الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ
سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةَ لِلاجْتِمَاعِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} [الشُّعَرَاء: 64]، أَيْ: جَمَعْنَاهُمْ.
1936 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخَطْمِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.
1937 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ،
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: " دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ، نَزَلَ فَبَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الصَّلاةُ أَمَامَكَ.
فَرَكِبْتُ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ، نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلَّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ، فَصَلاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهَا شَيْئًا ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: «الصَّلاةُ أَمَامَكَ» ، يُرِيدُ أَنَّ مَوْضِعَ هَذِهِ الصَّلاةِ الْمُزْدَلِفَةُ، وَهِيَ أَمَامَكَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَاجَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بَعْدَ مَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ صَلاةٍ فَاتَ وَقْتُهَا يُقِيمُ لَهَا، وَلا يُؤَذِّنُ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ إِذَا تَخَلَّلَ مِنْ صَلاتَيِ الْجَمْعِ لَا يَقْطَعُ نَظْمَ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ.
وَفِيهِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ مُسْتَصْحِبًا لِلطَّهَارَةِ فِي مَسِيرِهِ، إِلَى أَنْ يَبْلُغَ جَمْعًا، ثُمَّ لَمَّا أَرَادَ الصَّلاةَ، أَسْبَغَ الْوُضُوءَ، وَكَانَ عليه السلام يَتَوَخَّى أَنْ يَكُونَ عَلَى طُهْرٍ فِي كِلِّ حَالٍ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ نَفْسَهُ عِبَادَةٌ وَقُرْبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدِ الصَّلاةَ.
1938 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا آدَمُ، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ، كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحُ بَيْنَهُمَا، وَلا عَلَى أَثَرِ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُمَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلظُّهْرِ، وَلا يُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يُقِيمُ لِلْعَصْرِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُقِيمُ لَهَا.
أَمَّا إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ، وَلا يُؤَذِّنُ، لِحَدِيثِ أُسَامَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلْأُولَى، وَيُقِيمُ لِلثَّانِيَةِ، لِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجْمَعُ
بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ أَحْمَدُ: أَيُّهَا فَعَلْتَ أَجْزَاكَ، وَكَذَلِكَ الاخْتِلافُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ بِعُذْرِ السَّفَرِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُهُ.