المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌خطبة الكتاب الحمد لله الذي أنزل على عبده - الإكليل في استنباط التنزيل

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌سورة فاتحة الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة القتال (مُحَمَّدٌ)

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة والنجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة ن (الْقَلَمِ)

- ‌سورة سأل سائل (المعارج)

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة عم (النبأ)

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة الليل

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة ألم نشرح

- ‌سورة التين

- ‌سورة القلم [أو: العلق]

- ‌سورة القدر

- ‌سورة لم يكن [أو: البينة]

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة ألهاكم

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة تبت

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

- ‌[فصل]

- ‌[فصل]

- ‌[فصل]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌خطبة الكتاب الحمد لله الذي أنزل على عبده

بسم الله الرحمن الرحيم

‌خطبة الكتاب

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب تبياناً لكل شيء، وجعله شفاء لكل عي، وهدى من كل غي، والصلاة والسلام على محمد المبعوث من أشرف قبيلة وأكرم حي، وعلى آله وصحبه ما لجأ ظامئ لري.

وبعد: فقد قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} .

وقال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} .

وقال صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن" قيل وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره.

وقال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا خديج بن معاوية عن أبي إسحق عن مرة عن ابن مسعود قال: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين. قال البيهقي أراد به أصول العلم. وقال الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة: التوراة. والإنجيل. والزبور، والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان، ثم أودع علوم الفرقان المفصل، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي في الشعب.

وقال الإمام الشافعي، رضي الله عنه: جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة وجميع شرح السنة شرح للقرآن، وقال بعض السلف: ما سمعت حديثاً إلا التمست له آية من كتاب الله: وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت

ص: 11

مصداقه في كتاب الله، أخرجه ابن أبي حاتم، وقال ابن مسعود: إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله، أخرجه ابن أبي حاتم. وقال ابن مسعود أيضاً: أنزل في القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرج ابو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لو أغفل شيئاً لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة". وقال الشافعي أيضاً: جميع ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن.

قلت ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة. وقال الشافعي أيضاً: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها فإن قيل: من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة، قلنا: ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وفرض علينا الأخذ بقوله.

وقال الشافعي مرة بمكة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله، فقيل له ما تقول في المحرم يقتل الزنبور، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .

وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"، وحدثنا سفيان عن معر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور.

ص: 12

وروى البخاري عن ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله، فقالت له امرأة في ذلك فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله؟ فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. قال لئن قرآتيه لقد وجدتيه أما قرأت {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}

قالت بلى، قال فإنه قد نهى عنه.

وقال ابن برجان. ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من شيء فهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد. فهمه من فهم، أو عمه عنه من عمه، وكذا كل ما حكم أو قضى به.

وقال غيره: ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى. حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين من قوله في سورة المنافقين: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}

فإنها رأس ثلاث وستين سورة، وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.

وقال المرسي: جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علماً حقيقةً إلا المتكلم به، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلا ما استأثر به سبحانه، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة، ومثل ابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله، ثم ورث عنهم التابعون بإحسان، ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضائل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه، فنوعوا علومه وقامت كل طائفة، بفن من فنونه فاعتنى قوم بضبط لغاته، وتحرير كلماته، ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه

ص: 13

وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند عشر كل آيات، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه. ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء.

واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال، والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال والازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى أن بعضهم أعرب مشكله، وبعضهم أعربه كلمة كلمة.

واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظاً يدل على معنى واحد لفظاً يدل على معنيين ولفظاً يدل على أكثر، فاجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه، وخاضوا إلى ترجيح محتملات أحد ذي المعنيين والمعاني، وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضاه نظره.

واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواعد الأصلية والنظرية مثل قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}

إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم بأصول الدين.

وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم. ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك، فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص. والإضمار، والنص، والظاهر، والمجمل، والمحكم، والمتشابه، والأمر، والنهي والنسخ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه.

وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسناً وسموه بعلم الفروع، وبالفقه أيضاً.

وتلمحت طائفة ما فيه في من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء، وسموا ذلك بالتاريخ والقصص.

ص: 14

وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال، والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال، وتكاد تدكدك الجبال، فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد، والتحذير والتبشير، وذكر الموت والمعاد، والنشر والحشر، والحساب والعقاب، والجنة والنار، فصولاً من المواعظ وأصولاً من الزواجر فسموا بذلك الخطباء والوعاظ.

واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف من البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤية الشمس والقمر والنجوم ساجدات، وسموه تعبير الرؤيا. واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب، فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب، فإن عسر فمن الحكم والأمثال، ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله:{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} .

وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك علم الفرائض، واستنبطوا منها ذكر النصف، والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول واستخرجوا منه أحكام الوصايا.

ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار. والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج وغير ذلك، فاستخرجوا منه علم المواقيت.

ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ، وبديع النظم. وحسن السياق والمبادي والمقاطيع والمخالص. والتلوين، في الخطاب والإطناب والإيجاز، وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان، والبديع.

ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقايق جعلوا لها أعلاماً اصطلحوا عليها مثل الفناء، والبقاء والحضور، والخوف، والهيبة والأنس، والوحشة، والقبض، والبسط، وما أشبه ذلك.

ص: 15

هذه الفنون التي أخدتها الملة الإسلامية منه، وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل مثل الطب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر والمقابلة، والنجامة، وغير ذلك.

أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة، واستحكام القوة، وذلك إنما يكون باعتدال المزاع تبعاً على الكيفيات المتضادة، وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله:{وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} .

وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} .

ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب وشفاء الصدور.

وأما الهيئة ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض، وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.

وأما الهندسة ففي قوله: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ}

فإن فيه قاعدة هندسية وهو أن الشكل المثلث لا ظل له.

وأما الجدل فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئاً كثيراً، ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.

وأما الجبر والمقابلة فقد قيل إن أوائل السور ذكر مدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة، وأن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ مدة الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.

ص: 16

وأما النجامة ففي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}

فقد فسره ابن عباس بذلك.

وفيه من أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها، فمن الصنائع: الخياطة في قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} .

والحدادة في قوله تعالى {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} .

{وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}

الآية والبناء في آيات والنجارة {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ}

والغزل {نَقَضَتْ غَزْلَهَا}

والنسيج {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} .

والفلاحة {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} .

في آيات أخر، والصيد في آيات، والغوص، {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} .

{وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً} .

والصياغة {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا} .

والزجاجة {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} .

{الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ}

والفخارة {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} .

والملاحة {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} .

والكتابة {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}

في آيات أخر. والخبز، والطحن، {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} .

والطبخ {بِعِجْلٍ

ص: 17

حَنِيذٍ} .

والغسل، والقصارة، {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} .

{قَالَ الْحَوَارِيُّونَ}

وهم القاصرون، والجزارة {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} .

والبيع والشراء في آيات كثيرة والصبغ {صِبْغَةَ اللَّهِ} .

{جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ} .

والحجارة {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} .

والكيالة، والوزن في آيات كثيرة، والرمي:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} .

{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .

وفيه من أسماء الآلات وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} .

انتهى، كلام المرسي ملخصاً مع زيادات.

قلت: قج اشتمل كتاب الله على كل شيء! أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسئلة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها، وفيه على عجائب المخلوقات، وملكوت السموات والأرض، وما في الأفق الأعلى، وتحت الثرى، وبدء الخلق، وأسماء مشاهير الرسل والملائكة، وعيون أخبار الأمم السالفة، كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة، وفي الولد الذي سماه عبد الحارث، ورفع إدريس، وإغراق قوم نوح، وقصة عاد الأولى والثانية، وثمود، والناقة، وقوم لوط، وقوم شعيب الأولين، والاخرين، فإنه أرسل مرتين قوم تبع، ويونس، وإلياس، وأصحاب الرس، وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى مدين، وتزوجه ابنة شعيب، وكلامه تعالى بجانب الطور، وبعثه إلى فرعون وخروجه واغراق عدوه، وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة، وقصة القتيل وذبح البقرة، وقصته في قتال الجبارين، وقصته مع الخضر، والقوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين، وقصة طالوت

ص: 18

وداود مع جالوت وقتلته، وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ، وفتنته، وقصة القوم الذين خرجوا فراراً من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم، وقصة إبراهيم في مجادلته قومه ومناظرته النمروذ، ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة، وبنائه البيت، وقصة الذبيح، وقصة يوسف وما أبسطها، وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه، وقصة زكريا وابنه يحي وأيوب وذي الكفل، وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبنائه السد، وقصة أصحاب الكهف، وقصة أصحاب الرقيم، وقصة بختنصر، وقصة الرجلي اللذين لأحدهما الجنة، وقصة أصحاب الجنة، وقصة مؤمن آل فرعون، وقصة أصحاب الفيل، وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء.

وفيه من شأن النبي صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم به وبشارة عيسى، وبعثه وهجرته ومن غزاوته بدر في سورة الأنفال، وأحُد في آل عمرن، وبدر الصغرى فيها، والخندق في الأحزاب، والنضير في الحشر، والحديبية في الفتح وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة، ونكاحه زينيب جحش وتحريم سريتهِ، وتظاهر أزواجه عليه، وقصة الإفك، وقصة الإسراء، وانشقاق القمر، وسحر اليهود إياه، وفيه بدء حلق الإنسان إلى موته، وكيفية الموت وقبض الروح، وما يفعل بها بعد صعوجها إلى السماء، وفتح الباب للمؤمنة والقاء الكافرة، وعذاب القبر والسؤال فيه، ومقر الأرواح، وأشراط الساعة الكبرى العشرة، وهي زول عيسى، وخروج الدجال، ويأجوج ومأجوج، والدابة، والدخان، ورفع القرآن، وطلوع الشمس من مغربها، وغلق باب التوبة، والخسف، وأحوال البعث من نفخة الصور والفزع والصعق والقيام، والحشر، والنشر، وأهوال الموقف، وشدة حر الشمس، وظل العرش، والصراط، والميزان، والحوض، والحساب لقوم ونجاة آخرين منه، وشهادة الأعضتء، وإتيان الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهور، والشفاعة، والجنة وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والأثمار والحلى والألوان والدرجات، ورؤيته تعالى، والنار وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وألوان العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك، مما لو بسط جاء في مجلدات.

وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد فد حديث، وفيه من أسمائه مطلقاً ألف اسم، وفيه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم جملة، وفيه شعب الإيمان البضع والسبعون، وفيه شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمس عشرة، وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر، وفيه تصديق

ص: 19

كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

هذه جملة القول في ذلك هذا وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وقد ألفت في جملة من أنواعه كأسباب النزول، والمعرب والمبهمات، وغير ذلك، وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره، وحسن تحريره وكثرة جمعه.

وقد أفرد الناس في أحكامه كتباً كالقاضي إسماعيل وبكر بن العلاء وأبي بكر الرازي والكيا الهواسي وأبي بكر بن العربي وعبد المنعم بن الفرس، وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد، وجمع فأبدع غير أنها محشوة بالحشو والتطويل مشحونة بالاستطراد إلى أقوال المخالف والدليل، ومع ما فاتها من الاستباطات العلية، والاستخراجات الخفية.

فعزمت على وضع كتاب في ذلك مهذب المقاصد، محرر المسالك، أورد فيه كل ما استبط منه أو أستدل به عليه من مسئلة فقهية أو أصلية أو اعتقادية، وبعضاً مما سوى ذلك، مقرونا بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستباط عليه معزواً إلى قائله من الصحابة والتابعين، مخرجاً من كتاب ناقلة من ا [لأئمة المعتبرين فاشدد بهذا الكتاب يديك، وعض عليه بناجذيك، ولا يحملنك على استحقاره صغر حجمه، فمن نظر إليه بقلب سليم بان له غزارة علمه.

وسميته بـ (الإكليل في استباط التنزيل) وعلى الله توكلت فهو حسبي ونعم الوكيل.

ص: 20