الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(22) باب أوقات النهي
الفصل الأول
1039 -
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها)).
وفي رواية، قال:((إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز. فإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب الشمس، ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني الشيطان)). متفق عليه.
ــ
باب أوقات النهي
الفصل الأول
الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((لا يتحرى أحدكم فيصلي)) ((تو)): يقال: فلان يتحرى الأمر، أي يتوخاه ويقصده، ومن الحري اشتق التحري في الأماكن ونحوها، وهو طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن، كما اشتق التقمن من القمن. ولفظ الحديث يحتمل وجهين: التحري بمعنى التوخي والقصد، أي لا يقصد الوقت الذي تطلع فيه الشمس أو تغرب، ويتوخاه فيصلي فيه، والآخر التحري بمعنى طلب ما هو أحرى بالاستعمال، أي لا يصلي في ذلك الوقت ظناً منه أنه قد عمل بما هو الأحرى، والأول أوجه وأبلغ في معنى المراد.
((مظ)): ((لا يتحرى)) نفي بمعنى النهي. وأقول: ((فيصلي)) نصب علي إضمار ((أن))، وهو جواب النهي، ويجوز أن يتعلق بالفعل المنهي عنه أيضاً، فالفعل المنهي معلل في الأول، والفعل المعلل منهي في الثاني. أما تقدير الثاني فلا يتحرى أحدكم فعلا يكون سبباً لوقوع الصلاة في زمان الكراهية، وعلي الأول كأنه لما قيل:((لا يتحرى أحدكم))، قيل: لماذا ينهانا عن ذلك؟ فقيل: خيفة أن يصلوا أوان الكراهية.
قوله: ((حاجب الشمس)) ((الجوهري)): ((حاجب الشمس)) نواحيها. ((قض)): هو طرف قرص الشمس الذي يبدو عند الطلوع، ولا يغيب عند الغروب. وقيل: النيازك التي تبدو إذا حان طلوعها، والمراد بالروز ظهورها.
قوله: ((ولا تحينوا)) أصله لا تتحينوا، أي لا تقربوا بصلاتكم طلوع الشمس، من: حان إذا قرب، ويجوز أن يكون من الحين، يقال: تحين الوارش إذا ترقب وقت الأكل ليدخل علي
1040 -
وعن عقبة بن عامر، قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب)). رواه مسلم.
1041 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)). متفق عليه.
1042 -
وعن عمرو بن عبسة، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فقدمت المدينة، فدخلت عليه، فقلت: أخبرني عن الصلاة. فقال: ((صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حين تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان،
ــ
القوم، أي لا تنتظروا بصلاتكم طلوع الشمس، وأن يكون تحين بمعنى ((حين الشيء)) إذا جعل له حيناً، يعني لا تجعلوا وقت الصلاة طلوع الشمس ولا غروبها بصلاتكم فيها.
الحديث الثاني عن عقبة: قوله: ((نقبر)) ((حس)): أي ندفن، يقال: قبره إذا دفنه، وأقبره إذا جعل له قبراً يواري فيه.،واختلفوا في صلاة الجنازة في هذه الأوقات، فأجازه الشافعي رضي الله عنه، قال ابن المبارك: معنى قوله: ((أن نقبر فيه موتانا)) الصلاة علي الجنازة.
قوله: ((بازغة)) ((نه)): يقال: بزغت الشمس، وبزغ القمر وغيرهما- طلع.
قوله: ((قاتم الظهيرة)) ((حس)): أي قيام الشمس وقت الزوال، من قولهم قامت به دابته، والشمس إذا بلغت وسط السماء أبطأت حركة الظل إلي أن يزول، فتخيل الناظر المتأمل أنها قد وقفت وهي سائرة. ((مح)) معناه حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظله في المشرق، ولا في المغرب، و ((الظهر)) نصف النهار، وقال: قول ابن المبارك ضعيف؛ لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذه الأوقات، كما يكره تأخير العصر إلي اصفرار الشمس تعمداً بلا عذر، وهي صلاة المنافقين.
قوله: ((حين تضيف الشمس)) ((تو)): أصل الضيف الميل، يقال: ضفت إلي كذا،. وأضفت إلي كذا، وضافت الشمس للغروب وتضيفت، وضاف لسهم عن الهدف يضيف، وسمي الضيف ضيفاً لميله إلي الذي ينزل عليه.
الحديث الثالث والرابع عن عمرو بن عبسة: قوله: ((فقدمت المدينة)) وكان من قصته أنه أقبل مكة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستخف إيمانه، ثم عاد إلي قومه مترصداً حتى سمع أنه صلى الله عليه وسلم
وحينئذ يسجد لها الكفار،. ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى ((يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة؛ فإن حينئذ تسجر جهنم. فإذا أقبل الفيء فصل؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب
ــ
قدم المدينة، فارتحل إليه. قوله:((عن الصلاة)) أي عن وقت الصلاة، بدلالة الجواب عليه.
قوله: ((قرني الشيطان)) ((مح)): هكذا هو في الأصول بلا ألف ولام، وفي بعض أصول مسلم، في حديث ابن عمر بالألف. قيل: المراد بـ ((قرني الشيطان)) حزبه وأتباعه، وقيل: قوته وغلبته، وانتشار الفساد، وقيل: القرنان ناحيتا الرأس، وهذا هو الأقوى، يعني أنه يدني رأسه إلي الشمس في هذه الأوقات؛ ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة.
قوله: ((حتى يستقل الظل بالرمح)) ((مح)): أي يقوم مقابله في جهة الشمال، ليس مائلاً إلي الغرب ولا إلي الشرق، وهو حالة الاستواء: كذا وجدنا في سائر نسخ المصابيح، حتى في بعض نسخ كتاب مسلم علي هذا الوجه، فعرفت أن الاختلاف فيه من بعض الرواة، ثم أطنب الشيخ فيه. وأما صاحب النهاية فقد وافق الشيخ التوربشتي، حيث قال: يستقل الرمح بالظل أي حتى يبلغ ظل الرمح المغروز في الأرض أدنى غاية القلة والنقص؛ لأن ظل كل شخص في أول النهار يكون طويلاً؛ ثم لا يزال ينقص حتى يبلغ أقصره، وذلك عند انتصاف النهار، فإذا زالت الشمس عاد الظل يزيد، وحينئذ يدخل وقت الظهر، وتجوز الصلاة، ويذهب وقت الكراهية، وهذا الظل المتناهي في القصر هو الذي سمي ظل الزوال؛ أي الظل الذي تزول الشمس عن وسط السماء، وهو موجود قبل الزيادة، فقوله:((يستقل الرمح بالظل)) هو من القلة لا من الإقلال والاستقلال الذي بمعنى الارتفاع والاستبداد، يقال: تقلل الشيء واستقله وتقاله إذا رأه قليلاً.
وأقول: لما وجد الشيخ في بعض نسخ مسلم علي ما هو عليه رواية المصابيح، وكذا وجدناه في صحيح مسلم، وكتاب الحميدي، وشرحه للشيخ محيي الدين النواوي- كيف يرده؟ علي أن له محامل: أحدهما علي ما ذكره من أن معنى يستقل الظل بالرمح أنه يرتفع معه، ولا يقع منه شيء علي الأرض، من قولهم: استقلت السماء ارتفعت. وثإنيها أن يكون المضاف محذوفاً، أي يعلم قلة الظل بواسطة ظل الرمح. وثالثها أن يكون من باب: عرضت الناقة علي الحوض، وطينت بالفدن السياعا، والسياع الطين، والفدن القصر، وقوله: فيكب فيعثر.
قال صاحب المفتاح: ولا يشجع علي القلب إلا كمال البلاغة، مع ما فيه من المبالغة بأن الرمح صار بمنزلة الظل في القلة والظل بمنزلة الرمح.
قوله: ((فإن حينئذ تسجر جهنم)) ((غب)): السجر تهييج النار، يقال: سجرت التنور، ومنه
الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفارة)) قال: قلت: يا نبي الله! فالوضوء حدثني عنه. قال: ((ما منكم رجل يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق فينتثر؛ إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله؛ إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلي المرفقين؛ إلا خرت
ــ
{والبحر المسجور} ، وفي اسم ((إن)) وجهان: أحدهما تسجر علي إضماء ((أن))، كقوله تعالي:{ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً} . والثاني ضمير الشأن المحذوف من إن المكسورة المثقلة، كقول الشاعر"
فلا تخذل المولي وإن كان ظالماً فإن به تنال الأمور وترأب
فالتقدير فإنه يقول: لا تخذل مولاك وإن ظلمك، فربما تحتاج إليه، وترجع إلي معاونته في بعض الأمور، فيجبر كسرك. قيل: لا حذف؛ لأن المقصود من الكلام المصدر به التعظيم والفخامة، فلا يلائمه الاختصار. وأجيب بأن ضمير الشأن إنما ينبئ عن التعظيم لإبهامه، وحذف أدل علي الإبهام. ألا ترى إلي قوله تعالي:{بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم} حذف اسم كاد وضمير الشأن ليزيد التفخيم والتهويل، وله في الأحاديث نظائر، سنذكرها إن شاء الله تعالي.
قوله: ((فإذا أقبل الفيء)) ((مح)): يعني رجع الظل إلي جهة الشرق، وهو مختص بما بعد الزوال، والظل يقع علي ما قبل الزوال وما بعده.
قوله: ((فإن الصلاة مشهودة)) أي يشهدها ويحضرها أهل الطاعة من سكان السماوات والأرض، وفي غير هذه الرواية عن عمرو بن عبسة:((مشهودة مكتوبة)) أي تشهدها الملائكة، فتكتب أجرها للمصلين، وهذه الرواية أحسن.
قوله: ((إلا خرت خطايا وجه)) ((مح)): ((خرت)) ضبطناه بالخاء المعجمة، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع الرواة، إلا ابن أبي جعفر فإنه رواه بالجيم، والمراد بـ ((الخطايا)) الصغائر، قوله:((إلا خرت خطاياه)) خبر ((ما)) والمستثنى منه مقدر، أي ما منكم رجل يتصف بهذه الأوصاف وكائن علي حال من الأحوال إلا علي هذه الحالة. وعلي هذا المعنى ينزل سائر الاستثناء، وإن لم يصرح النفي فيها لكونها في سياق النفي بواسطة ((ثم)) العاطفة. و ((إن)) في ((فإن هو قام)) شرطية، والضمير المرفوع بعدها رافعة فعل مضمر يفسره ما بعده، فلما حذف أبرز
خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه؛ إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلي الكعبين؛ إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء. فإن هو قام فصلي الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله؛ إلا انصرف من خطيئته كهيئة يوم ولدته أمه)) رواه مسلم.
1043 -
وعن كريب: أن ابن عباس، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأزهر، أرسلوه إلي عائشة، فقالوا: اقرأ عليها السلام، وسلها عن الركعتين بعد العصر. قال: فدخلت علي عائشة، فبلغتها ما أرسلوني. فقالت: سل أم سلمة. فخرجت إليهم، فردوني إلي أم سلمة. فقالت أم سلمة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهي عنهما، ثم يصليهما، ثم دخل، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهي عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما؟ قال:((يا بنة أبي أمية! سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتإني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان)) متفق عليه.
ــ
الضمير المستكن فيه، وجواب الشرط محذوف، وهو المستثنى منه، أي فلا ينصرف من شيء من الأشياء إلا من خطيئته كهيئة يوم ولدته أمه. وجاز تقدير النفي لما مر أن الكلام في سياق النفي، هذا مذهب صاحب الكشاف. وأما ابن الحاجب فيجوز في الإثبات، كما يقول: قرأت إلا يوم الجمعة، ونظير هذا الشرط قول الحماسي:
وإن هو لم يحمل علي النفس ضيمها فليس إلي حسن الثناء سبيل
الحديث الخامس عن كريب قوله:: ((فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان)) ((شف)): في الحديث دلالة علي أن النوافل المؤقتة تقضي كما تقضي الفرائض، وعلي أن الصلاة التي لها سبب لا تكره في هذه الأوقات المكروهة.
((قض)): اختلفوا في جواز الصلاة في الأوقات الثلاثة، وبعد صلاة الصبح إلي الطلوع، وبعد صلاة العصر إلي الغروب. فذهب داود إلي جواز الصلاة فيها مطلقاً، وقد روى ذلك عن جمع من الصحابة، فلعلهم لم يسمعوا نهيه صلى الله عليه وسلم، أو حملوه علي التنزيه دون التحريم، وخالفهم الأكثرون، فقال الشافعي رضي الله عنه: لا تجوز فهيا فعل صلاة لا سبب لها، أما الذي له سبب كالمنذورة، وقضاء الفائتة فجائز؛ لحديث كريب عن أم سلمة.، واستثنى أيضاً مكة، واستواء الجمعة؛ لحديثي جبير بن مطعم وأبي هريرة. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه يحرم فعل
الفصل الثاني
1044 -
عن محمد بن إبراهيم، عن قيس بن عمرو، قال: رأي النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((صلاة الصبح ركعتين ركعتين)). فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود. وروى الترمذي نحوه، وقال: إسناد هذا الحديث ليس بمتصل؛ لأن محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس بن عمرو. وفي شرح السنة)) ونسخ ((المصابيح)) عن قيس بن فهد نحوه. [1044]
ــ
كل صلاة في الأوقات الثلاثة، سوى عصر يومه عند الاصفرار، ويحرم المنذورة والنافلة بعد الصلاتين، دون المكتوبة الفائتة وسجود التلاوة. وقال مالك: تحرم فيها النوافل دون الفرائض. ووافقه أحمد، غير أنه جوز فيها ركعتي الطواف أيضاً.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن قيس بن عمرو: قوله: ((وصلاة الصبح ركعتين)) ((ركعتين)). منصوب بفعل مضمر ينكر عليه فعله، يعني أتصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، وليس بعدها صلاة؟ فاعتذر الرجل بأنه صلي الفرض وترك النافلة، وهو حينئذ آت بها. هذا مذهب الشافعي ومحمد رضي الله عنهما. وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رضي الله عنهما لا قضاء بعد الفوات.
روى المالكي في كتاب الشواهد: ((الصبح أربعاً)) وقال: هما منصوبان بـ ((تصلي)) مضمراً، إلا أن ((الصبح)) مفعول، و ((أربعاً)) حال، وإضمار الفعل في هذا مطرد، وفي هذا الاستفهام معنى الإنكار. ونظيره قولك لمن رأيته يضحك وهو يقرأ: القرآن ضاحكاً؟ وقرينة الحذف في الأول مشاهدة فعل الصلاة، وفي الثاني سماع قراءته، ونظيره في الإضمار قوله صلى الله عليه وسلم:((اللهم! سبعاً كسبع يوسف)) التقدير: ابعث عليهم وسلط عليهم سبعاً والرفع جائز علي إضمار مبتدأ أو فعل. وقول الصحابي: ((الصلاة يا رسول الله)) أي اذكر، أو أقم، ويجوز الرفع، أي حضرت، أو حانت.
قوله: ((وفي نسخ المصابيح عن قيس بن فهد)) أشار المؤلف إلي الاختلاف، وأن الصحيح هو الأول، وهو قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة الأنصاري، وهو صحابي.
1045 -
وعن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلي أية ساعة شاء من الليل أو نهار)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي. [1045]
1046 -
وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة. رواه الشافعي. [1046]
1047 -
وعن أبي الخليل، عن أبي قتادة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم كرة الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة، وقال:((إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة)). رواه أبو داود، وقال: أبو الخليل لم يلق أبا قتادة. [1047]
ــ
الحديث الثاني عن جبير: قوله: ((يا بني عبد مناف)) ((تو)): إنما خص بني عبد مناف بهذا الخطاب دون بطون قريش، لعلمه أن ولاية الأمر والخلافة تؤل إليهم مع أنهم كانوا رؤساء مكة وسادتها، وفيهم كانت السدانة، والحجابة، واللواء، والسقاية، والرفادة.
قوله: ((ولا تمنعوا أحداً طاف)) اعلم أن وصف الطواف ليس بقيد مانع، بل ((أحداً طاف)) بمنزلة: أحداً دخل المسجد الحرام؛ لأن كل من دخله فهو يطوف بالبيت غالباً، فهو كناية.
قوله: ((أية ساعة شاء)) ((مظ)): فيه دليل علي أن صلاة التطوع في أوقات الكراهية غير مكروهة بمكة لشرفها؛ لينال الناس فضلها في جميع الأوقات؛ وبه قال الشافعي. وعند أبي حنيفة حكمها كحكم سائر البلاد في الكراهية. قال المؤلف: ما ذكر في المصابيح من قوله: ((من ولي منكم من أمر الناس شيئاً)) لم أجد في الترمذي، ولا في أبي داود والنسائي.
الحديث الثالث عن أبي هريرة: قوله: ((نهي عن الصلاة نصف النهار)) و ((نصف النهار)) ظرف للصلاة علي تأويل أن يصلي.
الحديث الرابع عن أبي قتادة: قوله: ((إن جهنم تسجر)) ((نه)): أي توقد، كأنه أراد الإبراد
الفصل الثالث
1048 -
عن عبد الله الصنابحي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقه، ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها)). ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات. رواه مالك، وأحمد، والنسائي. [1048]
1049 -
وعن أبي بصرة الغفاري، قال: صلي بنا رسول الله بالمخمص صلاة العصر، فقال:((إن هذه صلاة عرضت علي من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد)). والشاهد: النجم. رواه مسلم.
ــ
بالظهر، لقوله:((أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم)). ولعل تسجير جهنم حينئذ لمقارنة الشيطان الشمس، وتهيئته لأن يسجد له عبدة الشمس. قال الخطابي: قوله: ((تسجر جهنم)) قوله: ((بين قرني الشيطان)) وأمثالهما من الألفاظ الشرعية التي أكثرها ينفرد الشارع بمعإنيها، يجب علينا التصديق بها. والوقوف عند الإقرار بصحتها.
الفصل الثالث
الحديث الأول والثاني عن أبي بصرة: قوله: ((أجره مرتين)) أقول: إحداهما للمحافظة عليها خلافاً لمن قبلهم، وثإنيتهما أجر عمله كسائر الصلاة. ((مح)): فيه فضيلة صلاة العصر، وشدة الحث عليها،. وأبو بصرة بفتح الباء وسكون الصاد المهملة.
قوله: الشاهد النجم ((نه)): يسمى شاهداً لأنه يشهد الليل، أي يحضر ويظهر، ومنه قيل لصلاة المغرب: صلاة الشاهد. أقول: ويجوز أن يحمل علي الاستعارة، شبه النجم عند طلوعه دليلاً علي وجود الليل بالشاهد الذي تثبت به الدعاوى.