المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حد الزنا…وحرص الإسلام على الستر والإغضاء] - الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية - جـ ٢

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌[علامات الساعة وموقف النصارى منها]

- ‌[منافع الحبة السوداء]

- ‌[طهارة محمد- صلى الله عليه وسلم وعلو همته]

- ‌[معجزات محمد- صلى الله عليه وسلم وموقف النصراني منها]

- ‌ الشرط الثالث" الإعجاز

- ‌[المعجزة الخالدة، والرد على النصراني في إنكاره إعجاز القرآن وبلاغته]

- ‌ الشرط الرابع: حسن الشريعة

- ‌[نسخ شريعة محمد- صلى الله عليه وسلم لشرائع الأنبياء قبله]

- ‌[تعدد الزوجات، والطلاق بين الإسلام والنصرانية]

- ‌[الرد على النصراني في ادعائه أن الإسلام أجاز إتيان المرأة في دبرها]

- ‌[كراهة الطلاق وإباحته لمصلحة الزوجين]

- ‌[نكاح المتعة وموقف الإسلام منه]

- ‌[العزل وإباحته في غير معارضة القدر]

- ‌[حد الزنا…وحرص الإسلام على الستر والإغضاء]

- ‌[الاستمتاع بالحائض في زمن الحيض]

- ‌[حكم الحنث فى اليمين وجمعة بين تعظيم الله ورفع الحرج عن المكلفين]

- ‌[متى يباح الكذب وتنزيه الأنبياء منه]

- ‌[حسن العطاس وكراهة التثاؤب]

- ‌[آدب الأكل فى الإسلام وجهل النصارى بها]

- ‌[حكم مرور الكلب الأسود بين يدي المصلي، والرد على النصراني في اعتراضه على ذلك]

- ‌[التورية والمعاريض مندوحة عن الكذب]

- ‌[جسمية الشيطان والرد على النصراني في انكار ذلك]

- ‌[النهي عن مشابهة النصارى غيرهم في أوقات الصلوات]

- ‌[إثبات نصوص الصفات على ما يليق بالله سبحانه]

- ‌[حث محمد- صلى الله عليه وسلم لأمته على طاعة الله والرد على إنكار النصراني لمغفرة الله لذنوب عباده]

- ‌[زيارة النبي- صلى الله عليه وسلم لقبر أمه. وأنه لا محذور في ذلك]

- ‌[الرد على زعم النصراني بأن النبي- صلى الله عليه وسلم لا بدّ أن يعلم الغيب]

- ‌[نفي الضلال عن أمة محمد- صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه والرد على شبهة النصراني في ذلك]

- ‌[مكان قبض النبي صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه، والرد على شبهة النصراني في ذلك]

- ‌ حجج واضحة على صحة دين الإسلام وصدق محمد- عليه السلام

- ‌الحجة الأولى:

- ‌الحجة الثانية:

- ‌الحجة الثالثة:

- ‌الحجة الرابعة:

- ‌الحجة الخامسة:

- ‌الحجة السادسة:

- ‌الحجة السابعة:

- ‌الحجة الثامنة:

- ‌الحجة التاسعة:

- ‌الحجة العاشرة:

- ‌الفهارس

- ‌أولا: فهرس الآيات القرآنية

- ‌ثانيا: فهرس الأحاديث والآثار

- ‌ثالثا: فهرس الأشعار

- ‌رابعا: الأمثال

- ‌خامسا: فهرس الألفاظ والمصطلحات المشروحة

- ‌سادسا: فهرس الأعلام

- ‌سابعا: فهرس الأماكن والمواقع والبقاع

- ‌ثامنا: فهرس الفرق والأمم

- ‌تاسعا: فهرس المراجع والمصادر

- ‌عاشرا: فهرس الموضوعات

الفصل: ‌[حد الزنا…وحرص الإسلام على الستر والإغضاء]

‌[حد الزنا

وحرص الإسلام على الستر والإغضاء]

قال:" وفي سورة النساء: واللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ

(15) إلى قوله: والَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما

(16)«1» وذكر ما قاله «2» المفسرون في الأذى: أنه التعيير «3» والتوبيخ، أو السب والجفاء أو النيل «4» باللسان واليد، والضرب بالنعال، ونحوه «5» .

قال:" وفي هذا تكثير للزنا لطمع الزانيين بتعذر اجتماع أربعة شهود غالبا، حتى يقضيا وطرهما، ولضعف هذه العقوبة إذ لا يزجر «6» مثلها عن هذا الفعل وشرعية الزنا وقوعه في الخلق أمر مغضب للرب، وموجب حلول نقمته وسخطه فينبغي أن يحسم تشديد العقاب، حتى لا يقع «7» إلا نادرا".

قلت: قد تبين بهذا السؤال أن هذا الشخص قد كان يأخذ ما يورده على الشريعة من كتب التفسير والحديث من غير أن ينظر في كتب/ الفقهاء، إذ لو نظر فيها لعرف أحكام/ الشرع، ولم «8» يورد هذا الزور والمحال، ولعمري أن الكتاب

(1) سورة النساء، آية: 15، 16.

(2)

في (أ):" لما قاله".

(3)

في (ش): انباء للتعيير.

(4)

في (أ): والنيل.

(5)

انظر تفسير الطبري 4/ 296 - 297، وتفسير القرطبي 5/ 86، وغيرهما من كتب التفسير.

(6)

في (أ): يؤخر.

(7)

في (ش)، (م): حتى لا يقع أو لا تقع إلا نادرا.

(8)

في (أ): فلم.

ص: 665

والسنة، وإن كانا أصل الشريعة ومادتها لكن اقتناص الأحكام منها يحتاج إلى تصرف في التركيب، كما أن مفردات الدواء مادته، ولا بدّ في الانتفاع بها من تصرف في التركيب، وكذلك مقدمات الدليل مادته ولا ينتفع بها في إثبات الحكم إلا بمعرفة تركيب الدليل منها، وكذا الكلام في مفردات كل مركب. وإذا عرفت هذا فحكم دين الإسلام في الزاني إن كان محصنا الرجم حتى يموت، وهل يجلد قبله مائة جلدة؟ على قولين «1» . وإن كان بكرا

(1) الأول: ما فعله علي- رضي الله عنه وهو الجمع بين الجلد والرجم وقال بعد إقامته الحد على شراحة الهمدانية:" جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم" وبهذا قال الحسن البصري وغيره وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وهذا مقتضى حديث عبادة بن الصامت الذي سيورده المؤلف. ومن أدلة هذا القول قوله تعالى: الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ

[سورة النور: 2].

القول الثاني: أن على الثيب الرجم فقط دون الجلد وهو قول عمر والزهري ومالك والثوري والشافعي. وهو الرواية الثانية عن أحمد: متمسكين بأن النبي- صلى الله عليه وسلم رجم ما عزا والغامدية ولم يجلدهما. وبقوله لأنيس: «اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» ولم يذكر الجلد، فلو كان مشروعا لما سكت عنه. [انظر المغني لابن قدامة 8/ 160، وتفسير القرطبي 5/ 78، وتفسير ابن كثير 1/ 462].

قلت: ولعل الراجح هو القول الثاني، ويحمل حديث عبادة بأنه منسوخ بفعل النبي- صلى الله عليه وسلم بماعز والغامدية واليهوديين وقصة أنيس. والآية تحمل على حكم الزاني البكر لأن الرجم لم يذكر فيها. أو أنها كانت ناسخة لآية النساء التي ذكرها المؤلف. ثم نسخت هي أيضا بحديث عبادة، ونسخ حكم الثيب في حديث عبادة بالأحاديث المذكورة. والله أعلم.

ص: 666

جلد مائة وتغريب عام «1» إلى مسافة القصر «2» لأن قوله تعالى: فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)«3» السبيل

(1) هذا مذهب الجمهور منهم مالك والشافعي وأحمد مستدلين بحديث عبادة وبحديث العسيف وفيه قال النبي- صلى الله عليه وسلم: «لأقضين بينكما بكتاب الله. أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام» [رواه البخاري في الصلح، باب إذا أصلحوا على صلح جور فالصلح مردود، وفي عدة مواضع من صحيحه. ورواه أيضا مسلم في الحدود

وغيرهما]. وقال بترك التغريب أبو حنيفة ونفر يسير، واحتجوا بحديث الأمة الذي رواه أبو هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال:" إذا زنت فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها، ثم إذا زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير" قال ابن شهاب: لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة.

[أخرجه البخاري في الحدود باب إذا زنت الأمة، ومسلم في الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي ومالك في الموطأ كلهم في كتاب الحدود] فقد ذكر فيه الحد دون النفي. والصواب أن الذكر الحر إذا زنى يجلد ويغرب إذا كان غير محصن، أما الأمة فلا تغرب لهذا الحديث، وأما المرأة الحرة ففي تغريبها خلاف على نحو ما سبق من الأحاديث فالجمهور على أنها تغرب ومالك والأوزاعي على أنها لا تغرب.

والصواب والله أعلم أن المرأة لا تغرب إلا إذا أمنت الفتنة، وكانت مع ذي محرم يرعاها.

[انظر في هذه المسألة: في المغني لابن قدامة 8/ 166 - 170، وتفسير القرطبي 5/ 87، وغيرهما من كتب الفقه والتفسير].

(2)

وقيل: من قرية إلى أخرى ولو كان بينهما ميل واحد. [المغني لابن قدامة 8/ 169].

(3)

سورة النساء، آية:15.

ص: 667

هاهنا: مجمل تبينه السنة فيما روى عبادة بن الصامت «1» قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني. قد «2» جعل الله لهن سبيلا، الثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم،/ والبكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة» رواه مسلم «3» وأبو داود «4» والنسائي «5» وابن ماجه «6» والترمذي، وقال: حسن صحيح «7» . وفيه أحاديث غير هذا.

وبهذا يتبين: أن ما ذكر في تفسير الأذى ضعيف لا يثبت، أو منسوخ بهذا الحديث «8» ، أو محمول على البكر، أو على أنه يفعل بالزانيين ولا يقتصر لهما عليه، بل يقام عليهما من الحد ما أتت به السنة في بيان السبيل.

(1) الصحابي الجليل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم الخزرجي الأنصاري أحد نقباء الأنصار، يكنى أبا الوليد، شهد المشاهد كلها مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم واستعمله على بعض الصدقات وكان ممن جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، أرسله عمر- رضي الله عنه إلى الشام ليعلم القرآن ويفقه أهلها- هو وبعض الصحابة- في الدين، توفي بالرملة. وقيل:

ببيت المقدس سنة أربع وثلاثين للهجرة.

[انظر الإصابة 2/ 268 - 269، والاستيعاب 2/ 807 - 808].

(2)

في (ش)، (أ): فقد.

(3)

في كتاب الحدود، باب حد الزنا، حديث 12، 13.

(4)

في كتاب الحدود، باب في الرجم.

(5)

لم أجده في الصغرى ولعله في الكبرى.

(6)

في كتاب الحدود، باب حد الزنا.

(7)

في كتاب الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب.

(8)

وبقوله تعالى في أول سورة النور: الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ولا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ، ولْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وهذا أمر متفق عليه بين الجمهور.

[انظر تفسير القرطبي 5/ 84، وتفسير ابن كثير 1/ 462].

ص: 668

وأما قوله: في اعتبار الأربعة تكثير الزنا للطمع في تعذرهم. فجوابه: أنا قد بينا أن بناء شرعنا على مراعاة المصالح والمفاسد،/ وترجيح بعضها على بعض، ولا شك أن اعتبار الأربعة في الزنا، وإن كان مفضيا إلى تكثيره بما ذكرت لكن الزنا يتبعه مفاسد عظيمة:

منها: ضياع النسب.

ومنها: لحوق العار بالزانيين وأهلهما «1» .

ومنها: وجوب القتل عليهما أو الجلد الذي يفضي إلى القتل.

ومنها: سلب العدالة فيترتب عليه رد الشهادة وسلب أهلية الولايات الدينية والدنيوية.

وهذه المفاسد كلها راجعة إلى حقوق الآدميين، فكان في تقليل ثبوت الزنا بتكثير الشهود، تقليل لهذه المفاسد في الحكم.

وأما معصية الزنا الواقع في نفس الأمر، فالعقوبة عليها/ حق الله، والدنيا ليست دار جزاء، إنما هي دار تكليف، فيتأخر حق الله إلى حين المصير إليه، فيعاقب أو يعفو. ولهذا غالب المعاصي لم يشرع فيها عقوبة في الدنيا إلا فيما كان فيه إفساد لنظام العالم فشرع فيه العقوبة لذلك، وأخر حقوقه في سائر المعاصي إلى الدار الآخرة، دار الجزاء، ولهذا لا يوجد في كلام المسيح ترتيب عقوبة دنيوية على شيء من المعاصي، بل إنما يتوعد بجهنم وبالظلمة وصرير الأسنان على ما تضمنه الإنجيل.

(1) في (أ): وأهلها.

ص: 669

وما تضمنه دين النصارى من العقوبات «1» الدنيوية فهو إما متناول من التوراة أو من جهة علمائهم على جهة السياسة، بناء على قول المسيح:

" ما حللتموه في الأرض فهو محلول في السماء، وما ربطتموه في الأرض فهو مربوط في السماء «2» ".

مع أن دين الإسلام مبني على إيثار الستر والإغضاء «3» ومكارم الأخلاق، لطفا من الله بخلقه، ولولا ما في المعاصي ذوات الحدود من المفاسد الدنيوية لما شرع فيها حد «4» ./

والجواب عن هذا السؤال ذكرته مبسوطا في القواعد الدمشقية وإنما أشرت إليه هنا إشارة.

(1) في (م): من الأحكام.

(2)

انظر انجيل متى الأصحاح السادس عشر.

(3)

الإغضاء: ادناء الجفون، ثم استعمل في الحلم، فقيل أغضى على القذى: إذا أمسك عفوا عنه.

[انظر مختار الصحاح ص 476، والمصباح المنير 2/ 537].

(4)

قلت: ويمكن أن يرد عليه من وجه آخر، وهو أن هذا هو حكم التوراة في مثل هذا وقد اعترف اليهود بذلك فيما أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال:" ائتوني بأعلم رجلين منكم" فأتوا بابني صوريا، فنشدهما" كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ " قالا: نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما، قال:" فما يمنعكما أن ترجموهما؟ " قالا ذهب سلطاننا فكرهنا القتل فدعا رسول الله- صلى الله عليه وسلم بالشهود، فجاءوا بأربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم برجمهما" وهذا يدل على جهل النصراني بأحكام كتابهم الذي أمروا بتحكيمه. والله أعلم.

ص: 670