الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وبجوز أن يكون الموضوع الأول ضربا واحدا ، ثم رأى من جاء من بعد أن خالف قياس الأول إلى قياس ثان جار في الصحة مجرى الأول.
قال وأما أي الأجناس الثلاثة: الاسم ، والفعل ، والحرف ، وضع قبل؟ فلا يدرى ذلك ، ويحتمل في كل من الثلاثة وضع قبل.
وبه صرح أبو علي.
قال: وكان الأخفش يذهب إلى أن ما غير لكثرة استعماله ، إنما تصورته العرب قبل وضعه ، وعلمت أنه لابد من كثرة استعمالها إياه ، فابتدءوا بتغييره ، علما بأن لابد من كثرته الداعيه إلى تغييره.
قال: ويجوز أن يكون كانت قديما معربة ، فلما كثرت غيرت فيما بعد.
قال: والقول عندي هو الأول ، لأنه أدل على حكمتها وأشهد لها بعلمها بمصاير أمرها ، فتركوا بعض الكلام مبنيا غير معرب ، نحو: أمس ، وأين ، وكيف ، وكم ، وإذا ، وحيث ، وفبل ، علما بأنهم سيستكثرون منها فيما بعد ، فيجب لذلك تغييرها.
المسألة الرابعة
في مناسبة الألفاظ للمعاني
قال في (الخصاص):
هذا موضع شريف ، نبه عليه الخليل ، وسيبويه ، وتلقته الجماعة بالقبول.
قال الخليل: كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ، فقالوا: صر ، وفي صوت البازي تقطيعا ، فقالوا: صرصر.
وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفعلان: إنها تأتي للضطراب والحركة ، نحو: الغليان ، والغثيان ، فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال.
قال ابن جني: وقد وجدت أشياء كثيرة من هذا النمط.
من ذلك المصادر الرباعية المضعفة ، تأتي للتكرير ، نحو: الزعزعة ، والقلقلة ، والصلصلة ، والقعقعة ، والقرقرة.
والفعلي تأتي للسرعة ، نحو: الجمزي ، والولقي.
ومن ذلك باب استفعل ، جعلوه للطلب ، لما فيه من تقدم حروف زائدة على الأصول ، كما يتقدم الطلب الفعل ، وجعلوا الأفعال الواقعة من غير طلب إنما تفجأ حروفها الأصول أو ما ضارع الأصول ، نحو: خرج ، وأكرم.
وكذلك جعلوا تكرير العين دالا على تكرير الفعل ، نحو ، فرح ، وكسر ، فجعلوا قوة اللفظ لقوة المعنى وخصوا بذلك العين ، لأنها أقوى من الفاء واللام ، إذ هي واسطة لهما ، ومكنوفة بهما فصارا كأنهما سياج لها ومبذولان للعوارض دونها ، ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيهما دونها.
ومن ذلك قولهم: الخضم لأكل الرطب ، والقضم لأكل اليابس ، فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب ، والقاف لصلابتها لليابس.
والنضح للماء ونحوه ، والنضخ أقوى منه ، فجعلوا الحاء لرقتها للماء الخفيف ، والخاء لغلظتها لما هو أقوى.
ومن ذلك قولهم: القد طولا ، والقط عرضا ، لأن الطاء أحصر للصوت ، وأسرع قطعا له من الدال المستطيلة ، فجعلوها لقطع العرض لقربه وسرعته ، والدال المستطيلة لما طال من الأثر ، وهو قطعه طولا.
وهذا الباب واسع جدا ، لايمكن استقصاؤه.