الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَوَازِ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ
1987 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ، تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا، فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ، فَأَبَوْا، فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَتَى بَعْضُهُمْ، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:«إِنَّمَا طُعْمَةٌ أَطْعَمَكَمُوهَا اللَّهُ» .
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ، إِلا أَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَ مُحَمَّدٌ الْحَدِيثَيْنِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ: فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ، فَرَأَيْتُهُ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ، فَطَعَنْتُهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟» ، قُلْنَا: مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَكَلَهَا.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا ضَحِكَ لِرُؤْيَةِ الصَّيْدِ، فَفَطِنَ الْحَلالُ، فَأَخَذَهُ وَذَبَحَهُ، يُحِلُّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ.
1989 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ.
حَ وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الإِحْرَامِ حَلالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوا، أَوْ يُصَادَ لَكُمْ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: وَالْمُطَّلِبُ لَا نَعْرِفُ لَهُ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا: يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ لَحْمِ الصَّيْدِ إِذَا لَمْ يَصْطَدْ لِنَفْسِهِ، وَلا اصْطِيدَ لِأَجْلِهِ، أَوْ بِأَمْرِهِ وَبِإِشَارَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنِ اصْطِيدَ لِأَجْلِهِ أَوْ بِإِشَارَتِهِ، فَلا يَحِلُّ لَهُ، وَيَحِلُّ لِغَيْرِهِ، رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْعَرْجِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا، فَقَالُوا: أَوَلا تَأْكُلُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي.
وَإِلَيْهِ
ذَهَبَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ يَتَزَوَّدُ صَفِيفَ الظِّبَاءِ فِي الإِحْرَامِ، وَأَرَادَ بِصَفِيفِ الظِّبَاءِ قَدِيدَهَا، يُقَالُ صَفَفْتُ اللَّحْمَ، أَصُفُّهُ صَفًّا.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ لَحْمَ الصَّيْدِ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بِكُلِّ حَالٍ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ، وَقَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ صَعْبِ بْنِ جُثَامَةَ، وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ مَنْ أَبَاحَهُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُ عَلَيْهِ لِمَا ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ، فَتَرَكَهُ عَلَى التَّنَزُّهِ كَمَا رَوَيْنَا عَنْ عُثْمَانَ، رضي الله عنه، وَلَوْ أَنَّ مُحْرِمًا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ، فَقَتَلَهُ الْمَدْلُولُ، لَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ، وَقَدْ أَسَاءَ بِالدِّلالَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.