الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتِوَاء الشَّمْس إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة وَعند طُلُوعهَا وَبعد صَلَاة الصُّبْح حَتَّى ترْتَفع كرمح وَبعد صَلَاة الْعَصْر أَدَاء وَلَو مَجْمُوعَة فِي وَقت الظّهْر وَعند اصفرار الشَّمْس حَتَّى تغرب إِلَّا صَلَاة لسَبَب غير مُتَأَخّر عَنْهَا كفائتة لم يقْصد تَأْخِيرهَا إِلَيْهَا وَصَلَاة كسوف وتحية لم يدْخل إِلَيْهِ بنيتها فَقَط وَسجْدَة شكر فَلَا يكره فِي هَذِه الْأَوْقَات وَخرج بحرم مَكَّة حرم الْمَدِينَة فَإِنَّهُ كَغَيْرِهِ
فصل القَوْل فِيمَن تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَفِي بَيَان النَّوَافِل
وَقد شرع فِي النَّوْع الأول فَقَالَ (وشرائط وجوب الصَّلَاة ثَلَاثَة أَشْيَاء) الأول (الْإِسْلَام) فَلَا تجب على كَافِر أُصَلِّي وجوب مُطَالبَة بهَا فِي الدُّنْيَا لعدم صِحَّتهَا مِنْهُ لَكِن تجب عَلَيْهِ وجوب عِقَاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة لتمكنه من فعلهَا بِالْإِسْلَامِ
(و) الثَّانِي (الْبلُوغ) فَلَا تجب على صَغِير لعدم تَكْلِيفه لرفع الْقَلَم عَنهُ كَمَا صَحَّ فِي الحَدِيث
(و) الثَّالِث (الْعقل) فَلَا تجب على مَجْنُون لما ذكر
وَسكت المُصَنّف عَن الرَّابِع وَهُوَ النَّقَاء عَن الْحيض وَالنّفاس فَلَا تجب على حَائِض ونفساء لعدم صِحَّتهَا مِنْهُمَا فَمن اجْتمعت فِيهِ هَذِه الشُّرُوط وَجَبت عَلَيْهِ الصَّلَاة بِالْإِجْمَاع وَلَا قَضَاء على الْكَافِر إِذا أسلم لقَوْله تَعَالَى {قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} نعم الْمُرْتَد يجب عَلَيْهِ قَضَاء مَا فَاتَهُ زمن الرِّدَّة بعد إِسْلَامه تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ التزمها بِالْإِسْلَامِ فَلَا تسْقط عَنهُ بالجحود كحق الْآدَمِيّ وَلَو ارْتَدَّ ثمَّ جن قضى أَيَّام الْجُنُون مَعَ مَا قبلهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَو سكر مُتَعَدِّيا ثمَّ جن قضى الْمدَّة الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا سكره لَا مُدَّة جُنُونه بعْدهَا بِخِلَاف مُدَّة جُنُون الْمُرْتَد لِأَن من جن فِي ردته مُرْتَد فِي جُنُونه حكما وَمن جن فِي سكره لَيْسَ بسكران فِي داوم جُنُونه قطعا وَلَو ارْتَدَّت أَو سكرت ثمَّ حَاضَت أَو نفست لم تقض زمن الْحيض وَالنّفاس وَفَارَقت الْمَجْنُون بِأَن إِسْقَاط الصَّلَاة عَنْهَا عَزِيمَة لِأَنَّهَا مكلفة بِالتّرْكِ وَعنهُ رخصَة وَالْمُرْتَدّ والسكران ليسَا من أَهلهَا وَمَا وَقع فِي الْمَجْمُوع من قَضَاء الْحَائِض الْمُرْتَدَّة زمن الْجُنُون نسب فِيهِ إِلَى السَّهْو وَلَا قَضَاء على الطِّفْل إِذا بلغ ويأمره الْوَلِيّ بهَا إِذا ميز وَلَو قَضَاء لما فَاتَهُ بعد
التَّمْيِيز والتمييز بعد استكمال سبع سِنِين وَيضْرب على تَركهَا بعد عشر سِنِين لخَبر مروا الصَّبِي أَي والصبية بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبع سِنِين وَإِذا بلغ عشر سِنِين فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا أَي على تَركهَا كَمَا صَححهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره
تَنْبِيه ظَاهر كَلَامهم أَنه يشْتَرط للضرب تَمام الْعَاشِرَة لَكِن قَالَ الصَّيْمَرِيّ إِنَّه يضْرب فِي أَثْنَائِهَا وَصَححهُ الْإِسْنَوِيّ وَجزم بِهِ ابْن الْمقري وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ مَظَنَّة الْبلُوغ وَمُقْتَضى مَا فِي الْمَجْمُوع أَن التَّمْيِيز وَحده لَا يَكْفِي فِي الْأَمر بل لَا بُد مَعَه من السَّبع
وَقَالَ فِي الْكِفَايَة إِنَّه الْمَشْهُور وَأحسن مَا قيل فِي حد التَّمْيِيز أَنه يصير الطِّفْل بِحَيْثُ يَأْكُل وَحده وَيشْرب وَحده ويستنجي وَحده وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ مَتى يُصَلِّي الصَّبِي قَالَ إِذا عرف شِمَاله من يَمِينه قَالَ الدَّمِيرِيّ وَالْمرَاد إِذا عرف مَا يضرّهُ وَمَا يَنْفَعهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَالْأَمر وَالضَّرْب واجبان على الْوَلِيّ أَبَا كَانَ أَو جدا أَو وَصِيّا أَو قيمًا من جِهَة القَاضِي
وَفِي الْمُهِمَّات والملتقط وَمَالك الرَّقِيق فِي معنى الْأَب وَكَذَا الْمُودع وَالْمُسْتَعِير وَنَحْوهمَا
قَالَ الطَّبَرِيّ وَلَا يقْتَصر على مُجَرّد صيغته بل لَا بُد مَعَه من التهديد
وَقَالَ فِي الرَّوْضَة يجب على الْآبَاء والأمهات تَعْلِيم أَوْلَادهم الطَّهَارَة وَالصَّلَاة والشرائع
وَلَا قَضَاء على الْحَائِض أَو النُّفَسَاء إِذا طهرتا وَهل يحرم عَلَيْهِمَا أَو يكره وَجْهَان
أوصحهما الثَّانِي وَلَا على مَجْنُون ومغمى عَلَيْهِ إِذا أفاقا لحَدِيث رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة عَن الصَّبِي حَتَّى يبلغ وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يبرأ فورد النَّص فِي الْمَجْنُون وَقيس عَلَيْهِ كل من زَالَ عقله بِسَبَب يعْذر فِيهِ
الحكم إِذا زَالَت الْمَوَانِع آخرالوقت أَو طرأت أول الْوَقْت وَلَو زَالَت هَذِه الْأَسْبَاب الْمَانِعَة من وجوب الصَّلَاة وَقد بَقِي من الْوَقْت قدر تَكْبِيرَة فَأكْثر وَجَبت الصَّلَاة لِأَن الْقدر الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الْإِيجَاب يَسْتَوِي فِيهِ قدر الرَّكْعَة ودونها وَيجب الظّهْر مَعَ الْعَصْر بِإِدْرَاك قدر زمن تَكْبِيرَة آخر وَقت الْعَصْر وَيجب الْمغرب مَعَ الْعشَاء بِإِدْرَاك ذَلِك آخر وَقت الْعشَاء لِاتِّحَاد وقتي الظّهْر وَالْعصر ووقتي الْمغرب وَالْعشَاء فِي الْعذر فَفِي الضَّرُورَة أولى وَيشْتَرط للْوُجُوب أَن يَخْلُو الشَّخْص عَن الْمَوَانِع قدر الطَّهَارَة وَالصَّلَاة أخف مَا يَجْزِي كركعتين فِي صَلَاة الْمُسَافِر
تَنْبِيه لَو بلغ الشَّخْص فِي الصَّلَاة بِالسِّنِّ وَجب عَلَيْهِ إِتْمَامهَا لِأَنَّهُ أدْرك الْوُجُوب وَهِي صَحِيحَة فَلَزِمَهُ إِتْمَامهَا كَمَا لَو بلغ بِالنَّهَارِ وَهُوَ صَائِم فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ إمْسَاك بَقِيَّة النَّهَار وأجزائه وَلَو جُمُعَة لِأَنَّهُ صلى الْوَاجِب بِشَرْطِهِ وَوُقُوع أَولهَا نفلا لَا يمْنَع وُقُوع آخرهَا وَاجِبا كَصَوْم مَرِيض شفي فِي أَثْنَائِهِ وَإِن بلغ بعد فعلهَا بِالسِّنِّ أَو بِغَيْرِهِ فَلَا يجب عَلَيْهِ إِعَادَتهَا بِخِلَاف الْحَج إِذا بلغ بعده يجب عَلَيْهِ إِعَادَته لِأَن وُجُوبه مرّة فِي الْعُمر فَاشْترط وُقُوعه فِي حَال الْكَمَال بِخِلَاف الصَّلَاة وَلَو حَاضَت أَو نفست أَو جن
أَو أُغمي عَلَيْهِ
أول الْوَقْت وَجَبت تِلْكَ الصَّلَاة إِن أدْرك من ذكر قدر الْفَرْض بأخف مَا يُمكن وَإِلَّا فَلَا وجوب فِي ذمَّته لعدم التَّمَكُّن من فعلهَا
القَوْل فِي الصَّلَوَات المسنونات الَّتِي تشرع لَهَا الْجَمَاعَة وينادى لَهَا ثمَّ شرع فِي النَّوْع الثَّانِي فَقَالَ (والصلوات المسنونات) والمسنون وَالْمُسْتَحب وَالنَّفْل والمرغب فِيهِ أَلْفَاظ مترادفة وَهُوَ الزَّائِد على الْفَرَائِض
وَأفضل عبادات الْبدن بعد الْإِسْلَام الصَّلَاة لخَبر الصَّحِيحَيْنِ أَي الْأَعْمَال أفضل فَقَالَ الصَّلَاة لوَقْتهَا وَقيل الصَّوْم لخَبر الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الله تَعَالَى كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ وَإِذا كَانَت الصَّلَاة أفضل الْعِبَادَات ففرضها أفضل الْفُرُوض وتطوعها أفضل التَّطَوُّع وَهُوَ يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ قسم تسن الْجَمَاعَة فِيهِ وَهُوَ (خمس العيدان والكسوفان وَالِاسْتِسْقَاء) ورتبتها فِي الْأَفْضَلِيَّة على حكم ترتيبها الْمَذْكُور وَلها أَبْوَاب تذكر فِيهَا
القَوْل فِي السّنَن الرَّوَاتِب وَقسم لَا تسن الْجَمَاعَة فِيهِ
(و) مِنْهُ (السّنَن) الرَّوَاتِب وَهِي على الْمَشْهُور (التابعة للفرائض) وَقيل هِيَ مَا لَهُ وَقت
وَالْحكمَة فِيهَا تَكْمِيل مَا نقص من الفرائص بِنَقص نَحْو خشوع كَتَرْكِ تدبر قِرَاءَة
(وَهِي سَبْعَة عشر رَكْعَة رَكعَتَا الْفجْر) قبل الصُّبْح (وَأَرْبع) أَي أَربع رَكْعَات (قبل الظّهْر وركعتان بعْدهَا وَأَرْبع قبل الْعَصْر وركعتان بعد الْمغرب وَثَلَاث بعد سنة الْعشَاء يُوتر بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ) لم يبين المُصَنّف الْمُؤَكّد من غَيره
وَبَيَانه أَن الْمُؤَكّد من الرَّوَاتِب عشر رَكْعَات رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح وركعتان قبل الظّهْر وَكَذَا بعْدهَا وَبعد الْمغرب وَالْعشَاء لخَبر الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر قَالَ صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ بعْدهَا وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء
وَغير الْمُؤَكّد أَن يزِيد رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر لِلِاتِّبَاعِ
رَوَاهُ مُسلم وَيزِيد رَكْعَتَيْنِ بعْدهَا لحَدِيث من حَافظ على أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر وَأَرْبع بعْدهَا حرمه الله على النَّار رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
وَأَرْبع قبل الْعَصْر لخَبر عمر أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ رحم الله امْرأ صلى قبل الْعَصْر أَرْبعا
رَوَاهُ ابْنا خُزَيْمَة وحبان وصححاه وَمن غير الْمُؤَكّد رَكْعَتَانِ خفيفتان قبل الْمغرب فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أنس أَن كبار الصَّحَابَة كَانُوا يبتدرون السَّوَارِي لَهما أَي للركعتين إِذا أذن الْمغرب
وركعتان قبل الْعشَاء لخَبر بَين كل أذانين صَلَاة وَالْمرَاد الْأَذَان والأقامة
وَالْجُمُعَة كالظهر فِيمَا مر فَيصَلي قبلهَا أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا لخَبر مُسلم إِذا
صلى أحدكُم الْجُمُعَة فَليصل بعْدهَا أَرْبعا وَخبر التِّرْمِذِيّ إِن ابْن مَسْعُود كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا وَالظَّاهِر أَنه تَوْقِيف
وَقَول المُصَنّف يُوتر بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن من الْقسم الَّذِي لَا يسن لَهُ جمَاعَة الْوتر وَأَن أَقَله رَكْعَة لخَبر مُسلم من حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَبَّاس الْوتر رَكْعَة من آخر اللَّيْل وَفِي صَحِيح ابْن حبَان من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه صلى الله عليه وسلم أوتر بِوَاحِدَة
وَلَا كَرَاهَة فِي الِاقْتِصَار عَلَيْهَا خلافًا لما فِي الْكِفَايَة عَن أبي الطّيب وَأدنى الْكَمَال ثَلَاث وأكمل مِنْهُ خمس ثمَّ سبع ثمَّ تسع ثمَّ إِحْدَى عشرَة وَهِي أَكْثَره للْأَخْبَار الصَّحِيحَة مِنْهَا خبر عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة
فَلَا تصح الزِّيَادَة عَلَيْهَا كَسَائِر الرَّوَاتِب وَلمن زَاد على رَكْعَة الْفَصْل بَين الرَّكْعَات بِالسَّلَامِ وَهُوَ أفضل من الْوَصْل بتشهد فِي الْأَخِيرَة أَو بتشهدين فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْوَصْل غير ذَلِك وَوَقته بَين صَلَاة الْعشَاء وطلوع الْفجْر الثَّانِي لقَوْله صلى الله عليه وسلم إِن الله أمدكم بِصَلَاة هِيَ خير لكم من حمر النعم وَهِي الْوتر فَجَعلهَا لكم من الْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر وَيسن جعله آخر صَلَاة اللَّيْل لخَبر الصَّحِيحَيْنِ اجعلوا آخر صَلَاتكُمْ من اللَّيْل وترا فَإِن كَانَ لَهُ تهجد آخر أخر الْوتر إِلَى أَن يتهجد وَإِلَّا أوتر بعد فَرِيضَة الْعشَاء وراتبتها هَذَا مَا فِي الرَّوْضَة كَأَصْلِهَا وَقَيده فِي الْمَجْمُوع بِمَا إِذا لم يَثِق بيقظته آخر اللَّيْل وَإِلَّا فتأخيره أفضل لخَبر مُسلم من خَافَ أَن لَا يقوم آخر اللَّيْل فليوتر أَوله وَمن طمع أَن يقوم آخِره فليوتر آخِره فَإِن صَلَاة آخر اللَّيْل مَشْهُودَة وَذَلِكَ أفضل وَعَلِيهِ حمل خَبره أَيْضا بَادرُوا الصُّبْح بالوتر فَإِن أوتر ثمَّ تهجد لم ينْدب لَهُ إِعَادَته لخَبر لَا وتران فِي لَيْلَة وَينْدب الْقُنُوت آخر وتره فِي النّصْف الثَّانِي من رَمَضَان وَهُوَ كقنوت الصُّبْح فِي لفظ وَمحله والجهر بِهِ وَيسن جمَاعَة فِي وتر رَمَضَان
القَوْل فِي النَّوَافِل الْمُؤَكّدَة بعد الرَّوَاتِب (والنوافل الْمُؤَكّدَة) بعد الرَّوَاتِب (ثَلَاثَة) الأولى (صَلَاة اللَّيْل) وَهُوَ التَّهَجُّد وَلَو عبر بِهِ لَكَانَ أولى لمواظبته صلى الله عليه وسلم وَلقَوْله تَعَالَى {وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك} وَقَوله تَعَالَى {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} وَهُوَ لُغَة رفع النّوم بالتكلف وَاصْطِلَاحا صَلَاة التَّطَوُّع فِي اللَّيْل بعد النّوم كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن سمي بذلك لما فِيهِ من ترك النّوم وَيسن للمتهجد القيلولة وَهِي النّوم قبل الزَّوَال وَهِي بِمَنْزِلَة السّحُور للصَّائِم لقَوْله صلى الله عليه وسلم اسْتَعِينُوا بالقيلولة على قيام اللَّيْل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
فَائِدَة ذكر أَبُو الْوَلِيد النَّيْسَابُورِي أَن المتهجد يشفع فِي أهل بَيته وَرُوِيَ أَن الْجُنَيْد رئي فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ طاحت تِلْكَ الإشارات وَغَابَتْ تِلْكَ الْعبارَات وفنيت تِلْكَ الْعُلُوم ونفدت تِلْكَ الرسوم وَمَا نفعنا إِلَّا ركيعات كُنَّا نركعها
عِنْد السحر وَيكرهُ ترك التَّهَجُّد لمعتاده بِلَا عذر وَيكرهُ قيام بلَيْل يضر
قَالَ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ ألم أخبر أَنَّك تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل فَقلت بلَى
قَالَ فَلَا تفعل صم وَأفْطر وقم ونم فَإِن لجسدك عَلَيْك حَقًا
إِلَى آخِره
أما قيام لَا يضر وَلَو فِي لَيَال كَامِلَة فَلَا يكره فقد كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذا دخل الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان أَحْيَا اللَّيْل كُله وَيكرهُ تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام بِصَلَاة لخَبر مُسلم لَا تخصوا لَيْلَة الْجُمُعَة بِقِيَام من بَين اللَّيَالِي أما إحياؤها بِغَيْر صَلَاة فَلَا يكره خُصُوصا بِالصَّلَاةِ على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِن ذَلِك مَطْلُوب فِيهَا
(و) الثَّانِيَة (صَلَاة الضُّحَى) وأقلها رَكْعَتَانِ وأكثرها ثَمَان كَمَا فِي الْمَجْمُوع عَن الْأَكْثَرين وَصَححهُ فِي التَّحْقِيق وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمد وَفِي الْمِنْهَاج أَن أَكْثَرهَا اثْنَتَا عشرَة رَكْعَة
وَقَالَ فِي الرَّوْضَة أفضلهَا ثَمَان وأكثرها اثْنَتَا عشرَة وَيسن أَن يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ووقتها من ارْتِفَاع الشَّمْس إِلَى الزَّوَال وَالِاخْتِيَار فعلهَا عِنْد مُضِيّ ربع النَّهَار
(و) الثَّالِثَة (صَلَاة التَّرَاوِيح) وَهِي عشرُون رَكْعَة وَقد اتَّفقُوا على سنيتها وعَلى أَنَّهَا المرادة من قَوْله صلى الله عليه وسلم من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَقَوله إِيمَانًا أَي تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حق مُعْتَقدًا أفضليتهواحتسابا أَي إخلاصا وَالْمَعْرُوف أَن الغفران مُخْتَصّ بالصغائر وَتسن الْجَمَاعَة فِيهَا لِأَن عمر جمع النَّاس على قيام شهر رَمَضَان الرِّجَال على أبي بن كَعْب وَالنِّسَاء على سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة وَسميت كل أَربع مِنْهَا ترويحة لأَنهم كَانُوا يتروحون عَقبهَا أَي يستريحون قَالَ الْحَلِيمِيّ والسر فِي كَونهَا عشْرين أَن الرَّوَاتِب المؤكدات فِي غير رَمَضَان عشر رَكْعَات فضوعفت لِأَنَّهُ وَقت جد وتشمير اه
وَلأَهل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فعلهَا سِتا وَثَلَاثِينَ لِأَن الْعشْرين خمس ترويحات فَكَانَ أهل مَكَّة يطوفون بَين كل ترويحتين سَبْعَة أَشْوَاط فَجعل لأهل الْمَدِينَة بدل كل أُسْبُوع ترويحة ليساووهم وَلَا يجوز ذَلِك لغَيرهم كَمَا قَالَه الشَّيْخَانِ لِأَن لأَهْلهَا شرفا بهجرته وَدَفنه صلى الله عليه وسلم وفعلها بِالْقُرْآنِ فِي جَمِيع الشَّهْر أفضل من تَكْرِير سُورَة الْإِخْلَاص ووقتها بَين صَلَاة الْعشَاء وَلَو تَقْدِيمًا وطلوع الْفجْر الثَّانِي
قَالَ فِي الرَّوْضَة وَلَا تصح بنية مُطلقَة بل يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ من التَّرَاوِيح أَو من قيام رَمَضَان وَلَو صلى أَرْبعا بِتَسْلِيمَة
لم يَصح لِأَنَّهُ خلاف الْمَشْرُوع بِخِلَاف سنة الظّهْر وَالْعصر وَالْفرق أَن التَّرَاوِيح بمشروعية الْجَمَاعَة فِيهَا أشبهت الْفَرَائِض فَلَا تغير عَمَّا وَردت
تَنْبِيه يدْخل وَقت الرَّوَاتِب الَّتِي قبل الْفَرْض بِدُخُول وَقت الْفَرْض وَالَّتِي بعده بِفِعْلِهِ وَيخرج وَقت النَّوْعَيْنِ بِخُرُوج وَقت الْفَرْض لِأَنَّهُمَا تابعان لَهُ وَلَو فَاتَ النَّفْل الْمُؤَقت ندب قَضَاؤُهُ
وَمن الْقسم الَّذِي لَا تندب فِيهِ الْجَمَاعَة تَحِيَّة الْمَسْجِد
وَهِي رَكْعَتَانِ قبل الْجُلُوس لكل دَاخل وَتحصل لفرض أَو نفل آخر وتتكرر بِتَكَرُّر الدُّخُول وَلَو على قرب وتفوت بجلوسه قبل فعلهَا وَإِن قصر الْفَصْل إِلَّا إِن جلس سَهوا وَقصر الْفَصْل وتفوت بطول الْوُقُوف كَمَا أفتى بِهِ بعض الْمُتَأَخِّرين
فَائِدَة قَالَ الْإِسْنَوِيّ التَّحِيَّات أَربع تَحِيَّة الْمَسْجِد بِالصَّلَاةِ وَالْبَيْت بِالطّوافِ وَالْحرم بِالْإِحْرَامِ وَمنى بِالرَّمْي وَزيد عَلَيْهِ تَحِيَّة عَرَفَة بِالْوُقُوفِ وتحية لِقَاء الْمُسلم بِالسَّلَامِ
تَتِمَّة من الْقسم الَّذِي لَا تسن الْجَمَاعَة فِيهِ صَلَاة التسابيح وَهِي أَربع رَكْعَات يَقُول فِيهَا ثَلَاثمِائَة مرّة سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر بعد التَّحَرُّم وَقبل الْقِرَاءَة خَمْسَة عشرَة وَبعد الْقِرَاءَة وَقبل الرُّكُوع عشرا وَفِي الرُّكُوع عشرا وَكَذَلِكَ فِي الرّفْع مِنْهُ وَفِي السُّجُود وَالرَّفْع مِنْهُ وَالسُّجُود الثَّانِي فَهَذِهِ خمس وَسَبْعُونَ فِي أَربع بثلاثمائة
وَصَلَاة الْأَوَّابِينَ وَتسَمى صَلَاة الْغَفْلَة لغفلة النَّاس عَنْهَا بِسَبَب عشَاء أَو نوم أَو نَحْو ذَلِك وَهِي عشرُون رَكْعَة بَين الْمغرب وَالْعشَاء وأقلها رَكْعَتَانِ لحَدِيث التِّرْمِذِيّ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ من صلى سِتّ رَكْعَات بَين الْمغرب وَالْعشَاء كتب الله لَهُ عبَادَة اثْنَتَيْ عشرَة سنة
وركعتا الْإِحْرَام وركعتا الطّواف وركعتا الْوضُوء وركعتا الاستخارة وركعتا الْحَاجة وركعتا التَّوْبَة وركعتان عِنْد الْخُرُوج من الْمنزل وَعند دُخُوله وَعند الخروح من مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعند مروره بِأَرْض لم يمر بهَا قطّ وركعتان عقب الْخُرُوج من الْحمام وركعتان فِي الْمَسْجِد إِذا قدم من سَفَره وركعتان عِنْد الْقَتْل إِن أمكنه وركعتان إِذا عقد على امْرَأَة وزفت إِلَيْهِ إِذْ يسن لكل مِنْهُمَا قبل الوقاع أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وأدلة هَذِه السّنَن مَشْهُورَة لَا يحتملها شرح هَذَا الْكتاب
القَوْل فِي الْبدع المذمومة قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَمن الْبدع المذمومة صَلَاة الرغائب اثْنَتَا عشرَة رَكْعَة بَين الْمغرب وَالْعشَاء لَيْلَة أول جُمُعَة من رَجَب وَصَلَاة لَيْلَة نصف شعْبَان مائَة رَكْعَة
وَلَا يغتر بِمن يفعل ذَلِك وَأفضل الْقسم الَّذِي لَا تسن فِيهِ الْجَمَاعَة الْوتر ثمَّ رَكعَتَا الْفجْر وهما أفضل من رَكْعَتَيْنِ فِي جَوف اللَّيْل ثمَّ بَاقِي رواتب الْفَرَائِض ثمَّ الضُّحَى ثمَّ مَا يتَعَلَّق بِفعل غير سنة الْوضُوء كركعتي الطّواف وَالْإِحْرَام والتحية وَهَذِه الثَّلَاثَة فِي الْأَفْضَلِيَّة سَوَاء وَالْقسم الَّذِي تسن الْجَمَاعَة فِيهِ أفضل من الْقسم الَّذِي لَا تسن الْجَمَاعَة فِيهِ نعم تفضل راتبة الْفَرَائِض على التَّرَاوِيح وَأفضل الْقسم الَّذِي فِيهِ تسن الْجَمَاعَة صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَقَضِيَّة كَلَامهم تَسَاوِي الْعِيدَيْنِ فِي الْفَضِيلَة قَالَ فِي الْخَادِم لَكِن الْأَرْجَح فِي النّظر تَرْجِيح عيد الْأَضْحَى فَصلَاته أفضل من صَلَاة الْفطر وتكبير الْفطر أفضل من تكبيره ثمَّ بعد الْعِيد فِي الْفَضِيلَة كسوف الشَّمْس ثمَّ خُسُوف الْقَمَر ثمَّ الاسْتِسْقَاء ثمَّ التَّرَاوِيح
وَلَا حصر للنفل الْمُطلق وَهُوَ مَا لَا يتَقَيَّد بِوَقْت وَلَا سَبَب
قَالَ صلى الله عليه وسلم لأبي ذَر الصَّلَاة خير مَوْضُوع استكثر أَو أقل فَإِن نوى فَوق رَكْعَة تشهد آخرا فَقَط أَو آخر كل رَكْعَتَيْنِ فَأكْثر فَلَا يتَشَهَّد فِي كل رَكْعَة وَإِذا نوى قدرا فَلهُ الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَالنَّقْص عَنهُ إِن نويا وَإِلَّا بطلت صلَاته فَإِن قَامَ لزائد سَهوا فَتذكر قعد ثمَّ قَامَ للزائد إِن شَاءَ وَالنَّفْل الْمُطلق بلَيْل أفضل مِنْهُ بِالنَّهَارِ وبأوسطه أفضل من طَرفَيْهِ إِن قسمه ثَلَاثَة أَقسَام ثمَّ آخِره أفضل من أَوله إِن قسمه قسمَيْنِ وَأفضل من ذَلِك السُّدس الرَّابِع وَالْخَامِس وَيسن السَّلَام من كل رَكْعَتَيْنِ نَوَاهَا أَو أطلق النِّيَّة وَيسن أَن يفصل بَين سنة الْفجْر وَالْفَرِيضَة باضطجاع على يَمِينه لِلِاتِّبَاعِ وَأَن يقْرَأ فِي أول رَكْعَتي الْفجْر وَالْمغْرب والاستخارة وتحية الْمَسْجِد {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَة الاخلاص ويتأكد إكثار الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار فِي جَمِيع سَاعَات اللَّيْل وَهُوَ فِي النّصْف الْأَخير آكِد
وَعند السحر أفضل
القَوْل فِي سَجْدَتي التِّلَاوَة وَالشُّكْر تَنْبِيه لم يتَعَرَّض المُصَنّف لسجدتي التِّلَاوَة وَالشُّكْر ونذكره مُخْتَصرا لتتم بِهِ الْفَائِدَة لحافظ هَذَا الْمُخْتَصر
تسن سَجدَات تِلَاوَة لقارىء وسامع قصد السماع أم لَا قِرَاءَة لجَمِيع آيَة السَّجْدَة مَشْرُوعَة وتتأكد للسامع بسجود القارىء وَهِي أَربع عشرَة سَجْدَة سجدتا الْحَج وَثَلَاث فِي الْمفصل فِي النَّجْم والانشقاق واقرأ والبقية فِي الْأَعْرَاف والرعد والنحل والإسراء وَمَرْيَم وَالْفرْقَان والنمل وآلم تَنْزِيل وحم السَّجْدَة ومحالها مَعْرُوفَة لَيْسَ مِنْهَا سَجْدَة (ص) بل هِيَ سَجْدَة شكر
تسن فِي غير الصَّلَاة وَيسْجد مصل لقرَاءَته إِلَّا مَأْمُوما فلسجدة إِمَامه فَإِن تخلف عَن إِمَامه أَو سجد هُوَ دونه بطلت صلَاته وَيكبر الْمُصَلِّي كَغَيْرِهِ ندبا بالهوي ولرفع من السَّجْدَة بِلَا رفع يَد فِي الرّفْع
من السَّجْدَة كَغَيْر الْمُصَلِّي وأركان السَّجْدَة لغير مصل تحرم وَسُجُود وَسَلام وَشَرطهَا كَصَلَاة وَأَن لَا يطول فصل عرفا بَينهَا وَبَين قِرَاءَة الْآيَة وتتكرر بِتَكَرُّر الْآيَة وَسجْدَة الشُّكْر لَا تدخل صَلَاة وَتسن لهجوم نعْمَة أَو اندفاع نقمة أَو رُؤْيَة مبتلي أَو فَاسق معلن ويظهرها لِلْفَاسِقِ إِن لم