الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ
1924 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: «كَانَ يُهِلُّ الْمُهِلُّ مِنَّا، فَلا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ الْمُكَبِّرُ فَلا يُنْكَرُ عَلَيْهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ، مِنَّا الْمُلَبِّي، وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا رُخْصَةٌ، وَذَهَبَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْحَاجَّ يُدِيمُ
التَّلْبِيَةَ إِلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» .
أَمَّا التَّكْبِيرُ أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، فَمَشْرُوعٌ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، مَنْ صَلَّى مِنْهُمْ جَمَاعَةً، أَوْ وَحْدَهُ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يُبْتَدَأُ التَّكْبِيرُ عَقِيبَ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيُخْتَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يُصَلِّي صَلاةَ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ يَسْتَنِدُ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَللَّهِ الْحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ إِلَى صَلاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ".
وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ عَقِيبَ صَلاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ، يَقُولُ:«اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَللَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ مَا هَدَانَا» .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يُبْتَدَأ ُ التَّكْبِيرُ عَقِيبَ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَيُخْتَمُ بَعْدَ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ لِأَنَّ النَّاسَ فِيهِ تِبَعٌ لِلْحَاجِّ، وَذِكْرُ الْحَاجِّ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ التَّلْبِيَةُ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يُبْتَدَأُ عَقِيبَ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيُخْتَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُكَبِّرُ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ.
وَالنِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ أَيْضًا أَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ، وَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُونَ، وَأَهْلُ السَّوَادِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُكَبِّرُ النِّسَاءُ وَلا الْمُسَافِرُونَ، وَلا أَهْلُ السَّوَادِ، وَلا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، رُوِيَ عَنْ كُرَيْبٍ، قَالَ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُلَبِّي حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَكَبَّرَتْ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلَهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يُكَبِّرْنَ لَيَالِي التَّشْرِيقِ بِتَكْبِيرِ الإِمَامِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي التَّكْبِيرِ خَلْفَ النَّوَافِلِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يُكَبِّرَانِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خَلْفَ النَّافِلَةِ.
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ صَلَّى الضُّحَى فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا فَرَغَ، جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمَنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي الرَّجُلِ يَسْبِقُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِبَعْضِ الصَّلاةِ، فَيُكَبِّرُ الإِمَامُ؟ قَالَ: يَقْضِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ.
وَكَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ الصَّلاةِ خَلْفَ الإِمَامِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، قَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ كَبَّرَ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَسَأَلْتُ الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا عَنِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي الْمَسَاجِدِ، فَقَالَ: هُوَ مُحْدَثٌ، وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: هُوَ مُحْدَثٌ، وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ: أَوَّلُ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ.