الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إِذَا عُطِبَ الْهَدْيُ
1953 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْهَدْيِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْحَرْهَا، ثُمَّ أَلْقِ قِلادَتَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُونَهَا» .
هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلا، وَرَوَاه عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْبُدْنِ؟ قَالَ:«انْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا فَيَأْكُلُونَهَا» .
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فُلانًا الْأَسْلَمِيَّ، وَبَعَثَ مَعَهُ ثَمَانِي عَشْرَةَ بَدَنَةً، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أُزْحِفَ عَلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ! قَالَ: «تَنْحَرَهَا ثُمَّ تَصْبِغُ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْهَا عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» .
قَالَ الإِمَامُ: إِذَا سَاقَ هَدْيًا، فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ بُلُوغِ الْمَنْسَكِ يَذْبَحُهُ، ثُمَّ يَنْظُرُ إِنْ كَانَ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِنَذْرٍ لَا يَحِلُّ لَهُ، وَلا لِأَهْلِ رُفْقَتِهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ، بَلْ يَغْمِسُ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، فَيَضْرِبُ صَفْحَةَ سَنَامِهِ، وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ.
وَذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَنْ مَرَّ بِهِ أَنَّهُ هَدْيٌ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَكَلَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَلَّ لِأَهْلِ رُفْقَتِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَنْحَرَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِذَا قَرِمَ إِلَى اللَّحْمِ، وَيَعْتَلُّ بِعَلَّةِ الْعَطَبِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ عَيَّنَهُ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ بِنَذْرٍ، أَوْ هَدْيٍ لَزِمَهُ بِتَمَتُّعٍ، أَوْ قِرَانٍ، أَوْ وَاجِبٍ فِي الْحَجِّ، فَلَهُ أَنْ يَتَمَوَّلَهُ وَأَكَلَهُ إِذَا عَطِبَ، وَالْأَصْلُ فِي ذِمَّتِهِ.
وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ، فَذَهَبَ بَضْعُهُمْ إِلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَمَوَّلَهُ وَيَأْكُلَهُ، وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ كَالإِيجَابِ، فَيَذْبَحُهُ وَلا يَحِلُّ لَهُ وَلا لِأَهْلِ رُفْقَتِهِ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَمَنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا، غَرِمَهُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَهُوَ قَوْلُ أحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَهْدَى بَدَنَةً، فَضَلَّتْ، أَوْ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ نَذْرًا أَبْدَلَهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا، فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا.
قَالَ الإِمَامُ: أَرَادَ بِالنَّذْرِ إِذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا ضَلَّتْ، أَوْ مَاتَتْ، فَالْأَصْلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ أَوْجَبَهَا ابْتِدَاءًا، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ الضَّلالِ ذَبَحَهَا.