الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فِي مُحرمَات الْإِحْرَام
وَحكم الْفَوات وَقد بَدَأَ بالقسم الأول فَقَالَ (وَيحرم على الْمحرم) بِحَجّ أَو عمْرَة أَو بهما أُمُور كَثِيرَة الْمَذْكُورَة مِنْهَا هُنَا (عشرَة أَشْيَاء) الأول (لبس الْمخيط) وَمَا فِي مَعْنَاهُ كالمنسوج على هَيئته والملزوق واللبد سَوَاء كَانَ من قطن أم من جلد وَمن غير ذَلِك فِي جَمِيع بدنه إِذا كَانَ مَعْمُولا على قدره على الْهَيْئَة المألوفة فِيهِ ليخرج مَا إِذا ارتدى بقميص أَو قبَاء أَو اتزر بسراويل فَإِنَّهُ لَا فديَة فِي ذَلِك
وَالْأَصْل فِي ذَلِك الْأَخْبَار الصَّحِيحَة كَخَبَر الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب فَقَالَ لَا يلبس القمص وَلَا العمائم وَلَا السَّرَاوِيل وَلَا البرانس وَلَا الْخفاف إِلَّا أحد لَا يجد نَعْلَيْنِ فيلبس الْخُفَّيْنِ وليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ وَلَا يلبس من الثِّيَاب شَيْئا مَسّه زعفران أَو ورس زَاد البُخَارِيّ وَلَا تنتقب الْمَرْأَة وَلَا تلبس القفازين
فَإِن قيل السُّؤَال عَمَّا يلبس فَأُجِيب بِمَا لَا يلبس مَا الْحِكْمَة فِي ذَلِك أُجِيب بِأَن مَا لَا يلبس مَحْصُور بِخِلَاف مَا يلبس إِذْ الأَصْل الْإِبَاحَة وَفِيه تَنْبِيه على أَنه كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَال عَمَّا لَا يلبس وَبِأَن الْمُعْتَبر فِي الْجَواب مَا يحصل الْمَقْصُود وَإِن لم يُطَابق السُّؤَال صَرِيحًا
(و) الثَّانِي (تَغْطِيَة) بعض (الرَّأْس من الرجل) وَلَو الْبيَاض الَّذِي وَرَاء الْأذن سَوَاء أستر الْبَعْض الآخر أم لَا بِمَا يعد ساترا عرفا مخيطا كَانَ أَو غَيره كالعمامة والطيلسان وَكَذَا الطين والحناء الثخينان لخَبر الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْمحرم الَّذِي خر من على بعيره مَيتا لَا تخمروا رَأسه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا بِخِلَاف مَا لَا يعد ساترا كاستظلال بمحمل وَإِن مَسّه فَإِن لبس أَو ستر بِغَيْر عذر حرم عَلَيْهِ وَلَزِمتهُ الْفِدْيَة فَإِن كَانَ لعذر من حر أَو برد أَو مداواة كَأَن جرح رَأسه فَشد عَلَيْهِ خرقَة فَيجوز لقَوْله تَعَالَى {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} لَكِن تلْزمهُ الْفِدْيَة قِيَاسا على الْحلق بِسَبَب الْأَذَى
(و) الثَّالِث ستر بعض (الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْمَرْأَة) وَلَو أمة كَمَا فِي الْمَجْمُوع بِمَا يعد ساترا إِلَّا لحَاجَة فَيجوز مَعَ الْفِدْيَة
وعَلى الْحرَّة أَن تستر مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى ستر جَمِيع رَأسهَا إِلَّا بِهِ احْتِيَاطًا للرأس إِذْ لَا يُمكن اسْتِيعَاب ستره إِلَّا بستر قدر يسير مِمَّا يَلِي الْوَجْه والمحافظة على ستره بِكَمَالِهِ لكَونه عَورَة أولى من الْمُحَافظَة على كشف ذَلِك الْقدر من الْوَجْه وَيُؤْخَذ من التَّعْلِيل أَن الْأمة لَا تستر ذَلِك لِأَن رَأسهَا لَيْسَ بِعَوْرَة وَإِذا أَرَادَت الْمَرْأَة ستر وَجههَا عَن النَّاس أرخت عَلَيْهِ مَا يستره بِنَحْوِ ثوب متجاف عَنهُ بِنَحْوِ خَشَبَة بِحَيْثُ لَا يَقع على الْبشرَة وَسَوَاء أفعلته لحَاجَة كحر وَبرد أم لَا وَلها لبس الْمخيط وَغَيره فِي الرَّأْس وَغَيره إِلَّا القفاز فَلَيْسَ لَهَا ستر الْكَفَّيْنِ وَلَا أَحدهمَا بِهِ للْحَدِيث الْمُتَقَدّم وَهُوَ شَيْء يعْمل لِلْيَدَيْنِ يحشى بِقطن وَيكون لَهُ أزرار تزر على الساعدين من الْبرد تلبسه الْمَرْأَة فِي يَديهَا
وَمُرَاد الْفُقَهَاء مَا يَشْمَل المحشو وَغَيره
تَنْبِيه يحرم على الْخُنْثَى الْمُشكل ستر وَجهه مَعَ رَأسه وَيلْزمهُ الْفِدْيَة وَله ستر وَجهه مَعَ كشف رَأسه وَلَا فديَة عَلَيْهِ لأَنا لَا نوجبها بِالشَّكِّ
قَالَ فِي الْمَجْمُوع وَيسن أَن يسْتَتر بالمخيط لجَوَاز كَونه رجلا وَيُمكن ستره بِغَيْرِهِ
ع (و) الرَّابِع (ترجيل) أَي تَسْرِيح (الشّعْر) أَي شعر رَأس الْمحرم أَو لحيته وَلَو من امْرَأَة (بالدهن) وَلَو غير مُطيب كزيت وشمع مذاب لما فِيهِ من التزين الْمنَافِي لحَال الْمحرم فَإِنَّهُ أَشْعَث أغبر كَمَا ورد فِي الْخَبَر وَلَا فرق فِي الشّعْر بَين الْقَلِيل وَالْكثير وَلَو وَاحِدَة كَمَا هُوَ ظَاهر كَلَامهم وَلَو كَانَ شعر الرَّأْس أَو اللِّحْيَة محلوقا لما فِيهِ من تَزْيِين الشّعْر وتنميته بِخِلَاف رَأس الْأَقْرَع والأصلع وذقن الْأَمْرَد لانْتِفَاء الْمَعْنى وَله دهن بدنه ظَاهرا وَبَاطنا وَسَائِر شعره بذلك وَله أكله وَجعله فِي شجة وَلَو بِرَأْسِهِ وَألْحق الْمُحب الطَّبَرِيّ بِشعر اللِّحْيَة شعر الْوَجْه كحاجب وشارب وعنفقة وَقَالَ الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ التَّحْرِيم ظَاهر فِيمَا اتَّصل باللحية كالشارب والعنفقة والعذار وَأما الْحَاجِب والهدب وَمَا على الْجَبْهَة أَي والخد فَفِيهِ بعد انْتهى وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر لِأَن ذَلِك لَا يتزين بِهِ وَلَا يكره غسل بدنه وَرَأسه بخطمي وَنَحْوه كسدر من غير نتف شعر لِأَن ذَلِك لإِزَالَة الْوَسخ لَا للتزيين والتنمية لَكِن الأولى تَركه وَترك الاكتحال الَّذِي لَا طيب فِيهِ وللمحرم الاحتجام والفصد مَا لم يقطع بهما شعر
(و) الْخَامِس (حلقه) أَي الشّعْر من سَائِر جسده وَمثل الْحلق النتف والإحراق وَنَحْو ذَلِك قَالَ تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم} أَي شعرهَا وَشعر سَائِر الْجَسَد مُلْحق بِهِ (و) السَّادِس (تقليم الْأَظْفَار) قِيَاسا على الشّعْر لما فِيهِ من الترفه وَالْمرَاد من ذَلِك الْجِنْس الصَّادِق بِبَعْض شعره أَو ظفر
(و) السَّابِع (الطّيب) سَوَاء أَكَانَ الْمحرم ذكرا أم غَيره وَلَو أخشم بِمَا يقْصد مِنْهُ رَائِحَته غَالِبا وَلَو مَعَ غَيره كالمسك وَالْعود والكافور والورس وَهُوَ أطيب بِبِلَاد الْيمن والزعفران وَإِن كَانَ يطْلب للصبغ والتداوي أَيْضا سَوَاء أَكَانَ ذَلِك فِي ملبوسه كثوبه أم فِي بدنه لقَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث الْمَار وَلَا يلبس من الثِّيَاب مَا مَسّه ورس أَو زعفران وَسَوَاء أَكَانَ ذَلِك بِأَكْل أَو إسعاط أم احتقان فَيجب مَعَ التَّحْرِيم فِي ذَلِك الْفِدْيَة واستعماله أَن يلصق الطّيب بِبدنِهِ أَو ملبوسه على الْوَجْه الْمُعْتَاد فِي ذَلِك بِنَفسِهِ أَو مأذونه وَلَو اسْتهْلك الطّيب فِي المخالط لَهُ بِأَن لم يبْق لَهُ ريح وَلَا طعم وَلَا لون كَأَن اسْتعْمل فِي دَوَاء جَازَ اسْتِعْمَاله وَأكله وَلَا فديَة وَمَا يقْصد بِهِ الْأكل أَو التَّدَاوِي وَإِن كَانَ لَهُ ريح طيبَة كالتفاح لِأَن مَا لَا يقْصد مِنْهُ الْأكل أَو التَّدَاوِي لَا فديَة فِيهِ
(و) الثَّامِن يحرم على الْمحرم (قتل الصَّيْد) إِذا كَانَ مَأْكُولا بريا وحشيا كبقر وَحشِي ودجاجة أَو كَانَ متولدا بَين الْمَأْكُول الْبري الوحشي وَبَين غَيره كمتولد بَين حمَار وَحشِي وحمار أَهلِي أَو بَين شَاة وظبي أما الأول فَلقَوْله تَعَالَى {وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر} أَي أَخذه {مَا دمتم حرما} وَأما والسنبل وَسَائِر الإبازير الطّيبَة كالمصطكي لم يحرم وَلم يجب
فِيهِ فديَة الثَّانِي فللاحتياط
وَخرج بِمَا ذكر مَا تولد بَين وَحشِي غير مَأْكُول وإنسي مَأْكُول كالمتولد بَين ذِئْب وشَاة وَمَا تولد بَين غير مأكولين أَحدهمَا وَحشِي كالمتولد بَين حمَار وذئب وَمَا تولد بَين أهليين أَحدهمَا غير مَأْكُول كبغل فَلَا يحرم التَّعَرُّض لشَيْء مِنْهَا وَيحرم أَيْضا اصطياد الْمَأْكُول الْبري والمتولد مِنْهُ وَمن غَيره فِي الْحرم على الْحَلَال بِالْإِجْمَاع كَمَا فِي الْمَجْمُوع وَلَو كَانَ كَافِرًا مُلْتَزم الْأَحْكَام وَلخَبَر الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم يَوْم فتح مَكَّة قَالَ إِن هَذَا الْبَلَد حرَام بِحرْمَة الله لَا يعضد شَجَره وَلَا ينفر صَيْده أَي لَا يجوز تنفير صَيْده لمحرم وَلَا لحلال فَغير التنفير أولى
وَقيس بِمَكَّة بَاقِي الْحرم
(و) التَّاسِع (عقد النِّكَاح) بِولَايَة أَو وكَالَة وَكَذَا قبُوله لَهُ أَو لوَكِيله وَاحْترز بِالْعقدِ عَن الرّجْعَة فَلَا تحرم عَلَيْهِ على الصَّحِيح لِأَنَّهَا اسْتِدَامَة نِكَاح
(و) الْعَاشِر (الْوَطْء) بِإِدْخَال الْحَشَفَة أَو قدرهَا من مقطوعها فَإِنَّهُ يحرم بِالْإِجْمَاع وَلَو لبهيمة فِي قبل أَو دبر وَيحرم على الْمَرْأَة الْحَلَال تَمْكِين زَوجهَا الْمحرم من الْجِمَاع لِأَنَّهُ إِعَانَة على مَعْصِيّة وَيحرم على الْحَلَال جماع زَوجته الْمُحرمَة (و) كَذَا (الْمُبَاشرَة) قبل التَّحَلُّل الأول فِيمَا دون الْفرج (بِشَهْوَة) لَا بغَيْرهَا وَكَذَا يحرم الاستمناء بِالْيَدِ (و) يجب (فِي) كل وَاحِد من (جَمِيع ذَلِك) أَي الْمُحرمَات الْمَذْكُورَة (الْفِدْيَة) الْآتِي بَيَانهَا فِي الْفَصْل بعده (إِلَّا عقد النِّكَاح) أَو قبُوله فَلَا فديَة فِيهِ (فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد) فوجوده كَالْعدمِ وَلَو جَامع بعد الْمُبَاشرَة بِشَهْوَة أَو الاستمناء سَقَطت عَنهُ الْفِدْيَة فِي الصُّورَتَيْنِ لدخولها فِي فديَة الْجِمَاع (وَلَا يُفْسِدهُ) أَي الْإِحْرَام شَيْء من محرماته (إِلَّا الْوَطْء فِي الْفرج) فَقَط وَإِن لم ينزل إِذا وَقع فِي الْعمرَة قبل الْفَرَاغ مِنْهَا وَفِي الْحَج قبل التَّحَلُّل الأول قبل الْوُقُوف بِالْإِجْمَاع وَبعده خلافًا لأبي حنيفَة لِأَنَّهُ وَطْء صَادف إحراما صَحِيحا لم يحصل فِيهِ التَّحَلُّل الأول وَلَو كَانَ المجامع فِي الْعمرَة أَو الْحَج رَقِيقا أَو صَبيا مُمَيّزا لقَوْله تَعَالَى {فَلَا رفث} أَي لَا ترفثوا فلفظه خبر وَمَعْنَاهُ النَّهْي وَلَو بَقِي على الْخَبَر امْتنع وُقُوعه فِي الْحَج لِأَن إِخْبَار الله تَعَالَى صدق قطعا مَعَ أَن ذَلِك وَقع كثيرا وَالْأَصْل فِي النَّهْي اقْتِضَاء الْفساد
وقاسوا الْعمرَة على الْحَج أما غير الْمُمَيز من صبي أَو مَجْنُون فَلَا يفْسد ذَلِك بجماعه وَكَذَا النَّاسِي وَالْجَاهِل وَالْمكْره وَلَو أحرم حَال النزع صَحَّ فِي أحد أوجه يظْهر تَرْجِيحه لِأَن النزع لَيْسَ بجماع
تَنْبِيه يحصل التَّحَلُّل الأول فِي الْحَج بِفعل اثْنَيْنِ من ثَلَاثَة وَهِي رمي يَوْم النَّحْر وَالْحلق أَو التَّقْصِير وَالطّواف الْمَتْبُوع بالسعي إِن لم يكن فعل قبل وَيحل بِهِ اللّبْس وَستر الرَّأْس للرجل وَالْوَجْه للْمَرْأَة وَالْحلق والقلم وَالطّيب وَالصَّيْد وَلَا يحل بِهِ
عقد النِّكَاح وَلَا الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج لما روى النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد جيد كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ إِذا رميتم الْجَمْرَة حل لكم كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء وَإِذا فعل الثَّالِث بعد الِاثْنَيْنِ حصل التَّحَلُّل الثَّانِي وَحل بِهِ بَاقِي الْمُحرمَات بِالْإِجْمَاع وَيجب عَلَيْهِ الْإِتْيَان بِمَا بَقِي من أَعمال الْحَج وَهُوَ الرَّمْي وَالْمَبِيت مَعَ أَنه غير محرم كَمَا أَنه يخرج من الصَّلَاة بالتسليمة الأولى وتطلب مِنْهُ التسليمة الثَّانِيَة لَكِن الْمَطْلُوب هُنَا على سَبِيل الْوُجُوب وَهُنَاكَ على سَبِيل النّدب أما الْعمرَة فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا تحلل وَاحِد لِأَن الْحَج يطول زَمَنه وتكثر أَعماله فأبيح بعض محرماته فِي وَقت وَبَعضهَا فِي وَقت آخر بِخِلَاف الْعمرَة وَنَظِير ذَلِك الْحيض والجنابة لما طَال زمن الْحيض جعل لارْتِفَاع محظوراته محلان انْقِطَاع الدَّم والاغتسال والجنابة لما قصر زَمَنهَا جعل لارْتِفَاع محظوراتها مَحل وَاحِد
(و) إِذا جَامع الْمحرم (لَا يخرج مِنْهُ) أَي الْإِحْرَام (بِالْفَسَادِ) بل يجب الْمُضِيّ فِي فَاسد نُسكه من حج أَو عمْرَة لإِطْلَاق قَوْله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} فَإِنَّهُ لم يفصل بَين الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَصُورَة الْإِحْرَام بِالْحَجِّ فَاسِدا أَن يفْسد الْعمرَة بِالْجِمَاعِ ثمَّ يدْخل عَلَيْهَا الْحَج فَإِنَّهُ يَصح على الْأَصَح وَينْعَقد فَاسِدا على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة فِي بَاب الْإِحْرَام
قَالَ فِي الْجَوَاهِر وَإِذا سُئِلت عَن إِحْرَام ينْعَقد فَاسِدا فَهَذِهِ صورته وَلَا أعلم لَهَا أُخْرَى اه
وَأما إِذا أحرم وَهُوَ مجامع فَلم ينْعَقد إِحْرَامه على الْأَصَح فِي زَوَائِد الرَّوْضَة
ثمَّ شرع فِي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ الْفَوات فَقَالَ (وَمن فَاتَهُ الْوُقُوف بِعَرَفَة) بِعُذْر أَو غَيره وَذَلِكَ بِطُلُوع فجر يَوْم النَّحْر قبل حُضُوره عَرَفَات وبفواته يفوت الْحَج (تحلل) وجوبا كَمَا فِي الْمَجْمُوع وَنَصّ عَلَيْهِ فِي الْأُم لِئَلَّا يصير محرما بِالْحَجِّ فِي غير أشهره واستدامة الْإِحْرَام كابتدائه وابتداؤه حِينَئِذٍ لَا يجوز وَيحصل التَّحَلُّل (بِعُمْرَة) أَي بعملها فَيَأْتِي بأركانها الْخَمْسَة الْمُتَقَدّمَة بَيَانهَا
نعم شَرط إِيجَاب السَّعْي أَن لَا يكون سعي بعد طواف قدوم فَإِن كَانَ سعي لم يحْتَج لإعادته كَمَا فِي الْمَجْمُوع عَن الْأَصْحَاب (وَعَلِيهِ الْقَضَاء) فَوْرًا من قَابل لِلْحَجِّ الَّذِي فَاتَهُ بِفَوَات الْوُقُوف سَوَاء كَانَ فرضا أَو نفلا كَمَا فِي الْإِفْسَاد لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن تَقْصِير وَإِنَّمَا يجب الْقَضَاء فِي فَوَات لم ينشأ عَن حصر فَإِن نَشأ عَنهُ بِأَن أحْصر فسلك طَرِيقا آخر ففاته الْحَج وتحلل بِعُمْرَة فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بذل مَا فِي وَسعه
فَإِن قيل كَيفَ تُوصَف حجَّة الْإِسْلَام بِالْقضَاءِ وَلَا وَقت لَهَا أُجِيب بِأَن المُرَاد بِالْقضَاءِ الْقَضَاء اللّغَوِيّ لَا الْقَضَاء الْحَقِيقِيّ وَقيل لِأَنَّهُ لما أحرم بِهِ تضيق وقته وَيلْزمهُ قَضَاء عمْرَة الْإِسْلَام مَعَ الْحَج كَمَا قَالَه فِي الرَّوْضَة لِأَن عمْرَة التَّحَلُّل لَا تجزىء عَن عمْرَة الْإِسْلَام
(و) عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاء (الْهَدْي) أَيْضا وَهُوَ كَدم التَّمَتُّع وَسَيَأْتِي
(وَمن ترك ركنا) من أَرْكَان الْحَج غير الْوُقُوف أَو من أَرْكَان الْعمرَة سَوَاء أتركه مَعَ إِمْكَان فعله أم لَا كالحائض قبل الطّواف الْإِفَاضَة