الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْهَدْيِ وَقِسْمَةِ لُحُومِهَا وَجُلُودِهَا
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [الْبَقَرَة: 196]، قَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ: مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ.
وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الْحَج: 36]، قِيلَ: الْقَانِعُ: الَّذِي يَسْأَلُ، يُقَالُ: قَنَعَ قُنُوعًا إِذَا سَأَلَ، وَقَنَعَ قَنَاعَةً: إِذَا عَفَّ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، وَالْمُعَتَرُّ: الَّذِي يُعَرِّضُ وَلا يَسْأَلُ، وَالْهَدْيُ وَالْهدي: مَا يُهْدَى إِلَى بَيْتِ اللَّهِ عز وجل مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، الْوَاحِدَةُ: هَدْيَةٌ وَهَدِيَّةٌ، أَهْلُ الْحِجَازِ يُخَفِّفُونَ الْهَدْيَ، وَتَمِيمٌ يثَقِّلُونَ الْيَاءَ.
1951 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو نُعَيْمٍ، نَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: حَدَّثَني ابْنُ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ عَلِيًّا، حَدَّثَهُ قالَ:«أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ بَدَنَةٍ، فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا، فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ أَمَرَني بِجِلالِهَا، فَقَسَمْتُهَا، ثُمَّ بِجُلُودِهَا، فَقَسَمْتُهَا» .
رَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيّ عَنْ مُجَاهِدٍ، بِإِسْنَادِهِ، وَزَادَ: «وَأَنْ لَا أَعْطِيَ
الْجَزَّارَ مِنْهَا»، قَالَ:«نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ.
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا ذَبَحَهُ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ عليه السلام لَمْ يُجَوِّزْ أَنْ يُعْطِيَ الْجَزَّارَ شَيْئًا مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ، لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا ذَبَحَهُ لِلَّهِ سبحانه وتعالى مِنْ أُضْحِيَةٍ، وَعَقِيقَةٍ، وَنَحْوِهَا.
وَهَذَا إِذَا أَعْطَاهُ عَلَى مَعْنَى الْأُجْرَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَلا بَأْسَ بِهِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الْجَازِرَ الْجَلْدَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَشُقُّ مِنَ الْجِلالِ إِلا مَوْضِعَ السَّنَامِ، وَإِذَا نَحَرَهَا، نَزَعَ جِلالَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ الْقَبَاطِيَّ، وَالْأَنْمَاطَ، وَالْحِلَلَ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ، فَيَكْسُوهَا.
وَسَأَلَ مَالِكٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ: مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ بِجِلالِ بُدْنِهِ حِينَ كُسِيَتِ الْكَعْبَةُ هَذِهِ الْكِسْوَةَ؟ فَقَالَ: كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا.