبوا أسماءهم على السهام فمن خرج سهمه غلب غيره، فالسهام والأزلام والأقداح معناها واحد.
ومن ورود الاستهام في الاقتراع ما جاء في القرآن الكريم، في قصة السيدة مريم بنت عمران عليها السلام، حين اقترع عليها أهلها فيمن يتولى كفالتها وحفظها إلى أن تكبر، ومن بين المقترعين "زكرياء" عليه السلام، وكانت خالتها تحته، فطلبها منهم ليكفلها، فأبوا أن يسلموها له إلا بالقرعة فيما بينهم، ذلك قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} (1) ذلك حين اقترعوا عليها بأقلامهم.
وفي قصة رسول الله (يونس بن متى) عليه السلام حين اقترع بالسهام مع من كانوا معه في السفينه، فخسر القرعة، وذلك في قوله تعالى {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (2)} بمعنى قارع فكان من المغلوبين.
ومن مجىء الاستهام في الاقتراع ما جاء في كتب السنة النبوية، وذلك في قوله عليه الصلاة والسلام مبينا فضل الأذان والصف الأول في الصلاة:(لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) أي لاقترعوا عليهما أيهم يؤذن للصلاة، أو أيهم يجد مكانا في الصف الأول لمزيد الثواب والأجر فيهما، رواه الإمام البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، كما رواه الإمام مالك في الموطأ في باب
(1) الآية 44 من سورة آل عمران.
(2)
الآيات 139 - 140 من سورة والصافات.
النداء من كتاب الصلاة، فالاستهام هنا بمعنى الاقتراع في أشهر الأقوال.
3 -
أو يطلق السهم - أيضا - على واحد النبل -، - والنبل جمع لا واحد له من لفظه - وقيل واحده "نبلة " والسهم بمعنى واحد النبل عود من خشب، يسوى وتزال منه العيدان التي في أطرافه، ويركب في طرفه نصل - حديدة - يرمي به الرماة عن القوس، وهذا السهم يستعمل في الصيد وفي الحروب قبل اختراع الأسلحة الحربية القديمة والحديثة، ويطلق عليه اسم (النشاب).
***