الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأعطوا الطريق حقه)، قالوا وما حقه؟ قال:(غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). وفي هذا الإرشاد فائدة الجميع والحمد لله.
صرخة إلى علماء الإسلام
.
إلى من اصطفاهم الله ليكونوا ورثة أنبيائه ورسله، في تحمل شرائعه والذب عنها، وحملهم أمانة العلم والدين ها أنتم تبصرون بأعينكم وتسمعون بآذانكم وتدركون بعقولكم ما نال الدين والعقيدة الإسلامية من مهانة وما استقر في قلوب المسلمين من ضعف في الايمان، ونكران لفضل الإسلام على البشرية، قد رفع بعض ضعاف الايمان رؤوسهم وأصواتهم عالية، منادين بإبعاد الإسلام عن ساحة المسلمين، مرددين كلمات ألقيت إليهم من خصوم الإسلام فتلقفوها بلهفة تلقف الجائع للقمة الحقيرة، وابتلعوها - من غير مضغ - على ما فيها من سموم قاتلة، تاركين وراءهم عيشة الإسلام الهنيئة المريئة الطاهرة المرضية.
أين أنتم يا علماء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها؟ أين أنتم من خطة أسلافكم؟ والإسلام يهان ويضطهد، أما علمتم ما لحق به وبأهله؟ أما رأيتم ما أصابه وأصابهم؟ أما سمعتم ما نزل بأرضه؟ أرضيتم له كل هذا وأنتم من جنوده وأنصاره؟ تناهشته السباع العادية تريد تمزيقه وتقطيع أوصاله، لتقضي عليه فيما تزعم، كلا!!! والله ما تستطيع ذلك، إنما هي محاولات
يائسة، ومساع خائبة، لأن الإسلام - دين الله - لا يموت، وهو حي باق إلى يوم البعث والنشور.
الإسلام في حاجة إلى مواقفكم الشجاعة، مواقف تشبه مواقف الرعيل الأول، حين صارعهم الباطل فصرعوه، وهزموا جنده وأذلوه - إلا أن جند الله هم الغالبون - وسدوا عليه مسالكه إلى صفوف المسلمين، فعاد أدراجه مهزوما ومخذولا.
ما هذا السكوت - إلا من القليل النادر - بعدما شاهدتم ما هو جار في أوطانكم؟ {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} .
قد رأيتم جحافل الالحاد والتشويه تجوس خلال الديار، تعثو في الأرض فسادا، ان شرف العلم عظيم، ودرجته أعلى وأرفع، وهذا بالطبع لا يكون إلا للعاملين بعلمهم، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} إن مسؤولية العلم وخطره أعلى وأعظم، رفعة وانحطاطا، وقديما قال الحكماء:"فِي زَلَّةِ عَالِمٍ زَلَّةُ عَالَمٍ".
ساءت أخلاق المسلمين، فقال الناس: هذا من سكوت العلماء!!
انتهكت الحرمات، وفعلت المحرمات، فصاح الناس هذا من سكوت العلماء!!
تركت الفروض والواجبات الدينية، فقالت العامة هذا من غفلة العلماء!!
طغى حكامهم وصاروا لا يبالون بالحرام والانحراف فقالت العامة هذا نتيجة لجبن العلماء!!
قل الوفاء وكثر الغدر، وضاعت الأمانة من أوساط المسلمين، فقال النقاد هذا من طمع العلماء!!
كثر التملق والتزلف والتمسح بأعتاب الحكام والتقرب منهم وتحسين أعمالهم المنافية لأسس الدين، فقال الناس هذا من رغبة العلماء في وظائفهم وأموالهم!!
ما هو دوركم في هذه الأوساط التي تشاهدونها؟ هل هو دور المرشد النصوح أو هو دور المبهوت المفضوح؟
أصحاب الضلال والباطل والفتن يعملون بحزم ونشاط، وأصحاب الهدى والحق والرشد سامدون صامتون، يراقبون الزحف على الحق والخير والدين من بعيد!! ما سبب هذا الفتور والحيرة؟ هل لم تستبينوا واقع الإسلام والمسلمين؟
أو لم تدركوا المصير؟ هل تذكرون بهذا وأنتم المذكرون؟
أعيذكم بالله أن تكونوا من الذين لا يهمهم أمر الإسلام والمسلمين في شيء، إن كنتم من الذين لا يعنيهم هذا فإن
خصوم الإسلام - وما أكثرهم - يهمهم شأنهم وشأن باطلهم، فهم في غيهم مجدون، وإلى تنفيذ ما يأمرهم به باطلهم مسرعون، يدعوهم فيستجيبون، ويأمرهم فينفذون، ونحن كما قال القائل:
لَقَدْ طُفْتُ فِي تِلْكَ الْمَعَاهِدِ كُلِّهَا
…
وَسَرَّحْتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَالِمِ
فَلَمْ أَرَ إِلَّا وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ
…
عَلَى ذَقَنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ
والسلام على من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته.
***