الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ إِذَا وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلا يَتَزَوَّدُونَ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ، سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [الْبَقَرَة: 197].
1847 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ.
حَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَا الْحَاجُّ؟ قَالَ: «الشَّعِثُ التَّفِلُ» ، فَقَامَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«الْعَجُّ وَالثَّجُّ» ، فَقَامَ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ:«زَادٌ وَرَاحِلَةٌ»
الْعَجُّ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ: نَحْرُ الْبُدْنِ.
قَالَ رحمه الله: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ الْمُكَلَّفَ الْقَادِرَ إِذَا وَجَدَ الزَّادَ، وَالرَّاحِلَةَ، وَأَمِنَ الطَّرِيقَ، يَلْزَمُهُ الْحَجُّ.
وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ رُكُوبِ الْبَحْرِ إِذَا لَمْ
يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَرْكَبِ الْبَحْرَ إِلا حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا» .
وَأَرَادَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَهْوِيلَ أَمْرِ الْبَحْرِ، وَخَوْفَ الْهَلاكِ مِنْهُ، كَمَا يَخَافُ مِنْ مُلامَسَةِ النَّارِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلا يُبَيِّنُ لِي أَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ رُكُوبَ الْبَحْرِ لِلْحَجِّ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى وُجُوبِهَا كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [الْبَقَرَة: 196]، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.