المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌السهم الثاني: الصلاة ‌ ‌فرضها ومدلولها: الصلاة إحدى قواعد الإسلام الخمس التي بني عليها، - سهام الإسلام

[عبد اللطيف سلطاني]

الفصل: ‌ ‌السهم الثاني: الصلاة ‌ ‌فرضها ومدلولها: الصلاة إحدى قواعد الإسلام الخمس التي بني عليها،

‌السهم الثاني:

الصلاة

‌فرضها ومدلولها:

الصلاة إحدى قواعد الإسلام الخمس التي بني عليها، وهي دعامة هامة في بناء هيكله، ومظهر حيوي من مظاهره، كما جاء في الأثر الذي رواه البيهقي في شعب الايمان عن عمر رضي الله عنه "الصلاة عماد الدين" ونقل عن عمر أنه قال:"من ترك الصلاة فلا دين له". وجاء في سنن النسائي وغيره عن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" قال العلماء هذا توبيخ لتارك الصلاة وتحذير له من الكفر.

والصلاة بما فيها من قراءة القرآن والتكبير والتحميد والتسبيح لله عز وجل من أجل وأعظم القربات إلى الله تعالى وهي مؤقتة بأوقاتها، لا يسع المسلم تركها أو تأخيرها عن وقتها بغير عذر، أو التهاون في أدائها، فلا يستقيم للمسلم إسلامه الا بها، وهي الفارق بين الايمان والكفر، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ

ص: 59

كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1) ولم يشترط الإسلام في أي ركن من أركانه ما اشترطه في أداء الصلاة، كالطهارة - مثلا - في بدن المصلي ولباسه ومكان الصلاة، فلا تقبل ولا تبرأ ذمته منها الا إذا كان طاهرا من كل الخبائث والنجاسات، متوجها وقت أدائها إلى القبلة التي وحدت بين جميع المسلمين في التوجه اليها عند كل صلاة، ولها مزية زائدة على كل فرائض الإسلام، لأنها شرعت وفرضت على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أمته من فوق سبع سموات في ليلة الاسراء والمعراج برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد كثر ذكرها في القرآن وتكرر، ولم يرد هذا في سائر فرائض الإسلام وشعائر هذا الدين، وهذا للعناية بها والاهتمام بشأنها، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله في الدنيا يوم الحساب، فإذا صلحت صلح عمله، وإذا ساءت ساء عمله كله، وهي من آخر ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته لينبه أمته كي لا تتهاون بها ولا تقصر في فعلها فقال:"الصلاة وما ملكت أيمانكم، الصلاة وما ملكت أيمانكم" فقد أوصى بالمحافظة على الصلاة والرفق والاحسان بالمملوك الضعيف.

واسمها مشتق قيل من الصلة لأنها تصل بين العبد وربه، ولأنها تقرب من حافظ عليها من مولاه وتصله به، ليحوز رضاه، ومن معانيها في اللغة الرحمة، والدعاء، لأنها تشتمل عليهما

(1) سورة النساء من الآية 103.

ص: 60

كقوله - المصلي - في قراءة الفاتحة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ومن معانيها في اللغة الاستغفار وطلب الرحمة من الله بحسب من تصدر منه، كقوله تعالى لرسوله:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} . لدافعي الزكاة له، وكقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .

ومن استعمالها في الدعاء دعاء الملائكة للمؤمنين بالرحمة والمغفرة، كقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} . ومن استعمالها في الرحمة قولنا في الدعاء له صلى الله عليه يوسملم: (اللهم صل علي محمد) بمعنى ارحمه وعظمه وأكرمه، ومن استعمالها في الصلة - صلة العبد بربه - قوله عليه الصلاة والسلام:"إن المصلي يناجي ربه". أخرجه الإمام مالك في الموطأ في باب (العمل في القراءة).

أما معناها في الشرع فهي العبادة المعروفة المشتملة على أفعال وأقوال مخصوصة، من القراءة والتكبير والركوع والسجود والتسليم الخ، فهي كما جاء تعريفها في الشرع:(مفتاحها الطهور وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فعند افتتاح الصلاة والشروع في أدائها لابد أن يكون المصلي على طهارة تامة من كل النجاسات، في بدنه وفى ثيابه وفي مكان صلاته، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (مدارج السالكين) عند كلامه على قوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}: (إذ به - التطهير - تمام إصلاح

ص: 61