الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ رُكُوبِ الْهَدْيِ
1954 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ لَهُ:«ارْكَبْهَا» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقَالَ:«ارْكَبْهَا وَيْلَكَ» فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
1955 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبَّهٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً،
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبْهَا» ، فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«وَيْلَكَ ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ ارْكَبْهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ سَاقَ بَدَنَةً هَدْيًا، جَازَ لَهُ رُكُوبُهَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِهَا، وَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْكَبُهَا إِلا أَنْ يَضْطَرَّ إِلَيْهِ، لِمَا
1956 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عبْدِ اللَّهِ، سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَرْكَبُهَا، فَإِنْ فَعَلَ لِضَرُورَةٍ، وَنَقَصَهَا الرُّكُوبُ، ضِمْنَ النُّقْصَانِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ.
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: إِذَا اضْطَرَرْتَ إِلَى بَدَنَتِكَ، فَارْكَبْهَا رُكُوبًا غَيْرَ فَادِحٍ، وَإِنِ اضْطَرَرْتَ إِلَى لَبَنِهَا، فَاشْرَبْ مَا بَعْدَ ري فَصِيلِهَا، فَإِذَا
نَحَرْتَهَا، فَانْحَرْ فَصِيلَهَا مَعَهَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِذَا أَنَتَجَتِ الْبَدَنَةُ، فَلْيَحْمِلْ وَلَدَهَا حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَحْمَلٌ، فَلْيَحْمِلْ عَلَى أُمِّهِ حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا.
قَالَ الإِمَامُ: وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْهَدْيَ إِذَا وَلَدَتْ، يُذْبَحُ الْوَلَدُ مَعَهَا، وَيَجُوزُ شُرْبُ لَبَنِهَا بَعْدَ الْفَضْلِ عَنْ رَيِّ الْوَلَدِ.
قَالَ الإِمَامُ: وَالْهَدْيُ الْوَاجِبُ بِالشَّرْعِ، أَوْ بِالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ مُخْتَصٌّ بِالنَّعَمِ، وَهِيَ الإِبِلُ، وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَهْدِيَ شَيْئًا آخَرَ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ مَتَاعٍ يَلْزَمُ، وَعَلَيْهِ حَمْلُهُ إِلَى مَكَّةَ، وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهُ، بَاعَهُ، وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُهْدِيَ بِالذُّكُورِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَهْدَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَلا كَانَ لِأَبِي جَهْلٍ، فِي رَأْسِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، يَغِيظُ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ» .
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الذُّكُورَ مِنَ الإِبِلِ.
وَتَجُوزُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَلا تَجُوزُ الشَّاةُ إِلا عَنْ وَاحِدٍ، رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ذَبَحَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ» .
وَالسُّنَّةُ أَنْ تُنْحَرَ الإِبِلُ قِيَامًا، لِمَا
1957 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَةً يَنْحَرُهَا، قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَذْبَحَهَا الْمُهْدِي بِيَدِهِ إِنْ قَدِرَ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَيْنَا عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ بَدَنَةً، فَنَحَرَ مِنْهَا ثَلاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ.
1958 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نَا أَبُو عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِنَّ أَفْضَلَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِبَدَنَاتٍ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرْطٍ: فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلِمَةٍ خَفيَّةٍ، فَلَمْ أَفْهَمْهَا، فَسَأَلْتُ الَّذِي يَلِيهِ، فَقَالَ: قَالَ: «مَنْ شَاءَ فَلْيَقْتَطِعْ» .
قَوْلُهُ: «الْقِرُّ» ، هُوَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، سُمِّيَ بِهِ، لِأَنَّهُ أَهْلُ الْمَوْسِمِ
يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَعَرَفَةَ، وَالنَّحْرِ فِي تَعَبٍ مِنَ الْحَجِّ، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ قَرُّوا بِمِنًى.
وَقَوْلُهُ: «يَزْدَلِفْنَ» ، أَيْ: يَقْتَرِبْنَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشُّعَرَاء: 90].
وَفِي قَوْلِهِ: «مَنْ شَاءَ فَلْيَقْتَطِعْ» ، دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ، وَفِيهِ دِلالَةٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ النُّثَارِ فِي عَقْدِ الإِمْلاكِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النُّهْبَى الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ خَوْفًا أَنْ يَدْخُلَ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ النُّهْبَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1959 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُوَجِّهُهُ لِلْقِبْلَةِ يُقَلِّدُهُ نَعْلَيْنِ، وَيُشْعِرُهُ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ حَتَّى يُوقَفَ بِعَرَفَةَ مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ يَدْفَعَ بِهِ، فَإِذَا قَدِمَ مِنًى غَدَاةَ النَّحْرِ، نَحَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ، وَكَانَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ بِيَدِهِ، يَصُفُّهُنَّ قِيَامًا، وَيُوَجِّهُهُنَّ لِلْقِبْلَةِ، ثُمَّ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ» .
وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ إِذَا وَخَزَ فِي سَنَامِ بَدَنِهِ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ بِمَكَّةَ يُخْرِجُهُ إِلَى الْحِلِّ، ثُمَّ يَسُوقُهُ إِلَى مَكَّةَ، فَيُنْحَرُ بِهَا.