الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ
1890 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا أَفْلَحُ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«فَتَلْتُ قَلائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا، وَأَشْعَرَهَا، وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمةِ بْنِ قَعْنَبٍ، عَنْ أَفْلَحَ.
وَرَوَى ابْنُ عَوْن عَنِ الْقَاسِمِ عَن أُمِّ الْمِؤْمِنِينَ، قَالَتْ: فَتَلْتُ قَلائِدَهَا مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدِي
1891 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ،
عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، أَنَّهَا أخْبَرَتْهُ، أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا، حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ، «أَنَا فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ الإِمَامُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْفِقْهِ، مِنْهَا: اسْتِحْبَابُ الإِهْدَاءِ إِلَى مَكَّةَ، وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْغَنَمَ تُقَلَّدُ كَالإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تُقَلَّدُ الْغَنَمُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِمَا
1892 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً إِلَى الْبَيْتِ غَنَمًا، فَقَلَّدَهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ بَدَنَةً، أَوْ بَقَرَةً، قَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، وَأَشْعَرَهَا، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً، قَلَّدَهَا خرب الْقِرَبِ، وَلا يُشْعِرُهَا.
وَمِنْهَا أَنَّ إِشْعَارَ الْهَدْيِ سُنَّةٌ، إِنْ كَانَ مِنَ الإِبِلِ، فَيُقَلِّدُهَا، ثُمَّ يُشْعِرُهَا، وَهُو أَنْ يَطْعَنَ فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا بِمِبْضَعٍ، أَوْ حَدِيدَةٍ حَتَّى يَسِيلَ دَمُهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلامَةً أَنَّهَا هَدْيٌ، وَالشِّعَارُ: الْعَلامَةُ، وَيُشْعِرُهَا بَارِكَةً مُسْتَقْبِلَةً الْقِبْلَةَ، وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ الْبَقَرَ عَلَى الإِبِلِ فِي الإِشْعَارِ، وَقَالَ مَالِكٌ: تُشْعَرُ الْبَقَرُ إِنْ كَانَتْ لَهَا أَسْنِمَةٌ وَإِلا فَلا، فَأَمَّا الْغَنَمُ، فَإِنَّهَا لَا تُشْعَرُ، لأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَرِدْ بِهِ، وَلأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْجَرْحَ، لِضَعْفِهَا، وَلا يَظْهَرُ عَلَيْهَا الدَّمُ، فَتُعْرَفُ بِهِ، لِكَثْرَةِ شَعْرِهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الإِشْعَارُ بِدْعَةٌ، لأَنَّهُ مُثْلَةٌ.
وَيُقَالُ: هُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، وَقَالا بِقَوْلِ
عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّهَا سُنَّةٌ.
وَالْمُثْلَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا، أَنْ يُقْطَعَ عُضْوًا مِنَ الْحَيَوَانِ تَعْذِيبًا، وَأَمَّا الإِشْعَارُ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ مَا أُبِيحَ مِنَ الْكَيِّ، وَالتَّبْزِيغِ، وَالتَّوْدِيجِ فِي الْبَهَائِمِ، وَالْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ فِي الْآدَمِيِّينَ، أَوْ سَبِيلُ مَا شَرَعَ فِي الْآدَمِيِّينَ مِنَ الْخِتَانِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ الإِشْعَارِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، إِلَى أَنَّهُ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنَ السَّنَامِ، وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ هَذَا مِنَ الْمُبَاحِ، قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُبَالِي فِي أَيِّ الشِّقَّيْنِ أَشْعَرَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِمَا
1893 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«صَلَّى رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ، فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، وَسلت الدَّمَ، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ بِالْحَجِّ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَهَبَ قَوْمُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ الإِحْرَامَ، فَقَلَّدَ الْهَدْيَ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَهْدَى هَدْيًا، حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَلَّدَ هَدْيَهُ، فَقَدْ أَحْرَمَ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ.