الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَشك فِي رافعه وَالْأَصْل عَدمه أَو متطهرا فَهُوَ الْآن مُحدث إِن اعْتَادَ التَّجْدِيد لِأَنَّهُ تَيَقّن الْحَدث وَشك فِي رافعه وَالْأَصْل عَدمه بِخِلَاف مَا إِذا لم يعتده فَلَا يَأْخُذ بِهِ بل يَأْخُذ بِالطُّهْرِ لِأَن الظَّاهِر تَأَخّر طهره عَن حَدثهُ بِخِلَاف من اعتاده
فَإِن لم يتَذَكَّر مَا قبلهمَا
فَإِن اعْتَادَ التَّجْدِيد لزمَه الْوضُوء لتعارض الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجّح وَلَا سَبِيل إِلَى الصَّلَاة مَعَ التَّرَدُّد الْمَحْض فِي الطُّهْر
وَإِلَّا أَخذ بِالطُّهْرِ وَمن هَذِه الْقَاعِدَة مَا إِذا شكّ من نَام قَاعِدا مُتَمَكنًا ثمَّ مَال وانتبه وَشك فِي أَيهمَا أسبق أَو شكّ هَل مَا رَآهُ رُؤْيا أَو حَدِيث نفس أَو هَل لمس الشّعْر أَو الْبشرَة فَلَا نقض بِشَيْء من ذَلِك
فصل فِي مُوجب الْغسْل
وَهُوَ بِفَتْح الْغَيْن وَضمّهَا لُغَة سيلان المَاء على الشَّيْء مُطلقًا
وَالْفَتْح أشهر كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي التَّهْذِيب وَلَكِن الْفُقَهَاء أَو أَكْثَرهم إِنَّمَا تستعمله بِالضَّمِّ
وَشرعا سيلانه على جَمِيع الْبدن مَعَ النِّيَّة
وَالْغسْل بِالْكَسْرِ مَا يغسل بِهِ الرَّأْس من نَحْو سدر وخطمي
القَوْل فِي مَا يشْتَرك فِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء (وَالَّذِي يُوجب الْغسْل سِتَّة أَشْيَاء) مِنْهَا (ثَلَاثَة تشترك فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء) مَعًا (وَهِي) أَي الأولى (التقاء الختانين) بِإِدْخَال الْحَشَفَة وَلَا بِلَا قصد أَو كَانَ الذّكر أشل أَو غير منتشر
أَو قدرهَا من مقطوعها (فرجا) من امْرَأَة وَلَو ميتَة أَو كَانَ على الذّكر خرفة ملفوفة وَلَو غَلِيظَة
لقَوْله صلى الله عليه وسلم إِذا التقى الختانان فقد وَجب الْغسْل أَي وَإِن لم ينزل رَوَاهُ مُسلم وَأما الْأَخْبَار الدَّالَّة على اعْتِبَار الْإِنْزَال كَخَبَر إِنَّمَا المَاء من المَاء فمنسوخة
وَأجَاب ابْن عَبَّاس بِأَن مَعْنَاهُ أَنه لَا يجب الْغسْل بالاحتلام إِلَّا أَن ينزل
وَذكر الختانين جري على الْغَالِب
فَلَو أَدخل حشفته أَو قدرهَا من مقطوعها فِي فرج بَهِيمَة أَو فِي دبر كَانَ الحكم كَذَلِك لِأَنَّهُ جماع فِي فرج
وَلَيْسَ المُرَاد بالتقاء الختانين انضمامهما لعدم إِيجَابه الْغسْل بِالْإِجْمَاع
بل تحاذيهما
يُقَال التقى الفارسان إِذا تحاذيا وَإِن لم ينضما
وَذَلِكَ إِنَّمَا يحصل بِإِدْخَال الْحَشَفَة فِي الْفرج إِذْ الْخِتَان مَحل الْقطع فِي الْخِتَان وختان الْمَرْأَة فَوق مخرج الْبَوْل ومخرج الْبَوْل فَوق مدْخل الذّكر
وَلَو أولج حَيَوَان قردا أَو غَيره فِي آدَمِيّ وَلَا حَشَفَة لَهُ فَهَل يعْتَبر إيلاج كل ذكره أَو إيلاج قدر حَشَفَة معتدلة قَالَ الإِمَام فِيهِ نظر موكول إِلَى رَأْي الْفَقِيه
انْتهى
وَيَنْبَغِي اعْتِمَاد الثَّانِي
ويجنب صبي مَجْنُون أولجا أَو أولج فيهمَا
وَيجب عَلَيْهِمَا الْغسْل بعد الْكَمَال وَصَحَّ من مُمَيّز ويجزيه وَيُؤمر بِهِ كَالْوضُوءِ وإيلاج الْخُنْثَى وَمَا دون الْحَشَفَة لَا أثر لَهُ فِي الْغسْل
وَأما
الْوضُوء فَيجب على المولج فِيهِ بالنزع من دبره وَمن قبل أثنى
وإيلاج الْحَشَفَة بالحائل جَار فِي سَائِر الْأَحْكَام كإفساد الصَّوْم وَالْحج
القَوْل فِي حكم الْخُنْثَى وَيُخَير الْخُنْثَى بَين الْوضُوء وَالْغسْل بإيلاجه فِي دبر ذكر لَا مَانع من النَّقْض بلمسه أَو فِي دبر خُنْثَى أولج ذكره فِي قبل المولج لِأَنَّهُ إِمَّا جنب بِتَقْدِير ذكورته فيهمَا أَو أنوثته وذكورة الآخر فِي الثَّانِيَة أَو مُحدث بِتَقْدِير أنوثته فيهمَا مَعَ أنوثة الآخر فِي الثَّانِيَة
فَيُخَير بَينهمَا كَمَا سَيَأْتِي فِيمَن اشْتبهَ عَلَيْهِ الْمَنِيّ بِغَيْرِهِ
وَكَذَا يُخَيّر الذّكر إِذا أولج الْخُنْثَى فِي دبر وَلَا مَانع من النَّقْض
كَمَا هُوَ مُقْتَضى كَلَام الشَّيْخَيْنِ فِي بَاب الْوضُوء
أما إيلاجه فِي قبل خُنْثَى أَو فِي دبره وَلم يولج الآخر فِي قبله فَلَا يُوجب عَلَيْهِ شَيْئا
وَلَو أولج رجل فِي قبل خُنْثَى فَلَا يجب عَلَيْهِمَا غسل وَلَا وضوء لاحْتِمَال أَنه رجل فَإِن أولج ذَلِك الْخُنْثَى فِي وَاضح آخر أجنب يَقِينا وَحده
لِأَنَّهُ جَامع أَو جومع
بِخِلَاف الآخرين لَا جَنَابَة عَلَيْهِمَا
وأحدث الْوَاضِح الآخر بالنزع مِنْهُ
أما إِذا أولج الْخُنْثَى فِي الرجل المولج فَإِن كلا مِنْهُمَا يجنب
وَمن أولج أحد ذكريه أجنب إِن كَانَ يَبُول بِهِ وَحده وَلَا أثر للْآخر فِي نقض الطَّهَارَة إِذا لم يكن على سنَنه فَإِن كَانَ على سنَنه أَو كَانَ يَبُول بِكُل مِنْهُمَا أَو لَا يَبُول بِوَاحِد مِنْهُمَا أَو كَانَ الانسداد عارضا أجنب بِكُل مِنْهُمَا
(و) الثَّانِيَة (إِنْزَال) أَي خُرُوج (الْمَنِيّ) بتَشْديد الْيَاء وَسمع تخفيفها أَي مني الشَّخْص نَفسه الْخَارِج مِنْهُ أول مرّة وَإِن لم يُجَاوز فرج الثّيّب بل وصل إِلَى مَا يجب غسله فِي الِاسْتِنْجَاء أما الْبكر فَلَا بُد من بروزه إِلَى الظَّاهِر كَمَا أَنه فِي حق الرجل لَا بُد من بروزه عَن الْحَشَفَة
وَالْأَصْل فِي ذَلِك خبر مُسلم إِنَّمَا المَاء من المَاء وَخبر الصَّحِيحَيْنِ عَن أم سَلمَة قَالَت جَاءَت أم سليم إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت إِن الله لَا يستحيي من الْحق هَل على الْمَرْأَة من غسل إِذا هِيَ احْتَلَمت قَالَ نعم إِذا رَأَتْ المَاء
أما الْخُنْثَى الْمُشكل إِذا خرج الْمَنِيّ من أحد فرجيه فَلَا غسل عَلَيْهِ لاحْتِمَال أَن يكون زَائِدا مَعَ انفتاح الْأَصْلِيّ
فَإِن أمنى مِنْهُمَا أَو من أَحدهمَا وحاض من الآخر وَجب عَلَيْهِ الْغسْل
القَوْل فِي خُرُوج الْمَنِيّ من غير طَرِيقه الْمُعْتَاد وَلَا فرق فِي وجوب الْغسْل بِخُرُوج الْمَنِيّ بَين أَن يخرج من طَرِيقه الْمُعْتَاد وَإِن لم يكن مستحكما أَو من غَيره إِذا كَانَ مستحكما مَعَ انسداد الْأَصْلِيّ وَخرج من تَحت الصلب فالصلب هُنَا كالمعدة فِي فصل الْحَدث فَيُفَرق بَين الانسداد الْعَارِض والخلقي كَمَا فرق هُنَاكَ كَمَا صَوبه فِي الْمَجْمُوع
والصلب إِنَّمَا يعْتَبر للرجل كَمَا قَالَه فِي الْمُهِمَّات أما الْمَرْأَة فَمَا بَين ترائبها والصلب عِظَام الظّهْر كُله والترائب عِظَام الصَّدْر
قَالَ تَعَالَى {يخرج من بَين الصلب والترائب} أَي صلب الرجل وترائب الْمَرْأَة فَإِن خرج غير المستحكم من غير الْمُعْتَاد كَأَن خرج لمَرض فَلَا يجب الْغسْل بِهِ بِلَا خلاف كَمَا قَالَه فِي الْمَجْمُوع عَن الْأَصْحَاب وَلَا يجب بِخُرُوج مني غَيره مِنْهُ وَلَا بِخُرُوج منيه بعد استدخاله وَيعرف الْمَنِيّ بتدفقه بِأَن يخرج بدفعات قَالَ تَعَالَى {من مَاء دافق} وَسمي منيا لِأَنَّهُ يمنى أَي يصب
أَو لَذَّة بِخُرُوجِهِ مَعَ فتور الذّكر وانكسار الشَّهْوَة عقبه وَإِن لم يتدفق
لقلته أَو خرج على لون الدَّم أَو ريح عجين حِنْطَة أَو نَحْوهَا أَو ريح طلع رطبا أَو ريح بَيَاض بيض دَجَاج أَو نَحوه جافا وَإِن لم يتلذ بِهِ وَلم يتدفق لقلته كَأَن خرج بَاقِي منيه بعد غسله أما إِذا خرج من قبل الْمَرْأَة مني جِمَاعهَا بعد غسلهَا فَلَا تعيد الْغسْل إِلَّا إِن قَضَت شهوتها فَإِن لم يكن لَهَا شَهْوَة كصغيرة أَو كَانَت وَلم تقض كنائمة لَا إِعَادَة عَلَيْهَا
فَإِن قيل إِذا قَضَت شهوتها لم تتيقن خُرُوج منيها ويقين الطَّهَارَة لَا يرفع بِظَنّ الْحَدث إِذْ حدثها وَهُوَ خُرُوج منيها غير مُتَيَقن وَقَضَاء شهوتها لَا يَسْتَدْعِي خُرُوج شَيْء من منيها كَمَا قَالَه فِي التوشيح
أُجِيب بِأَن قَضَاء شهوتها منزل منزلَة نومها فِي خُرُوج الْحَدث فنزلوا المظنة منزلَة المئنة وَخرج بقبل الْمَرْأَة مَا لَو وطِئت فِي دبرهَا فاغتسلت ثمَّ خرج مِنْهَا مني الرجل لم يجب عَلَيْهَا إِعَادَة الْغسْل كَمَا علم مِمَّا مر فَإِن فقدت الصِّفَات الْمَذْكُورَة فِي الْخَارِج فَلَا غسل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمني
إِذا شكّ هَل هُوَ مني أَو غَيره فَإِن احْتمل كَون الْخَارِج منيا أَو غَيره كودي أَو مذي تخير بَينهمَا على الْمُعْتَمد فَإِن جعله منيا اغْتسل أَو غَيره تَوَضَّأ وَغسل مَا أَصَابَهُ لِأَنَّهُ إِذا أَتَى بِمُقْتَضى أَحدهمَا برىء مِنْهُ يَقِينا وَالْأَصْل بَرَاءَته من الآخر وَلَا معَارض لَهُ بِخِلَاف من نسي صَلَاة من صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يلْزمه فعلهمَا لاشتغال ذمَّته بهما جَمِيعًا وَالْأَصْل بَقَاء كل مِنْهُمَا وَإِذا اخْتَار أَحدهمَا وَفعله اعْتد بِهِ فَإِن لم يَفْعَله كَانَ لَهُ الرُّجُوع عَنهُ وَفعل الآخر إِذْ لَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ شَيْء بِاخْتِيَارِهِ وَلَو استدخلت الْمَرْأَة ذكرا مَقْطُوعًا أَو قدر الْحَشَفَة مِنْهُ لَزِمَهَا الْغسْل كَمَا فِي الرَّوْضَة وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا فرق بَين استدخاله من رَأسه أَو أَصله أَو وَسطه بِجمع طَرفَيْهِ
قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَفِي ذَلِك نظر انْتهى
وَالظَّاهِر أَن الْمعول على الْحَشَفَة حَيْثُ وجدت
وَظَاهر كَلَام الْمِنْهَاج أَن مني الْمَرْأَة يعرف بالخواص الْمَذْكُورَة وَهُوَ قَول الْأَكْثَر
وَقَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ لَا يعرف إِلَّا بالتلذذ
وَقَالَ ابْن صَلَاح لَا يعرف إِلَّا بالتلذذ وَالرِّيح وَجزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَالْأول هُوَ الظَّاهِر
وَيُؤَيِّدهُ كَمَا قَالَ ابْن الرّفْعَة قَول الْمُخْتَصر وَإِذا رَأَتْ الْمَرْأَة المَاء الدافق
فرع لَو رأى فِي فرَاشه أَو ثَوْبه وَلَو بِظَاهِرِهِ منيا لَا يحْتَمل أَنه من غَيره لزمَه الْغسْل وإعادة كل صَلَاة لَا يحْتَمل خلوها عَنهُ وَيسن إِعَادَة كل صَلَاة احْتمل خلوها عَنهُ وَإِن احْتمل كَونه من آخر نَام مَعَه فِي فرَاشه مثلا فَإِنَّهُ يسن لَهما الْغسْل والإعادة وَلَو أحس بنزول الْمَنِيّ فَأمْسك ذكره فَلم يخرج مِنْهُ شَيْء فَلَا غسل عَلَيْهِ كَمَا علم مِمَّا مر وَصرح بِهِ فِي الرَّوْضَة
(و) الثَّالِثَة (الْمَوْت) لمُسلم غير شَهِيد كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْجَنَائِز لحَدِيث الْمحرم الَّذِي وقصته نَاقَته فَقَالَ اغسلوه بِمَاء وَسدر رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
وَظَاهره الْوُجُوب وَهُوَ من فروض الْكِفَايَة والوقص كسر الْعُنُق
القَوْل فِي مَا يخْتَص بِهِ النِّسَاء (وَثَلَاثَة) مِنْهَا (تخْتَص بهَا النِّسَاء وَهِي) أَي الأولى (الْحيض) لقَوْله تَعَالَى {فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} أَي الْحيض وَلخَبَر البُخَارِيّ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ لفاطمة بنت أبي حُبَيْش إِذا أَقبلت الْحَيْضَة فدعي الصَّلَاة وَإِذا أَدْبَرت فاغتسلي وَصلي
(و) الثَّانِيَة (النّفاس) لِأَنَّهُ دم حيض مُجْتَمع وَيعْتَبر مَعَ خُرُوج كل مِنْهُمَا وانقطاعه الْقيام إِلَى الصَّلَاة أَو نَحْوهَا كَمَا فِي الرَّافِعِيّ وَالتَّحْقِيق وَإِن صحّح فِي الْمَجْمُوع أَن مُوجبه الِانْقِطَاع فَقَط (و) الثَّالِثَة (الْولادَة) وَلَو علقَة أَو مُضْغَة وَلَو بِلَا بَلل لِأَنَّهُ مني مُنْعَقد وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن بَلل غَالِبا فأقيم مقَامه كالنوم مَعَ الْخَارِج وتفطر بِهِ الْمَرْأَة على الْأَصَح فِي التَّحْقِيق وَغَيره
القَوْل فِي مَا يحرم على الْحَائِض وَالْجنب تَتِمَّة يحرم على الْجنب وَالْحَائِض وَالنُّفَسَاء مَا حرم بِالْحَدَثِ الْأَصْغَر لِأَنَّهَا أغْلظ مِنْهُ وشيئان آخرَانِ أَحدهمَا
الْمكْث لمُسلم غير النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْمَسْجِدِ أَو التَّرَدُّد فِيهِ لغير عذر لقَوْله تَعَالَى {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل حَتَّى تغتسلوا} قَالَ ابْن عَبَّاس وَغَيره لَا تقربُوا مَوَاضِع الصَّلَاة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عبور سَبِيل بل موَاضعهَا وَهُوَ الْمَسْجِد وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى {لهدمت صوامع وَبيع وصلوات ومساجد} وَلقَوْله عليه الصلاة والسلام لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة رضي الله عنها وَعَن أَبَوَيْهَا
وَقَالَ ابْن الْقطَّان إِنَّه حسن وَخرج بالمكث والتردد العبور لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة وكما لَا يحرم لَا يكره إِن كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَض مثل أَن يكون الْمَسْجِد أقرب طريقيه فَإِن لم يكن لَهُ غَرَض كره كَمَا فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا وَحَيْثُ عبر لَا يُكَلف الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي بل يمشي على الْعَادة وبالمسلم الْكَافِر فَإِنَّهُ يُمكن من الْمكْث فِي الْمَسْجِد على الْأَصَح فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا وَبِغير النَّبِي صلى الله عليه وسلم هُوَ فَلَا يحرم عَلَيْهِ
قَالَ صَاحب التَّلْخِيص ذكر من خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم دُخُوله الْمَسْجِد جنبا وبالمسجد الْمدَارِس والربط ومصلى الْعِيد وَنَحْو ذَلِك
وَبلا عذر مَا إِذا حصل لَهُ عذر كَأَن احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِد وَتعذر عَلَيْهِ الْخُرُوج لإغلاق بَابه أَو خوف على نَفسه أَو عضوه أَو مَنْفَعَة ذَلِك أَو على مَاله فَلَا يحرم عَلَيْهِ الْمكْث وَلَكِن يجب عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَة أَن يتَيَمَّم إِن وجد غير تُرَاب الْمَسْجِد فَإِن لم يجد غَيره لَا يجوز لَهُ أَن يتَيَمَّم بِهِ فَلَو خَالف وَتيَمّم بِهِ صَحَّ تيَمّمه كالتيمم بِتُرَاب مَغْصُوب وَالْمرَاد بِتُرَاب الْمَسْجِد الدَّاخِل فِي وَقفه لَا الْمَجْمُوع من ريح وَنَحْوه وَثَانِيهمَا يحرم على من ذكر قِرَاءَة الْقُرْآن بِاللَّفْظِ فِي حق النَّاطِق وبالإشارة فِي حق الْأَخْرَس كَمَا قَالَه القَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فَإِنَّهَا منزلَة النُّطْق هُنَا وَذَلِكَ لحَدِيث التِّرْمِذِيّ وَغَيره لَا يقْرَأ الْجنب وَلَا الْحَائِض شَيْئا من الْقُرْآن
وَيجوز لمن بِهِ حدث أكبر إِجْرَاء الْقُرْآن على قلبه وَنظر فِي الْمُصحف وَقِرَاءَة مَا نسخت تِلَاوَته وتحريك لِسَانه وهمسه بِحَيْثُ لَا يسمع نَفسه لِأَنَّهَا لَيست بِقِرَاءَة قُرْآن وفاقد الطهُورَيْنِ يقْرَأ الْفَاتِحَة وجوبا فَقَط للصَّلَاة لِأَنَّهُ مُضْطَر إِلَيْهَا أما خَارج الصَّلَاة فَلَا يجوز لَهُ أَن يقْرَأ شَيْئا وَلَا أَن تُوطأ الْحَائِض أَو النُّفَسَاء إِذا انْقَطع دَمهَا وَيحل لمن ذكر أذكار الْقُرْآن وَغَيرهَا كمواعظه وأخباره وَأَحْكَامه لَا بِقصد قُرْآن كَقَوْلِه عِنْد الرّكُوب {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} أَي مطيقين وَعند الْمُصِيبَة {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} فَإِن قصد الْقُرْآن وَحده أَو مَعَ الذّكر حرم وَإِن أطلق فَلَا كَمَا نبه عَلَيْهِ فِي الدقائق لعدم الْإِخْلَال بحرمته لِأَنَّهُ لَا يكون قُرْآنًا إِلَّا بِالْقَصْدِ قَالَه النَّوَوِيّ وَغَيره
وَيسن للْجنب غسل الْفرج وَالْوُضُوء للْأَكْل وَالشرب وَالنَّوْم وَالْجِمَاع وللحائض وَالنُّفَسَاء بعد انْقِطَاع دمهما