المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(45) باب الخطبة والصلاة - شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن - جـ ٤

[الطيبي]

فهرس الكتاب

- ‌(21) باب سجود القرآن

- ‌(22) باب أوقات النهي

- ‌(23) باب الجماعة وفضلها

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌(25) باب الموقف

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌(27) باب ما علي الإمام

- ‌(28) باب ما علي المأموم من المتابعة

- ‌(29) باب من صلي صلاة مرتين

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌(33) باب التحريض علي قيام الليل

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌(35) باب الوتر

- ‌(36) باب القنوت

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌(39) باب التطوع

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌(46) باب صلاة الخوف

- ‌(47) باب صلاة العيدين

- ‌(48) باب في الأضحية

- ‌(49) باب العتيرة

- ‌(50) باب صلاة الخسوف

- ‌(51) باب في سجود الشكر

- ‌(52) باب الاستسقاء

- ‌(53) باب في الرياح

- ‌ كتاب الجنائز

- ‌(1) باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌(2) باب تمني الموت وذكره

- ‌(3) باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌(4) باب غسل الميت وتكفينه

- ‌(5) باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌(6) باب دفن الميت

- ‌(7) باب البكاء علي الميت

- ‌(8) باب زيارة القبور

الفصل: ‌(45) باب الخطبة والصلاة

(45) باب الخطبة والصلاة

الفصل الأول

1401 -

عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس. رواه البخاري.

1402 -

وعن سهل بن سعد، قال: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة. متفق عليه.

1403 -

وعن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعني الجمعة. رواه البخاري.

1404 -

وعن السائب بن يزيد، قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام علي المنبر، علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس، زاد النداء الثالث علي الزوراء. رواه البخاري.

ــ

باب الخطبة والصلاة

الفصل الأول

الحديث الأول والثاني عن أنس وسهل: قوله: ((تمثل)) أي تزيد علي الزوال مزيداً لحسن ميلانها، أي كان يصلي وقت الاختيار. قوله:((نقيل))، هو من القيلولة. قال الأزهري: القيلولة والمقيل عند العرب الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن مع ذلك نوم، بدليل قوله تعالي:((وأحسن مقيلا)) والجنة لا نوم فيها. وقوله: ((ونتغدى)) ((نه)): هو الطعام الذي يؤكل نصف أول النهار. وهما كنايتان عن التبكير، أي لا يتغدون، ولا يستريحون، ولا يشتغلون بهم ولا يهتمون بأمر سواه.

الحديث الثالث عن- أنس رضي الله عنه: قوله: ((بكر بالصلاة)) ((تو)) أي تعجل بها. وقد ذكرناه، فيما مضى. ويحمل حديثه الآخر ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس)) علي أنه في فصل دون فصل، ولم يرد بقوله:((كان) عموم الأحوال ليتفق الحديثان. الحديث الرابع عن السائب: قوله: ((فلما كان عثمان)) ((كان)) تامة، أي حصل عهده وأمره. والمراد بالنداء الثالث هو النداء قبل خروج الإمام ليحضر القوم، ويسعوا إلي ذكر الله. وإنما زاد عثمان رضي الله عنه هذا النداء الثالث علي الزوراء؛ لكثرة الناس. فرأي هو أن يؤذن المؤذن قبل

ص: 1281

1405 -

وعن جابر بن سمرة، قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان، يجلس بينهما يقرأ القرآن، ويذكر الناس، فكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً. رواه مسلم.

1406 -

وعن عمار، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً)). رواه مسلم.

ــ

الوقت لينتهي الصوت إلي نواحي المدينة، ويجتمع الناس قبل خروج الإمام، لئلا يفوت عليهم أوائل الخطبة. وسمي هذا النداء ثالثاً وإن كان باعتبار الوقوع أولاً؛ لأنه ثالث الندائين اللذين كانا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وزمان الشيخين رضي الله عنهما.

وهما الأذان بعد صعود الخطيب، وقبل قراءة الخطبة. وهو المراد بالنداء الأول والإقامة بعد فراغه من القراءة بعد نزوله. وهو المراد بالنداء الثاني. ((تو)):((الزوراء)) ذكر تفسيرها في ((سنن ابن ماجه)) هي دار في السوق. ولعل تسميتها زوراء، لميلها عن عمارات البلد يقال: قوس زوراء لميلها، أو لأنها بعيدة عنها يقال: أرض زوراء بعيدة.

الحديث الخامس عن جابر: قوله: ((يقرأ القرآن)) ((قض)): هو صفة ثإنية للخطبتين، والراجع محذوف، والتقدير: يقرأ فيهما، ((ويذكر الناس)) عطف عليه، داخل في حكمه. والقصد في الأصل الاستقامة في الطريق. استعير للتوسط في الأمور، والتباعد عن الأطراف، ثم للتوسط بين الطرفين كالوسط، أي كانت صلاته متوسطة، لم تكن في غاية الطول ولا في غاية القصر وكذا الخطبة. وذلك لا يقتضي مساواة الخطبة للصلاة، حتى يخالف قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمار رضي الله عنه ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً)) لأن أطول الصلاة أطول من طوال الخطب المعهودة، فإنه صلي للخسوف ركعتين قرأ فيهما البقرة وآل عمران، والنساء والمائدة، وسبح في ركعاته قدر أربعمائة آية منها، ولم يكن شيء من خطبته مدى ذلك، ولا نصيفه. ولذلك أفرد كلا منهما بقصد، ولم يثن، فتكون الصلاة المقتصدة أطول من الخطبة المتوسطة. والمقصود من الأمر بالإطالة أن يجعل صلاته أطول من خطبته لا الإطالة مطلقاً.

الحديث السادس عن عمار- رضي الله عنه: قوله: ((مئنة من فقهه)) قوله: ((من فقهه)) صفة ((مئنة)) أي مئنة ناشيءة من فقهه. ((نه)): أي ذلك مما يعرف به فقه الرجل، فكل شيء دل علي شيء فهو مئنة له، كالمخلقة والمحدرة. وحقيقتها أنها مفعلة من معنى أن التي للتحقيق والتأكيد، غير مشتقة من لفظها؛ لأن الحروف لا يشتق منها، وإنما ضمنت حروفها دلالة علي أن معناها فيها.

ص: 1282

1407 -

وعن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول:((صبحكم ومساكم))، ويقول:((بعثت أنا والساعة كهاتين)) ويقرن بين أصبعيه: السبابة والوسطى. رواه مسلم.

ــ

ولو قيل: إنها اشتقت من لفظها بعد ما جعلت اسماً، لكان قولا. ومن أغرب ما قيل فيها: إن الهمزة بدل من ظاء المظنة، والميم في ذلك كله زائدة. قال أبو عبيد: معناه أن هذا مما يستدل به علي فقه الرجل. قال الأزهري: قد جعل أبو عبيد الميم فيه أصلية، وهي ميم مفعلة. قيل: إنما جعل صلى الله عليه وسلم ذلك علامة من فقهه؛ لأن الصلاة هي الأصل، والخطبة هي الفرع عليها، ومن القضايا الفقهية أن يؤثر الأصل علي الفرع بالزيادة والفضل.

قوله: ((وإن من البيان سحراً)) الجملة حال من ((اقصروا)) أي اقصروا الخطبة، وأنتم تأتون بها معإني جمة في ألفاظ يسيرة، وهو من أعلي طبقات البيان، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:((أوتيت جوامع الكلم)).

((مح)): قال القاضي عياض: فيه تأويلان: أحدهما أنه ذم لإمالة القلوب، وصرفها بمقاطع الكلام، حتى يكسب من الإثم به ما يكسب بالسحر. وأدخله مالك في الموطأ في باب ما يكره من الكلام، وهو مذهبه في تأويل الحديث. والثاني: أنه مدح؛ لأن الله تعالي امتن علي عباده بتعليمهم البيان، وشبهه بالسحر لميل القلوب إليه، وأصل السحر الصرف، والبيان يصرف القلوب ويميلها إلي ما يدعو إليه. قال الشيخ محيي الدين: وهذا التأويل الثاني هو الصحيح المختار.

الحديث السابع عن جابر: قوله: ((كأنه منذر جيش)) مثل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته وإنذاره القوم بمجيء القيامة، وقرب وقوعها، وتهالك الناس فيما [يرد بهم] –بحال من ينذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منهم، يقصد الإحاطة بهم بغتة من كل جانب بحيث لا يفوت منهم أحد، فكما أن المنذر يرفع صوته، وتحمر عيناه، ويشتد غضبه علي تغافلهم، كذلك حال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الإنذار، وإلي قرب مجيئها أشار بإصبعيه. ونظيره ما روي أنه لما نزل {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد الصفا فجعل ينادي:((يا بني فهر، يا بني عدي)) إلي آخر الحديث.

قوله: ((صبحكم ومساكم)) أي صبحكم العدو، وكذلك مساكم، والمراد الإنذار بإغارة الجيش في الصباح والمساء، و ((يقول)) يجوز أن يكون صفة لـ ((منذر جيش))، وأن يكون حالا من اسم

ص: 1283

1408 -

وعن يعلي بن أمية، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علي المنبر: (ونادوا يا مالك ليقض عيلنا ربك)). متفق عليه.

1409 -

وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: ما أخذت (ق. والقرآن المجيد)) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها كل جمعة علي المنبر إذا خطب الناس. رواه مسلم.

1410 -

وعن عمرو بن حريث: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه يوم الجمعة. رواه مسلم.

ــ

((كان)) والعامل معنى التشبيه، فالقائل إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و ((يقول)) الثاني عطف علي الأول. وعلي الوجه الأول عطف علي جملة ((كأنه)) وقوله:((بعثت أنا)) أكد الضمير المتصل بالمنفصل؛ ليصح عطف ((الساعة)) عليه.

الحديث الثامن عن يعلي- رضي الله عنه: قوله: {ليقض علينا ربك} من قضى عليه، إذا أماته، {فوكزه موسى فقضى عليه} والمعنى سل ربك أن يقضي علينا، يقولون هذا لشدة ما بهم، فيجابون بقوله:{إنكم ماكثون} أي خالدون. وفيه نوع استهزاء بهم، دل هذا الحديث، وما قبله، وقوله تعالي:{إن أنت إلا نذير} ، وقوله:{وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} وقوله: {ليكون للعالمين نذيرا} علي أن الناس إلي الإنذار والتخويف أحوج منهم إلي التبشير؛ لتماديهم في الغفلة، وإنهماكهم في الشهوات.

الحديث التاسع عن أم هشام: قوله: ((ما أخذت)) ((مظ)): أي ما حفظتها، وأرادت به أول السورة لا جميعها؛ لأن جميعها لم تقرأ في الخطبة.

الحديث العاشر عن عمرو بن حريث: قوله: ((أرخى طرفيها)) ((مظ)): أي سدل، وأرسل طرف عمامته. وفيه أن لبس الزينة يوم الجمعة، والعمامة السوداء وإرسال طرفيها بين الكتف سنة.

ص: 1284

1411 -

وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: ((إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين وليتجوز فيهما)). رواه مسلم.

1412 -

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها)). متفق عليه.

الفصل الثاني

1413 -

عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ، أراه المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس ولا يتكلم، ثم يقوم فيخطب. رواه أبو داود. [1413]

1414 -

وعن عبد الله بن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استوى علي المنبر، استقبلناه بوجوهنا. رواه الترمذي وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث محمد بن الفضل، وهو ضعيف ذاهب الحديث. [1414]

ــ

الحديث الحادي عشر عن جابر: قوله: ((فليتجوز فيهما)) أي فليخفف. يقال: تجوز في صلاته، إذا خفف. وفيه أن صلاة تحية المسجد مستحبة في أثناء الخطبة.

الحديث الثاني عشر عن أبي هريرة: قوله: ((فقد أدرك الصلاة كلها)) هذا مختص بصلاة الجمعة، يبينه حديث أبي هريرة في آخر الفصل الثالث.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن ابن عمر- رضي الله عنهما: قوله: ((أراه المؤذن)) أي قال الراوي: أظن أن ابن عمر أراد بإطلاق قوله: ((حتى يفرغ)) تقييده بالمؤذن. المعنى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس علي المنبر مقدار ما يفرغ المؤذن من أذانه، ثم يقوم فيخطب.

الحديث الثاني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قوله ((ذاهب الحديث)) أي ذاهب حديثه، غير حافظ للحديث. وهو عطف بيان لقوله:((وهو ضعيف)).

ص: 1285

الفصل الثالث

1415 -

عن جابر بن سمرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة. رواه مسلم.

1416 -

وعن كعب بن عجرة: أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعداً، فقال: انظروا إلي هذا الخبيث يخطب قاعداً، وقد قال الله تعالي:(وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً). رواه مسلم.

1417 -

وعن عمارة بن رويبة: أنه رأي بشر من مروان علي المنبر رافعاً يديه، فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد علي أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه المسبحة. رواه مسلم.

ــ

الفصل الثالث

الحديث الأول عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((فقد والله صليت)) ((والله)) قسم اعترض بين ((قد)) وتعلقة. وهو دال علي جواب القسم. ((والفاء)) في ((فمن)) جواب شرط محذوف، وفي ((فقد كتب)) جواب ((من))، و ((الفاء)) في ((فقد والله)) سببيه. المعنى: أنه كاذب، ظاهر الكذب، بسبب إني صليت إلي آخره.

الحديث الثاني عن كعب رضي الله عنه: قوله: ((وعبد الرحمن)) هذا أظنه من بني أمية. وقوله: ((قد قال الله تعالي)) حال مقررة لجهة الإشكال، أي كيف تخطب قاعداً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً بدليل قوله تعالي:{وتركوك قائماً} يخطب يوم الجمعة قائما، فتركوه وقاموا إلي التجارة، وما بقى معه إلا يسير.

الحديث الثالث عن عمارة- بالتخفيف-: قوله: ((رافعاً يديه)) يعني عند التكلم كما هو دأب الوعاظ إذا حموا. ويشهد له قوله: وأشار بأصبعه المسبحة)). قوله: ((أن يقول)) أي يشير عند التكلم في الخطبة بأصبعه، يخاطب الناس وينبههم علي الاستماع.

ص: 1286