المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المجلس الخامس العشرون - شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية - جـ ٢

[شمس الدين السفيري]

الفصل: ‌المجلس الخامس العشرون

‌المجلس الخامس العشرون

في الكلام على باب: كفران العشير وكفر دون كفر

وما في حديثه من الفوائد واللطائف

قَالَ البُخَارِي:

باب كُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قوله: «باب كفران العشير وكفر دون كفر» قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه على هذا الصحيح: أراد البخاري في ترجمته أن يبين أن الطاعات كما تسمى إيماناً. كذلك المعاصي تسمى كفراً. وإطلاق الكفر عليها مجاز بمعنى كفر النعمة لا كفر الحجة.

و «العشير» بمعنى معاشر وهو الزوج. بمثل كيل بمعنى مواكل.

قيل له: عشير لأنه يعاشر المرأة وتعاشره. وهو مأخوذ من قوله تعالى: ?وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ? [النساء: 19] فكفران مصدر مضاف إلى المفعول الفاعل متروك.

والمعنى: باب إنكار المرأة وجحدها إحسان زوجها إليها. وخص هذا الذنب بالذكر دون غيره من الذنوب وأطلق عليه الكفر لرقيقة بديعة. وهي قوله صلى الله عليه وسلم: «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (1) وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلاً على تناولها بحق الله تعالى. فلذلك أطلق عليها الكفر لكنه كفر نعمة لا يخرج عن الملة.

قال الإمام النووي: ويجوز أن يراد «بالعشير» الخليط والصاحب أي: مطلق المعاشر سواء كان زوجة وغيرها. فيكون المصدر مضافاً إلى الفاعل. والمعنى: باب كفران الصاحب إلى إنكار الصاحب والمخالط إحسان صاحبه مخالطه.

قَالَ البُخَارِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ. عَنْ مَالِكٍ. عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم. عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. عَنِ ابن عَبَّاسٍ. قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أكثر أهلها النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ» . قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. وَيَكْفُرْنَ الإحسان. لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» .

(1) أخرجه الترمذي في سننه (3/465. رقم 1159) . وقال: حسن غريب. والبيهقي في سننه الكبرى (7/291. رقم 14481) عن أبي هريرة.

ص: 29

وها هنا فوائد بعضها مستفاد من الحديث والبعض الآخر بطريق المناسبة:

الأولى: الكفر قد يطلق على غير الكفر بالله بأن يراد كفر النعمة أي: إنكارها ودليل هذه الفائدة من الحديث قوله: «يكفرن العشير. ويكفرن الإحسان» ويؤخذ منه صحة تأويل الكفر في أحاديث بكفر النعمة والحقوق كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» (1) المعنى: لا ترجعوا بعدي كفاراً للنعمة والحقوق.

ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم. فقد كفر حقهم ونعمتهم» (2) .

الثانية: ينبغي لولي الأمر وأصحاب الولايات وكبار السن أن يعظوا رعاياهم واتباعهم. ويحذروهم من المخالفات لأوامر الله تعالى ونواهيه. ويحرضوهم على الطاعات.

الثالثة: للمتعلم أن يراجع العالم فيما سمعه منه إذا لم يظهر له معناه ليبينه له.

الرابعة: دل الحديث المذكور على أن كفران الحقوق. وجحد الإحسان حرام معدود من كبائر الذنوب. ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد من فعل ذلك بالنار. فجحد المرأة إحسان زوجها عليها. كأن قالت: ما رأيت منك خيراً قط. حرام معدود من كبائر الذنوب.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (1/56. رقم 121) . ومسلم في صحيحه (1/81. رقم 65) عن جرير.

وأخرجه البخاري في صحيحه (6/2518. رقم 6474) . وأبو داود في سننه (4/221. رقم 4686) . والنسائي في سننه (7/126. رقم 4125) . وابن ماجه في سننه (2/1300. رقم 3943) عن ابن عمر.

وأخرجه البخاري في صحيحه (6/2593. رقم 6667) . والنسائي في سننه (7/127. رقم 4130) عن أبي بكرة.

وأخرجه البخاري في صحيحه (2/619. رقم 1652) . والترمذي في سننه (4/486. رقم 2193) عن ابن عباس. وقال: حسن صحيح.

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه (1/83. رقم 68) . وأحمد في مسنده (4/365. رقم 19263) . والطبراني في المعجم الكبير (2/320. رقم 2332) . والبيهقي في شعب الإيمان (6/382. رقم 8596) جميعاً عن جرير.

ص: 30

وكذا كل من وصل إليه إحسان من غيره. سواء كان ذلك الإحسان مالاً أو علماً أو جلب نفع أو دفع ضرر. إذا أنكره وجحده. كأن قال: فلان لم يفعل معي خيراً قط. حرام وكبيرة.

فإذا قرأ إنسان على غيره قرآناً أو علماً من العلوم أو سلكه أو رباه أو دله طريق من طرق أهل الخير ونحو ذلك. ثم أنكر ذلك. وقال: فلاناً لم أقرأ عليه شيئاً. أو لم يسلكني. أو ليس بشيخي. أو لم أنتفع به. أو نحو ذلك فهو حرام. لما في ذلك من حجد النعمة التي وصلت إليه.

وإنما كان جحد النعمة حراماً معدوداً من الكبائر لأن المرأة إذا جحدت نعمة زوجها فقد جحدت نعمة الله. لأن هذه النعمة التي وصلت إليها من زوجها هي بالحقيقة واصلة من الله.

قال شيخ الإسلام تاج الدين السبكي: اعلم أن كل من وصل إليك على يديه خير من المخلوقين فهو في قبضة رب العالمين. فاشكره وحده لا تشرك به أحداً. واعلم أن المخلوق مضطر. سلط الله عليه الإرادة. وألقى في قلبه أن يعطيك فلم يجد بعد ذلك سبيلاً إلى دفعك. ولا يعطيك إلا لغرض نفسه. لا لغرضك. ولو لم يكن له غرض في الإعطاء لما أعطاك ولو لم يعتقد أن له نفعاًَ لما نفعك. فهو إذاً إنما يطلب نفع نفسه بنفعك. ويتخذك وسيلة إلى نعمة أخرى يرجوها لنفسه. وما أنعم عليك إلا الذي سخره لك. وألقى في قلبه ما حمله على الإحسان عليك.

وهنا سؤال وهو أن يقال: إذا كان المنعم بالحقيقة هو الله. وأن النعمة التي صدرت من العبد إنما هي من الله أجراها على يد العبد. فلأي شيء يستحق العبد شكر هذه النعمة كما ورد في سنن أبي داود عن أبي هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» (1) .

وفي الترمذي: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» (2) لفظ آخر: «من لم يشكر

(1) أخرجه أبو داود في سننه (4/255 رقم 4811) . وابن حبان في صحيحه (8/198. رقم 3407) . وأحمد في مسنده (2/295. رقم 7926) . والطيالسي في مسنده (ص: 326. رقم 2491) . والبيهقي في سننه الكبرى (6/182. رقم 11812) . والبخاري في الأدب المفرد (1/85. رقم 218) . والقضاعي في مسند الشهاب (2/35. رقم 829) . والبيهقي في شعب الإيمان (6/516. رقم 9117) عن أبي هريرة.

(2)

أخرجه الترمذي في سننه عن أبي هريرة (4/339 رقم 1954) وقال: حسن صحيح.

ص: 31

الناس لم يشكر الله» (1) .

وفي حديث آخر: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير. ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله. والتحدث بنعمة الله شكر. وتركه كفر» (2) .

وفي حديث آخر: «إن أشكر الناس لله أشكرهم للناس» (3) .

فهذه الأحاديث تدل عل استحقاق العبد الشكر عن صدور النعمة منه.

فالجواب: أن الشارع صلى الله عليه وسلم إنما حث على شكرك إياه لا لكون النعمة صدرت منه. بل لكونها جرت على يده. فإذا شكرته عليها حمله ذلك الشكر على أن يزيد من فعل الخير. والمنعم بالحقيقة هو الله. فإذا شكرت عبداً لكونه أحسن إليك في الدنيا فإن شكره لكون الشارع صلى الله عليه وسلم أمر بذلك. لا لاعتقاد أنه فاعل ذلك. فإن شكرته معتقداً أن النعمة صدرت منه كنت مشركاً لا شاكراً. فإن العبد لا ينفع ولا يضر وربما تغير عليك. وانقلب حبه غضباً بأيسر الأسباب. والمحسن على الدوام الذي لا يتغير ولا يحول ولا يزول رب الأرباب.

الخامسة: دل الحديث على تعذيب جاحد الإحسان. وعلى أن إيمان النساء يزيد بشكر نعمة العشير.

السادسة: نساء الجنة مطهرات من الحيض والنفاس والبول والغائط والمخاط والبصاق وكل قذر. وكل أذى يكون من نساء الدنيا. وطهر الله بواطنهن من الأخلاق السيئة والصفات المذمومة. وطهر لسانهن من الفحش والنطق بالكلام السيئ. وطهر طرف كل واحدة منهن من إن تنظر به إلى غير زوجها. وطهر أثوابهن من أن يعرض لها دنس أو وسخ. ويدل على ذلك كله قوله تعالى: ?وَلَهُمْ فِيهَا أزواج مُّطَهَّرَةٌ? [البقرة: 25] .

قيل: كانت أولاً حواء على صفة نساء الجنة مطهرة من الحيض وغيره. فلما أكلت

(1) أخرجه الترمذي في سننه (4/339. رقم 1955) وقال: حسن صحيح. وأحمد في مسنده (3/32. رقم 11298) . وأبو يعلى في مسنده (2/365. رقم 1122) عن أبي سعيد.

(2)

أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (4/375. رقم 19370) . والبيهقي في شعب الإيمان (6/516. رقم 9119) .

(3)

أخرجه أحمد في مسنده (5/212. رقم 21895) . والضياء المقدسي في المختارة (4/306. رقم 1490) . والبيهقي في السنن الكبرى (6/182، رقم 11813) . والطيالسي في مسنده (ص: 141، رقم 1048) عن الأشعث بن قيس.

ص: 32

من الشجرة ابتلاها الله بالحيض وغيره.

السابعة: نساء الدنيا وهن الآدميات في الجنة أفضل وأحسن من الحور العين. ويدل على هذا ما رواه الطبراني عن أم سلمة قالت: قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل: ?وَحُورٌ عِينٌ? [الواقعة: 22] قال: «حور عين ضخام العيون» إلى أن قلت: يا رسول الله نساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال: «بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين كفضل الطهارة على البطانة» قلت: يا رسول الله وبم ذلك؟ قال: «بصلاتهن وصيامهن وبعبادتهن الله. ألبس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير بيض الألوان. خضر الثياب. صفر الحلي. مجامرهن الدر. وأمشاطهن الذهب. يقلن نحن الخالدات فلا نموت أبداً. ونحن الناعمات فلا نبتئس أبداً. ونحن المقيمات فلا نظعن أبداً. ونحن الراضيات فلا نسخط أبداً. طوبى لمن كنا له وكان لنا» (1) .

الثامنة: الحور جمع حوراء. سميت بذلك قيل: لأن الطرف يحار فيها من رقة جلدها وصفاء لونها. «العين» جمع «عيناء» وهي العظيمة العين من النساء.

قال العلامة ابن القيم: من محاسن المرأة اتساع عينها في طول. وضيق العين في المرأة من العيوب. وإنما ينبغي الضيق منها في أربعة مواضع: في وجهها وصدرها وكاهلها وهو ما بين كتفها وجبينها. وينبغي القصر منها في أربعة وهي معنوية: لسانها ويدها ورجلاها وعينها. فتكون قاصرة الطرف قصيرة الرجل واللسان عن الخروج وكثرة الكلام. قصيرة اليد بتناول ما يكره الزوج وعن بذله. وينبغي الرقة منها في أربعة: خصرها وفرقها وحاجبها وأنفها (2) .

التاسعة: الحور مخلوقات من الزعفران لم يلدهن آدم ولا حواء. أنشأهن الله في الجنة من غير ولادة بين الآباء والأمهات.

وقيل: خلقهن الله من الزعفران وغيره. فقد ورد في أثر عن ابن عباس أنه قال: «خلق الله الحور العين من أصابع رجليها إلى ركبتها من الزعفران. ومن ركبتها إلى ثديها من المسك الأذفر. ومن ثديها إلى عنقها من العنبر. ومن عنقها إلى رأسها من

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (23/367. رقم 870) . وفي الأوسط (3/278. رقم 3141) .

قال الهيثمي (7/119) : فيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدى.

(2)

انظر: حادي الأرواح لابن القيم (1/151) .

ص: 33

الكافور الأبيض» (1) .

وروي أبو نعيم عن أنس يرفعه: «لو أن حوراء بصقت في سبعة أبحر لعذبت البحار من عذوبة فمها» (2) .

كما قيل:

فلو بصقت في البحر والبحر مالح

لأصبح ماء البحر من ريقها عذباً

وروي: «لو أن يداً من الحور العين دليت من السماء لأضاءت لها الأرض كما تضيئ الشمس لأهل الدنيا» (3) هذه اليد فكيف بالوجه مع بياضه وحسنه وجماله.

العاشرة: قالوا: إن الحور العين يعلمن بأزواجهن في الدنيا. فلا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله. فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا.

وورد أنهن يدعون لأزواجهن يقلن: «اللهم أعنه على دينك. وأقبل بقلبه على طاعتك. وبلغه بعزتك يا أرحم الراحمين» (4) .

الحادي عشر: إذا نفخ إسرافيل في الصور نفخة الموت هل تموت الحور من نفخه كما يموت غيرهن؟

ذهب أبو حنيفة وطائفة إلى أنهن لا يمتن وأنهن مما استثني الله تعالى بقوله: ?فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأَرْضِ إِلَاّ مَن شَاءَ اللَّهُ? [الزمر: 68] .

قال المفسرون: دخل تحت قوله: ?إِلَاّ مَن شَاءَ اللَّهُ? الحور والولدان وغيرهما. ويقوي هذا ما ورد في الحديث: «أنهن يقلن نحن الخالدات فلا نبيد» (5) .

الثاني عشر: الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله: ?يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وَلْدَانٌ

(1) أورده القرطبي في تفسيره (17/206) . والمناوي في فيض القدير (3/449) وعزاه لابن الملقن في شرح البخاري.

(2)

أورده ابن القيم في حادي الأرواح (1/162) وعزاه لأبي نعيم.

(3)

أورده المنذري في الترغيب والترهيب (4/299) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنا جلوسا مع كعب يوماً فقال

الحديث. وقال المنذري: رواه ابن أبي الدنيا وفي إسناده عبيد الله بن زحر.

(4)

أورده المنذري في الترغيب والترهيب (4/299) وقال: رواه ابن أبي الدنيا مرسلاً عن عكرمة.

(5)

أخرجه الترمذي في سننه (4/696. رقم 2564) وقال: غريب. وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/156. رقم 1342) عن علي رضي الله عنه.

ص: 34

ممُّخَلَّدُونَ? [الواقعة 17] هل هم أولاد المسلمين الذين يموتون ولا حسنة لهم ولا سيئة يكونون خدماً لأهل الجنة. لأن الجنة لا ولادة فيها. وكذلك قيل في أطفال المشركين: إن الله يجعلهم خدم أهل الجنة.

قال ابن القيم: والأشبه أن هؤلاء ولدان خلوقون من الجنة كالحور العين خدماً لهم وغلماناً قال تعالى: ?وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ? [الطور: 24] وهؤلاء غير أولادهم. فإن من تمام كرامة الله أن يجعل أبناءهم مخدومون معهم ولا يجعلهم غلمانهم (1) .

الثالثة عشر: هل النساء في الجنة أكثر أم الرجال وكذلك في النار؟

مقتضى الحديث الذي ذكره البخاري وهو قوله: «أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء» أي: أن النساء في النار أكثر. واختلفت الرويات في هذه المسألة ففي بعض الروايات ما يدل على أن النساء في الجنة أكثر وفي بعضها ما يدل على أن الرجال في الجنة أكثر. وجمع العلماء بين الروايات وقالوا: إن النساء في الجنة أكثر بالحور العين وأما نساء الدنيا فهن في الجنة أقل من الرجال وفي النار أكثر.

قال القرطبي: محل كون نساء الدنيا في الجنة أقل يحتمل أن يكون في وقت كون النساء في النار. أما بعد خروجهن بالشفاعة ورحمة الله حتى لا يبقى فيها أحد ممن مات على التوحيد فالنساء في الجنة أكثر والله اعلم.

وهذا جمع حسن ومحصلة: أن النساء في الجنة أقل من الرجال. وفي النار أكثر منهم حالة الدخول. وأما بعد الشفاعة فهم في الجنة أكثر.

الرابعة عشر: إذا وطئ الإنسان في الجنة ثم قام عنها رجعت مطهرة بكر كما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكاراً» (2) ولا ينزل منه ولا منها المني. لا يملها ولا تمله ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء. ولا يلحق أهل الجنة بالجماع جنابة فيحتاجون إلى التطهير. لا تكليف في الجنة ولا ضعف. ولا إنحال قوة بل وطئهم وطئ التلذذ لا آفة فيه بوجه من الوجوه. وأكمل الناس لذة في الجماع في الجنة أصونهم لنفسه في هذه الدار من الحرام. فمن زنا في الدنيا فقد كمال لذة الجماع في الآخرة إن مات من غير توبة. ونظير هذا من شرب الخمر في

(1) انظر: حادي الأرواح (1/148) .

(2)

أخرجه الطبراني في الصغير (1/160. رقم 249) . قال الهيثمي (10/417) : فيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي وهو كذاب. وأبو الشيخ في العظمة (3/1081. رقم 583) عن أبي سعيد.

ص: 35

الدنيا لم يشربها في الآخرة. ومن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة. ومن أكل في صحائف الذهب والفضة في الدنيا لم يأكل فيها في الآخرة قال عليه الصلاة والسلام: «إنه لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» (1) فمن استوفى طيباته ولذاته وأذهبها في هذه الدار حرمها الله عليه في الآخرة. هذا إذا مات من غير توبة فمن ترك اللذة المحرمة لله استوفاها يوم القيامة أكمل ما تكون. ومن استوفى هنا حرم هناك أو نقص كمالهم.

الخامسة عشر: زوجة الإنسان في الدنيا هي زوجته في الآخرة. فإن تزوجت بأزواج قيل: تخير بين الأزواج.

قال القاضي أبو بكر بن العربي: إذا كانت المرأة ذات أزواج فهي لمن مات عنها من الأزواج آخراً. وعلى هذا جماعة من العلماء. فلهذا حرم الله نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده على أمته حتى لا يكن مع غيره يوم القيامة.

قال حذيفة لامرأته: «إذا سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي من بعدي فإن المرأة لآخر أزواجها» (2) .

ولما مات أبو الدرداء خطب زوجته معاوية فأبت وقالت سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المرأة لآخر أزواجها في الآخرة» وقال: «إن أردت أن تكوني زوجتي في الآخرة فلا تتزوجي من بعدي» (3) .

قال في نزهة المجالس: مات رجل من بني إسرائيل وخلف امرأة وثلاث بنات. فلما انقضت عدتها تزوجت. فلما كان قبل الدخول بليلة رأت زوجها الأول مهموماً في المنام فسألته وقالت له: كيف حالك؟ قال: ما أسرع ما نسيتيني. قالت: ما نسيتك؟ فقال: لو لم يقع النسيان لما تزوجت بفلان. فلما أصبحت أخبرت نبي ذلك الزمان بما رأته وقالت: يا نبي الله أسأل فلاناً أن يطلقني فسأله فطلقها. فأوحى الله إليه قل للمرأة:

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (5/2133. رقم 5310) . ومسلم في صحيحه (3/1638. رقم 2067) . وأبو داود في سننه (3/337. رقم 3723) . والترمذي في سننه (4/299. رقم 1878) وقال: حسن صحيح. والنسائي في سننه (8/198. رقم 5301) . وابن ماجه في سننه (2/1130. رقم 3414) عن حذيفة.

(2)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/69. رقم 13199) .

(3)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3/275. رقم 3130) . وفي الشاميين (2/359. رقم 1496) . وقال الهيثمي (4/270) : فيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط.

ص: 36

لما عاملت زوجها بالوفاء غفرنا ما كان بينه وبينها من الجفاء وأعطيناها بكل شعره على بدنها جارية تخدمها ونجمع بينها وبين زوجها في الجنة.

وقيل: إنها تكون لأحسن الزوجين خلقاً. فسألت أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة يكون لها زوجان في الدنيا ثم يموتون فيجتمعون في الجنة لأيهما تكون الأول أو للآخر؟ قال: «هي لأحسنهما خلقاً كان معها. يا أم حبيبة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة» (1) .

السابعة عشر: قال أبو هريرة رضي الله عنه يتزوج أحدكم بفلانة بنت فلان بالمال الكثير. ويتزوج بالحور العين باللقمة والتمرة والكسرة.

قال مالك بن دينار: كان لي أجزاء أقراؤها كل ليلة. وإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها رقعة فقالت لي: أتحسن القراءة؟ فقلت: نعم فدفعت إلى الرقعة فإذا فيها مكتوب هذه الأبيات:

لهاك النوم عن طلب الأماني

وعن تلك الأوانس في الجنان

تعيش مخلداً لا موت فيها

وتلهو في الخيام مع الحسان

تنبه من منامك إن خيراً

من النوم التهجد بالقرآن

الثامنة عشر: في الحديث دلالة على التحذير من كيد النساء وفتنتهن. وقد دل الكتاب والسنة على ذلك وعلى أن فيهن صالحات قال الله تعالى: ?وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ ? [الفتح: 25] .

وقال تعالى: ?إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

? [الأحزاب: 35] إلى آخر الآية.

وسبب نزول هذه: أن النساء قلن يا رسول الله قد ذكر الله الرجال دون النساء فما فيهن من خير فأنزلها الله عز وجل. فقرن الله تعالى ذكر النساء الصالحات بالرجال الصالحين.

وللنساء أحوال وزهد وخير وصلاح كما في الرجال. وفي النساء من لها الأوراد

(1) أخرجه عبد بن حميد في مسنده (1/365. رقم 1212) . والطبراني في الكبير (23/222. رقم 411) .

قال الهيثمي (8/24) : فيه عبيد بن إسحاق وهو متروك وقد رضيه أبو حاتم وهو أسوأ أهل الإسناد حالاً.

ص: 37

والسياحات والكشوفات وغير ذلك من الخصوصيات. التي خصهن الله تعالى بها. ولكن الصالحات قليلٌ بالنسبة إلى غيرهن فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المرأة الصالحة في النساء إلا كمثل الغراب الأعصم» (1) أي: الأبيض.

مضى في الصدر الأول من النساء الصالحات كثير مثل رابعة العدوية من فضائلها: أنها كانت تصلي الليل كله فإذا قرب طلوع الفجر هجعت في محرابها هجعة خفيفة حتى يطلع الفجر ثم تقوم وهي فزعة تقول: «يا نفس كم تنامين يوشك أن تنامين نومة لا تقومين إلا يوم النشور» فكان هذا دأبها حتى ماتت (2) .

من كراماتها: أنها نامت فجاء اللص فأخذ ثيابها ثم أراد الخروج فلم يجد الباب فهتف هاتف إن كان المحب نائماً فالمحبوب يقظان. ضع الثياب وأخرج من الباب.

ولقلة الصالحات فيهن وكثرة ضررهن وشؤمهن ذمهن الله ورسوله. وحذر الرجال منهن قال الله تعالى في كتابه العزيز في حقهن: ?إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ? [يوسف: 28] .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا حلوة خضرة. وإن الله مستخلفكم فيها. فينظر كيف تعملون. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» (3) .

وقال عمر: «إلتجئوا إلى الله من شرار النساء واحذروا خيارهن» .

وفي وصية لقمان لابنه: «اتق المرأة السوء فإنها تشيبك قبل الشيب. واتق شرار النساء فإنهن لا يدعون إلى خير. وكن من خيارهن على حذر» (4) .

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (8/201. رقم 7817) عن أبي أمامة.

قال الهيثمي (4/273) : فيه مطرح بن يزيد. وهو مجمع على ضعفه.

(2)

أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/242) .

(3)

جزء من حديث طويل أخرجه الترمذي في سننه (4/483. رقم 2191) وقال: حسن صحيح. والطيالسي في مسنده (ص: 286. رقم 2156) . وأحمد (3/19. رقم 11159) . وعبد بن حميد في مسنده (1/273. رقم 864) . وأبو يعلى في مسنده (2/352. رقم 1101) . والحاكم في المستدرك (4/551. رقم 8543) . والبيهقي في شعب الإيمان (6/309. رقم 8289) عن أبي سعيد.

(4)

أورده العزالي في إحياء علوم الدين (2/44) .

ص: 38

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» (1) .

وقال الحسن رحمه الله: «والله ما أصبح رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا أكبه الله في النار» (2) .

ومن كلام علي رضي الله عنه: «أيها الناس لا تطيعوا النساء على حال. ولا تأمنوهن على مال. فإنهن أفسدن الممالك. وعصين المالك. وجدناهن لا دين لهن في خلواتهن. ولا ورع لهن شهواتهن الجنة. واللذة بهن يسيره. والحيرة بهن كثيرة. فأما صوالحهن ففاجرات. وأما طوالحهن فعاهرت. وأما المعصومات منهن لمعدومات. فيهن ثلاث خصال من اليهود يتظلمن وهن ظالمات. ويحلفن وهن كاذبات. ويتمنعن وهن راغبات فاستعيذوا بالله من شرارهن وكونوا على حذر من خيارهن» (3) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا هلك الرجال حين أطاعوا النساء» (4) .

وقال عمر رضي الله عنه: «خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة» (5) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الزوجة» (6) .

قال الغزالي رحمه الله: فإنما ذلك لأنه إذا أطاعها في هواها فهو عبدها وقد تعس. فإن الله ملكه المرأة فملكها نفسه. فإذا ملكها نفسه فقد عكس الأمر وأطاع الشيطان كما قال تعالى: ?وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ? [النساء: 114] إذ حق الرجل أن يكون متبوعاً لا تابعاً (7) .

قال الغزالي: وكان نساء العرب العرباء يعلمن بناتهن اختبار الأزواج. كانت المرأة تقول لابنتها: اختبري زوجك قبل الإقدام والجرأة عليه. انزعي زج رمحه. فإن سكت لذلك فقطعي اللحم على ترسه. فإن سكت فكسري العظام بسيفه. فإن صبر فاجعلي

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (6/2600. رقم 6686) . والترمذي في سننه (4/527. رقم 2262) . وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي في سننه (8/227. رقم 5388) . وأحمد (5/51. رقم 20536) عن أبي بكرة.

(2)

أخرجه أحمد في الزهد (1/280) . وأبو نعيم في الحلية (6/198) .

(3)

انظر: كشف الخفاء (2/81) .

(4)

أورده الذهبي في الكبائر (1/134) .

(5)

أخرجه البغوي في الجعديات (1/436. رقم 2971) .

(6)

أورده العجلوني في كشف الخفاء (2/5) . والذهبي في إحياء علوم الدين (2/44) .

(7)

انظر: إحياء علوم الدين (2/44) .

ص: 39

الأكاف على ظهره وامتطيه فإذا هو حمارك (1) .

وحكي عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه قال: كان في بني إسرائيل رجل صالح وله امرأة جميلة فرآها شاب فعشقته وصنعت له مفتاحاً يدخل عليها متى شاء. فقال زوجها لها في بعض الأيام: قد انكرت حالك فلا بد أن تحلفي لي على عدم الخيانة. قالت: نعم. فلما خرج من عندها ودخل الشاب فأخبرته بذلك. فقال: كيف الخلاص؟ فقالت: إلبس ثياب المكاري وخذ حماراً وقف على باب المدينة. فلما جاء زوجها وطلب يمينها على جبل معظم عندهم يحلفون عنده. فخرجت معه فلما وصلت إلى باب المدينة ورأت المكاري قالت: لابد من ركوبي. فأركبها فلما صعدوا الجبل ألقت نفسها عن الحمار فانكشف شيء من بدنها فرأها زوجها والمكاري. ثم حلفت وقالت: والله ما رأني غيرك إلا هذا المكاري. ولبست عليه فظن أنها تريد أن رأها حين ألقت نفسها عن الحمار. فاضطرب الجبل من تحتهم اضطراباً شديداً فذلك قوله تعالى: ?وَإِن كان مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ? [إبراهيم: 64] .

وشتان ما بين هذه المرأة وبين ما حكي أن رجلاً فاسقاً دخل على امرأة عفيفة. وكان له مدة يتطلبها. فلما دخل عندها قال لها: امضي أغلقي أبواب الدار جميعاً وأحكمي إغلاقها. فمضت المرأة ثم عادت وقالت قد أغلقت سائر الأبواب وأوثقت إغلاقها سوى باب واحد. فإني عجزت عن إغلاقه. فقال: أي باب؟ فقالت: الباب الذي بيننا وبين الخالق جلت عظمته. ما قدرت عليه ولا استطيع أن أغلقه وهو مفتوح بحاله. فوقع في نفس الرجل من هذا الكلام الهيبة وتاب وأخلص التوبة وأقلع عن ذنبه وعاد إلى طاعة ربه.

حكى الغزالي في كتابه نصيحة الملوك: أن ملكاً كان يقال له: «خسرير» وكان يحب أكل السمك كان يوماً جالساً في المنطرة وامرأته «شيرين» عنده. فجاء الصياد ومعه سمكة كبيرة فأهداها إلى «خسرير» ووضعها بين يديه فأعجبته. فأمر له بأربعة ألاف درهم. فقالت شيرين: بئس ما فعلت. قال: ولما؟ قالت: لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك هذا القدر احتقره وقال: أعطاني عطية الصياد. وإن أعطيته أقل منه قال: أعطاني أقل مما أعطى الصياد. فقال خسرير: لقد صدقت ولكن يقبح بالملوك أن يرجعوا في هباتهم وقد فات هذا. قالت شيرين: أنا أدبر هذه الحالة. فقال:

(1) انظر: إحياء علوم الدين (2/45) .

ص: 40

كيف ذلك؟ فقالت: تدعو الصياد وتقول له هذه السمكة أذكر أم أنثى. فإن قال ذكر فقل: إنما أردنا أنثى. وإن قال هذه السمكة أنثى فقل: إنما أردنا ذكراً. فأقبل الصياد فقالت له ذلك. فقبل الصياد الأرض وقال: هذه السمكة خنثى لا ذكر ولا أنثى. فضحك خسرير من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم أخرى. فمضى الصياد إلى الخازن فقبض منه ثمانية آلاف درهم. ووضعها في جراب كان معه. وحملها على عنقه وهم بالخروج فوقع منه درهم واحد. فوضع الصياد الجراب عن كاهله. وانحنى إلي الدرهم وأخذه. والملك وشيرين ينظران إليه فقالت شيرين: أيها الملك أرأيت إلي خسة هذا الرجل وسفالته سقط منه درهم واحد فألقى عن ظهره ثمانية آلاف. وانحنى عليه فأخذه ولم يسهل عليه أن يتركه ليأخذه بعض الغلمان. فغضب خسرير من ذلك وقال: صدقت يا شيرين ثم أمر بإعادة الرجل وقال له: يا ساقط الهمة لست بإنسان وضعت مثل هذا المال عن عنقك لأجل درهم واحد. وأسفت أن تتركه في مكانه. فقبل الصياد الأرض وقال: أطال الله بقاء الملك إنني لم أرفع ذلك الدرهم لخطره عنده. وإنما رفعته من الأرض لأن على أحد وجهيه صورة الملك. وعلى الوجه الآخر اسمه فخشيت أن يضع أحد قدمه فأكون أنا المأخوذ بالذنب. فعجب خسرير من كلامه واستحسن ما ذكره فأمر بأربعة آلاف أخرى. فعاد الصياد من عند

الخازن بإثنا عشر ألف درهم. فأمر خسرير مناديا ينادي: لا يتدبرن أحد برأي النساء. فإنه إن تدبر برأيهن. وأتمر بأمرهن خسر درهمه درهمين.

* * *

ص: 41