الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[338] مسندُ مازنِ بنِ الغَضوبةِ
4999 -
عن مازنِ بنِ الغَضوبةِ قالَ: كنتُ أَسدنُ صنماً يُقالُ له باحرٌ بسمائلَ قريةٍ بعُمانَ، فعتَرْنا ذاتَ يومٍ عندَه عَتيرةً - وهي الذَّبيحةُ - فسمعتُ صوتاً مِن الصنمِ يقولُ:
يا مازنُ اسمَعْ تُسر
…
ظَهرَ خيرٌ وبطنَ شر
بُعثَ نبيٌّ مِن مُضْر
…
بِدينِ اللهِ الأكبرْ
فدَعْ نحيتاً مِن حَجرْ
…
تَسلمْ مِن حرِّ سقرْ
قالَ: ففزعتُ لذلكَ، وقلتُ: إنَّ هَذا لعجبٌ، ثم عترتُ بعدَ أيامٍ عتيرةً فسمعتُ صوتاً مِن الصنمِ يقولُ:
أَقبلْ إليَّ أَقبلْ
…
تَسمعْ ما لا تجهلْ
هذا نبيٌّ مرسلْ
…
جاءَ بحقٍّ مُنزلْ
فآمِنْ به كي تعدلْ
…
عن حرِّ نارٍ تَشتعلْ
وقودُها بالجندلْ
فقلتُ: إنَّ هذا لعجبٌ، وإنَّه لخيرٌ يُرادُ بِنا، فَبينا نحنُ كذلكَ إذ قدَم رجلٌ مِن الحجازِ، فقُلنا: ما الخبرُ وراءَكَ؟ قالَ: ظهرَ رجلٌ يُقالُ له أحمدُ يقولُ لِمَن أَتاهُ: أَجيبوا داعيَ اللهِ، قلتُ: هَذ نبأُ ما قد سمعتُ، فبؤتُ إلى الصنمِ، فكسرتُهُ أَجذاذاً، وركبتُ راحِلَتي، فقدمتُ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فشرحَ لي الإسلامَ، فأَسلمتُ وقلتُ:
كسرتُ باحرَ أجذاذاً وكانَ لنا
…
رباً نطيفُ به عمياً لضلالِ
بالهاشميِّ هُدينا مِن ضلالَتِنا
…
ولم يَكنْ دِينُه مِني على بالِ
يا راكباً بلِّغنْ عَمراً وإخوتَهُ
…
إنِّي لِمَن قالَ ربِّي باحرٌ قالي
يعني عَمرو بنَ الصلتِ وإخوتَه بَني خطامةَ.
قالَ مازنٌ: فقلتُ يا رسولَ اللهِ، إنِّي امرؤٌ مولعٌ بالطَّربِ وبشربِ الخمرِ وبالهَلوكِ - قالَ ابنُ الكلبيِّ: والهَلوكُ الفاجرةُ مِن النساءِ - وأَلحَّت علينا السنونُ فأَذهبت الأَموالَ وأَهزَلْنَ الذَّراري والعيالَ، وليسَ لي ولدٌ، فادعُ اللهَ أَن يُذهِبَ عنِّي ما أَجدُ ويأْتيَنا بالحياءِ ويهبَ لي ولداً، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اللهمَّ بدِّلْه بالطَّربِ قراءةَ القرآنِ، وبالحرامِ الحلالَ، وبالعهرِ عفةَ الفرجِ، وبالخمرِ ريّاً لا إثمَ فيه، وائْتِهِ بالحياءِ، وهبْ له ولداً» .
قالَ مازنٌ: فأذهَبَ اللهُ عنِّي ما كنتُ أَجدُ، وأَتانا بالحياءِ، وتَعلمتُ شَطرَ القرآنِ، وخصب عُمانُ، وحَججتُ حججاً، ووهبَ اللهُ لي حيانَ بنِ مازنٍ.
وأَنشأتُ أَقولُ:
إليكَ يا رسولَ اللهِ خَبَّتْ مَطيَّتي
…
تَجوبُ الفَيافي مِن عُمانَ إلى العرجِ
لِتشفعَ لي يا خيرَ مَن وطئَ الحَصى
…
فيغفرَ لي ربِّي فأَرجعُ بالفلجِ
إلى معشرٍ خالفتُ واللهِ دِينَهم
…
فلا رأيُهم رَأْيي ولا شَرْجُهم شرجِي
وكنتُ امرأً بالزغبِ والخمرِ مُولَعاً
…
شَبابي حتى آذَنَ الجسمُ بالنهجِ
فبدَّلَني بالخمرِ خوفاً وخشيةً
…
وبالعهرِ إحصاناً فحصَّنَ لي فَرجِي
فأَصبحتُ همِّي في الجهادِ ونيَّتي
…
فللهِ ما صَومي وللهِ ما حجِي
فلمَّا قدمتُ على قَومي أنَّبوني وشَتَموني، وأَمروا شاعراً لهم فهَجاني، فقلتُ: إنْ رَددتُ عليهِ فإنَّما الهجوُ لِنفسي، فاعتزَلتُهم إلى ساحلِ البحرِ وقلتُ:
بُغضُكم عندَنا مرٌّ مَذاقَتُه
…
وبُغضُكم عندَنا يا قَومَنا لَئِنُ
فلا نفطنُ الدهرَ إِن بُثَّتْ معايِبُكم
…
وكُلُّكم [حينَ] يَبدو عيبُنا فَطِنُ
شاعِرُنا معجمٌ عَنكم وشاعِرُكم
…
في حَربِنا مُبلغٌ في شتمِنا لَسِنُ
ما في القلوبِ عَليكم فاعلَموا وَغَرٌ
…
وفي صُدورِكم البغضاءُ والإِحَنُ
فأَتتني مِنهم أزفلةٌ عظيمةٌ فَقالوا: يا ابنَ عمٍّ، عِبْنا عليكَ أمراً وكرِهناهُ لَكَ، فإنْ أَبيتَ فشأنُكَ ودِينكَ، فارجِعْ فأَقِمْ أُمورَنا، فكنتُ القيِّمَ بأُمورِهم، فرجعتُ مَعهم، ثم هَداهُم اللهُ بعدُ إلى الإسلامِ.
الأحاديث الطوال (62) حدثنا موسى بن جمهور التنيسي: حدثنا علي بن حرب الموصلي: حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، عن عبدالله العماني، عن مازن بن الغضوبة .. (1).
(1) المجمع (8/ 247 - 248): رواه الطبراني، من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه وكلاهما متروك.