الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-24-
سورة النور
1-
قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} الآية.
يستدل به لما يصدر به المؤلفون أمام كتبهم والشروع في مقاصدهم من الخطب والدباجات.
2-
قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}
فيه وجوب الجلد على الزاني والزانية وأنه مائة جلدة أي في البكر كما بينته السنة، واستدل بعمومه من أوجب المائة على العبد والذمي والمحصن ثم يرجم فأخرج أحمد عن علي أنه أتى بمحصنة فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة. وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله، واستدل الخوارج بالآية على أن حد المحصن الجلد دون الرجم قالوا لأنه ليس في كتاب الله، واستدل بها أبو حنيفة على أن لا تغريب إذ لم يذكره وفي الآية رد على ما قال إن العبد إذ زنى بحرة يرجم أو أمة يجلد وعلى من قال لا تحد العاقلة إذا زنى بها مجنون أو الكبيرة إذا زنى بها صبي أو عكسه لا يحد وعلى من قال لا حد على الزاني بحربية أو مسلمة في بلاد الحرب أو في عكسر أهل البغي أو بنصرانية مطلقاً أو بأمة امرأته أو محرم أو من استدخلت ذكر نائم، واستدل بعمومها من أوجبه على المكره والزاني بأمة ولده والميتة قال ابن الفراس: وستدل بقوله: {فَاجْلِدُوا}
على أنه يجرد عن ثيابه لأن الجلد يقتضي مباشرة الجلد وبقوله: {مِائَةَ جَلْدَةٍ}
على أنه لا يكتفي بالضرب بها مجموعة ضربة واحدة صحيحاً كان أو مريضاً.
قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ}
فيه الحث على إقامة الحدود والنهي عن تعطيلها وأنه لا يجوز العفو عنها للإمام ولا لغيره وفيه رد على من أجاز للسيد العفو فاستدل بالآية من قال إن ضرب الزنا أشد من ضرب القذف والشرب.
قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
فيه استحباب حضور جمع جلدهما وأقله أربعة عدد شهود الزنا وقيل عشرة وقيل ثلاثة وقيل إثنان.
3-
قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} الآية.
استدل به أحمد على أن العفيف لا يصح نكاحه الزانية حتى تستتاب فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا وعكسه، وقال
غيره إنها منسوخة أخرج ابن أبي حاتم عن ابن المسيب قال نسخها: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} .
4-
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}
الآيتين، فيهما تحريم القذف وأنه فسق وأن القاذف لا تقبل شهادته وأنه يجلد ثمانين إذا قذف محصنة أي عفيفة، ومفهومه أنه إذا قذف من عرفت بالزنا لا يحد للقذف ويصرح بذلك قوله:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}
وفيه أن الزنا لا يقبل فيه إلا أربعة رجال ولا أقل ولا نساء وسواء شهدوا مجتمعين أو متفرقين. واستدل بعموم الآية من قال يحد العبد أيضا ثمانين ومن قال بحد قاذف الكافر والرقيق وغير البالغ والمجنون والمجبوب وولده واحتج بها على أن من قذف نفسه ثم رجع لا يحد لنفسه لأنه لم يرم أحداً، وقوله:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}
راجع إلى الفسق اتفاقاً لا إلى الجلد اتفاقاً وأعاده الشافعي إلى عدم قبول الشهادة أيضاً فقبلها بعد التوبة وأخرجه ابن أبي حاتم عن عطاء ومنع ذلك أو حنيفة فلم يقبلها ولو تاب وأخرجه ابن أبي حاتم عن النخعي قال ابن الفرس: ويستدل بالآية لقول مالك إن شهادته لا تسقط بمجرد القذف حتى يقام عليه الحد لأنه تعالى إنما نهى عن قبول شهادتهم إذا لم يأتوا بالشهداء وللقاذف الإتيان بالشهداء ما لم يحد فهذا بين أن شهادته لا تسقط إلا بإقامة الحد عليه لاحتمال إتيانه بالشهداء، واستدل بالآية من قال إن حد القذف من حقوق الله فلا يجوز العفو عنه.
6-
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}
الآيات.
هذه أصل اللعان ففيها أن شرطه سبق قذف وأنه إنما يكون بين الزوجين لا بين الرجلين وأجنبية ولا السيد وأمته، واستدل بعمومها من قال بلعان الكفار والعبيد والخصي والمجبوب والمحدود في القذف والأعمى والأخرس ومن الصغير التي لا تحمل والآيسة، واستدل بقوله:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}
من قال لا لعان إذا أقام البينة بزناها وبقوله: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ}
من قال إن اللعان شهادة لا يمين، وقوله:{أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ}
إلى آخره، فيه أن صيغته أشد بالله إني لمن الصادقين أربعا والخامسة أن لعنى الله عليه إن كان من الكاذبين، فاستدل به من لم يجز ابدال أشهد بأحلف أو أقسم ونحوه أو الله بالرحمن ونحوه أو بقوله يعلم الله ونحوه ومن لم يوجب زيادة الذي لا إله إلا الله، ومن لم يجز إسقاط إني لمن الصادقين ولا إبدالها بما كذبت عليها ونحوه ولا الاكتفاء بدون أربع خلافاً لأبي حنيفة في إكتفائه بثلاث شهادات ولا تقديم اللعنة على الشهادات أو توسطها أو إبدالها بالغضب.
8-
قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الآية.
فيه أن لعانه يوجب على المرأة حد الزنا وأن لها دفعه بأن تقول أربعة مرات أشهد بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففيه أيضا أنه لا يجوز لها أن تبدل أشهد بأحلف والغضب باللعنة إلى آخر ما تقدم، واستدل به على أنه لا يجوز تقديم لعانها على لعانه.
11-
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ}
الآيات.
نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها فيما قذفت به، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن، قال العلماء: قذف عائشة كفر لأن الله سبح نفسه عند ذكره، فقال:{سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}
كما سبح نفسه عند ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد.
12-
قوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ} الآية.
فيه تحريم ظن السوء وأنه لا يحكم بالظن وأن من عرف بالصلاح لا يعدل به عنه لخبر محتمل وأن القاذف يكذب شرعاً ما لم يأت بالشهداء.
19-
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} الآية.
فيه الحث على ستر المؤمن وعدم هتكه: أخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان، قال من حدث بما بصرن عيناه وسمعت أذناه فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وأخرج عن عطاء، قال من أشاع الفاحشة فعليه النكال وإن كان صادقاً وأخرج عن عبد الله ابن أبي زكريا أنه سئل عن هذه الآية، فقال هو الرجل يتكلم عنده في الرجل فيشتهي ذلك ولا ينكر عليه.
22-
قوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} الآية.
فيه النهي عن الحلف أن لا يفعل خيراً وأن من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فيستحب له الحنث وفيه الأمر بالعفو والصفح.
23-
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية.
نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة كما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء وغيره، وأخرجه الطبراني عن الضحاك وغيره، واستدل به على قتل قاذفهن إذ لم يذكر له توبة كما ذكرت في قاذف غيرهن في أول السورة.
27-
قوله تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ}
الآيات.
فيه وجوب الاستئذان عند دخول بيت الغير وكان ابن عباس يقرأ {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}
أخرجه ابن أبي حاتم
ووجوب الرجوع إذا لم يؤذن له وتحريم الدخول إذا لم يكن فيها أحد، ويستفاد من هذا تحريم دخول ملك الغير والسكنى فيه وشغله بغير إذن صاحبه فيدخل تحته من المسائل والفروع ما لا يحصى، وقوله:{وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}
هو بيان لكيفية الاستئذان فقد أخرج أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد فقال السلام عليكم وأخرج أبو داود عن عبد الله بن بشر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول: "السلام عليكم السلام عليكم" وأخرج أيضاً عن رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أألج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخادمه: "أخرج وعلمه الاستئذان فقل له قل السلام عليكم أأدخل" وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب قال قلت يا رسول الله هذا السلام فما الاستئناس قال: "يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل البيت" حديث غريب، واستدل بالآية الأكثر على الجمع بين الاستئناس والاستئذان والأقل على تقديم الاستئناس على السلام لتقديمه في الآية وأجاب الأكثر بأن الواو لا يفيد ترتيبا وبأنه قرئ "حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا" كذا هو في مصحف ابن مسعود وقد بينت السنة تقديم السلام واستدل بها أيضا من قال له الزيادة في الاستئذان على ثلاثة حتى يؤذن له أو يصرح بالمنع وفهم من الآية أن الرجل لا يستأذن عند دخول بيته على امرأته.
29-
قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ}
فسرها سعيد بن جبير وابن الحنيفة وآخرون ببيوت التجارة الخانات والأسواق أو منازل الأسفار واختاره ابن جرير لأن جلوسهم فيها للبيع بمثابة الإذن لكل داخل فاستدل الفقهاء بها على جواز الدخول في مثل ذلك بلا إذن وفي بيوت يجلس فيها الحكام والمفتون برسم الفصل بين الخصوم والإفتاء وقد فهم من الآية تحريم النظر كما قال صلى الله عليه وسلم "إنما جعل الاستئذان من أجل النظر" ثم صرح به تعالى فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}
ففيها تحريم النظر إلى النساء وعورات الرجال وتحريم كشفها أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال كل شيء في القرآن من حفظ الفروج فهو من الزنا إلا هذه الآية والتي بعدها فهو أن لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة.
31-
قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ} الآية.
فيها أن المرأة يحرم عليها النظر إلى
الرجل كحرمة نظره إليها وأنه يجب عليها ستر عورتها.
قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
فسره ابن عباء بالوده والكفين، أخرجه ابن أبي حاتم، فاستدل به من أباح النظر إلى وجه المرأة وكفيها حيث لا فتنة، ومن قال إن عورتها ما عداهما، وفسره ابن مسعود بالثياب وفسر الزينة بالخاتم والسوار والقرط والقلادة والخلخال، وأخرجه ابن أبي حاتم أيضا فهو دليل لمن لم يجوز النظر إلى شيء من بدنها وجعلها كلها عورة.
قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}
فيه دليل على وجوب ستر الصدر والنحر والعنق وأن ذلك منها عورة.
قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية.
فيها إباحة النظر للمحارم واستدل بها بعضهم على أنه لا يباح النظر للعم والخال لعدم ذكرهما في الآية، أخرج ابن المنذر عن الشعبي وعكرمة، قال لم يذكر العم والخال لأنهما ينعتان لأبنائهما ولا تضع خمارها عند العم والخال.
قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}
فيه إباحة نظر المرأة إلى المرأة كمحرم، واستدل به على تحريم نظر الذمة إلى المسلمة، أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال نسائهن المسلمات ليس المشركات من نسائهن، وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أين عبيدة، أما بعد فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك فانْهَ مَنْ قِبَلَكَ فإنَّهُ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تنظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.
قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}
قال مجاهد وسعيد بن جبير يعني عبدها أخرجه ابن أبي حاتم، فاستدل به من أباح نظر العبد إلى سيدته، وأخرج عن سعيد ابن المسيب، قال إنما يعني بذلك الإماء، وكذا قال ابن جريح يعني من نساء المشركين يجوز لها أن تظهر لها زينتها وإن كانت مشركة لأنها أمتها وهو المختار تأويلاً وحكماً وعلى الأول، استدل بإضافة اليمين على أنه ليس لعبد الزوج النظر، واستدل من أباحة بقراءة أو ما ملكت أيمانكم.
قوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}
فسره مجاهد وغيره بالأبلة الذي لا إرب له في المساء، وقال ابن عباس هو المغفل الذي لا يشتهي النساء، وقال بشر ابن سعيد هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق النساء، وقال عكرمة هو العنين، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم، وقد استدل بهذا من أباح نظر الخصي.
قوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}
أي لم يفهموا أحوالهن لصغرهم، فيستدل به على تحريم نظر المراهق الذي فهم ذلك كالبالغ.
قوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} الآية.
فيخ النهي عن تحريك رجلها بالخلخال عمداً ليسمع صوته.
32-
قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}
فيها الأمر بالإنكاح، فاستدل به الشافعي على اعتبار الولي لأن الخطاب له، وعدم استقلال المرأة بالنكاح، واستدل بعموم الآية من أباح نكاح الإماء بلا شرط ونكاح العبد الحرة، واستدل بها من قال بإجبار السيد على إنكاح عبده وأمته.
قوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} الآية.
فيه الحث على النكاح وأنه مجلبة للرزق أخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: "التمسوا الغنى في النكاح" يقول الله: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق قال أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى وتلا الآية، قال ابن الفرس: واحتج بعضهم بهذه الآية، على أنه لا يفسخ النكاح بالعجز الظاهر عن النفقة لأنه قال:{يُغْنِهِمُ اللَّهُ}
ولم يفرق بينهم.
33-
قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ}
فيه استحباب الصبر عن النكاح لمن لا يقدر على أهبته والاستعفاف بأن يكسر شهوته بالصوم كما بينه الحديث، واستدل بعضهم بهذه الآية على بطلان نكاح المتعة، قال ولا يفهم منه تحريم ملك اليمين لأن من لا يقدر على النكاح لعدم المال لا يقدر على شراء الجارية غالباً ذكره الكيا.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} الآية.
فيها مشروعية الكتابة وأنها مستحبة، وقال أهل الظاهر واجبة لظاهر الأمر وأن لندبها أو وجوبها شرطين طلب العبد لها وعلم الخير فيه، وفسره مجاهد وغيره بالمال والحرفة والوفاء والصدق والأمانة.
قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ}
قال بريدة هو خطاب للناس، حث لهم على إعانتهم وكذا قال ابن عباس، وقال زيد بن أسلم للولاة بأن يعطوهم من الزكاة، وقال علي بن أبي طالب للسيد بأن يضع عنه من ثمنه، أخرج ذلك ابن أبي حاتم، وأخرج مثل قول علي عن ابن عباس أيضاً ومجاهد وآخرين، فاستدل به الشافعي على وجوب أن يحط السيد عنه جزءاً من المال الذي كاتبه عليه، أو يدفعه إليه، وقال غيره، هو أمر ندب، وفي الآية رد على
من حدد القدر المؤتى.
قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} الآية.
فيه النهي عن إكراه الإماء على الزنا وأن المكره غير مكلف ولا آثم وأن الإكراه على الزنا يتصور وأن مهر البغي حراك وفيه رد على أوجب الحد على المكره.
36-
قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ} الآية.
فيه الأمر بتعظيم المساجد وتنزيهما عن اللغو والقاذورات، وفيه استحباب ذكر الله والصلاة في المساجد وفي قوله رجال إشارة إلى أن أفضل للنساء الصلاة في بيوتهن كما صرح به الحديث، وقوله:{لَا تُلْهِيهِمْ} الآية.
فيه أن التجارة لا تنافي الصلاح، لأن مقصود الآية أنهم يتعاطونها ومع ذلك لا تلهيهم عن الصلاة وحضور الجماعة، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر فيهم نزلت:{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ} الآية.
وأخرج عن الضحاك والحسن وسالم ومطرف مثل ذلك.
48-
قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ}
الآيات.
فيها وجوب الحضور على من دعي لحكم الشرع وتحريم الامتناع واستحباب أن يقول سمعنا وأطعنا.
58-
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} الآية.
قيل الأمر باستئذان المماليك والصبيان في هذه الآية، منسوخ، أخرج أبو داود وإبن إبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية، فقال إن الله ستير يحب الستر كان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العوارت التي سمى ثم جاء الله بعده بالستور فيسط عليهم في الرزق فأخذوا الستر وأتخذوا الحجال فرأى الناس أن ذلك كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به، وقيل: محكمة ندباً أو وجوباً ولكن تهاون الناس في العمل بها، أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال، ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية.
والآية التي في سورة النساء {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى}
والآية التي في الحجرات {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
وأخرج أيضاً عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال هذه الآية في النساء خاصة للرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار، وأخرج عن سعيد بن جبير أنها عامة في العبيد والإماء، في الآية، أن وقت النوم بعد العشاء وقبل الفجر ووقت الظهر وأن النوم في غيرها كقبل العشاء وبعد الفجر مكروه، وقد يستدل بها على أن كشف العورة في الخلوة جائز، قال ابن الفرس:
وفي قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ}
دليل على أن على الموالى في الاستئذان في هذه الأوقات مثل ما على العبيد.
59-
قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ} الآية.
فيه أن التكليف إنما يكون بالبلوغ وأن البلوغ يكون بالاحتلام وأن الأولاد البالغين لا يدخلون على والديهم إلا باستئذان كا لأجانب، أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب، قال ليستأذن الرجل على أمه فإنما نزلت:{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ}
في ذلك.
60-
قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ} الآية.
فيه إباحة ترك التحفظ في التستر للنساء القواعد وفسرها سعيد بن جبير بالكبيرة الآيسة من الحيض، أخرجه ابن أبي حاتم وفيه أن استعفافهن وتحفظهن بالستر كالشواب خير وأفضل.
61-
قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} الآية.
قيل إن المراد في ترك الغزو، أخرجه ابن ألي حاتم عن عطاء وقيل في الأكل مع غيرهم حيث كانوا يكرهون ذلك لأنهم لا ينالون كما ينال الصحيح فنزلت، أخرجه عن سعيد بن جبير وغيره، وفيخ نظر لأن رفع الحرج في ذلك عن الآكل مع المذكورين لا عنهم، وأحسن منه ما أخرجه عبد الرزاق عن مجاهد، قال كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت خالته أو بيت عمته فكان الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم فنزلت الآية رخصة لهم.
قوله تعالى: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي، قال كان الرجل يدخل بيت أبيه أو أخيه أو ابنه فتتحفه المرأة بالشيء من الطعام فلا يأكل من أجل أن رب البيت ليس ثَمَّ، فأنزل الله هذه الآية، ففي الآية جواز الأكل من بيوت المذكورين من الأقارب والأصدقاء في حضورهم وفي غيبتهم حيث علم رضاهم بذلك. قال جماعة ولم يذكر بيت الأنباء لأنه داخل في قوله: من بيوتكم لأن بيت ابن الرجل بيته، فاستدل به على أن للرجل أن يأكل من مال ابنه بغير إذنه كما يأكل من بيت نفسه وعلى أن ماله بمنزله ماله فهو بمعنى حديث "أنت ومالك لأبيك" قال ابن كثير، وقد يستدل بالآية، من يوجب نفقة الأقارب بعضهم على بعض وقوله:{أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}
قال ابن جبير والسدي هو خادم الرجل من عبد وقهرمان فلا بأس أن يأكل مما استودعه من الطعام بالمعروف، وفي قوله:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا}
إباحة اجتماع الجماعة على الأكل وإن تفاوتوا فيه والرد على من كان من العرب لا يأكل وحده البتة.
قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا} الآية.
قال ابن عباس يعني إذا دخلت المسجد قثل: السلام علينا وعلى عباد الصالحين، وقال الزهري وقتادة: إذا دخلت بيتك فقل السلام عليكم، وقال ابن جبير يعني بيوت المسلمين، وقال جابر بن عبد الله إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم، أخرج ذلك ابن أبي حاتم وكل من الأمور الثلاثة سنة، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أنه كان يقول ما أخذت التشهد إلا من كتاب الله سمعت الله يقول تحية من عند الله مباركة طيبة فالتشهد في الصلاة التحيات المباركات الطيبات لله.
62-
قوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ}
قال ابن مليكة: هو الجهاد والجمعة والعيدين، وقال عطاء: أمر عام، وقال مقاتل: طاعة يجتمعون عليها أخرجها ابن أبي حاتم.
قوله تعالى: {لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}
فيه وجوب استئذانه صلى الله عليه وسلم قبل الانصراف عنه في كل أمر يجتمعون عليه، قال الحسن: وغير الرسول صلى الله عليه وسلم من الأئمة مثله في ذلك لما فيه من أدب الدين وأدب النفس، قال ابن الفرس: ولا خلاف في الغزو أنه يستأذن إمامه إذا كان له عذر يدعوه إلى الانصراف، واختلف في صلاة الجمعة إذا كان له عذر كالرعاف وغيره فقيل يلزمه الاستئذان سواء كان إمامه الأمير أم غيره أخذاً من الآية.
63-
قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}
فيه تحريم ندائه لله باسمه بل يقال يا رسول الله، يا بني الله، والظاهر استمرار ذلك بعد وفاته إلى الآن.
قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الآية.
فيه وجوب امتثال أمر نبيه والتحذير من مخالفته، أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال إني لخائف على من ترك المسح على الخفين أن يكون داخلاً في هذه الآية.