الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ أَحْرَمَ فِي ثِيَابِهِ
1978 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ.
حَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، وَعَلَيْهِ مُقَطَّعَةٌ يَعْنِي: جُبَّةً، وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَحْرَمْتُ بِالْعُمْرَةِ وَهَذِهِ عَلَيَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا كُنْتُ تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ؟» ، قَالَ: كُنْتُ أَنْزَعُ هَذِهِ الْمُقَطَّعَةَ، وَأَغْسِلُ هَذَا الْخَلُوقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ، فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ
سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَطَاءٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ، أَوْجَبَهُ، لَا يُمَزَّقُ عَلَيْهِ، بَلْ إِنْ نَزَعَهُ فِي الْحَالِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَحُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَشُقُّهُ، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ يُمَزَّقُ عَلَيْهِ، وَالسُّنَّةُ بِخِلافِهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلا، فَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الرَّجُلَ السَّائِلَ كَانَ جَاهِلا بِالْحُكْمِ، قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالإِسْلامِ، وَلَمْ يَأْمُرُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْفِدْيَةِ، وَالنَّاسِي فِي مَعْنَى الْجَاهِلِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، أَمَّا مَا كَانَ مِنْ بَابِ الإِتْلافَاتِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ كَالْحَلْقِ، وَالْقَلْمِ، وَقَتْلِ الصَّيْدِ، فَلا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعَامِدِ، وَالنَّاسِي، وَالْجَاهِلِ، فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ، وَاخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي جِمَاعِ النَّاسِي هَلْ يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَهَلْ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ أَمْ لَا؟.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ نَاسِيًا، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي فِي شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، أَنَّهُ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ.
وَلَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ، أَوِ الْخُفِّ لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، أَوْ لَبِسَ السِّلاحَ لِخَوْفٍ، فَجَائِزٌ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَقَدْ يُحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ الإِحْرَامِ بِمَا يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ الإِحْرَامِ، فَإِنَّهُ لَمَّا أُخْبِرَ بِغَسْلِ
الْخَلُوقِ، لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«انْزَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ» ، وَمَنْ أَبَاحَ التَّطَيُّبَ لِلْإِحْرَامِ، قَالَ: لَمْ يَأْمُرْهُ بِغَسْلِهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اسْتِدَامَةَ الطِّيبِ بَعْدَ الإِحْرَامِ حَرَامٌ، لَكِنْ مِنْ قِبَلِ أَنَّ التَّضَمُّخَ بِالزَّعْفَرَانِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ فِي حَالَتَيْ حُرْمِهِ وَحِلِّهِ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ.
وَقَوْلُهُ: «فَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ» ، يُرِيدُ اجْتِنَابَ النِّسَاءِ، وَالطِّيبِ، وَاللِّبَاسَ دُونَ أَعْمَالِ النُّسُكِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعُمْرَةِ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مَعَ تَوَابِعِهِ.
وَمَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ مِثْلَ أَنْ لَبِسَ، وَتَطَيَّبَ، وَحَلَقَ، وَقَلَّمَ، تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ، وَإِنِ اتَّفَقَ الْجِنْسُ مِثْلَ أَنْ لَبِسَ عِمَامَةً، وَقَمِيصًا، وَخُفًّا، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَشَعْرَ بَدَنِهِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ تَتَعَدَّدُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ فَعَلَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ عِكْرِمَةُ: إِذَا خَشِيَ الْعَدُوَّ لَبِسَ السِّلاحَ، وَافْتَدَى، وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ فِي الْفِدْيَةِ.