الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَحُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا وَدُعَائِهِ لَهَا
2011 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ، فَقَالَ:«هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو.
وَ «الْلابَةُ» : الْحَرَّةُ، وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا حِجَارَةٌ سُودٌ، وَجَمْعُهَا الْقَلِيلُ لابَاتٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ الثَّلاثِ إِلَى الْعَشْرِ، فَإِذَا كَثُرَتْ فَهِيَ الْلابُ وَاللُّوبُ.
وَقَوْلُهُ: «مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا» ، أَيْ: مَا بَيْنَ طَرَفَيْهَا.
وَقَوْلُهُ فِي أُحُدٍ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَادَ بِهِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَسُكَّانَهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُف: 82]، أَيْ: أَهْلِ الْقَرْيَةِ، قَالَ الإِمَامُ: وَالْأَوْلَى إِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلا يُنْكَرُ وَصْفُ الْجَمَادَاتِ بِحُبِّ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَوْلِيَاءِ، وَأَهْلِ الطَّاعَةِ، كَمَا حَنَّتِ الْأُسْطُوَانَةُ
عَلَى مُفَارَقَتِهِ حَتَّى سَمِعَ الْقَوْمُ حَنِينَهَا إِلَى أَنْ أَسْكَتَهَا الرَّسُولُ، وَكَمَا أُخْبِرَ أَنَّ حَجَرًا كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَحْيِ، فَلا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ جَبَلُ أُحُدٍ، وَجَمِيعُ أَجْزَاءِ الْمَدِينَةِ كَانَتْ تُحِبُّهُ، وَتَحِنُّ إِلَى لِقَائِهِ حَالَةَ مُفَارَقَتِهِ إِيَّاهَا، حَتَّى أَسْرَعَ إِلَيْهَا حِينَ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهَا، كَمَا أَقْبَلَ عَلَى الْأُسْطُوَانَةِ وَاحْتَضَنَهَا حِينَ سَمِعَ حَنِينَهَا عَلَى مُفَارَقَتِهِ.
2012 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ، أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ.
2013 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءَوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ، وَخَلِيلُكَ، وَنَبِيُّكَ، وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ، وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» ، ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ، فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مَالِكٍ.
وَقَوْلُهُ: «بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا» ، يُرِيدُ فِي طَعَامِنَا الْمُكَيَّلِ بِالصَّاعِ وَالْمُدِّ، وَدَعَا لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ فِي أَقْوَاتِهِمْ.
2014 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ، وَبِلالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ، كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ
…
وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ، فَيَقُولُ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
…
بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ
…
وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: «وَعِكَ» ، يُقَالُ: وَعِكَتُهُ الْحُمَّى تَعِكُهُ، فَهُوَ مَوْعُوكٌ، أَيْ: مَحْمُومٌ.
يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ، أَيْ: صَوْتَهُ.
وَالإِذْخِرُ مَعْلُومٌ، وَالْجَلِيلُ: نَبْتٌ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ الثُّمَامُ.
وَمَجَنَّةٌ: سُوقُ مَتْجَرٍ كَانَتْ بِقُرْبِ مَكَّةَ، وَشَامَةٌ وَطُفَيْلٌ: عَيْنَانِ هُنَاكَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُمَا جَبَلانِ حَتَّى أُثْبِتَ لِي أَنَّهُمَا عَيْنَانِ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْجُحْفَةَ كَانَتْ إِذْ ذَاكَ دَارُ الْيَهُودِ، فَلِذَلِكَ
دَعَا بِنَقْلِ الْحُمَّى إِلَيْهَا.
وَاحْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ، وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مِنَ الْأَنْصَارِ.
2015 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، نَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِدَهْمٍ أَوْ بِسُوءٍ، أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعْدٍ.
قَوْلُهُ: «بِدَهْمٍ» ، أَيْ: غَائِلَةٍ وَأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَجَيْشٌ دَهِمٌ، أَيْ: كَثِيرٌ.
2016 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلى الإِسْلامِ، فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي.
فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي.
فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي.
فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ،
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
الْكِيرُ: الزِّقُ الَّذِي يَنْفُخُ فِيهِ الْحَدَّادُ، وَالْكُورُ: مَا كَانَ مَبْنِيًّا بِالطِّينِ، وَقَوْلُهُ:«يَنْصَعُ» ، أَيْ: يَخْلُصُ، وَنَاصِعُ كُلِّ شَيْءٍ خَالِصُهُ.
2017 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى، يَقُولُونَ: يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: «تَأْكُلُ الْقُرَى» ، أَيْ يُجْلَبُ إِلَيْهَا طَعَامُ الْقُرَى، فَهِيَ تَأْكُلُهَا، وَأَرَادَ مَا يَحْصُلُ مِنَ الْفُتُوحِ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَيُصِيبُونَ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَأَضَافَ الْأَكْلَ إِلَى الْقَرْيَةِ، وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} [يُوسُف: 48]، أَضَافَ الْأَكْلَ إِلَى السِّنِينَ وَالْمُرَادُ أَهْلُ زَمَانِهَا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا تَمْثِيلٌ مُرَادُهُ أَنَّ الإِسْلامَ ابْتِدَاؤُهُ فِي الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَغْلِبُ عَلَى سَائِرِ الْقُرَى، وَيَعْلُو سَائِرَ الْمِلَلِ، فَكَأَنَّهَا قَدْ أَتَتْ عَلَيْهَا،
وَسُمِّيَتِ الْقَرْيَةُ قَرْيَةً، لاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا مِنْ: قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ، أَيْ: جَمَعْتُهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: يَا مُزَاحِمُ، أَخْشَى أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ نَفَتِ الْمَدِينَةُ.
2018 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«تَتْرُكُونَ الْمَدينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلا الْعَوَافِي» ، يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ، «وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدَانِهَا وُحُوشًا حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
الْعَوَافِي: طُلابُ الرِّزْقِ، يُقَالُ: رَجُلٌ عَافٍ، وَقَوْمٌ عُفَاةٌ.
2019 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، نَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، نَا أَنَسٌ، هُوَ ابْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ.
حَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ،
وَتُفْتَحُ الشَّامُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ».
وَفِي رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ: «ثُمَّ تُفْتَحُ الشَّامُ، ثُمَّ تُفْتَحُ الْعِرَاقُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
قَوْلُهُ: «يَبُسُّونَ» ، قِيلَ: الْبَسُّ سُرْعَةُ الذَّهَابِ، وَقِيلَ: الْبَسُّ السَّوْقُ اللَّيِّنُ، يُقَالُ: بَسَّ يَبُسُّ بَسًّا، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الْوَاقِعَة: 5]، أَيْ: سِيقَتْ، كَمَا قَالَ عز وجل:{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: 20]، ويُقَالُ: يَبُسُّونَ هُوَ أَنْ يُقَالَ فِي زَجْرِ الدَّابَّةِ عِنْدَ السَّوْقِ: بَسْ بَسْ، وَهُوَ صَوْتُ الزَّجْرِ إِذَا سُقْتُهَا، وَهُوَ مِنْ كَلامِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَفِيهِ لُغَتَانِ.
بَسَسْتُ وَأَبْسَسْتُ.
2020 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِرِيُّ، بِدَنْدَانَقَانَ، نَا وَالِدِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّاهِرِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، نَا أَبُو وَاثِلَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُزَنِيُّ، أَنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ.
حَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَدِينَةِ وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي إِلا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيامَةِ أوْ شَهِيدًا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ.
الْلَأْوَاءُ: شِدَّةُ الضِّيقِ.
2021 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، أَنا أَبُو مُعَاذٍ الشَّاهُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَأْمُونِ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ الْوَاسِطِيُّ، نَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ، أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.