الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أَكْلِ لَحْمِ الْهَدْيِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الْحَج: 36]، قَوْلُهُ:«وَجَبَتْ» ، أَيْ: سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ، وَالْوُجُوبُ: السُّقُوطُ، يُقَالُ دَفَعْتُهُ، فَوَجَبَ، وَوَجَبَتِ الشَّمْسُ، أَيْ: سَقَطَتْ فِي الْمَغِيبِ.
1952 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدُنِنَا فَوْقَ ثَلاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«كُلُوا وَتَزَوَّدُوا» ، فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: قَالَ: حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: لَا.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.
قَالَ الإِمَامُ: إِذَا كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا يَجُوزُ لِلْمُهْدِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أُضْحِيَةُ التَّطَوُّعِ، فَأَمَّا مَا كَانَ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ مِنَ الْهَدْيِ، مِثْلُ دَمِ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ، وَالْوَاجِبِ بِإِفْسَادِ الْحَجِّ، وَفَوَاتِهِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، فَلا يَجُوزُ لِلْمُهْدِي
أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْكُلِّ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَكَذَلِكَ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ.
وَقَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يُؤْكَلُ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَقَالَ الْحَكَمُ: يَأْكُلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ، وَمِنْ كُلِّ هَدْيٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إِلا مِنْ فِدْيَةِ الْأَذَى، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَالْمَنْذُورِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْكُلِّ إِلا مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَالْمُنْذُورِ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَلا يَأْكُلُ مِنْ وَاجِبٍ سِوَاهُمَا.