المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب النعت: "ص" النعت تابع متم ما سبق … بوسمه أو وسم - شرح الكافية الشافية - جـ ٣

[ابن مالك]

الفصل: ‌ ‌باب النعت: "ص" النعت تابع متم ما سبق … بوسمه أو وسم

‌باب النعت:

"ص"

النعت تابع متم ما سبق

بوسمه أو وسم ما به اعتلق

كـ"امرر بشخص محسن، وزر فتى

برًّا بنوه بينا فيه الفتا"

وليعط في التعريف والتنكير ما

لما تلاه كـ"ائت قوما كرما"

وهو لدى التوحيد والتذكير أو

سواهما كالفعل، فاقف ما قفوا

كـ"ابنين برين شج قلباهما

و"امرأتين حسن مرآهما"

"ش" التابع جنس يعم النعت، والعطف المسمى عطف بيان، والعطف المسمى نسقا، والتوكيد والبدل.

فقولي:

. . . . . . . . . . . متم ما سبق .... . . . . . . . . . .

ص: 1153

مخرج لعطف النسق، وللبدل (1)

ويشترك مع النعت في قوله:

. . . . . . . . . . . متم ما سبق .... . . . . . . . . . .

التوكيد، وعطف البيان.

والمراد بإتمامها ما سبق: أنها تكمل دلالته، وترفع اشتراكه، واحتماله.

إلا أن النعت يوصل إلى ذلك التكميل (2) بدلالته على معنى في المنعوت أو في شيء من سببه، أي: من المتعلقات به.

والتوكيد، وعطف البيان ليسان كذلك فخرحا حين قلت:

. . . . . . . . . . .

بوسمه أو وسم ما به اعتلق

[فالنعت المكمل متبوعه بوسمه كقولي:

"امرر بشخص محسن" .... . . . . . . . . . .

والمكمل متبوعه بوسم ما به اعتلق (3) كقولي: ]

. . . . . . . . . . . زر فتى

برا بنوه. . . . . . . . . . .

(1) ع، ك "والبدل".

(2)

ع -"التكمل".

(3)

هـ -سقط ما بين القوسين.

ص: 1154

فـ"برًّا" نعت جار في اللفظ على "فتى"

وهو في المعنى لـ"بنوه"

ولابد من موافقة النعت المنعوت في التعريف والتنكير. وسواء في ذلك: النعت الجاري على ما هو له كـ"شخص محسن".

والجاري على ما هو لشيء من سببه كـ"زر فتى برا بنوه"، وكون النعت موافقا للمنعوت في الإعراب مستغنى عن ذكره بما تقدم في حد (1) التابع من قولي (2):

التابع التالي بلا تقيد

في حاصل الإعراب والمجدد

وأما الموافقة في التوحيد، والتذكير، وأضدادهما فلا يلزم إلا إذا كان النعت جاريا على ما هو له كقولك:"مررت برجلين فارهين".

أو كان جاريا على ما هو لشيء من سببه، ولم يرفع ظاهرا نحو:"مررت بامرأة حسنة الوجه، وبرجال حسان الوجوه".

فلو كان النعت جاريا على ما هو لشيء من سببه، وارتفع

(1) ع- "في حق".

(2)

ع- سقط "التابع من قولي".

ص: 1155

به ما هو له فعل به ما يفعل بالفعل الواقع موقعه فقيل: "مررت بامرأة حسن وجهها، وبرجال حسنة وجوههم".

كما يقال مع الفعل: "مررت بامرأة حسن وجهها، وبرجال حسنت وجوههم".

وإلى هذا أشرت بقولي:

وهو لدى التوحيد والتذكير أو

سواهما كالفعل. . . . . . . . . . .

ثم قلت:

كـ: ابنين برين شج قلباهما

وامرأتين حسن مرآهما".

فالأول: مثال لما يستحق المطابق لجريانه على ما هو له.

والثاني والثالث: مثالان لسببي رفع (1) ظاهرا فلا يستحق المطابقة.

"ص"

وانعت بمشتق كـ"صعب" و"أشب"

وشبهه كـ"ذا" و"ذي" والمنتسب

وكل ما أول بالمشتق من

سواه إن ينعت به فهو قمن

وانعت بـ"كل" وبـ"حق" وبـ"جد"

ناوي معنى "كامل" فيما قصد

(1) ع، ك- "رافع".

ص: 1156

وكن مضيفا لمثل ما تلت

مثل "الفتى كل الفتى امرؤ ثبت"

ويرفع التالي بمنسوب كما

يرفع المشتق فاحفظ وافهما" (1)

كـ"الخارجي رأيه لا ترحما"

و"الهاشمي أصله لا تحرما"

ونعتوا بجملة منكرا

فأعطيت ما أعطيته خبرا

وامنع هنا إيقاع ذات الطلب

وإن أتت فالقول أضمر تصب

من ذاك قول راجز ممن فرط

"جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط"

ونعتوا بمصدر كثيرا

فالتزموا الإفراد والتذكيرا

كـ"امرأة رضى، وشخصين رضى"

و"زرت إنسانا وقوما حرضا"

"ش" المراد بالمشتق هنا ما كان اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو أحد أمثله المبالغة، أو صفة مشبهة باسم الفاعل، أو أفعل تفضيل، وكل ذلك معروف (2)، بما سبق من ذكره.

(1) س، ش، ط، ع، ك "فاحفظ واعلما".

(2)

ع- "معرف".

ص: 1157

ويجمعها كلها أن يقال:

المشتق الموصوف به ما دل على فاعل، أو مفعول به متضمنا معنى "فعل" وحروفه.

والمراد بشبه (1) المشتق: ما أقيم مقامه من الأسماء العارية من الاشتقاق كاسم الإشارة، و"ذي" بمعنى: صاحب أو بمعنى الذي.

وقد عممُت ذلك بقولي:

وكل ما أول بالمشتق من

سواه إن ينعت به فهو قمن

ثم أشرت إلى أن "كلا" و"حقا" و"جدا" ينعت/ بها دالة على معنى "كامل".

بشرط إضافتها إلى مثل المنعوت بها لفظا ومعنى كقولك: "زيد الرجل كُلُّ الرجل، والعالم حق العالم، والكريم جد (2) الكريم".

وللاسم (3) المنسوب إليه مزية على غيره من الجاري مجرى المشتق، لكثرة الحاجة إليه في المفرد، والمثنى،

(1) ع. ك- "بشبيه".

(2)

ع- "حدا".

(3)

ع ك- "وللاسم" هـ "والاسم" وفي الأصل "ولاسم".

ص: 1158

والمجموع، والمذكر، والمؤنث.

فلذلك رفع (1)، به الظاهر دون شذوذ، فيقال:"مررت برجل عربي أبواه، عجمية أمه".

ومثل ذلك قولي:

. . . . . . . . . . . الخارجي رأيه لا ترحما

والهاشمي أصله لا تحرما

وقد نعتوا النكرات بالجمل، لكن بشرط ألا تكون (2) الجملة طلبية؛ لأن معنى الطلبية محتمل للثبوت والانتفاء، فلم يكن في وقوعها نعتا فائدة.

بخلاف وقوع الجملة الخبرية نعتا، فإنه يفيد كقولك:"رأيت رجلا يرجى خيره" و"عرفت امرأة يبهر حسنها".

وقد شذ النعت بالجملة الطلبية في قول الراجز:

(749)

- جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

(1) هـ- "يرفع".

(2)

في الأصل "يكون".

749 -

هذا بيت من أبيات من الرجز تنسب إلى العجاج وهي في ملحقات ديوانه ص 81 وتمامها

بتنا بحسان ومعزاه يئط

ما زلت أسعى بينهم وألتبط

حتى إذا جن الظلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

والمذق: اللبن المخلوط بالماء يقل بياضه، وقد روى هذا البيت الدينوري في النبات، وابن قتيبة في أبيات المعاني والزجاجي، وابن الشجري في أماليهما، وابن جني في الخصائص، وصاحب اللسان، وصاحب الأساس: جاءوا بضيح. . . . . . . . . . .

ص: 1159

يصف قوما سقوا ضيفهم لبنا مخلوطا بالماء.

ومن النعت بما (1) حقه في الأصل ألا ينعت به: النعت بالمصدر كقولهم:

"رجل رضى""امرأة رضى" و"رجلان رضى" و"رجال رضى".

فالتزموا فيه لفظ الإفراد والتذكير: كأنهم قصدوا بذل التنبيه على أن أصله: "ذو رضى" و"ذات رضى" و"رجلان ذوا رضى" و"رجال ذوو رضى".

فلما حذفوا المضاف تركوا المضاف إليه (2) على ما كان عليه.

"ص"

ونعت غير واحد إذا اختلف

فعاطفا فرقه لا إذا ائتلف

- "فتيين حسنين زرنا

و"حسنا وفاحشا وأجرنا"(3)

(1) ع- "ما حقه".

(2)

ع سقط "إليه".

(3)

ط "أجزنا".

ص: 1160

وإن نعوت كثرت وقد تلت

مفتقرا لذكرهن أبتعت

واقطع أو اتبع إن يكن معينا

بدونها أو بعضها اقطع معلنا

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا

متبدأ أو ناصبا لن يظهرا

وتعطف النعوت بعضها على

بعض (1) كـ"زر قوما كراما وملا".

"ش" إذا اتفق اثنان فيما ينعتان به أو جماعة فيما ينعتون به استغنيت عن تفريق النعتين (2)، والنعوت فقلت:"رايت فتيين حسنين" و"زرت رجالا كرماء"(3).

فإن اختلف النعتان، أو النعوت وجب التفريق كقولك:"رأيت رجلين حسنا وفاحشا، ورجلا كريما، وبخيلا، وعالما، وجاهلا، وشجاعا، وجبانا".

وقد يكون للاسم نعتان وأكثر.

فإن كان الاسم معينا للمسمى (4) دون ما نعت به جاز

(1) جاء هذا البيت في س، ش، ط، ع، ك كما يلي:

وقد يجيء النعت معطوفا على

نعت كـ"زر قوما كراما وملا".

(2)

في الأصل سقطت الواو.

(3)

ع، ك- "كراما".

(4)

في الأصل، هـ- "معين المسمى".

ص: 1161

القطع رفعا على أنه خبر مبتدأ لا يظهر، ونصبا على إضمار فعل لا يظهر.

وإن لم يتعين المسمى إلا بجميع النعوت فالاتباع متعين.

وإن حصل التعيين ببعض دون بعض وجب الاتباع فيما لا يحصل التعيين بدونه، وجاز فيما سواه الاتباع والقطع، رفعا، أو نصبا (1).

وتعطف بعض النعوت على بعض قال الله تعالى:

{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} (2).

"ص"

والنعت بعد "لا" و"إما" قد يرد

وحتما التكرار فيهما وجد

كـ"جاء من إما ضن وإما

ذو فاقة يشكو الجوى والغما"

و"صل خليلا لا مخالفا ولا

مبطئا عما ابتغى أهل الولا" (3)

(1) ع- "ونصبا".

(2)

الآيات "1 - 4" من سورة الأعلى.

(3)

جاء هذا البيت في س، ش، ط، ع، ك:

ولي خليل، لا مخالف، ولا

مبطئ عما ابتغى أهل الولا

ص: 1162

والنعت -غالبا- لتخصيص الذي

يتلوه كـ"اهجرن زيدا البذي"

وقد يفيد مدحا، أو ترحما

أو ذما، أو توكيد ما تقدما

والاسم موصوف به ومتصف

وذو امتناع منهما معا كـ"أف"

وقابل لأحد الأمرين

كـ"يقق"(1) فاعلم و"ذي رعين"

والنعت والمنعوت ربما حذف

ما منهما يعلم حين ينحذف

ولقبوا نعتا على الجوار (2) ما

رأيته كقول بعض القدما (3)

"كأن نسج العنكبوت المرمل

و"في بجاد" بعده "مزمل"

"ش" إذا قصد النعت بمنفي جيء بالمعنوت ثم بالنعت مقرونا بـ"لا" وإذا قصد النعت بمشكوك فيه، أو منوع أو شبههما جيء بالمنعوت ثم بالنعت مقرونا بـ"إما".

(1) س- "كيفن".

(2)

في الأصل "الجواز".

(3)

جاء هذا البيت في هـ كما يلي:

. . . . . . . . . . .

كقول بعض المنشدين ناظما

ص: 1163

وتكرارهما لازم كقولي:

. . . . . . . . . . . جاء من إما ضن وإما

ذو فاقة. . . . . . . . . . .

"فـ"من" هنا نكرة موصوفة كأنه قال: جاءني إنسان إما ضن وإما ذو فاقة"(1).

ومثال المقرون بـ"لا" قولي:

.. صل خيلا ولا مخالفا ولا مبطئا (2) .... . . . . . . . . . .

ثم نبهت على المعاني المفادة بالنعت وهي:

التخصيص كـ"الشعرى العبور"(3).

ومجرد المدح: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} (4).

ومجرد الذم كـ (5){فَاسْتَعِذْ (6) بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} (7).

ومجرد (8) الترحم نحو: "رأيت عبدك الذليل".

(1) سقط من الأصل ومن هـ ما بين القوسين.

(2)

ع، ك "

لي خليل لا مخالف ولا مبطئ. . . . . . . . . . . ".

(3)

هـ- "المعبور".

(4)

من الآية رقم "1" من سورة الكهف".

(5)

ع، ك "نحو".

(6)

هكذا في ع، ك وسقطت الفاء من الأصل وهـ.

(7)

من الآية رقم "98" من سورة النحل.

(8)

في الأصل "مجرد".

ص: 1164

ومجرد التوكيد نحو: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} (1).

والاسم منه ما يوصف، ويوصف به كاسم الإشارة. وما يمتنع منه الأمران كالمضمر (2)، واسم الفعل. وما يوصف ولا يوصف به كالعلم، "وإليه أشرت بـ

. . . . . . . . . . . "ذي رعين".

فإنه قيل من أقيال حمير" (3).

وما يوصف به ولا يوصف كـ"يقق" وشبهه من الإتباعات. وقد يحذف المنعوت إن عرف، وصلح موضعه النعت كقوله تعالى:{وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} (4).

فإن لم يصلح موضعه النعت امتنع الحذف -غالبا- إلا في ضرورة كقول (5) الشاعر (6):

(750)

- ترمي بكفي كان من أرمى البشر

(1) من اللآية رقم "51" من "سورة النحل".

(2)

ع- "كالضمير".

(3)

سقط ما بين القوسين من الأصل، وك وع- وجاء في هـ فقط.

(4)

من الآية رقم "52" من سورة "ص".

(5)

الأصل، هـ "كقوله".

(6)

الأصل، هـ سقط "الشاعر".

750 -

هذا رجز لم ينسب إلى قائل معين. وفاعل "ترمي" يعود إلى القوس في بيت سابق في قوله:

ص: 1165

وقد يحذف النعت للعلم به كقوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (1).

ومنه (2)[قوله تعالى]: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُك} (3).

وقول العباس بن مرداس:

(751)

- وقد كنت في الحرب ذا تدرإ

فلم أعط شيئا ولم أمنع

ثم نبهت على النعت الذي يسميه النحويون نعاتا على

مالك عند غير سوط وحجر

وغير كبداء شديدة الوتر

الكبداء: القوس الواسعة المقبض

وضبط ابن جني الشاهدي بفتح ميم "من "الخصائص 2/ 367". وكان على هذا زائدة "مجالس ثعلب 2/ 13، المقتضب 2/ 139، همع 2/ 227، الإنصاف 1/ 114، اللسان 17/ 252، همع 2/ 120، المقاصد النحوية 4/ 66، الخزانة 2/ 312، شواهد الكشاف للشيخ عليان 137، والتصريح 2/ 119.

(1)

من الآية رقم "25" من سورة "الأحقاف".

(2)

من، هـ سقط "ومنه".

(3)

من الآية رقم "66" من سورة الأنعام.

751 -

من المتقارب من سبعة أبيات قالها العباس بن مرادس، وذكرها صاحب الأغاني "14/ 308" يعاتب فيها النبي صلى الله عليه وسلم حين وزع غنائم حنين "الديوان ص 84" ذا تدرأ: ذا قوة.

ص: 1166

الجوار نحو قولهم (1): "هذا جحر ذب خرب".

فحفظ (2)"خرب"؛ لأنه نعت "ضب" في اللفظ لمجاورته له، وإنما هو في المعنى للجحر.

ولا يفعل مثل هذا إلا إذا أمن اللبس ومنه قول الراجز (3):

(752)

- كأن نسج العنكبوت المرمل

وقول (4) امرئ القيس:

(753)

- كأن ثبيرا في عرانين وبله

كبير أناس في بجاد مزمل

(1) ع، ك سقط "قولهم".

(2)

هـ سقط "فخفض".

(3)

هـ ومنه قول الراجز وهو امرؤ القيس.

(4)

ع، ك "وكقول".

752 -

من رجز للعجاج "الديوان ص 47"، وهو في وصف منهل المرمل: المنسوج. قال ابن سيده في المخصص 17/ 17: إنما يكون نعتا للعنكبوت لو قال المرمل بالكسر.

753 -

من معلقة امرئ القيس من الطويل "الديوان ص 25" والرواية فيه:

كأن أبانا في أفانين ودقه .... . . . . . . . . . .

العرنين: مقدم الأنف -شبه به أوئل المطر، ثبير: جبل، الوبل: المطر. البجاد: الكساء المخطط.

ص: 1167