المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جزاء الصيد - شرح السنة للبغوي - جـ ٧

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌12 - كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ تَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ إِذَا وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ

- ‌بَابُ حَجِّ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ الْمَرْأَةِ لَا تَخْرُجُ إِلا مَعَ مَحْرَمٍ

- ‌بَابُ حَجِّ الصَّبِيِّ

- ‌بَابُ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ وَعَنِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابٌ: الصَّرُورَةُ لَا يَحُجُّ عَنِ الْغَيْرِ

- ‌بَابُ أَشْهُرِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌بَابُ الاغْتِسَالِ لِلإِحْرَامِ

- ‌بَابُ التَّطَيُّبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ

- ‌بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ

- ‌بَابٌ: مِنْ أَيْنَ يُهِلُّ وَمَتَى يُهِلُّ

- ‌بَابُ مَنْ أَهَلَّ كَإِهْلالِ غَيْرِهِ

- ‌بَابُ إِفْرَادِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ

- ‌بَابُ الاغْتِسَالِ لِدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ مَكَّةَ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ

- ‌بَابُ طَوَافِ الْقُدُومِ

- ‌بَابُ كَيْفَ الطَّوَافُ

- ‌بَابُ اسْتِلامِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَتَقْبِيلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ

- ‌بَابُ الطَّوَافِ رَاكِبًا

- ‌بَابُ طَوَافِ النِّسَاءِ وَرَاءَ الرِّجَالِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الطَّوَافِ عُرْيَانًا

- ‌بَابُ الْحَائِضِ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الطَّوَافِ

- ‌بَابُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ

- ‌بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌بَابُ أَيْنَ يُصَلَّى الظُّهْرُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ

- ‌بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

- ‌بَابُ الدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ فَضْلِ يَوْمِ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ تَعْجِيلِ الْوُقُوفِ وَتَقْصِيرِ الْخُطْبَةِ

- ‌بَابُ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ

- ‌بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ التَّغْلِيسِ بِالْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌بَابُ الدَّفْعِ مِنْ جَمْعٍ

- ‌بَابُ تَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ

- ‌بَابُ الرَّمْيِ عَلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌بَابُ حَصَى الرَّمْيِ

- ‌بَابُ مِنْ أَيْنَ يَرْمِي

- ‌بَابُ الْحَاجِّ مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ وَقِسْمَةِ لُحُومِهَا وَجُلُودِهَا

- ‌بَابُ أَكْلِ لَحْمِ الْهَدْيِ

- ‌بَابُ إِذَا عُطِبَ الْهَدْيُ

- ‌بَابُ رُكُوبِ الْهَدْيِ

- ‌بَابُ الْحَلْقِ وَالْتَقْصِيرِ

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ تَرْتِيبَ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ

- ‌بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى

- ‌بَابُ وَقْتِ رَمْيِ أَيَّامِ مِنًى

- ‌بَابُ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْبَيْتُوتَةِ بِمنًى لَيَالِيهَا

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلرِّعَاءِ وَأَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ

- ‌بَابُ التَّحْصِيبِ وَنُزُولِ الْأَبْطَحِ

- ‌بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْحَائِضِ فِي تَرْكِ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌بَابُ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ مِنَ اللِّبَاسِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحْرَمَ فِي ثِيَابِهِ

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ اغْتِسَالِ الْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ حِجَامَةِ الْمُحْرِمِ

- ‌بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ

- ‌بَابُ جَوَازِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ

- ‌بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِنَ الْوَحْشِ

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌بَابُ الْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ يَحْلِقُ وَيَفْدِي

- ‌بَابُ الْمُحْرِمِ يَأْتِي امْرَأَتَهُ

- ‌بَابُ الإِحْصَارِ

- ‌بَابُ فَوْتِ الْحَجِّ

- ‌بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِلا إِحْرَامٍ

- ‌بَابُ خَرَابِ الْكَعْبَةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌بَابُ حَرَمِ الْمَدِيَنةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ وَحُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا وَدُعَائِهِ لَهَا

- ‌بَابُ الْمَدِينَةِ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَالدَّجَّالُ

الفصل: ‌باب جزاء الصيد

‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [الْمَائِدَة: 95].

1992 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ.

حَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ:" سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الضَّبُعِ: أَصَيْدٌ هِيَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: أَيُؤْكَلُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ ".

ص: 270

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَابْنُ أَبِي عَمَّارٍ، هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْد، عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّار، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ؟ فَقَالَ: «هُوَ صَيْدٌ، وَيَجْعَلُ فِيهِ كَبْشًا إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ» .

قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِبَاحَةِ لَحْمِ الضَّبُعِ، فَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِبَاحَةُ لَحْمِ الضَّبُعِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ» ، وَهَذَا عِنْدَ الْآخَرِينَ عَامٌّ خَصَّهُ حَدِيثُ جَابِرٍ.

قَالَ أَبُو عِيسَى: وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كَرَاهِيَةِ لَحْمِ السَّبُعِ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.

1993 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ «قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الْجَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ» .

ص: 271

الْعَنَاقُ: الْأُنْثَى مِنْ أَوْلادِ الْمَعِزِ، وَالْجَفْرَةُ: الْأُنْثَى مِنْ أَوْلادِ الْمَعِزِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّهُ قَضَى فِي أُمِّ حُبَيْنِ بِحُلانٍ مِنَ الْغَنَمِ.

وَأُمُّ حُبَيْنِ: دُوَيْبَةٌ عَلَى خِلْقَةِ الْحَرْبَاءِ عَرِيضَةُ الْبَطْنِ، وَالْحَبَنُ: عِظَمُ الْبَطْنِ، وَالحُلانُ وَالحُلامُ: وَلَدُ الْمِعْزَى، وَيُقَالُ: الْحَلامُ: الْحَمَلُ.

وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ، وَفِي الشَّاةِ مِنَ الظِّبَاءِ شَاةٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ فِي النَّعَامَةِ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ، وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَثَلَ الْمَجْهُولَ فِي الصَّيْدِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ، لَا مِنْ طَرِيقِ الْقِيمَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ مِنَ الْغَنَمِ جَزَاءٌ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ هَذِهِ الصُّيُودِ، سَوَاءٌ وَفَتْ بِقِيمَتِهَا، أَوْ لَمْ تَفِ بِهَا، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ مَوْكُولا إِلَى الاجْتِهَادِ، لِأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ بَدَلَهُ مُقَدَّرًا.

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى إِيجَابِ الْمَثَلِ مِنَ النَّعَمِ: عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ حَكَمُوا فِي بُلْدَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَزْمَانٍ شَتَى بِالْمَثَلِ مِنَ النَّعَمِ، فَحَكَمَ حَاكِمُهُمْ فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَهِيَ لَا تُسَاوِي بَدَنَةً، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بِبَقَرَةٍ وَهِيَ لَا تُسَاوِي بَقَرَةً، وَفِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَهِيَ لَا تُسَاوِي كَبْشًا، فَدَلَّ أَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى مَا يَقْرُبُ مِنَ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ شَبَهًا مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةِ.

ص: 272

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي صِغَارِ أَوْلادِهَا صِغَارُ أَوْلادِ هَذِهِ.

وَإِذَا أَصَابَ صَيْدًا أَعْوَرَ، أَوْ مَكْسُورًا، فَدَاهُ مِثْلَهُ، وَالصَّحِيحُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَيْءٍ فُدِيَ، فَفِي أَوْلادِهِ مِثْلَ مَا يَكُونُ فِي كِبَارِهِ، كَمَا أَنَّ دِيَةَ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ سَوَاءٌ.

وَلَوِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فِي قَتْلِ صَيْدٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إِلَى جَزَاءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، كَمَا لَوْ قَتَلُوا رَجُلا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ.

قَالَ رحمه الله: ثُمَّ هُوَ فِي الْجَزَاءِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ، فَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَيَتَصَدَّقَ بِالطَّعَامِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ يَوْمًا.

وَلَهُ أَنْ يَصُومَ حَيْثُ يَشَاءُ، لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمَسَاكِينِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يُخْرِجِ الْمِثْلَ يُقَوِّمِ الصَّيْدَ، ثُمَّ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ طَعَامًا، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقَوِّمَ الصَّيْدَ، فَإِنْ شَاءَ، صَرَفَ قِيمَتَهَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعَمِ، وَإِنْ شَاءَ إِلَى الطَّعَامِ، فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ بِرٍّ، أَوْ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ شَاءَ، صَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ، أَوْ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ يَوْمًا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَيَصُومُ بِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا.

رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي بَيْضَةِ النَّعَامَةِ يُصِيبُهَا الْمُحْرِمُ: صَوْمُ يَوْمٍ، أَوْ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ، وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

ص: 273

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ غُلامًا مِنْ قُرَيْشٍ قَتَلَ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ، فَأَمَرَ أَنْ يُفْدَى عَنْهُ بِشَاةٍ، وَمِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِي حَمَامِ مَكَّةَ.

وَالْحَمَامُ: كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْحَمَامِ مِنْ صَيْدِ الطَّيْرِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ، أَوْ فِي الْحَرَمِ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ يُصْرِفُهَا إِلَى الطَّعَامِ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَقِيلَ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الْحَمَامِ مِنْ عِظَامِ الطَّيْرِ كَالْكُرْكِيِّ، وَالْبَطِّ، وَالْحُبَارَى: شَاةٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ.

وَأَمَّا صَيْدُ الْبَحْرِ، فَحَلالٌ لِلْمُحْرِمِ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [الْمَائِدَة: 96] الْآيَةَ.

وَكَذَلِكَ ذَبْحُ مَا لَيْسَ بِصَيْدٍ كَالنَّعَمِ، وَالدَّجَاجِ، وَالْخَيْلِ حَلالٌ لِلْمُحْرِمِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَرَادِ، فَرَخَّصَ فِيهِ قَوْمٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَصِيدَهَا وَيَأْكُلَهَا، وَقَالُوا: هِيَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَقَالَ: إِنْ هُوَ إِلا نَثْرَةَ حُوتٍ يَنْثُرُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ أَرَادَ بِنَثْرَةِ الْحُوتِ: عَطْسَتَهُ.

ص: 274

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ مَرْفُوعًا «الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ» .

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى الْمُحْرِمِ، فَإِنْ أَصَابَهَا، فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَصَبْتُ جَرَادَاتٍ بِسَوْطِي وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ.

وَسَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ نَحْكُمُ، فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ، وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّكَ لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ، لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ.

ص: 275