الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [الْبَقَرَة: 199].
1925 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ، نَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:" كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ، أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عليه السلام أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [الْبَقَرَة: 199] ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ.
وَقَوْلُهُ: «يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ» ، مِنَ الْحَمَاسَةِ: وَهِيَ الشِّدَةُ، سُمُّوا بِهِ لِشَدَّتِهِمْ وَصَلابَتِهِمْ فِي دِينِهِمْ، كَانُوا لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْحَرَمِ لِلْوُقُوفِ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ قَطِينُ اللَّهِ يَعْنِي سُكَّانَ حَرَمِ اللَّهِ، وَعَرَفَاتٌ خَارِجُ الْحَرَمِ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِعَرَفَةَ.
قَالَ الإِمَامُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، فَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فِي وَقْتِهِ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَوَقْتُهُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَمَنْ حَصَّلَ مِنَ الْحَاجِّ بِعَرَفَةَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَإِلا فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَقَفَ فِيهَا، جَازَ، وَالاخْتِيَارُ قُرْبُ الإِمَامِ.
1926 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، نَا أَبِي، عَنْ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، فِي حَدِيثِهِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«نَحَرْتُ هَهُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ، وَوَقَفْتُ هَا هُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَا هُنا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: تَعْلَمُونَ أَنَّ عَرَفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ إِلا بَطْنَ عُرَنَةَ، وَأَنَّ الْمُزْدَلِفَةَ كُلَّهَا مَوْقِفٌ إِلا بَطْنَ مُحَسِّرٍ، وَيُرْوَى هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا.
1927 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ.
حَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ خَالٍ لَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، يُقَالُ لَهُ: يَزِيدُ بْنُ شَيْبَانَ، قَالَ: كُنَّا فِي مَوْقِفٍ لَنَا بِعَرَفَةَ يُبَاعِدُهُ عَمْرٌو مِنَ الإِمَامِ جِدًّا، فَأَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكُمْ «يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ ابْنُ مِرْبَعٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
وَابْنُ مِرْبَعٍ: اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ مِرْبَعٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ.
وَالْمَشَاعِرُ: الْمَعَالِمُ.
وَقَوْلُهُ: «فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثِ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» ، أَيْ: عَلَى بَقِيَّةٍ مِنْ شَرَائِعِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، يُرِيدُ: قِفُوا بِعَرَفَاتٍ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهَا مَشْعَرًا، وَمَوْقِفًا لِلْحَاجِّ، وَمَا يَفْعَلُهُ قُرَيْشٌ مِنَ الْوُقُوفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَتَرْكِ عَرَفَةَ شَيْءٌ أَحْدَثُوهُ مِنْ عَنْدِ أَنْفُسِهِمْ، لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ وَقَفَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ حَجُّهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: حَجُّهُ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَمَنْ صَدَرَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ شَاةٍ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ لَا يَسْقُطُ.