المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحلق والتقصير - شرح السنة للبغوي - جـ ٧

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌12 - كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ تَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ إِذَا وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ

- ‌بَابُ حَجِّ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ لَا تَخْرُجُ إِلا مَعَ مَحْرَمٍ

- ‌بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌بَابُ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ وَعَنِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابٌ: الصَّرُورَةُ لَا يَحُجُّ عَنِ الْغَيْرِ

- ‌بَابُ أَشْهُرِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الاغْتِسَالِ لِلإِحْرَامِ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌بَابٌ: مِنْ أَيْنَ يُهِلُّ وَمَتَى يُهِلُّ

- ‌بَابُ مَنْ أَهَلَّ كَإِهْلالِ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ إِفْرَادِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ

- ‌بَابُ الاغْتِسَالِ لِدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ طَوَافِ الْقُدُومِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الطَّوَافُ

- ‌بَابُ اسْتِلامِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ

- ‌بَابُ الطَّوَافِ رَاكِبًا

- ‌بَابُ طَوَافِ النِّسَاءِ وَرَاءَ الرِّجَالِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الطَّوَافِ عُرْيَانًا

- ‌بَابُ الْحَائِضِ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌بَابُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ

- ‌بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌بَابُ أَيْنَ يُصَلَّى الظُّهْرُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الْوُقُوفِ وَتَقْصِيرِ الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ التَّغْلِيسِ بِالْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ الدَّفْعِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌بَابُ تَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ

- ‌بَابُ الرَّمْيِ عَلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌بَابُ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌بَابُ مِنْ أَيْنَ يَرْمِي

- ‌بَابُ الْحَاجِّ مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ وَقِسْمَةِ لُحُومِهَا وَجُلُودِهَا

- ‌بَابُ أَكْلِ لَحْمِ الْهَدْيِ

- ‌بَابُ إِذَا عُطِبَ الْهَدْيُ

- ‌بَابُ رُكُوبِ الْهَدْيِ

- ‌بَابُ الْحَلْقِ وَالْتَقْصِيرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ تَرْتِيبَ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ

- ‌بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌بَابُ وَقْتِ رَمْيِ أَيَّامِ مِنًى

- ‌بَابُ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْبَيْتُوتَةِ بِمنًى لَيَالِيهَا

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلرِّعَاءِ وَأَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ

- ‌بَابُ التَّحْصِيبِ وَنُزُولِ الْأَبْطَحِ

- ‌بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْحَائِضِ فِي تَرْكِ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ مِنَ اللِّبَاسِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحْرَمَ فِي ثِيَابِهِ

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ اغْتِسَالِ الْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ حِجَامَةِ الْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ

- ‌بَابُ جَوَازِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِنَ الْوَحْشِ

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌بَابُ الْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ يَحْلِقُ وَيَفْدِي

- ‌بَابُ الْمُحْرِمِ يَأْتِي امْرَأَتَهُ

- ‌بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌بَابُ فَوْتِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِلا إِحْرَامٍ

- ‌بَابُ خَرَابِ الْكَعْبَةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌بَابُ حَرَمِ الْمَدِيَنةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَحُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا وَدُعَائِهِ لَهَا

- ‌بَابُ الْمَدِينَةِ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَالدَّجَّالُ

الفصل: ‌باب الحلق والتقصير

‌بَابُ الْحَلْقِ وَالْتَقْصِيرِ

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الْحَج: 29]، قِيلَ: مَعْنَاهُ: لِيُزِيلُوا أَدْرَانَهُمْ، قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِآخَرَ: مَا أَتْفَثَكَ، أَيْ: مَا أَدْرَنَكَ، وَقِيلَ التَّفَثُ: الْأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ.

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: التَّفَثُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: إِذْهَابُ الشَّعَثِ.

1960 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرَبْرِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، نَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «حَلَقَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ

ص: 201

إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.

1961 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ» ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَالْمُقَصِّرِينَ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.

وَإِنَّمَا قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُحَلِّقِينَ فِي الدُّعَاءِ، مَعَ أَنَّ التَّقْصِيرَ جَائِزٌ، لِمُبَادَرَتِهِمْ إِلَى طَاعَتِهِ حِينَ أَمَرَ مِنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِالإِحْلالِ، وَالْمُقْصِرُونَ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَأَحَبُّوا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْمَقَامِ عَلَى إِحْرَامِهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَرَوْا بُدًّا مِنَ الإِحْلالِ

ص: 202

كَانَ التَّقْصِيرُ فِي نُفُوسِهِمْ أَخَفُّ مِنَ الْحَلْقِ، فَمَالُوا إِلَى التَّقْصِيرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِمْ طَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَّرَهُمْ عَنِ الدُّعَاءِ، لِتَأَخُّرِهِمْ عَنِ الطَّاعَةِ.

وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبَيْهِ.

قَالَ الإِمَامُ: أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الإِحْرَامُ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَحَلْقُ الرَّأْسِ، أَوِ التَّقْصِيرُ.

وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ: الإِحْرَامُ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ، وَالْحَلْقُ، أَوِ التَّقْصِيرُ.

وَفِي الْحَلْقِ قَوْلٌ آخَرُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِنُسُكٍ، بَلْ هُوَ مِنَ اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَلَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا لَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ، وَلا يُجْبَرُ بِالدَّمِ.

وَالتَّقْصِيرُ جَائِزٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنِ

ص: 203

أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ:«قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ» ، قَالَ الإِمَامُ: وَكَانَ هَذَا فِي الْعُمْرَةِ، لِأَنَّ الْحَاجَّ يَحْلِقُ بِمِنًى، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجُوزُ التَّقْصِيرُ لِمَنْ لَمْ يُلَبِّدْ رَأْسَهُ، فَأَمَّا مَنْ لَبَّدَ، فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَالتَّقْصِيرُ: هُوَ أَنْ يَقْطَعَ أَطْرَافَ شَعْرِهِ، وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ، وَأَقَلُّ فَرْضِ الْحَلْقِ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ ثَلاثَ شَعَرَاتٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَحْلِقُ رُبُعَ الرَّأْسِ.

وَالْمَرْأَةُ لَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا، بَلْ تُقَصِّرُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا» .

ص: 204

وَقَالَ الْحَكَمُ فِي تَقْصِيرِ شَعْرِ الْمَرْأَةِ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ.

وَالسُّنَّةُ فِي الْحَلْقِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِهِ، لِمَا

1962 -

أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ، فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: «

ص: 205

خُذْ»، وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ، فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ، فَقَالَ:«احْلِقْ» ، فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ:«اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ لِلْحَالِقِ: يَا غُلامُ، أَبْلِغِ الْعَظْمَ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ هَذَا الْعَظْمُ الَّذِي عِنْدَ مُنْقَطَعِ الصُّدْغَيْنِ.

وَوَقْتُ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ بَعْدَ الرَّمْيِ، ثُمَّ يَحْلِقُ، وَفِي الْعُمْرَةِ يَحْلِقُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ، ثُمَّ يَحْلِقُ.

وَتَرْتِيبُ أَعْمَالَهُ يَوْمَ النَّحْرِ: أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ، ثُمَّ يَذْبَحُ، ثُمَّ يَحْلِقُ، ثُمَّ

ص: 206

يَأْتِي مَكَّةَ، فَيَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَقِيبَ طَوَافِ الْقُدُومِ، يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ عَقِيبَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَعَى عَقِيبَ طَوَافِ الْقُدُومِ، فَلا سَعْيَ عَلَيْهِ بَعْدَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ، إِلا أَنْ يَشَاءَ.

رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ كَذَلِكَ.

ص: 207

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ» .

وَعَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:«أَفَاضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» .

قَالَ الإِمَامُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ طَوَافِ الإِفَاضَةِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، يُرْوَى عَنْ أَبِي حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ «يَزُورُ الْبَيْتَ أَيَّامِ مِنًى» .

ص: 208

وَلَوْ أَخَّرَهُ إِلَى مَا بَعْدِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا.

قَالَ الإِمَامُ: وَلِلْحَجِّ تَحَلُّلانِ، وَأَسْبَابُ التَّحَلُّلِ ثَلاثَةٌ: رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالْحَلْقُ، وَالطَّوَافُ، فَإِذَا أَتَى بِشَيْئَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثِ، فَقَدْ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ، وَحَلَّ لَهُ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ إِلا النِّسَاءَ، وَإِذَا أَتَى بِالثَّلاثِ حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ، هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْحَلْقَ نُسُكًا، وَعَدَّهُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ، فَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورِ، قَالَ: إِذَا رَمَى، فَقَدْ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ، وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلا النِّسَاءَ، وَإِذَا رَمَى وَطَافَ، حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَذَبَحَ، وَحَلَقَ، حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الإِحْرَامِ، إِلا النِّسَاءَ وَالطِّيبِ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، وَبِهِ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَالصَّيْدُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.

وَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الطِّيبُ أَيْضًا إِلا النِّسَاءَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ» ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.

ص: 209

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلا النِّسَاءَ» .

وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.

وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَلَهَا تُحَلُّلٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا طَافَ، وَسَعَى، وَحَلَقَ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ الْحَلْقَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ قَالَ: قَدْ حَلَّ بَعْدَ السَّعْيِ.

ص: 210