الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد ذلك صعد إلى أبيه، فهو جالس عن يمينه. فإن كان هذا حقا فقد كان يجب عليه وينبغي له أن يقول لأبيه حين ظهر محمد بدعوته: أهلك هذا ولا تدعه يفتن الناس ويضلهم، ثم احتاج: أن أنزل إليهم فاستنقذهم من فتنته. فاقتل «1» واصلب من يأتيه «2» ، لأن عندكم أن المسيح كامل العلم والقدرة لا يخفى عنه شيء في ملكه أو ملك «3» أبيه فبالضرورة أنه علم بظهور محمد- عليه السلام فسكوته عن الإنكار والتغيير بحضرة أبيه يوجب إما التقصير والرضا بالضلال، والراضي بالضلال ضال، أو أن محمدا على طريق الرشد والكمال، وقد خيرناكم بين الأمرين ولا واسطة بين القسمين.
الحجة السابعة:
جرت عادة الله في خلقه أنه يتداركهم على كل فترة برسول يرشدهم إلى الهدى ويصدهم عن الردى، ولا خلاف «4» أن العرب في جاهليتها لا سيما في أواخرها عند أوان ظهور محمد- عليه السلام، كانت أحوج الخلق إلى ذلك لما كانت عليه من الظلم والبغي والغارات والقتل «5» بغير حق وسبي الحريم وظلم الغريم، فالعناية الإلهية يستحيل منها عادة إهمالهم على ذلك من غير معلم
(1) في (ش)، (م): وأقتل.
(2)
في (م):" وأقتل وأصلب مرة ثانية لأن عندكم
…
".
(3)
في (أ): لو ملك.
(4)
في (أ): فلا خلاف.
(5)
في (أ): وبالقتل.
يرشدهم ويسددهم كما تقرر هذا أول الكتاب في ضرورة الخلق إلى النبوات،/ وما رأينا أحدا ظهر بناموس قمع تلك الجاهلية وما كانت عليه من المنكرات إلا محمدا- عليه السلام فدل على أنه هو النبي المبعوث فيها، وإذا ثبتت نبوته بهذا الطريق إلى العرب فالنبي لا يكذب وقد صح عنه بالتواتر أنه قال:" بعثت إلى الناس كافة"«1» " وبعثت إلى الأحمر والأسود «2» " وبهذا يظهر تغفيل من سلّم من اليهود أنه أرسل إلى العرب خاصة «3» ، لا إلى غيرهم.
(1) طرف من الحديث الذي أخرجه البخاري فى أول باب في التيمم عامة، وفي كتاب الصلاة، باب قول النبي- صلى الله عليه وسلم:" جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا"(56)، وأخرجه النسائي في الغسل، باب التيمم بالصعيد، والدارمي في كتاب الصلاة، باب الأرض كلها طهور ما خلا المقبرة والحمام.
(2)
طرف من الحديث الذي أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، حديث (3)، عن جابر بلفظ:" كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود
…
".
(3)
هذا ليس خاصا باليهود بل هو من ادعاءات النصارى الذين يؤمنون برسالة محمد- صلى الله عليه وسلم لكن يقولون إن رسالته إلى العرب خاصة كما في رسالة بولص الراهب التي وصلت إلى ابن تيمية- رحمه الله فرد عليها بالجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، وكما في الرسالة المماثلة التي وصلت إلى الإمام القرافي قبل ابن تيمية فرد عليها بالأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة.
[انظر الجواب الصحيح 1/ 31 وما بعدها، والأجوبة الفاخرة ص 142 وما بعدها بتحقيق الباحث].