المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب التحذير والإغراء: - شرح الكافية الشافية - جـ ٣

[ابن مالك]

الفصل: ‌باب التحذير والإغراء:

‌باب التحذير والإغراء:

"ص"

تحذيرا "إيا" استعملن مردفا

بالكاف طبقا للذي قد خوفا

وستر ما ينصبه الزم مفردا

أو عاطفا بالواو محذورا بدا

كقولنا: "إياك والشر" وقد

يقال "إياي" و"إياه" ورد

ونحو: "رأسك" كـ"إياك" جعل

إذا الذي يحذر معطوفا وصل

ودون عطف قد يبين ما نصب

كـ"نفسك (1) احذار" و"احذر" إن شئت احتجب

ويذكر المحذور -وحده- فإن

كرر فالناصب حتما يستكن

(1) ع "لنفسك".

ص: 1376

كـ"القسور القسور" والناصب قد

يبدو (1) إذا المحذور مفردا (2) ورد (3)

والعطف كالتكرار في التزام أن

لا يجعل الناصب إلا ما بطن

وينصب المغرى به مكررا

وما به انتصابه لن يظهرا

كذاك إن يعطف عليه وإذا

أفرد فالتخيير فيه يحتذى

وربما استعمل في التكرير

رفع لدى الإغراء والتحذير

"ش" التحذير إلزام المخاطب الاحتزاز (4) من مكروه بـ"إياك" أو ما جرى مجراه (5). كقولك: "إياك والشر".

[فإن حذرت مؤنثا أو مثنى، أو مجموعا قلت: "إياك والشر" (6)]، و"إياكما والشر"، و"إياكم" و"إياكن".

وهذا عنيت بقولي:

. . . . . . . . . . . مردفا

بالكاف طبقا للذي قد خوفا

والحاصل: أن "إياك" منصوب بفعل لا يظهر في

(1) ط "يبدوا".

(2)

هـ سقط "مفردا".

(3)

هـ "وجد".

(4)

ع ك "بالاحتراز".

(5)

ع ك "مجراها".

(6)

هـ سقط ما بين القوسين.

ص: 1377

إفراده (1)، ولا في عطف عليه؛ لأن التحذير به أكثر من التحذير بغيره. فجعل بدلا من اللفظ بالفعل، والتزم معه الإضمار مطلقا.

ولم يلتزم معه غيره إلا إذا عطف عليه المحذور منه كقولهم: "ماز رأسك والسيف". أي: مازن وق رأسك واحذر السيف.

فلو لم يذكر المعطوف جاز الإظهار والإضمار.

وإلى هذين الحكمين أشرت بقولي:

ونحو "رأسك" كـ"إياك" جعل

إذا الذي يحذر معطوفا وصل

ودون عطف قد يبين ما نصب .... . . . . . . . . . .

والشائع في التحذير ما يراد به المخاطب.

وقد يكون المتكلم كقول من قال: "إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب".

أي: نحني عن حذف الأرنب، ونح حذف الأرنب عن حضرتي.

وشذ إرادة الغائب به في قول بعض العرب: "إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب".

(1) ع ك "في إفراد".

ص: 1378

وقد يستغنى عن ذكر المحذر (1) بذكر المحذر (2) منه مكررا أو معطوفا عليه. وغير مكرر ولا معطوف عليه.

فمع التكرار أو العطف (3) يلتزم إضمار الناصب كقولي:

. . . . . . . . . . . القسور القسور

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أي: الأسد الأسد، و"الشيطان وكيده" ومنه قوله تعالى:{نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} (4).

وإلى هذا أشرت بقولي:

والعطف كالتكرار في التزام أن

لا يجعل الناصب إلا ما بطن

ثم بينت أن الإغراء كالتحذير في التزام إضمار الناصب مع التكرار والعطف، وعدم التزامه مع عدمهما.

ومعنى الإغراء: إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه من مواصلة ذوي القربى، والمحافظة على عهود المعاهدين، ونحو ذلك.

كقولك لمن تغريه "برعاية الخلة وهي المودة (5): الخلة

(1) ع "المحذور".

(2)

هـ "المحذور".

(3)

ع ك "فمع التكرار، والمعطوف يلتزم".

(4)

من الآية رقم "13" من سورة "الشمس".

(5)

هـ سقط "برعاية الخلة وهي المودة".

ص: 1379

الخلة، أي: إلزم الخلة.

والثاني من الاسمين بدل من اللفظ بالفعل.

وكذا المعطوف، كقولك لمن تغريه (1)] بالذب والحمية:"الأهل والولد" أي: الزم الذب عنهم.

ومنه قول الشاعر:

(926)

- أخاك أخاك إن من لا أخا له

كساع إلى الهيجا بغير سلاح

وقد يجاء باسم المحذر منه، والمغرى به مع التكرار مرفوعًا.

قال الفراء في "كتاب المعاني" في قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} :

"نصب الناقة على التحذير، وكل تحذير فهو نصب.

(1) ع سقط ما بين القوسين.

926 -

من الطويل واحد من أبيات نسبت في كتاب سيبويه 1/ 129 لمسكين الدارمي وهي في ديوانه ص 29.

وذكر الأعلم الشنتمري أن قائل الأبيات إبراهيم بن هرمة الفهري، وهي في محلقات ديوانه ص 263.

الهيجا: الحرب تمد وتقصر.

"الأغاني 18/ 69، الخزانة 1/ 465، المقاصد النحوية للعيني 4/ 304".

ص: 1380

ولو رفع على إضمار: (1) هذه (2) ناقة الله لجاز، فإن (3) العرب قد ترفع ما فيه معنى التحذير" (4). وأنشد:

(927)

- إن قوما منهم عمير وأشبا

هـ عمير ومنهم السفاح

(928)

- لجديرون بالوفاء (5) إذا قا

ل أخو النجدة: السلاح السلاح

فرفع، وفيه معنى الأمر بلبس السلاح.

ولله الحمد -وحده (6).

(1) هـ "إضمان هذه".

(2)

هـ سقط "هذه".

(3)

هـ "وان".

(4)

قال الفراء في معاني القرآن 3/ 268.

نصبت الناقة على التحذير -حذرهم إياها، وكل تحذير فهو نصب، ولو رفع على ضمير: هذه ناقة الله، فإن العرب قد ترعفه وفيه معنى التحذير، ألا ترى أن العرب تقول:"هذا العدو فاهربوا" وفيه معنى تحذير، و"هذا الليل فارتحلوا".

فلو قرأ قارئ بالرفع كان مصيبا. وأنشدني بعضهم: إن قوما

(5)

ع "اللقاء بالوفاء" ك "باللقاء".

(6)

ع ك سقط "لله الحمد وحده".

927 -

928 - من الخفيف أنشدهما الفراء 3/ 268 معاني القرآن، ولم يعزهما، ولم يعزهما أحد من بعده "الخصائص 3/ 102، همع الهوامع 1/ 170، العيني 4/ 306".

ص: 1381