الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصلي بهم عشرين ليلة، ولا يقنت بهم إلا في النصف الباقي، فإذا كانت العشر الأواخر تخلف فصلي في بيته، فكانوا يقولون: أبق أبي. رواه أبو داود. [1293]
1294 -
وسئل أنس بن مالك عن القنوت. فقال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع. [وفي رواية: قبل الركوع] وبعده. رواه ابن ماجه. [1294]
(37) باب قيام شهر رمضان
الفصل الأول
1295 -
عن زيد بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير فصلي فيها ليالي، حتى اجتمع عليه ناس. ثم فقدوا صوته ليلة، وظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم. فقال: ((مازال بكم الذي رأيت من صنيعكم،
ــ
ولعلها هي صلاة التراويح. وفي قولهم: ((أبق)) إظهار كراهة منهم لتخلفه، فشبهوه بالعبد الآبق، كما في قوله تعالي:{إذا أبق إلي الفلك المشحون} سمي هرب يونس عليه السلام من قومه بغير إذن ربه إباقاً علي طريقة المجاز. ولعل تخلف أبي رضي الله عنه كان تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث صلاها بالقوم، ثم تخلف عنهم كما سيأتي بعد.
باب قيام شهر رمضان
الفصل الأول
الحديث الأول عن زيد: قوله: ((مازال بكم)) ((مظ)): يعني أبداً رأيت شدة حرصكم في إقامة صلاة التراويح بالجماعة، حتى خشيت إني لو واظبت عل إقامتها لفرضت عليكم فلم تطيقوها. فيه دليل علي أن التراويح سنة جماعة، وانفراداً. والأفضل في عهدنا الجماعة؛ لكسل الناس.
حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة)) متفق عليه.
1296 -
وعن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة فيقول: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه)). فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر علي ذلك، ثم كان الأمر علي ذلك في خلافة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر علي ذلك. رواه مسلم.
1297 -
وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيباً من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً)). رواه مسلم.
الفصل الأول
1298 -
عن أبي ذر، قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقم بنا شيئاً من
ــ
وأقول: فيه أيضاً دلالة علي أن الجماعة في الصلاة المكتوبة فريضة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم واظب عليها، وحرض الناس عليها، والصحابة وافقوه ولم يتخلف عنها إلا المنافق، كما سبق. قوله:((في بيته)) أي صلاته في بيته. وقوله: ((إلا الصلاة المكتوبة)) مستثنى منه.
الحديث الثاني عن أبي هريرة: قوله: ((بعزيمة)) ((غب)): العزم، والعزيمة عقد القلب علي إمضاء الأمر. ((نه)): خير الأمور عزائمها: أي فرائضها التي عزم الله عليك بفعلها. قوله: ((من الصلاة ليالي رمضان إيماناً بالله وتصديقاً بأنه يقرب إليه، وطلب لوجه الله تعالي، غفر له سوابق الذنوب. ((مظ)): الاحتساب كالاعتداد من العد. وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله تعالي: احتسبه؛ لأن له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به. قوله:((والأمر علي ذلك)) ((مظ)): أي علي ما كانوا عليه من أنهم ما قاموا رمضان بالجماعة غير الفريضة إلي أول خلافة عمر رضي الله عنه، ثم خرج الله عنه ليلة، فرأي الناس يصلون في المسجد التراويح منفردين. فأمر أبي بن كعب أن يصليها بالناس جماعة.
الحديث الثالث: ظاهر.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي ذر: قوله: ((لو نفلتنا)). ((نه)): أي زدتنا من الصلاة النافلة. سميت النوافل بها؛ لأنها زائدة علي الفرائض. ((شف)): والمعنى نتمنى أن تجعل قيام بقية الليل زيادة
الشهر حتى بقى سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا، حتى ذهب شطر الليل. فقلت: يا رسول الله! لو نفلتنا قيام الليل؟ فقال: ((إن الرجل إذا صلي مع الإمام حتى ينصرف؛ حسب له قيام ليلة)). فلما كانت الرابعة لم يقم بنا حتى بقى ثلث الليل، فلما كانت الثالثة، جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قلت: وما الفلاح؟ قالت: السحور. ثم لم يقم بنا بقية الشهر. رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وروى ابن ماجه نحوه؛ إلا أن الترمذي لم يذكر: ثم لم يقم بنا بقية الشهر. [1298]
1299 -
وعن عائشة، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فإذا هو بالبقيع، فقال:((أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟)). فقلت: يا رسول الله! إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك. فقال: ((إن الله تعالي ينزل ليلة النصف من شعبان إلي السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب)). رواه الترمذي، وابن ماجه. وزاد رزين:((ممن استحق النار)). قال الترمذي: سمعت محمداً- يعني البخاري- يضعف هذا الحديث. [1299]
ــ
لنا علي قيام الشطر. ((مظ)): أي لو زدت في قيام الليل علي نصفه لكان خيراً لنا. قوله: ((الفلاح)) ((مظ)): أصل الفلاح البقاء، وسمي السحور فلاحاً؛ إذا كان سبباً لبقاء الصوم ومعيناً عليه. ((قض)): الفلاح الفوز بالبغية. سمي بالسحور؛ لأنه يعين علي إتمام الصوم،. وهو الفوز بما قصده ونواه، أو الموجب للفلاح في الآخرة. وقوله:((يعني السحور)) الظاهر: أنه من متن الحديث، لا من كلام المؤلف، يدل عليه ما أورده أبو داود في سننه عن جبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه، وذكر فيه:((أنه قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور)).
الحديث الثاني عن عائشة: قوله: ((أن يحيف الله)) الحيف: الجور والظلم، يعني ظننت إني ظلمتك، بأن جعلت من نوبتك لغيرك، وذلك مناف لمن تصدى لمنصب الرسالة، وهو عند الله بمكانة عظيمة. وهذا معنى العدول عن الظاهر، وأن يقال: أظننت إني أحيف عليك، فذكر الله تمهيداً لذكر الرسول تنويهاً بشأنه، ووضع رسوله موضع الضمير للإشعار بأن الحيف ليس
1300 -
وعن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة. رواه أبو داود. والترمذي. [1300]
الفصل الثالث
1301 -
عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة إلي المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط. فقال عمر إني لو جمعت هؤلاء علي قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم علي أبي بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون- يريد آخر الليل-، وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري.
ــ
من شيم الرسل. وقولها: ((إني ظننت)) إلي آخره أيضاً إطناب في الجواب، وعدول عن أن يجاب بنعم مزيداً للتصديق .. وقوله صلى الله عليه وسلم:((أن ينزل)) إلي آخره استئناف بياناً لموجب خروجه من عندها، يعني خرجت لنزول رحمته علي العالمين، وخصوصاً علي أهل القبور من البقيع.
الحديث الثالث عن زيد: قوله: ((في مسجدي هذا)) تتميم ومبالغة لإرادة الإخفاء فإن الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعادل ألف صلاة في غيره من المساجد سوى المسجد الحرام وفيه إشعار بأن النوافل شرعت للقربة إلي الله تعالي، وإخلاصاً لوجهه، فينبغي أن تكون بعيدة عن الرياء، ونظر الخلق، والفرائض أسست لإشادة الدين، وإظهار شعائر الإسلام، فهي جديرة بأن تقام علي رءوس الأشهاد.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عبد الرحمن: قوله: ((أوزاع)) ((نه)): أي متفرقون. أراد أنهم كانوا يتنفلون فيه بعد صلاة العشاء متفرقين، فقوله:((متفرقون)) كعطف البيان لـ ((أوزاع)) وقوله: ((يصلي الرجل بصلاته الرهط)) أي يؤم الرجل جماعة دون العشرة. وقوله: ((نعمت البدعة هذه)) يريد بها صلاة التراويح؛ فإنه في حيز المدح، لأنه فعل من أفعال الخير وتحريض علي الجماعة المندوب إليها؛ وإن كانت لم تكن في عهد أبي بكر رضي الله عنه فقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قطعها إشفاقاً من أن تفرض علي أمته. وكان عمر رضي الله عنه ممن نبه عليها، وسنها علي
1302 -
وعن السائب بن يزيد، قال: أمر عمر أبي بن كعب، وتميماً الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد علي العصا من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. رواه مالك. [1302]
1303 -
وعن الأعرج، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في ثنتي عشرة ركعة رأي الناس أنه قد خفف. رواه مالك. [1303]
1304 -
وعن عبد الله بن أبي بكر. قال: سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام مخافة فوت السحور. وفي أخرى: مخافة الفجر. رواه مالك. [1304]
1305 -
وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((هل تدرين ما هذه الليلة؟ -يعني
ــ
الدوام، فله أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة. قوله:((إني لو جمعت)) وفي أصل المالكي: ((إني أرى)) قال: وفي ((أرى لو جمعت)) شاهد علي أن ((لو)) قد تعلقت بها أفعال القلوب. ومنه قول رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أمي افتتلت نفسها وأظن لو تكلمت تصدقت)). قوله: ((والتي ينامون عنها أفضل)) تنبيه منه علي أن صلاة التراويح آخر الليل أفضل. وقد أخذ بذلك أهل مكة فإنه يصلونها بعد أن يناموا.
الحديث الثاني عن السائب بن يزيد: قوله: ((إلا في فروع الفجر)) أي أوائله، وأعاليه، وفرع كل شيء أعلاه.
الحديث الثالث عن الأعرج: قوله: ((يلعنون الكفرة)) لعل المراد أنهم لما لم يعظموا ما عظمه الله تعالي من الشهر، ولم يهتدوا لما نزل الله فيه من الهدى والفرقان، استوجبوا بأن يدعي عليهم، ويطردوا عن رحمة الله الواسعة. قوله:((رأي الناس)) فاعل، و ((أنه قد خفف)) مفعوله الأول، والثاني محذوف، أي رأي الناس تخفيفه حاصلاً؛ ويجوز أن يستغني بـ ((أن)) وما بعدها عن المفعولين.
ليلة النصف من شعبان- قالت: ما فيها يا رسول الله؟ فقال ((فيها أن يكتب كل مولود [من] بني آدم في هذه السنة، وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة، وفيها ترفع أعمالهم، وفيها تنزل أرزاقهم)) فقالت: يا رسول الله! ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالي؟ فقال: ((ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالي)) ثلاثاً. قلت: ولا أنت يا رسول الله!؟ فوضع يده علي هامته فقال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه برحمته)) يقولها ثلاث مرات. رواه البيهقي في ((الدعوات الكبير)).
1306 -
وعن أبي موسى الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((إن الله تعالي ليطلع في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) رواه ابن ماجه. [1306]
1307 -
ورواه أحمد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وفي روايته:((إلا اثنين: مشاحن وقاتل نفس)).
ــ
الحديث الرابع والخامس عن عائشة: قوله: ((فيها أن يكتب كل مولود)) إلي آخره- وهو من قوله تعالي: {فيها يفرق كل أمر حكيم} من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمرهم منها إلي الأخرى القابلة. قوله: ((يرفع أعمالهم)) أي يكتب الأعمال الصالحة التي ترفع في تلك السنة يوماً فيوماً. ولهذا سألت رضي الله عنها: ((ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالي؟)). والاستفهام علي سبيل التقدير، يعني إذا كانت الأعمال الصالحة الكائنة في تلك السنة تكتب قبل وجودها، يلزم من ذلك أحداً لا يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالي، فقرره صلى الله عليه وسلم بما أجاب وفي وضع اليد علي الرأس- والله أعلم- إشارة إلي افتقاره كل الافتقار إلي استنزال رحمة الله تعالي، وشمول الستر من رأسه إلي قدمه. ومعنى قوله:((يتغمدني منه برحمته)) يلبسنيها ويسترني بها، مأخوذ من غمد السيف وهو غلافه، والهامة: الرأس.
الحديث السادس والسابع عن أبي موسى: قوله: ((ليطلغ)) ههنا كينزل ومعناه علي ما سبق في التحريض علي قيام الليل في الفصل الأول في الحديث الرابع. قوله: ((مشاحن)) المشاحن المعادي. والشحناء العداوة. لعل المراد البغضاء التي تقع بين المسلمين من قبل النفس الأمارة