الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلس الثالث والأربعون
في بيان عنزة النبي صلى الله عليه وسلم وحكم حملها معه وبيان عصا موسى
وبيان توبة سحرة فرعون وعددهم وفوائد كثيرة
قَالَ البُخَارِي:
بَابُ حَمْلِ الْعَنَزَةِ مَعَ الْمَاءِ فِي الاسْتِنْجَاءِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْخَلَاءَ، فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، وَعَنَزَةً، يَسْتَنْجِى بِالْمَاءِ. تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ. الْعَنَزَةُ عَصاً عَلَيْهِ زُجٌّ (1) .
معنى الحديث أن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدخل الخلاء ليقضي حاجته فيه أنه كان يحمل هو وغلام الإداوة
(1) للحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث فوائد منها:
قوله: «يدخل الخلاء» : المراد به هنا الفضاء لقوله في الرواية الأخرى «كان إذا خرج لحاجته» ولقرينة حمل العنزة مع الماء فإن الصلاة إليها إنما تكون حيث لا سترة غيرها.
وأيضا فإن الأخلية التي في البيوت كان خدمته فيها متعلقة بأهله.
وفهم بعضهم من تبويب البخاري أنها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة، وفيه نظر لأن ضابط السترة في هذا ما يستر الأسافل والعنزة ليست كذلك.
نعم يحتمل أن يركزها أمامه ويضع عليها الثوب الساتر.
أو يركزها بجنبه لتكون إشارة إلى منع من يروم المرور بقربه.
أو تحمل لنبش الأرض الصلبة.
أو لمنع ما يعرض من هوام الأرض، لكونه صلى الله عليه وسلم كان يبعد عند قضاء الحاجة.
أو تحمل لأنه كان إذا استنجى توضأ، وإذا توضأ صلى، وهذا أظهر الأوجه.
وسيأتي التبويب على العنزة في سترة المصلي في الصلاة. واستدل البخاري بهذا الحديث على غسل البول كما سيأتي.
وفيه جواز استخدام الأحرار - خصوصا إذا أرصدوا لذلك - ليحصل لهم التمرن على التواضع.
وفيه أن في خدمة العالم شرفا للمتعلم، لكون أبي الدرداء مدح ابن مسعود بذلك.
وفيه حجة على ابن حبيب حيث منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم لأن ماء المدينة كان عذبا.
واستدل به بعضهم على استحباب التوضؤ من الأواني دون الأنهار والبرك، ولا يستقيم إلا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم وجد الأنهار والبرك فعدل عنها إلى الأواني. انظر فتح الباري (1/252) .
التي فيها الماء والعنزة لأجل أن يستنجي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال العلماء: «الإداوة» بكسر الهمزة: إناء صغير من جلد يتخذ للماء كالسطحية ونحوها، وتجمع على «أداوى» والمراد بالغلام في هذا الحديث ونحوه: أبو هريرة قاله بعض العلماء.
وفيه أشكال وهو: أن الغلام الذي كان يحمل الإداوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار، بدليل ما جاء في بعض الروايات: فانطلقت أنا وغلام من الأنصار، فإن الأنصار كما تقدم لقب على الأوس والخزرج، وأبو هريرة ليس من القبيلتين بل هو دوسي يماني.
وجواب هذا الإشكال: أنه أطلق عليه أنصاري مجازاً كما قاله ابن حجر، فإن الأنصار حقيقة من كان من الأوس والخزرج، فإطلاقه على من ليس منهما مجازاً.
وهكذا يجاب عن كل من أطلق عليه بأنه من الأنصار وليس من القبيلتين كأبي بكر الصديق.
فإنه ورد في هذا الحديث الصحيح أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك، فقال:«من؟» قال رجل: من الأنصار (1) .
قال العراقى: الضارب في هذا الحديث «أبو بكر» ، والمضروب «فيحاص بن عاذوراء» مع أن أبا بكر من المهاجرين لا من الأنصار، لكنه أطلق عليه بأنه منهم مجازاً كما قاله ابن حجر لوجود معنى النصر فيه، وأي ناصر من الصحابة كأبي بكر.
وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد البازلي الكردي (2) : وجه تسمية أبي هريرة بأنه أنصاري لأنه نصر سيد الخلق بكثرة رواية الحديث.
قال: وأي نصرة أقوى من حمل الحديث وإظهاره على رؤوس الأشهاد، فهو نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه بسبب كثرة الأحاديث التي رواها عنه، فإنه أكثر الصحابة رواية.
ويدل على أن ذلك يسمى نصرة وجهاد قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ? [التوبة: 73] أي: جاهد الكفار بالسيف والسنان، والمنافقين بإظهار الحجة، وبيان المحجة باللسان، فإنه صلى الله عليه وسلم قط ما جاهد منافقاً بالسيف بل باللسان.
(1) أخرجه البخاري (2/850، رقم 2281) ، ومسلم (4/1845، رقم 2374) عن أبي سعيد الخدري.
(2)
البازلي هو: محمد بن داود بن محمد البازلي، أبو عبد الله، شمس الدين، فاضل، من الشافعية. كردي الاصل، من العمادية. ولد في جزيرة ابن عمرو سنة: 845 هـ، وتعلم في أذربيجان، وأقام في حماة من سنة 895 إلى أن توفي سنة: 925 هـ، من كتبه: غاية المرام في رجال البخاري، وتقدمة العاجل لذخيرة الآجل، وحاشية على شرح جمع الجوامع للمحلي.
وها هنا إشكال آخر وهو: كيف أطلق أنس على أبي هريرة أنه غلام، والغلام يسمى به الصبي إلى بلوغه، وأبو هريرة لما أسلم كان عمره ثمان عشرة، أو تسع عشرة سنة.
وجواب هذا الإشكال أيضاً: أن الغلام يطلق على معان:
يطلق على الولد من حين يولد إلى أن يبلغ وليس مراداً هنا.
ويطلق على الذي طرَّ شاربه أي: نبت.
ويطلق على الكهل، كما قال ذلك صاحب القاموس وقال: إنه من الأضداد، أي: يطلق على الكبير والصغير.
وحينئذ يقال: إنما أطلق أنس الغلام على أبي هريرة لأنه كان إذ ذاك ابن ثمان عشر سنة، وذلك زمن ينبت فيه الشارب، غالباً ومن طر شاربه يسمى غلاماً كما تقدم.
ومما يدل على جواز إطلاق الغلام على من جاوز البلوغ، بل على الرجل الكامل المسن بما ورد في حديث المعراج أن موسى صلى الله عليه وسلم أطلق لفظ الغلام على نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه لما مر على موسى بكى فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمتة أكثر ممن أن دخلها من أمتي (1) .
وسنذكر في موضعه حكمة إطلاق الغلام على نبينا صلى الله عليه وسلم.
«والعنزة» التي كانت تحمل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلاء وغيره: عصا في أسفلها زج كزج الرمح، و «الزج» الحديد التي في أسفل الرمح، يعني السنان.
واختلف فيها هل كانت قصيرة أو طويلة؟
فقيل: إنها عصا مثل نصف الرمح.
وقيل: هو أطول من العصا وأقصر من الرمح، وفيها زج.
قال الداودي (2) : «العنزة» : العكاز أو الرمح أو الحربة أو نحوها، يكون في أسفلها زج أو قرن.
فائدة: قال ابن الملقن: هذه العنزة أهداها النجاشى صلى الله عليه وسلم له.
وقال ابن سيد الناس: كانت للزبير بن العوام قدم بها من أرض الحبشة، فأخذها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تحمل معه إلى الخلاء، ويستصحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر
(1) أخرجه البخاري (3/1410، رقم 3674) ، ومسلم (1/149، رقم 164) ، وابن حبان (1/236، رقم 48) عن أنس.
(2)
الداودي هو: أحمد بن نصر، أبو حفص الداودي، فقيه مالكي، له كتاب: الأموال، في أحكام أموال المغانم والأراضي التي يتغلب عليها المسلمون، توفي سنة: 307 هـ.
وغيره.
فائدة أخرى: قد بقي من هذه العنزة قطعة في مكان في مصر يقال له: «الآثار» سمي بذلك لأن فيه شيئاً من آثار النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ برهان الدين المحدث: زرت الآثار مراراً، ورأيت فيه قطعة من هذه العنزة، ومعه المرود الذي كان يكتحل به صلى الله عليه وسلم والمخصف، وقطعة من القصعة، ومنقاشاً صغيراً وكأنه لإخراج الشوك من الرجل وغيرها، قال: واكتحلت بالمرود، وشربت من ماء وضعت فيه القطعة من العنزة، فهنيئاً لمن رأى آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم متبركاً به، فإن من رأها فكأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد أحسن من قال:
يا عين إن بعد الحبيب وداره
…
ونآت مرابعه وشط فراره
فلك الهنا فلقد ظفرت بطائل
…
إن لم تريه فهذه آثاره
فائدة أخرى: الحكمة في استصحابة صلى الله عليه وسلم هذه العنزة إلى الخلاء هي: أنه صلى الله عليه وسلم كان قد يأتي إلى أرض صلبة فيحفر بها تلك الأرض، ويلين ترابها ليبول في موضع لين كيلا يصيبه الرشاش.
وإنما كانت تحمل معه في السفر وغيره لأجل أن يصلي إليها في الفضاء، ويتقي بها الكافرين واليهود، فإنهم كانوا يريدون قتله واغتياله بكل حالة.
قال ابن رجب: هذه العنزة كانت تحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأسفار وفي يومي العيدين، يصلي إليها حيث لم يكن هناك جدار يستتر به.
وجاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، وكان يحمل هذه ويمشي بها أمامه عبد الله بن مسعود (1) .
قال ابن رجب: كان عبد الله بن مسعود يلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه ثم يمشي بالعصا أمامه، حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه ثم مشى بالعصا أمامه، حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أجل هذا اتخذ الأمراء من يمشي أمامهم قاله ابن الملقن.
(1) أخرجه البخاري (1/187، رقم 472) ، ومسلم (1/359، رقم 501) . وأخرجه أيضاً: أبو داود (1/183، رقم 687) .
وذكر بعض العلماء للعصا فوائد كثيرة:
منها: دفع العدو.
ومنها: إتقاء السبع.
ومنها: نبش الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة خشية الرشاش.
ومنها: تعليق الأمتعة بها.
ومنها: التوكؤ عليه خصوصاً لمن كبر سنه وضعفت قوته.
ولله در القائل:
تقوس بعد طول العمر ظهري
…
وداستني الليالي أي دوسي
فامشى والعصا تمشي أمامي
…
كأن قومها وترًا لقوسي
ومنها: السترة بها في الصلاة.
قال الله حكاية عن موسى عليه السلام: ?وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى? [طه: 18] .
وقيل للإمام الشافعي: مالك تدمن إمساك العصا؟ قال: حتى أتذكر أني مسافر.
وقال ابن عباس رضى الله عنهما: التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتوكأ عليها ويأمر بالاتكاء عليها.
وجاء في حديث: «حمل العصا علامة المؤمن وسنة الأنبياء» (1) .
ومن خرج في سفر ومعه عصا من لوازمه: أمنه الله من كل سبع ضار، ولص عاد، ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات، يستغفرون له حتى يرجع ويضعها قاله العلامي في تفسيره.
والمراد «بالمعقبات» : الملائكة.
و «بذات حمة» بضم المهملة: ذات السم كالحية والعقرب نقله البرماوي.
ونقل عن الحسن البصرى وغيره أنه قال: «في العكاز خمسة: سنة الأنبياء، وزينة الصلحاء، وسلاح على الأعداء، وعون الضعفاء، ويهرب من صاحبها، ويخشع منه الفاجر، وتكون لصاحبها قبلة إذا صلى، وقوة إذا تعب» .
وورد في حديث أنه قال: «من بلغ أربعين سنة ولم يأخذ العصا عُدَّ له من الكبر
(1) أخرجه الديلمى (2/147، رقم 2750) عن أنس.
والعجب» (1) .
فائدة: قال في الروض الفائق: قال بعض الصالحين: كنت في البادية فتقدمت القافلة فرأيت قدامي شخصاً، فسارعت حتى أدركته، فإذا هي امرأة بيدها عكاز، وهي تمشى على الهوينى، فظننت أنها أعييت، فأدخلت يدي في جيبي وأخرجت عشرين درهماً، فقلت: خذيها وامكثى حتى تلحقك القافلة فتكتري بها. ثم أتيني الليلة حتى أصلح أمرك، فقالت: بيدها في الهواء هكذا فإذا في كفها دنانير من الغيب فقالت: أنت أخذت الدراهم من الجيب، وأنا أخذت الدنانير من الغيب، ثم أخذت تقول:
كم نعمة لك في العبادة ومنة
…
موجودة في ذاتها لا تعدم
كم آية لك في الخلائق والنهى
…
مشهورة أسرارها لا تفهم
كم حالة حولتها فتحولت
…
فينا بنا عما تريد فترحم
فائدة أخرى في بيان عصا موسى وما فيها من المآرب وما اتفق له فيها من المعجزات والعجائب:
قال العلماء من المفسرين وغيرهم: لما تزوج موسى بابنة شعيب وصار يرعى له الأغنام، أمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع بها السباع عن غنمه، وكانت عصا الأنبياء عنده فوقع في يدها عصا آدم، فأمرها بردها وأخذ غيرها، ففعلت ذلك سبع مرات وما يقع في يدها إلا هذه العصا، فعلم أن لها شأناً عظيماً، وكانت من الجنة على قول أكثر العلماء، وكان طولها عشرة أذرع على طول موسى، حملها آدم معه من آس الجنة إلى الأرض، فتوارثها صاغر عن كابر إلى أن وصلت إلى شعيب، فأعطاها موسى.
واختلف العلماء في اسمها، فقيل: ماسا، وقيل: نفعة، وقيل: غياث، وقيل: عليق.
وأما صفتها: فقيل: كانت لها شعبتان ومحجن في أسفل الشعبتين وسنان حديد في أسفلها.
وأما المآرب التي كانت فيها فقد ذكر علماء التفسير وغيرهم:
أن موسى صلوات وسلامة عليه كان إذا دخل مغارة ليلاً ومعه العصا ولم يكن قمر تضيئ شعبتاها كالشعلتين من نار تضيئان له مد البصر في رأسها.
وكان إذا أعوزه الماء دلاها في البئر، فتمتد على قدر البئر ويصير في رأسها شبه
(1) أورده العجلوني في كشف الخفاء (1/383) وبين أنه موضوع.
الدلو فيستقي بها.
وكان إذا احتاج إلى الطعام ضرب الأرض بها فتخرج ما يأكل يومه.
وكان إذا اشتهى فاكهة من الفواكه غرسها في الأرض فتخرج أغصان تلك الشجرة التي اشتهى موسى فاكهتها وأثمرت له من ساعتها.
وكان إذا قاتل عدوه يظهر على شعبتيها تنينان عظيمان.
وكان يضرب بها على الجبل الوعر المرتقى على الحمر وعلى الحجر والشوك فينفرج له.
وكان إذا أراد عبور نهر من الأنهار بلا سفينة، ضرب عليه بها فانفلق وصار له طريقاً يمر عليه.
وكان يشرب أحياناً من إحدى شعبتها العسل، ومن الآخر اللبن.
وكان إذا تعب في طريقه يركبها فتحمله إلى أي موضع شاء من غير ركض ولا تحريك رجل.
وكانت تدله على الطريق إذا أخطأ الطريق، وتقاتل أعداءه عنه.
وكان إذا احتاج موسى إلى الطيب يفوح منها الطيب حتى يتطيب ويطيب ثوبه.
وكان إذا مشى في طريق فيه لصوص يخاف الناس منهم كلمته العصا وتقول له: اذهب في طريق كذا ولا تذهب في طريق كذا.
وكان يهش بها على غنمه أي: يخبط بها ورق الشجر على غنمه فتأكله.
وكان يدفع بها السباع والحيات والحشرات.
وكان إذا سافر وضعها على عاتقه، وعلق عليها جهازه ومتاعه ومخلاته ومقلاعه وكساؤه وطعامه وشرابه.
وروي أن شعيباً قال لموسى: حين زوجه ابنته وسلم إليه أغنامه ليرعاها: اذهب بهذه الأغنام فإذا بلغت مفرق الطريق فخذ على يسارك ولا تأخذ على يمينك، وإن كان الكلأ بها أكثر فإن هناك تنيناً عظيماً أخاف عليك وعلى الأغنام منه، فذهب موسى بالأغنام فلما بلغ مفرق الطريق فأخذت الأغنام ذات اليمين، فاجتهد موسى على ردها وصرفها ذات الشمال فلم تطعه، فطاوعها موسى ثم نام والأغنام ترعى، فإذا بالتنين قد جاء فقامت عصا موسى وحاربت التنين فقتلته، ورجعت فاستلقت إلى جنب موسى وهي دامية، فلما استيقظ موسى رأى العصا دامية والتنين مقتولاً فعلم أن تلك العصا قوة وعزاً وإن لها شاناً.
فهذه مآرب موسى في العصا إذا كانت بيده.
وأما إذا ألقاها فيروى: أنها كانت تنقلب حية كأعظم ما يكون من الثعابين سوداء مدلهمة تدب على أربع قوائم، فتصير شعبتاها فماً، فيه اثنتى عشر ناباً وضرساً، قيل: كان بين لحييها أربعون ذراعاً، لها صريف وصرير، يخرج منها لهب النار، وعيناها تلمعان كما يلمع البرق، يهب من فمها ريح السموم، لا تصيب شيئاً إلا أحرقته، تمر بالصخرة فتبتلعها، وتمر بالشجرة فتحطمها بأنيابها وتبتلعها، وتتلمظ وتتبرم كأنها تطلب شيئاً تأكله، وكانت في عظم الثعبان، وخفة الجان، ولين الحية، لذلك ذكرت في القرآن في مواضع قال تعالى: ?فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى? [طه: 20] .
وقال تعالى: ?فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ? [الشعراء: 32] .
وقال تعالى: ?كَأَنَّهَا جَانٌّ? [النمل: 10] .
قال الإمام فخر الدين الرازى في تفسيره الكبير في تفسير قوله تعالى: ?فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ? [الشعراء: 32] ما نصه: والثعبان الحية الضخمة الذكر في قول جميع أهل اللغة، ثم قال في وصف ذلك الثعبان يكون مبيناً وجوه:
الأول: تمييز ذلك عما جاء السحرة من التمويه الذي يلتبس على من لا يعرف سببه، وبذلك تتميز معجزات الأنبياء عن الحيل والتمويهات.
الثاني: المراد أنهم شاهدوا كونه حية ولم يشبه الأمر عليهم.
الثالث: المراد أن ذلك الثعبان أبان قول موسى عن قول المدعي الكاذب.
ومعنى الآية: أن فرعون لما طلب من موسى آية أي معجزة تدل على نبوته كما قال تعالى حكاية عنه: ?قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ? [الأعراف: 106] .
فالقى موسى عصاه في تلك الساعة فانقلبت ثعباناً عظيماً كما قال تعالى: ?فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ? [الشعراء: 32] .
أي: حية عظيمة فاتحة فاها ما بين لحيها ثمانون ذراعاً ثم قامت على ذنبها، وشدت على فرعون لتبتلعه، فوثب فرعون عن سريره هارباً.
وقيل: إنها وضعت لحيها الأسفل على الأرض، والأعلى على سطح القصر الذي فيه فرعون فوثب فرعون هارباً وأحدث أي: أخذه الإسهال في ذلك اليوم أربعمائه مرة، ودخل فرعون البيت وصاح يا موسى خذها فأومن بك، وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذها موسى فعادت عصا.
وأظهر لهم موسى معجزة أخرى وهي أنه أخرج يده من جيب جبته الصوف فغدا لها نور ساطع يضيء ما بين السماء والأرض، ويغلب نورها شعاع الشمس كما قال تعالى حكاية عنه: ?وَنَزَعَ يَدَهُ? [الأعراف: 108] أي: أخرجها، ?فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ? [الأعراف: 108] .
أي: فإذا هي بياضها بياضاً عجيباً خارجاً عن الاعادة تجتمع الناس للنظر إليه كما تجتمع للنظر في العجائب.
قال الرازى: ولما كان البياض كالعيب بين تعالى في غير هذه الآية أنه كان من غير سوء.
سؤال: فإن قيل: إن المعجزة الواحدة كانت كافية فما الحكمة في الجمع بينهما؟
جوابه: أن كثرة الدلائل توجب القوة في اليقين وزوال الشك.
قال الرازى: فلما أظهر موسى هذين النوعين من المعجزات قال قوم فرعون له: إن هذا يعنى موسى لساحر عليم بالسحر.
قال الرازى: وكان السحر غالباً في ذلك الزمان، وكانت مراتب السحرة متفاضلة متفاوتة، ومنهم من وصل فيه إلى غاية الكمال في ذلك العلم، فزعموا وظنوا أن موسى من السحرة، وأنه وصل إلى غاية الكمال من علم السحر، وأنه إنما أتى بذلك لكونه طالباً للملك والرياسة، وأنه يريد أن يخرجهم من أرضهم كما حكى الله ذلك عنهم بقوله: ?إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ? [الأعراف: 109، 110] .
ولم يظهر لهم أنه أمر إلهي، ثم قالوا له: اجمع السحرة من مدائن ملكك ليعارضوه في سحرة ويعطلوا سحره.
فائدة: قال الإمام الرازى: جعل الله تعالى معجزة كل نبي من جنس ما كان غالباً على أهل ذلك الزمان.
فلما كان السحر غالباً على أهل زمان موسى كانت معجزته شبيهة بالسحر، وإن كانت مخالفة للسحر في الحقيقة.
ولما كان الطب غالباً على أهل زمان عيسى كانت معجزته من جنس الطب.
ولما كانت الفصاحة غالبة على أهل زمان محمد صلى الله عليه وسلم لا جرم كانت معجزته من جنس الفصاحة.
ثم أرسل فرعون وجمع السحرة من مدائن الصعيد، وكانت سبع مدائن فاجتمعوا
عنده بالأسكندرية.
فائدة: اختلف العلماء في عدد السحرة:
فقيل: كانوا ثمانين ألفاً.
وقيل: سبعين ألفاً.
وقيل: بضعة وثلاثين ألفاً، وكانوا صفوفاً.
فقد ذكر بعضهم في تفسير قوله تعالى: ?ثُمَّ ائْتُوا صَفاًّ? [طه: 64] أنهم كانوا صفوفاً كل صف ألف.
فعلى القول الأول: كانوا ثمانين صفاً.
وعلى الثاني: سبعين صفاً.
وعلى الثالث: بضعة وثلاثين.
وكان متقدمهم شمعون أبو حنة فلما اجتمعوا قالوا لفرعون: أتجعل لنا جُعْلاً إن غلبنا موسى؟ فقال لهم: نعم لكم علي جُعْل وتصيرون عندي من المقربين في مجلسي، وأول من يدخل علي وآخر من يخرج، هذا معنى قوله تعالى: ?وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ المُقَرَّبِينَ? [الشعراء: 41، 42] .
فلما أرادوا إلقاء سحرهم وإظهاره راعوا حسن الأدب مع سيدنا موسى، حيث لم يتقدموا عليه بل قالوا له كما قال الله تعالى حكاية عنهم: ?إِمَّا أَن تُلْقِيَ? [الأعراف: 115] أي: عصاك ?وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ المُلْقِينَ? [الأعراف: 115] أي: ما معنا من الحبال والعصي، وكان مع كل واحد منهم حبل وعصا.
قال أهل التصوف: لما راعوا هذا الأدب رزقهم الله الإيمان.
وقال لهم موسى عليه عليه السلام: ألقوا ما أنتم ملقون.
وهنا سؤال: وهو كيف أمرهم موسى بإلقاء حبالهم وعصيهم، وفي الإلقاء معارضة للمعجزة بالسحر، وذلك كفر والأمر بالكفر كفر.
وجوابه: أنه عليه السلام كان يريد إبطال ما أتوا به من السحر، وإبطاله ما كان ليمكن إلا بإقدامهم على إظهاره، فأذن لهم في الإتيان بذلك السحر ويمكنه الإقدام على إبطاله قاله الرازى.
فلما ألقوا أي: حبالهم وعصيهم وكانت حبالاً غلاظاً، وخشباً طوالاً سحروا أعين
الناس واسترهبوهم أي: قلبوها عن صحة إدراكها بسبب تلك التمويهات.
وقيل: إنهم لطخوا تلك الحبال بالزئبق وجعلوا الزئبق في دواخل تلك العصا، أثر تسخين الشمس فيها تحركت وصارت حيات كأمثال الجبال، فملأت الوادي، وركب بعضها بعضاً.
قيل: ملأت ميلاً في ميل من الأرض.
وأفاد الإمام الرازى: أن تلك الحبال والعصا كانت حمل ثلاثمائه بعير.
ووصف الله سحرهم بأنه عظيم كما قال الله تعالى: ?وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ? [الأعراف: 116] .
قال الرازى: روي أن السحرة قالوا: لقد علمنا سحر لا يطيق سحرة أهل الأرض، إلا أن يكون من أهل السماء، فإنه لاطاقة لنا به، وحصل للعوام من تلك الحيات خوف عظيم.
ثم أوحى الله تعالى إلى موسى أن ألق عصاك فألقاها فصارت حية عظيمة، حتى سدت الأفق ثم فتحت فاها ثمانين ذراعاً، وصارت تبتلع حبالهم وعصيهم واحداً بعد واحد حتى ابتلعت الكل، وقصدت القوم الذين حضروا، فوقع الزحام عليهم فهلك منهم في الزحام خمسة وعشرون ألف، ثم أخذها موسى فصارت عصا.
فقالت السحرة: لو كان ما يصنع موسى سحراً لبقيت حبالنا وعصينا، فلما نفدت علموا أن ذلك من أمر الله كما قال تعالى: ?فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ? [الأعراف: 117] أي: تبتلع ما يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزدرونه.
?فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون? [الأعراف: 118] .
سؤال: فإن قيل: تلك الحبال والعصي أين ذهبت؟
جوابه: يحتمل أن الله أعدمها، ويحتمل أن الله تعالى فرق بينها بين تلك الأجزاء وجعلها ذات غير محسوسة، وأذابها في الهواء، وعلى كلا الاحتمالين فلا يقدر على هذه الحالة أحد إلا الله سبحانه وتعالى.
وقال بعض العلماء: كان كبير السحرة رجلاً أعمى فقال لهم: أرى موسى يقدم علينا مع كثرتنا، وما ذاك بقوته وأخاف أن يكون الأمر سماوياً، فاحترموه وعظموه، فإن غلبناه فلا يضر بنا ذلك، وإن غلبنا فنكون قد قدمنا للصلح مقدمة فيكون شفيعاً لنا عند ربه، قالوا: وكيف نحترمه قال: نستأذنه ونقول له: إما أن نلقي وإما أن تكون أول من ألقى، فلما قالوا له ذلك وأحسنوا معه الأدب، كان سببا لسعادتهم، فضحك
موسى فقال له هارون: أتضحك مع كثرتهم، فقال: شممت منهم رائحة الإيمان، فلما قالوا: يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى سمع قائلاً يقول: ألقوا يا أولياء الله فعند ذلك أوجس في نفسه خيفته موسى، لأن أولياء الله لا يغلبهم أحد فلما غلبهم موسى سجدوا لربهم، وقالوا آمنا برب العالمين، رب موسى وهرون فرأوا في سجودهم منازلهم في الجنة، ثم إن السحرة لما تحققوا أن ما فعلته عصا موسى خارج عن السحر، وأنه أمر إلهي، فإنهم وصلوا إلى منتهى السحر، ورأوا معجزة موسى ليست من السحر بل من عند إله قادر قاهر، خروا سجداً لله تعالى كما قال تعالى: ?وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ? [الأعراف: 120، 121، 122] .
وإنما قالوا: ?رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ? لأنهم لما سجدوا وقالوا: آمنا برب العالمين. قال لهم فرعون: إياي تعنون؟ فقالوا: رب موسى وهارون. ?قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي المَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلَاّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ? [الأعراف: 123 - 126] .
قال الرازى: واختلفوا في أنه هل قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وصلبهم أم لا؟
فنقل عن ابن عباس أنه فعل ذلك قال: وهو الأظهر.
ونقل عن آخرين: أنه لم يقع من فرعون ذلك بل استجاب الله لهم الدعاء في قولهم: ?وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ? [الأعراف: 126] لأنهم سألوه تعالى أن تكون وفاتهم من جهته لا لهذا القتل والقطع.
وقال الكلبى: إن فرعون قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم، ومعنى القطع من خلاف أنه قطع من كل شق عضواً خلاف ما قطعة من الآخر، كاليد اليمنى والرجل اليسرى، أو اليد اليسرى والرجل اليمنى، وهو أول من قطع من خلاف وصلب.
فهؤلاء السحرة خلقهم الله تعالى لجنته لا لخدمته، فإنهم عاشوا في الدنيا كفاراً ثم ختم لهم بالإيمان.
كانوا أول النهار يحلفون بعزة فرعون أنهم غالبون، ثم بعد ساعة يحلفون بالله تعالى
ويقولون: ?وَالَّذِي فَطَرَنَا? [طه: 72] .
كانوا يطلبون الجزاء من فرعون ويقولون ?إِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ? [الأعراف: 113] ثم بعد ساعة يقولون: ?لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ? الدالة على صدق موسى ?وَالَّذِي فَطَرَنَا? أي: وحق الذي خلقنا ?فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا? [طه: 72] أي: اصنع بنا ما قلته من القطع والصلب في هذه الدنيا فإنما تصنع شيئاً في الدنيا وستجازى عليه في الآخرة ?إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا? [طه: 73] أي: الإشراك وغيره، ويغفر لنا ?وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى? [طه: 73] أي: خير منك ثواباً إذا أطيع، وأبقى منك عذابا إذا عصي.
واستدل العلماء بحمل أنس رضي الله عنه والغلام الذي معه الإدواة التي فيها الماء والعنزة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه يستحب للإنسان خدمه الصالحين، وأهل الفضل، والتبرك بذلك، وتفقد حاجاتهم، خصوصاً المتعلق بالطهارة.
وعلى أنه يجوز للرجل الفاضل أن يستخدم بعض أتباعه الأحرار ويستعين بهم فيما يتعلق بالطهارة وغيرها، خصوصاً إذا علم منهم أنهم يرصدون بذلك ويتمنونه، وأنهم يحصل لهم الشرف بذلك.
وقد اختلف العلماء في مسألة مناسبة لهذا وهي: أنه هل يجوز للإنسان أن يعير ولده الصغير ليخدم من يتعلم منه؟
فقال الروياني من الشافعية: يجوز ذلك، وقيل: لا يجوز لأن ذلك هبة لمنافعه وذلك لا يجوز، كما لا يجوز إعارة ماله.
وحمل النووي قوله على خدمة تقابل بأجرة، أما ما كان لا يقابل بها فالظاهر والذي يقتضيه أفعال السلف جوازه، إذا لم يضر بالصبي.
وقال بعض المتأخرين: إنما يتمتع إعارة الصبي ليمنع غيره ليخدم من يتعلم به منه إذا انتفت المصلحة، أما إذا وجدت كما لو قال لولده الصغير: اخدم هذا الرجل في كذا ليتمرن على التواضع ومكارم الأخلاق فلا مانع منه، قال ابن الملقن: وهذا حسن بالغ (انتهى) .
* * *