الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والغلت وَلَا يجزىء فِي بلدكم هَذِه إِلَّا الْقَمْح اه
فَائِدَة ذكر الْقفال الشَّاشِي فِي محَاسِن الشَّرِيعَة معنى لطيفا فِي إِيجَاب الصَّاع وَهُوَ أَن النَّاس تمْتَنع غَالِبا من الْكسْب فِي الْعِيد وَثَلَاثَة أَيَّام بعده وَلَا يجد الْفَقِير من يَسْتَعْمِلهُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَيَّام سرُور وراحة عقب الصَّوْم وَالَّذِي يتَحَصَّل من الصَّاع عِنْد جعله خبْزًا ثَمَانِيَة أَرْطَال من الْخبز فَإِن الصَّاع خَمْسَة أَرْطَال وَثلث كَمَا مر ويضاف إِلَيْهِ من المَاء نَحْو الثُّلُث فَيَأْتِي مِنْهُ ذَلِك وَهُوَ كِفَايَة الْفَقِير فِي أَرْبَعَة أَيَّام لكل يَوْم رطلان
تَتِمَّة جنس الصَّاع الْوَاجِب الْقُوت الَّذِي يجب فِيهِ الْعشْر أَو نصفه لِأَن النَّص قد ورد فِي بعض المعشرات كالبر وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب وَقيس الْبَاقِي عَلَيْهِ بِجَامِع الاقتيات ويجزىء الأقط لثُبُوته فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ لبن يَابِس غير منزوع الزّبد وَفِي مَعْنَاهُ لبن وَجبن لم ينْزع زبدهما وأجزأ كل من الثَّلَاثَة لمن هُوَ قوته سَوَاء أَكَانَ من أهل الْبَادِيَة أم الْحَاضِرَة أما منزوع الزّبد من ذَلِك فَلَا يجزىء وَكَذَا لَا يجزىء الكشك وَهُوَ بِفَتْح الْكَاف مَعْرُوف وَلَا المخيض وَلَا المصل وَلَا السّمن وَلَا الْملح وَلَا اللَّحْم وَلَا مملح من الأقط أفسد كَثْرَة الْملح جوهره بِخِلَاف الْملح الْيَسِير فيجزىء لَكِن لَا يحْسب الْملح فَيخرج قدرا يكون مَحْض الأقط مِنْهُ صَاعا
وللأصل أَن يخرج من مَاله زَكَاة موليه الْغَنِيّ لِأَنَّهُ لَا يسْتَقلّ بتمليكه بِخِلَاف غير موليه كَوَلَد رشيد وأجنبي لَا يجوز إخْرَاجهَا عَنهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَو اشْترك موسران أَو مُوسر ومعسر فِي رَقِيق لزم كل مُوسر قدر حِصَّته لَا من واجبه كَمَا وَقع فِي الْمِنْهَاج بل من قوت مَحل الرَّقِيق كَمَا علم مِمَّا مر
وَصرح بِهِ فِي الْمَجْمُوع بِنَاء على مَا مر من أَن الْأَصَح أَنَّهَا تجب ابْتِدَاء على الْمُؤَدى عَنهُ ثمَّ يتحملها الْمُؤَدِّي
فصل فِي قسم الصَّدقَات
أَي الزكوات على مستحقيها وَسميت بذلك لإشعارها بِصدق باذلها وَذكرهَا المُصَنّف فِي آخر الزَّكَاة تبعا للْإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْأُم وَهُوَ أنسب من ذكر الْمِنْهَاج لَهَا تبعا للمزني بعد قسم الْفَيْء وَالْغنيمَة
(وتدفع الزَّكَاة) من أَي صنف كَانَ من أصنافها الثَّمَانِية الْمُتَقَدّم بَيَانهَا (إِلَى) جَمِيع (الْأَصْنَاف الثَّمَانِية) عِنْد وجودهم فِي مَحل المَال (وهم) الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والعاملين عَلَيْهَا والمؤلفة قُلُوبهم وَفِي الرّقاب والغارمين وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل} قد علم من الْحصْر بإنها أَنما لَا تصرف لغَيرهم وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَقع الْخلاف فِي استيعابهم وأضاف فِي الْآيَة الْكَرِيمَة الصَّدقَات إِلَى الْأَصْنَاف الْأَرْبَعَة الأولى بلام الْملك وَإِلَى الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة بفي الظَّرْفِيَّة للإشعار بِإِطْلَاق الْملك فِي الْأَرْبَعَة الأولى وتقييده فِي الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة حَتَّى إِذا لم يحصل
الصّرْف فِي مصارفها اسْترْجع بِخِلَافِهِ فِي الأولى على مَا يَأْتِي
وَسكت المُصَنّف عَن تَعْرِيف هَذِه الْأَصْنَاف وَأَنا أذكرهم على نظم الْآيَة الْكَرِيمَة
فَالْأول الْفَقِير وَهُوَ من لَا مَال لَهُ وَلَا كسب لَائِق بِهِ يَقع جميعهما أَو مجموعهما موقعا من كِفَايَته مطعما وملبسا ومسكنا وَغَيرهمَا مِمَّا لَا بُد لَهُ مِنْهُ على مَا يَلِيق بِحَالهِ وَحَال ممونه كمن يحْتَاج إِلَى عشرَة وَلَا يملك أَو لَا يكْتَسب إِلَّا دِرْهَمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة وَسَوَاء أَكَانَ مَا يملكهُ نِصَابا أم أقل أم أَكثر
وَالثَّانِي الْمِسْكِين وَهُوَ من لَهُ مَال أَو كسب لَائِق بِهِ يَقع موقعا من كِفَايَته وَلَا يَكْفِيهِ كمن يملك أَو يكْتَسب سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة وَلَا يَكْفِيهِ إِلَّا عشرَة وَالْمرَاد أَنه لَا يَكْفِيهِ الْعُمر الْغَالِب وَيمْنَع فقر الشَّخْص ومسكنته كِفَايَته بِنَفَقَة قريب أَو زوج أَو سيد لِأَنَّهُ غير مُحْتَاج كمكتسب كل يَوْم قدر كِفَايَته واشتغاله بنوافل وَالْكَسْب يمنعهُ مِنْهَا لَا اشْتِغَاله بِعلم شَرْعِي يَتَأَتَّى مِنْهُ تَحْصِيله وَالْكَسْب يمنعهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ فرض كِفَايَة وَلَا يمْنَع ذَلِك أَيْضا مَسْكَنه وخادمه وثيابه وَكتب لَهُ يحتاجها وَلَا مَال لَهُ غَائِب بمرحلتين أَو مُؤَجل فَيعْطى مَا يَكْفِيهِ إِلَى أَن يصل إِلَى مَاله أَو يحل الْأَجَل لِأَنَّهُ الْآن فَقير أَو مِسْكين
وَالثَّالِث الْعَامِل على الزَّكَاة كساع يجبيها وَكَاتب يكْتب مَا أعطَاهُ أَرْبَاب الْأَمْوَال وقاسم وحاشر يجمعهُمْ أَو يجمع ذَوي السهْمَان لَا قَاض ووال فَلَا حق لَهما فِي الزَّكَاة بل رزقهما فِي خمس الْخمس المرصد للْمصَالح
وَالرَّابِع الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم جمع مؤلف من التَّأْلِيف وَهُوَ من أسلم وَنِيَّته ضَعِيفَة فيتألف ليقوى إيمَانه أَو من أسلم وَنِيَّته فِي الْإِسْلَام قَوِيَّة وَلَكِن لَهُ شرف فِي قومه يتَوَقَّع بإعطائه إِسْلَام غَيره أَو كَاف لنا شَرّ من يَلِيهِ من كفار أَو مانعي زَكَاة فهذان القسمان الأخيران إِنَّمَا يعطيان إِذا كَانَ إعطاؤهما أَهْون علينا من جَيش يبْعَث لذَلِك فَقَوْل الْمَاوَرْدِيّ يعْتَبر فِي إِعْطَاء الْمُؤَلّفَة احتياجنا إِلَيْهِم مَحْمُول على غير الصِّنْفَيْنِ الْأَوَّلين أما هما فَلَا يشْتَرط فيهمَا ذَلِك كَمَا هُوَ ظَاهر كَلَامهم
وَهل تكون الْمَرْأَة من الْمُؤَلّفَة وَجْهَان أصَحهمَا نعم
وَالْخَامِس الرّقاب وهم المكاتبون كِتَابَة صَحِيحَة لغير مزك فيعطون وَلَو بِغَيْر إِذن ساداتهم أَو قبل حُلُول النُّجُوم مَا يعينهم على الْعتْق إِن لم يكن مَعَهم مَا يَفِي بنجومهم أما مكَاتب الْمُزَكي فَلَا يعْطى من زَكَاته شَيْئا لعود الْفَائِدَة إِلَيْهِ مَعَ كَونه ملكه
وَالسَّادِس الْغَارِم وَهُوَ ثَلَاثَة من تداين لنَفسِهِ فِي مُبَاح طَاعَة كَانَ أَو لَا وَإِن صرفه فِي مَعْصِيّة أَو فِي غير مُبَاح كخمر وَتَابَ وَظن صدقه أَو صرفه فِي مُبَاح فَيعْطى مَعَ الْحَاجة بِأَن يحل الدّين وَلَا يقدر على وفائه بِخِلَاف مَا لَو تداين لمعصية وَصَرفه فِيهَا وَلم يتب فَلَا يعْطى وَمَا لَو لم يحْتَج لم يُعْط أَو تداين لإِصْلَاح ذَات الْبَين أَي الْحَال بَين الْقَوْم كَأَن خَافَ فتْنَة بَين قبيلتين تنازعتا فِي قَتِيل لم يظْهر قَاتله فَتحمل الدِّيَة تسكينا للفتنة فَيعْطى وَلَو غَنِيا ترغيبا فِي هَذِه المكرمة أَو تداين لضمان فَيعْطى إِن أعْسر مَعَ الْأَصِيل أَو أعْسر وَحده وَكَانَ مُتَبَرعا بِالضَّمَانِ بِخِلَاف مَا إِذا ضمن بِالْإِذْنِ
وَالسَّابِع سَبِيل الله تَعَالَى وَهُوَ غاز ذكر مُتَطَوّع بِالْجِهَادِ فَيعْطى وَلَو غَنِيا إِعَانَة لَهُ على الْغَزْو
وَالثَّامِن ابْن السَّبِيل وَهُوَ منشىء سفر من بلد الزَّكَاة أَو مجتاز بِهِ فِي سَفَره إِن احْتَاجَ وَلَا مَعْصِيّة بِسَفَرِهِ
تَنْبِيه من علم الدَّافِع من إِمَام أَو غَيره حَاله من اسْتِحْقَاقه الزَّكَاة وَعَدَمه عمل بِعِلْمِهِ وَمن لَا يعلم حَاله فَإِن ادّعى ضعف إِسْلَام صدق بِلَا يَمِين أَو ادّعى فقرا أَو مسكنة فَكَذَلِك لَا إِن ادّعى عيالا أَو تلف مَال عرف أَن لَهُ فيكلف بَيِّنَة لسهولتها كعامل ومكاتب وغارم وَبَقِيَّة الْمُؤَلّفَة وَصدق غاز وَابْن السَّبِيل بِلَا يَمِين فَإِن تخلفا عَمَّا أخذا لأَجله اسْتردَّ مِنْهُمَا مَا أخذاه وَالْبَيِّنَة هُنَا إِخْبَار عَدْلَيْنِ أَو عدل وَامْرَأَتَيْنِ ويغني عَن الْبَيِّنَة استفاضة بَين النَّاس وتصديق دائن فِي الْغَارِم وَسيد للْمكَاتب
وَيُعْطى فَقير ومسكين كِفَايَة عمر غَالب فيشتريان بِمَا يعطيانه عقارا يستغلانه وَللْإِمَام أَن يَشْتَرِي لَهُ ذَلِك كَمَا فِي الْغَازِي هَذَا فِيمَن لَا يحسن الْكسْب بحرفة وَلَا تِجَارَة أما من يحسن الْكسْب بحرفة فَيعْطى مَا يَشْتَرِي بِهِ آلاتها أَو بِتِجَارَة فَيعْطى مَا يَشْتَرِي بِهِ مَا يحسن التِّجَارَة فِيهِ مَا يَفِي ربحه بكفايته غَالِبا وَيُعْطى مكَاتب وغارم لغير إصْلَاح ذَات الْبَين مَا عَجزا عَنهُ من وَفَاء دينهما وَيُعْطى ابْن سَبِيل مَا يوصله مقْصده أَو مَاله إِن كَانَ لَهُ مَال فِي طَرِيقه وَيُعْطى غاز حَاجته فِي غَزوه ذَهَابًا وإيابا وَإِقَامَة لَهُ ولعياله ويملكه فَلَا يسْتَردّ مِنْهُ ويهيأ لَهُ مركوب إِن لم يطق الْمَشْي أَو طَال سَفَره وَمَا يحمل زَاده ومتاعه إِن لم يعْتد مثله حملهما كَابْن السَّبِيل والمؤلفة يُعْطِيهَا الإِمَام أَو الْمَالِك مَا يرَاهُ
وَالْعَامِل يعْطى أُجْرَة مثله وَمن فِيهِ صفتا اسْتِحْقَاق كفقير وغارم يَأْخُذ بِإِحْدَاهُمَا
(و) يجب تَعْمِيم الْأَصْنَاف الثَّمَانِية فِي الْقسم إِن أمكن بِأَن قسم الإِمَام وَلَو بنائبه ووجدوا لظَاهِر الْآيَة فَإِن لم يُمكن بِأَن قسم الْمَالِك إِذْ لَا عَامل أَو الإِمَام وَوجد بَعضهم وَجب الدّفع (إِلَى من يُوجد مِنْهُم) وتعميم من وجد مِنْهُم وعَلى الإِمَام تَعْمِيم آحَاد كل صنف وَكَذَا الْمَالِك إِن انحصروا بِالْبَلَدِ ووفى بهم المَال فَإِن لم ينحصروا أَو انحصروا (و) لَا وفى بهم المَال (لم يجز الِاقْتِصَار على أقل من ثَلَاثَة من كل صنف) لذكره فِي الْآيَة بِصِيغَة الْجمع وَهُوَ المُرَاد بفي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل الَّذِي هُوَ للْجِنْس (إِلَّا الْعَامِل) فَإِنَّهُ يسْقط إِذْ قسم الْمَالِك وَيجوز حَيْثُ كَانَ أَن يكون وَاحِدًا إِن حصلت بِهِ الْكِفَايَة وَتجب التَّسْوِيَة بَين الْأَصْنَاف غير الْعَامِل وَلَو زَادَت حَاجَة بَعضهم وَلَا تجب التَّسْوِيَة بَين آحَاد الصِّنْف إِلَّا أَن يقسم الإِمَام وتتساوى الْحَاجَات فَتجب التَّسْوِيَة وَيحرم على الْمَالِك وَلَا يُجزئهُ نقل الزَّكَاة من بلد وُجُوبهَا مَعَ وجود الْمُسْتَحقّين إِلَى بلد آخر فَإِن عدمت الْأَصْنَاف فِي بلد وُجُوبهَا أَو فضل عَنْهُم شَيْء وَجب نقلهَا أَو الْفَاضِل إِلَى مثلهم بأقرب بلد إِلَيْهِ وَإِن عدم بَعضهم أَو فضل عَنهُ شَيْء رد نصيب الْبَعْض أَو الْفَاضِل عَنهُ على البَاقِينَ إِن نقص نصِيبهم عَن كفايتهم أما الإِمَام فَلهُ وَلَو بنائبه نقل الزَّكَاة مُطلقًا
وَلَو امْتنع المستحقون من أَخذهَا قوتلوا
فرع لَو كَانَ شخص عَلَيْهِ دين فَقَالَ الْمَدْيُون لصَاحب الدّين ادْفَعْ لي من زكاتك حَتَّى أقضيك دينك فَفعل أَجزَأَهُ عَن الزَّكَاة وَلَا يلْزم الْمَدْيُون الدّفع إِلَيْهِ عَن دينه وَلَو قَالَ صَاحب الدّين اقْضِ مَا عَلَيْك لأرده عَلَيْك من زكاتي فَفعل صَحَّ الْقَضَاء وَلَا يلْزمه رده إِلَيْهِ فَلَو دفع إِلَيْهِ وَشرط أَن يَقْضِيه ذَلِك عَن دينه لم يجزه وَلَا يَصح قَضَاؤُهُ بهَا وَلَو نوياه بِلَا شَرط جَازَ وَلَو كَانَ عَلَيْهِ دين فَقَالَ جعلته عَن زكاتي لم يجزه على الصَّحِيح حَتَّى يقبضهُ ثمَّ يردهُ إِلَيْهِ وَقيل يُجزئهُ كَمَا لَو كَانَ وَدِيعَة (وَخَمْسَة لَا يجوز دَفعهَا) أَي الزَّكَاة (إِلَيْهِم) الأول (الْغَنِيّ بِمَال) حَاضر عِنْده (أَو كسب) لَائِق بِهِ يَكْفِيهِ
(و) الثَّانِي
(العَبْد) غير الْمكَاتب إِذْ لَا حق فِيهَا لمن بِهِ رق غير الْمكَاتب
(و) الثَّالِث (بَنو هَاشم وَبَنُو عبد الْمطلب) فَلَا تحل لَهما لقَوْله صلى الله عليه وسلم إِن هَذِه الصَّدقَات إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وَإِنَّهَا لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد رَوَاهُ مُسلم
وَقَالَ لَا أحل لكم أهل الْبَيْت من الصَّدقَات شَيْئا إِن لكم فِي خمس الْخمس مَا يكفيكم أَو يغنيكم أَي بل يغنيكم وَلَا تحل أَيْضا لمواليهم لخَبر مولى الْقَوْم مِنْهُم
(و) الرَّابِع (من تلْزم الْمُزَكي نَفَقَته) بزوجية أَو بعضية (لَا يَدْفَعهَا) إِلَيْهِم (باسم) أَي من سهم (الْفُقَرَاء) وَلَا من سهم (الْمَسَاكِين) لغناهم بذلك وَله دَفعهَا إِلَيْهِم من سهم بَاقِي الْأَصْنَاف إِذا كَانُوا بِتِلْكَ الصّفة إِلَّا أَن الْمَرْأَة لَا تكون عاملة وَلَا غَازِيَة كَمَا فِي الرَّوْضَة
تَنْبِيه أفرد المُصَنّف الضَّمِير فِي نَفَقَته حملا على لفظ من وَجمعه فِي إِلَيْهِم حملا على مَعْنَاهُ
وَلَا حَاجَة إِلَى تَقْيِيده بالمزكي إِذْ من تلْزم غير الْمُزَكي نَفَقَته كَذَلِك فَلَو حذفه لَكَانَ أخصر وأشمل
(و) الْخَامِس (لَا تصح للْكَافِرِ) لخَبر الصَّحِيحَيْنِ صَدَقَة تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد على فقرائهم نعم الكيال والحمال والحافظ وَنَحْوهم يجوز كَونهم كفَّارًا مستأجرين من سهم الْعَامِل لِأَن ذَلِك أُجْرَة لَا زَكَاة
تَنْبِيه يجب أَدَاء الزَّكَاة فَوْرًا إِذا تمكن من الْأَدَاء بِحُضُور مَال وآخذ لِلزَّكَاةِ من إِمَام أَو ساع أَو مُسْتَحقّ وبجفاف تمر وتنقية حب وخلو مَالك من مُهِمّ ديني أَو دُنْيَوِيّ كَصَلَاة وَأكل وبقدرة على غَائِب قار أَو على اسْتِيفَاء دين حَال وبزوال حجر فلس وَتَقْرِير أُجْرَة قبضت وَلَا يشْتَرط تَقْرِير صدَاق بِمَوْت أَو وَطْء
وَفَارق الْأُجْرَة بِأَنَّهَا مُسْتَحقَّة فِي مُقَابلَة الْمَنَافِع فبفواتها يَنْفَسِخ العقد بِخِلَاف الصَدَاق فَإِن أخر أداءها وَتلف المَال ضمن وَله أَدَاؤُهَا لمستحقيها إِلَّا إِن طلبَهَا إِمَام عَن مَال ظَاهر فَيجب أَدَاؤُهَا لَهُ وَله دَفعهَا إِلَى الإِمَام بِلَا طلب مِنْهُ وَهُوَ أفضل من تفريقها بِنَفسِهِ وَتجب نِيَّة فِي الزَّكَاة كهذه زكاتي أَو فرض صدقتي أَو صَدَقَة مَالِي الْمَفْرُوضَة وَلَا يَكْفِي فرض مَالِي لِأَنَّهُ يكون كَفَّارَة ونذرا وَلَا صَدَقَة مَالِي لِأَنَّهَا قد تكون نَافِلَة وَلَا يجب فِي النِّيَّة تعْيين مَال فَإِن عينه لم يَقع عَن غَيره وَتلْزم الْوَلِيّ عَن مَحْجُوره وتكفي النِّيَّة عِنْد عزلها عَن المَال وَبعده وَعند دَفعهَا لإِمَام أَو وَكيل وَالْأَفْضَل أَن ينويا عِنْد تَفْرِيق أَيْضا وَله أَن يُوكل فِي النِّيَّة وَلَا يَكْفِي نِيَّة إِمَام عَن الْمُزَكي بِلَا إِذن مِنْهُ إِلَّا عَن مُمْتَنع من أَدَائِهَا فتكفي وَتلْزَمهُ إِقَامَة لَهَا مقَام نِيَّة الْمُزَكي وَالزَّكَاة تتَعَلَّق بِالْمَالِ الَّذِي تجب فِيهِ تعلق شركَة بِقَدرِهَا
فَلَو بَاعَ مَا تعلّقت بِهِ الزَّكَاة أَو بعضه قبل إخْرَاجهَا بَطل فِي قدرهَا إِلَّا إِن بَاعَ مَال تِجَارَة بِلَا مُحَابَاة فَلَا يبطل لِأَن مُتَعَلق الزَّكَاة الْقيمَة وَهِي لَا تفوت بِالْبيعِ وَسن للْإِمَام أَن يعلم شهرا لأخذ الزَّكَاة وَسن أَن يكون الْمحرم لِأَنَّهُ أول السّنة الشَّرْعِيَّة وَأَن يسم نعم زَكَاة وفيء لِلِاتِّبَاعِ فِي مَحل صلب ظَاهر للنَّاس لَا يكثر شعره وَحرم الوسم فِي الْوَجْه للنَّهْي عَنهُ
تَتِمَّة صَدَقَة التَّطَوُّع سنة لما ورد فِيهَا من الْكتاب وَالسّنة وَتحل لَغَنِيّ وَلِذِي الْقُرْبَى لَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَتحل لكَافِر وَدفعهَا سرا وَفِي رَمَضَان ولنحو قريب كَزَوْجَة وصديق فجار قريب أقرب فأقرب أفضل وَتحرم بِمَا تحتاجه من نَفَقَة وَغَيرهَا لممونه من نَفسه وَغَيره أَو لدين لَا يظنّ لَهُ وَفَاء لَو تصدق بِهِ وَتسن بِمَا فضل عَن حَاجته لنَفسِهِ وَمؤنَة يَوْمه وَلَيْلَته وَفصل كسوته ووفاء دينه إِن صَبر على الإضاقة وَإِلَّا كره كَمَا فِي الْمُهَذّب
وَيسن الْإِكْثَار من الصَّدَقَة فِي رَمَضَان وَأَيَّام الْحَاجَات وَعند كسوف وَمرض
وسفر وَحج وَجِهَاد وَفِي أزمنة وأمكنة فاضلة كعشر ذِي الْحجَّة وَأَيَّام الْعِيد وَمَكَّة وَالْمَدينَة وَيسن أَن يخص بِصَدَقَتِهِ أهل الْخَيْر والمحتاجين وَلَو كَانَ التَّصْدِيق بِشَيْء يسير فَفِي الصَّحِيحَيْنِ اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَقَالَ تَعَالَى {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} وَمن تصدق بِشَيْء كره أَن يَتَمَلَّكهُ من جِهَة من دَفعه إِلَيْهِ بمعاوضة أَو غَيرهَا وَيحرم الْمَنّ بِالصَّدَقَةِ وَيبْطل بِهِ ثَوَابهَا وَيسن أَن يتَصَدَّق بِمَا يُحِبهُ قَالَ تَعَالَى {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون}
تَعَالَى حِكَايَة عَن مَرْيَم {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} إمساكا وسكوتا عَن الْكَلَام