الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع السادس
في العربي الفصيح ينتقل لسانه
قال ابن جني:
" العمل في ذلك أن تنظر حال ما انتقل إليه فإن كان فصيحا مثل لغته الأولى أخذ بها كما يؤخذ بما انتقل عنها أو فاسدا فلا ويؤخذ بالأولى ".
قال:
" فإن قيل: فما يؤمنك _ أن يكون كما وجدت في لغته فسادا بعد أن لم يكن فيها _ أن يكون فيها فسادا آخر لم تعلمه؟
قيل: لو أخذ بها لأدى إلى أن لا تطيب نفس بلغة وأن يتوقف عن الأخذ عن كل أحد مخافة أن يكون في لغته زيغ لا نعلمه الآن ويجوز أن يعلم بعد زمان وفي هذا من الخطل ما يكفي.
فالصواب الأخذ بما عرف صحته ولم يظهر فساده ولا يلتفت إلى احتمال الخلل فيما لم يبن ".
الفرع السابع
(في تداخل اللغات)
قال في (الخصائص):
" إذا اجتمع في كلام الفصيح لغتان فصاعدا كقوله وأشرب الماء ما بي نحوه عطش إلا لأن عيونه سيل واديها
فقال: نحوهو بالإشباع وعيونه بالإسكان فينبغي أن يتأمل حال كلامه.
فإن كانت اللفظتان في كلامه متساويتان في الاستعمال كثرتهما واحدة فأخلق الأمر به أن تكون قبيلته تواضعت في ذلك المعنى على تينك اللفظتين لأن العرب قد تفعل ذلك للحاجة إليها في أوزان أشعارها وسعة تصرف أقوالها.
ويجوز أن
تكون لغته في الأصل إحداهما ثم إنه استفاد الأخرى من قبيلة أخرى وطال بها عهده وكثر استعماله لها فلحقت لطول المدة وكثرة الاستعمال بلغته الأولى.
وإن كانت إحدى اللفظتين أكثر من كلامه من الأخرى فأخلق الأمر به أن تكون القليلة الاستعمال هي الطارئة والكثيرة هي الأولى الصلية.
ويجوز أن تكونا معا لغتين له ولقبيلته وإنما قلت إحداهما في استعماله لضعفها في نفسه وشذوذها عن قياسه.
وإن كثر على المعنى الواحد ألفاظ مختلفة فسمعت في لغة إنسان فعلى ما ذكرناه كما جاء عنهم في أسماء الأسد والسيف والخمر وغير ذلك وكما تنحرف الصيغة واللفظ واحد كقولهم رغوة اللبن ورُغوته ورِغوته ورغاوته كذلك مثلثا.
وكقولهم: جئت من عل ومن عِل ومن عَل ومن علا ومن عُلو ومن علوٍ ومن علوَ ومن عال ومن معال.
فكل ذلك لغات لجماعات قد تجتمع لإنسان واحد.
قال الأصمعي:
" اختلف رجلان في الصقر فقال أحدهما بالصاد وقال الآخر بالسين فتارضيا بأول وارد عليهما فحكيا له ما هما فيه فقال: لا أقول كما قلتما إنما هو الزقر ".
" وعلى هذا يتخرج جميع ما ورد من التداخل نحو: قلى يقلى وسلا