الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[نكاح المتعة وموقف الإسلام منه]
قال:" وفي كتاب المناسك من مسلم. قال: سئل ابن عباس عن متعة الحج فرخص فيها «1»، وفي كتاب النكاح منه «2» عن أبي الزبير «3» عن جابر، قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر «4» والدقيق، على عهد رسول الله «5» " وذكر حديث الربيع بن سبرة الجهني «6» ، وحديث عمران بن
(1) أخرج مسلم في كتاب الحج، باب في المتعة بالحج والعمرة، حديث 145 عن شعبة أنه سمع قتادة يحدث عن أبي نضر قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان الزبير ينهى عنها. قال:
فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدى دار الحديث. تمتعنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء. وإن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم، وأبتوا نكاح هذه النساء. فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة".
(2)
منه: ليست في (م)، (ش).
(3)
أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي المكي عالم بالحديث، روى عن العبادلة، وعائشة وجابر وخلق، وعنه عطاء والزهري، وابن جريج وغيرهم، مات سنة 126 هـ.
[انظر تهذيب التهذيب 9/ 440 - 443، وسير أعلام النبلاء 5/ 380 - 386].
(4)
في (ش): البر.
(5)
صحيح مسلم: كتاب النكاح، باب نكاح المتعة
…
، حديث 16، وأخرجه أبو داود في النكاح، باب قلة المهر (30)، عن جابر بلفظ:" كنا على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم نستمتع بالقبضة من الطعام على معنى المتعة".
(6)
الربيع بن سبرة بن معبد، ويقال: ابن عوسجة الجهني المدني، راوي الحديث عن أبيه وعمر بن-
حصين «1» قال: أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات «2» " قال:" فهل فاحشة أو نجاسة أقذر من هذا الفعل في الكلاب؟ / دع الإنسان يعطى المرأة ما ترضى به فيزنى بها. هذا منزع
- عبد العزيز وعمرو بن مرة الجهني وغيرهم، وممن روى عنه الليث وغيره [انظر تهذيب التهذيب 3/ 244]. وحديثه في صحيح مسلم: كتاب النكاح، باب نكاح المتعة
…
، عن سبرة الجهني أنه قال:" أذن لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالمتعة. فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بنى عامر. كأنها بكرة عيطاء- طويلة العنق في اعتدال وحسن قوام- فعرضنا عليها أنفسنا فقالت: ما تعطي؟
فقلت: ردائي. وقال صاحبي ردائي. وكان رداء صاحبي أجود من ردائي. وكنت أشب منه.
فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها. وإذا نظرت إليّ أعجبتها. ثم قالت: أنت ورداء يكفيني.
فمكثت معها ثلاثا. ثم إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: (من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع فليخل سبيلها) حديث 19 وله ألفاظ متعددة في نفس الباب.
(1)
هو الصحابى الجليل: عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي الكعبي أسلم عام خيبر وغزا مع النبي- صلى الله عليه وسلم عدة غزوات، وبعثه عمر إلى البصرة ليفقه الناس، وتولى القضاء فيها في عهد عبد الله بن عامر ثم استعفى فأعفاه. وكان مجاب الدعوة، ولم يشهد الفتنة. توفي سنة ثنتين وخمسين للهجرة. [انظر الاستيعاب 3/ 1208، والإصابة 3/ 27].
(2)
حديث عمران هذا أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب جواز التمتع، حديث: 172، بلفظ:" نزلت آية المتعة في كتاب الله (يعني متعة الحج) وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله- صلى الله عليه وسلم حتى مات" وقد ورد الحديث في الباب بألفاظ أخرى كلها مصرحة بأنها متعة الحج.
الزنا لا غير، هذا أمر الشيطان لا أمر الله. وهذا هو المتعة. والعقلاء من المسلمين/ يستنكفون «1» من ذلك، وكثير من أهل الحجاز «2» ومكة باقون عليها إلى الآن".
قلت: هذا غلط منه على الشريعة حيث جعل المتعتين واحدة.
وإنما المتعة في حديث ابن عباس: هي نسك من أنساك الحج وهو قرينة الإفراد والقران. وصورتها: أن يعتمر أولا ثم يحل ثم يحرم بالحج.
وأما المتعة في الأحاديث الأخر، فلا شك أنها ثبتت في أول الإسلام لضرورة، وهو غربتهم عن أوطانهم في الجهاد وحاجتهم إلى النساء، فرخص لهم فيها بشبهة عقد وصورته فكان ذلك خيرا مما يفعلونه زنا محضا. ثم نسخ ذلك في عهد النبوة، وليس عليه اليوم من المسلمين إلا شرذمة قليلة، وأكثر من يقول به الرافضة «3» .
(1) يستنكفون: يمنعون من ذلك، ومنه قوله تعالى: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ
…
[سورة النساء، آية: 172] أي لن يمتنع من عبودية الله.
[انظر لسان العرب 9/ 340 - 341].
(2)
الحجاز: اسم للجبال الممتدة من قعر اليمن جنوبا وتنتهي عند أطراف الشام شمالا. سميت بذلك لأنها تحجز غور تهامة وصحارى نجد.
[انظر مراصد الاطلاع 1/ 380 - 381].
(3)
تقول الشيعة: إن نكاح المتعة جائز لأنه قد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم أذن فيها وقالوا: إن عمر قال:
متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفا أنهى عنهما وأعاقب عليهما؟ متعة النساء ومتعة الحج" وقالوا: إنه عقد على منفعة فيكون مؤقتا كالإجارة [انظر المغنى لابن قدامة 6/ 644]، قلت:
نقلهم عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أنه أذن فيها حق لكنه نهى عنها بعد ذلك فيلزم اتباع نهيه عنها الذي هو آخر الأمرين. وأما نقلهم عن عمر فكذلك لو صح عن عمر هذا فإنه تابع النبي- صلى الله عليه وسلم أول-
وأما حديث عمران بن حصين:" ولم ينه عنها حتى مات «1» " فلأنه لم يبلغه النهي عنها وقد بلغ غيره فنقله على أن القياس شرعا وعقلا: جواز المتعة وإنما منع الشرع منها تعبدا. أما شرعا: فلأن الله إنما حرم الزنا، والمتعة ليست زنا لأن الحد فيها ساقط والنسب لاحق، والزنا ليس كذلك، وأما عقلا فلأنها منفعة من منافعها، فجاز معاوضتها عليها مطلقا كالخدمة، بل الزنا ليس قبيحا عقلا إذ ليس فيه إلا انتفاع كل من بشرين بآخر وإنما قبح شرعا، ثم تلقت العقول قبحه من الشرع ونفرة الطبع.
- الأمر وتابعه أيضا آخر الأمر في النهي عن نكاح المتعة بدليل ما سبق في حديث ابن عباس وجابر السابق ص: 657 وقد شارك الشيعة في هذا الرأي نفر يسير ممن لم يعلم بالنسخ لنكاح المتعة. والله أعلم.
(1)
هذا الحديث أخرجه مسلم- كما سبق- في الحج، باب جواز التمتع حديث 172، وهو في متعة الحج وليس في نكاح المتعة كما ادعى النصراني، وغفل عنه الطوفي هنا. ويدل على أنه في متعة الحج أنه ورد بعدة ألفاظ مصرحة بذلك، منها ما رواه ابن الشخير عن ابن حصين:" إني لأحدثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم. واعلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر. فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه. ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئ"[حديث 165] وقال عمران:" اعلم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب. ولم ينهنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فيها رجل برأيه ما شاء"[حديث رقم 169] قلت: وبهذا تزول الشبهة ولا نحتاج إلى ما ذكره الطوفي عن هذا الحديث لأن فيه تكلفا لا داعي له بعد وضوح المقصود منه. والله الموفق.
وأما تشنيعه بالمتعة فقد بينا في غير موضع أن في التوراة أن يهوذا بن يعقوب/ لقي كنته- زوجة ابنه- على الطريق في «1» صورة زانية فوطئها على أن يعطيها «2» جديا من الغنم ثم رهنها عليه عمامته وقضيبا معه «3» " وهذه صورة المتعة بل صورة الزنا. والجواب مشترك.
وأيضا المتعة أحسن حالا من وطء روبيل بن يعقوب جارية أبيه لأنه زنا محض «4» .
قال:" وفي كتاب العتق من البخاري عن أبي هريرة قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم «5» : (إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست به صدورها، ما لم تعمل به أو تكلم)«6» .
(1) في (أ): في غير.
(2)
في (م): يعطها.
(3)
انظر سفر التكوين الأصحاح الثامن والثلاثين.
(4)
انظر سفر التكوين الأصحاح التاسع والأربعين.
(5)
صلى الله عليه وسلم: ليست في (م)، (ش).
(6)
أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب الخطا والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه
…
، وفي الطلاق باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران
…
والغلط والنسيان في الطلاق
…
، وفي الأيمان، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان. وأخرجه مسلم في كتاب الأيمان باب تجاوز الله عن حديث النفس. وأخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في الوسوسة بالطلاق، والترمذي في كتاب الطلاق، باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته. وابن ماجه في كتاب الطلاق باب من طلق في نفسه ولم يتكلم به، وأحمد في المسند (2/ 425، 474، 481، 491).