المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نفي الضلال عن أمة محمد- صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه والرد على شبهة النصراني في ذلك] - الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية - جـ ٢

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌[علامات الساعة وموقف النصارى منها]

- ‌[منافع الحبة السوداء]

- ‌[طهارة محمد- صلى الله عليه وسلم وعلو همته]

- ‌[معجزات محمد- صلى الله عليه وسلم وموقف النصراني منها]

- ‌ الشرط الثالث" الإعجاز

- ‌[المعجزة الخالدة، والرد على النصراني في إنكاره إعجاز القرآن وبلاغته]

- ‌ الشرط الرابع: حسن الشريعة

- ‌[نسخ شريعة محمد- صلى الله عليه وسلم لشرائع الأنبياء قبله]

- ‌[تعدد الزوجات، والطلاق بين الإسلام والنصرانية]

- ‌[الرد على النصراني في ادعائه أن الإسلام أجاز إتيان المرأة في دبرها]

- ‌[كراهة الطلاق وإباحته لمصلحة الزوجين]

- ‌[نكاح المتعة وموقف الإسلام منه]

- ‌[العزل وإباحته في غير معارضة القدر]

- ‌[حد الزنا…وحرص الإسلام على الستر والإغضاء]

- ‌[الاستمتاع بالحائض في زمن الحيض]

- ‌[حكم الحنث فى اليمين وجمعة بين تعظيم الله ورفع الحرج عن المكلفين]

- ‌[متى يباح الكذب وتنزيه الأنبياء منه]

- ‌[حسن العطاس وكراهة التثاؤب]

- ‌[آدب الأكل فى الإسلام وجهل النصارى بها]

- ‌[حكم مرور الكلب الأسود بين يدي المصلي، والرد على النصراني في اعتراضه على ذلك]

- ‌[التورية والمعاريض مندوحة عن الكذب]

- ‌[جسمية الشيطان والرد على النصراني في انكار ذلك]

- ‌[النهي عن مشابهة النصارى غيرهم في أوقات الصلوات]

- ‌[إثبات نصوص الصفات على ما يليق بالله سبحانه]

- ‌[حث محمد- صلى الله عليه وسلم لأمته على طاعة الله والرد على إنكار النصراني لمغفرة الله لذنوب عباده]

- ‌[زيارة النبي- صلى الله عليه وسلم لقبر أمه. وأنه لا محذور في ذلك]

- ‌[الرد على زعم النصراني بأن النبي- صلى الله عليه وسلم لا بدّ أن يعلم الغيب]

- ‌[نفي الضلال عن أمة محمد- صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه والرد على شبهة النصراني في ذلك]

- ‌[مكان قبض النبي صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه، والرد على شبهة النصراني في ذلك]

- ‌ حجج واضحة على صحة دين الإسلام وصدق محمد- عليه السلام

- ‌الحجة الأولى:

- ‌الحجة الثانية:

- ‌الحجة الثالثة:

- ‌الحجة الرابعة:

- ‌الحجة الخامسة:

- ‌الحجة السادسة:

- ‌الحجة السابعة:

- ‌الحجة الثامنة:

- ‌الحجة التاسعة:

- ‌الحجة العاشرة:

- ‌الفهارس

- ‌أولا: فهرس الآيات القرآنية

- ‌ثانيا: فهرس الأحاديث والآثار

- ‌ثالثا: فهرس الأشعار

- ‌رابعا: الأمثال

- ‌خامسا: فهرس الألفاظ والمصطلحات المشروحة

- ‌سادسا: فهرس الأعلام

- ‌سابعا: فهرس الأماكن والمواقع والبقاع

- ‌ثامنا: فهرس الفرق والأمم

- ‌تاسعا: فهرس المراجع والمصادر

- ‌عاشرا: فهرس الموضوعات

الفصل: ‌[نفي الضلال عن أمة محمد- صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه والرد على شبهة النصراني في ذلك]

[نفي الضلال عن أمة محمد- صلى الله عليه وسلم وشدة الموت عليه والرد على شبهة النصراني في ذلك]

وذكر حديث البخاري عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله- صلى الله عليه وسلم الموت.

وفي البيت رجال. قال:" هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده" فقال بعضهم:

إن «1» رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. ومنهم من يقول غير ذلك. فلما أكثر اللغط والاختلاف قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم «2» : (قوموا) فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حيل بين رسول الله- صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب «3» .

(1) أن: سقطت من (أ)، (ش).

(2)

صلى الله عليه وسلم: ليست فى (أ)، (ش).

(3)

أخرجه بألفاظ قريبة منه الإمام البخاري في كتاب العلم، باب كتابة العلم وفي كتاب الجزية، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب (6)، وفي كتاب المرضى، باب قول المريض: قوموا عني (17)، وفي الاعتصام، باب كراهية الاختلاف (26)، وأخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه، حديث: 22، وقد أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب جوائز الوفد (176) عن ابن عباس. وفي الموضع السابق من الجزية عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى. قلت: يا ابن عباس ما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله- صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: «ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا» فتنازعوا. ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما له؟ أهجر؟ استفهموه. فقال:

ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه. فأمرهم بثلاث قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب: وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، والثالثة إما أن سكت عنها، وإما أن قالها فنسيتها" اهـ. قال البخاري- رحمه الله:" قال سفيان: هذا من قول سليمان" قلت: هو أحد رجال الإسناد وهو سليمان بن أبي مسلم الأحوال الذي سمع الحديث من سعيد بن جبير. وأخرجه مسلم في الموضع السابق بنحو لفظ البخاري هذا" حديث 20".

ص: 733

قلت: لم يوجه سؤاله من هذا الكتاب. وأنا يخطر لي توجيهه من وجهين:

أحدهما: القدح «1» في جميع المسلمين. وتقريره: أنه علق عدم ضلالهم على/ كتب الكتاب. ومن المعلوم أن المشروط ينتفي لانتفاء شرطه، والكتاب لم يكتب فنفي الضلال لم يحصل، فيكون الضلال بعده ثابتا، إذ لا واسطة بين النفي والإثبات «2» .

الثاني: قول القائل:" قد غلبه الوجع" يعني: فهو لا يدري ما يقول وكان هذا القائل عمر بن الخطاب. وفي لفظ الصحيح:" أنه قال «3» إن الرجل تهجر" يعني تخلط في كلامه. لأن الهجر: الكلام الذي لا معنى له «4» ، ولا فائدة.

والجواب عن الأول من وجهين:

أحدهما:/ أن المراد بالضلال الذي علق نفيه على كتابة الكتاب هو الاختلاف في الإمامة لمن هي بعده «5» . بدليل قوله تعالى: أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

(1) فى (أ): للقدح.

(2)

هذه هي الشبهة التي يطرحها أعداء الإسلام دائما وخاصة النصارى ويستشهدون بالحديث السابق، وكذلك الرافضة للوصول إلى سب عمر- رضي الله عنه. [انظر الأجوبة الفاخرة للقرافي ص 344 - 345 بتحقيق المحقق].

(3)

فى (أ): إنه يقال.

(4)

من الهجر: الهذيان، هجر المريض في كلامه هجرا أي: خلط وهذى، واختلف كلامه لأجل ما به من مرض. [انظر لسان العرب 5/ 253 - 254، والمصباح المنير 2/ 779، ومختار الصحاح ص 690، وفتح الباري 8/ 133].

(5)

يوضح ذلك ما أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، حديث 11، أنه صلى الله عليه وسلم قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة:" ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".

ص: 734

وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً

(3)«1» وبدليل قوله/ عليه السلام قبل «2» موته:" لقد تركتكم على بيضاء نقية، ليلها كنهارها «3» "، وقوله:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من عاندهم إلى يوم القيامة «4» " في نصوص كثيرة، فنفى ضلال الأمة بعده، فتعين حمل الضلال في هذا الحديث على النزاع في الخلافة «5» .

(1) سورة المائدة، آية:3.

(2)

في (أ): قبيل.

(3)

طرف من حديث أخرجه ابن ماجه في الباب الأول من المقدمة، حديث: 5، وقد انفرد به عن أبي الدرداء:"

وأيم الله لقد تركتم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء" وفي سنده:" محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع قال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ ويدلس، رمي بالقدر" ورواه أيضا في باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين

من المقدمة حديث: 42، عن العرباض بن سارية:"

قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك

" ورجال سنده رجال الصحيح. وقد أخرجه أحمد في المسند (4/ 126).

(4)

أخرجه البخاري بألفاظ غير هذا اللفظ في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (13) وفي كتاب فرض الخمس، باب قول الله: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ [الأنفال: 41]

(7)، وفي كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين

(10)

وفي كتاب التوحيد، باب قوله الله: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ [النحل: 40](29)، وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق

" بألفاظ متعددة. وهو طرف من حديث عند أبي داود في أول الفتن، باب ما جاء في الأئمة المضلين، وهو طرف من حديث عند ابن ماجه في الفتن، باب ما يكون من الفتن، حديث 3952، وأخرجه أحمد في المسند (4/ 101).

(5)

يقول الإمام شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي- رحمه الله في الرد عن هذه الشبهة:

"

ولم يصرح عليه السلام بأن نضل في الدين إذا لم يكتب، ولا أنا نضل في شيء البتة.

بل صرح بأنه يكتب ما ينفي معه الضلال، ولا يلزم من عدم سبب معين لنفي الضلال أن يقع الضلال، بل جاز أن ينتفي الضلال بالهداية الإلهية والعناية الربانية، كما إذا قلنا للمسافر: إن أخذت هذا الخفير لا تضل، يحتمل أنه إذا لم يأخذه أن يهتدي من تلقاء نفسه بإلهام ربه أو بسبب آخر، مع أن العلماء قد نقلوا أن ذلك الكتاب كان المقصود به نفي الضلال فيمن يعين للخلافة بعده

[الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة. بتحقيق الباحث ص 345 - 346].

ص: 735

ولا شك أنهم تنازعوها بعده: علي وسعد بن عبادة وأبو بكر «1» فكانت له بمقتضى وعد النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:" يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر «2» " وقوله:" الخلافة بعدي ثلاثون ثم يصير ملكا"«3» وكانت أيام أبي بكر من جملة الثلاثين «4» .

(1) لا أعلم في ذلك نصا صريحا إلا ما ذكر من انحياز علي وطائفة من الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت فاطمة- رضي الله عنها وانحياز عمر وطائفة أخرى إلى أبي بكر، وانحياز الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاستخلاف سعد بن عبادة، وهذا فيما رواه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى إذا أحصنت (31) من قول عمر- رضي الله عنه" وأنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا عليّ والزبير ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر،

" ثم ذكر قصة مبايعة أبي بكر- رضي الله عنه، والقصة في مسند أحمد (1/ 55 - 56) وسيرة ابن هشام المجلد الثاني ص 656.

(2)

أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر، حديث: 11، وأحمد في المسند (6/ 44) وتقدم ذكر لفظه عند مسلم في هامش ص:734.

(3)

أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في الخلفاء، حديث 4646، 4647 بلفظ خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء" والترمذي في الفتن باب ما جاء في الخلافة، بلفظ:

" الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك

" وقال: حديث حسن

، وأخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 220، 221) بلفظ:" الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك

"،" الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملكا بعد ذلك

".

(4)

يقول القرافي- رحمه الله:" والخلافة ليست من قواعد الأديان، ولا شرط في صحة الإيمان.

مع أنا ما أثبتنا الخلافة بعده- عليه السلام إلا بنصه، وإيحائه، وذلك في معنى الكتاب، لقوله- عليه السلام:" الأئمة من قريش"[مسند أحمد 3/ 129] وقد ولينا قرشيا. وبقوله عليه السلام لما وعد المرأة بعده، فقالت له عليه السلام:" فإن لم أجدك"؟ قال لها عليه السلام:

" ائت أبا بكر"[مسلم، فضائل الصحابة حديث 10] فصرح بأنه يتولى أعباء المسلمين بعده،-

ص: 736

الوجه الثاني: أن محمدا- صلى الله عليه وسلم في أيام حياته. إما أن تدعوا أنه كان على هدى أو ضلال؟.

فإن قلتم: على هدى، فأمته بعده على ملته وسنته ومنهاجه. وإذا اختلفوا في أمر لجئوا إلى ما أنزل عليه، وإلى ما قاله من السنة، فهم أيضا مهتدون مثله.

وإن قلتم على ضلال فأمته- على زعمكم- قد ضلوا عما كان عليه، والضلال عن الضلال هدى، إذ نقيض الضلال الرشاد فهم إذن مهتدون.

فعلى التقديرين القدح «1» في أمته لا يتجه من هذا الحديث، والقدح فيه قد سبق جوابه.

والجواب عن الثاني: أن عمر- رضي الله عنه ليس معصوما، فهو وهم في هذا وظن الأمر على خلاف ما هو عليه حيث نسب النبي- صلى الله عليه وسلم «2» - إلى التخليط في الكلام «3» كما وهم في قوله:/" إن محمدا لم يمت،

- وهذا هو الخلافة، وما ولينا غير أبي بكر، فما ضللنا والحمد لله في الخلافة ولا في غيرها" [الأجوبة الفاخرة ص: 346 - 347 بتحقيق الباحث] قلت: وقال سفيان بن عيينة في شأن الكتاب:" أراد أن ينص على أسامي الخلفاء بعده حتى لا يقع بينهم اختلاف [فتح الباري 1/ 209].

(1)

في (أ): للقدح.

(2)

صلى الله عليه وسلم: ليست في (م).

(3)

قلت: أجاب العلماء عن قول عمر- رضي الله عنه بأجوبة منها:

1 -

ظهر لعمر مع طائفة أن كتابة الكتاب ليس على الوجوب، إنما هو على الاختيار، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح، فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه، مع استحضار قول الله تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 28] وقوله: تِبْياناً لِكُلِ -

ص: 737

وإنما ذهب إلى مناجاة ربه بروحه، كما ذهب موسى للمناجاة ببدنه" «1» .

- شَيْءٍ [النحل: 89] ولهذا قال عمر:" حسبنا كتاب ربنا" ولو كان على الوجوب لما أخر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقد عاش بعد ذلك أياما.

(2)

- أن عمر خاف أن يكون ما يكتبه في حالة غلبة المرض سبيلا للمنافقين إلى الطعن في ذلك المكتوب.

(3)

- أن عمر لو قال ذلك عن شك عرض له لأنكره كبار الصحابة ولنقل إلينا.

(4)

- يحتمل صدوره عن عمر ومن معه عن دهش وحيرة. كما أصاب كثير منهم عند موته صلى الله عليه وسلم.

وهذا ما ذهب إلى الطوفي.

(5)

- يحتمل أن يكون قائل ذلك أراد أنه اشتد وجعه فأطلق اللازم على الملزوم، لأن الهذيان الذي يقع للمريض ينشأ عن شدة وجعه. ورجح ابن حجر هذا في الفتح.

(6)

- وقيل: قال ذلك لإرادة سكوت اللغط ورفع الأصوات عنده، ولئلا يؤذى.

(7)

- قول عمر:" حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره- رضي الله عنه لأنه خشي أن يكتب أمورا ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة، وأراد أن لا يفسد باب الاجتهاد. وفي تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر إشارة إلى تصويب رأيه.

(8)

- أن عمر من أشفق الناس على هذه الأمة فلولا أنه في النصوص ما ينوب عن الكتاب لما أهمله، وهو صلى الله عليه وسلم أشفق منه وعليه التبليغ واجب، فلو كان قد بقي ما يضلنا في ديننا لما تركه عليه السلام لا سيما وقد قال في حجة الوداع:" ألا قد بلغت ألا قد بلغت" والله يقول حينئذ:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

وحينئذ يتعين أن ذلك الكتاب كان من باب الاحتياطات التي لا يضر الإخلال بها، فلا يلزم من عدمه مفسدة في شيء من الدين.

[انظر فتح الباري 1/ 208 - 209، 8/ 133 - 134، والأجوبة الفاخرة للقرافي ص: 347 بتحقيق الباحث].

(1)

أخرج البخاري في فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لو كنت متخذا خليلا"،"

فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم

والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم" وأخرج ابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم.

حديث 1627، وأحمد في المسند (3/ 196) وفي (6/ 220)، والدارمي في المقدمة، باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وابن هشام في السيرة المجلد الثاني ص 655: قول عمر:" إن محمدا لم يمت وإنما عرج بروحه كما ذهب موسى أربعين ليلة عن قومه لمناجاة ربه ثم رجع إليهم". ولكن بألفاظ مختلفة.

ص: 738

وأحسب أن عمر عوقب على هذه الكلمة/ عقوبة دائمة «1» من جهة أن الرافضة تعلقت عليه بها ونسبته إلى أنه علم أن النبي- صلى الله عليه وسلم إن كتب لهم كتابا نص فيه على عليّ بن أبي طالب" وعلم أنها إن صارت إلى" عليّ" تداولها بنو هاشم فلا تخرج عنهم، فلا تحصل له، وهو كان يرجوها بعد أبي بكر، كما وقع، فصدهم «2» عن كتابة الكتاب حتى مات النبي- صلى الله عليه وسلم ثم بادر بالبيعة لأبي بكر مخالسة «3» كما قال:؛ كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها"«4» ثم مات سريعا فتناولها بعده.

(1) ليس قول الرافضة ولا من انتقص عمر- رضي الله عنه عقوبة له دائمة، لأن ذلك لم ينقص من قدر عمر- رضي الله عنه الذي نزل برأيه القرآن الكريم وأخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه عدو للشياطين في قوله لعمر:«والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجّا إلا سلك فجّا غير فجك» [أخرجه البخاري في عدة مواضع منها: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، حديث 22، وأحمد في المسند (1/ 171، 182، 187].

وليس نيل أحد من المنحرفين والضلال الرافضة أو غيرهم من عمر- رضي الله عنه عقوبة له بل هي عقوبة لهم يستحقون بذلك الخزي والعار في الدنيا والآخرة. ولا يليق بالطوفي أن يعبر عما حدث من الرافضة بهذا الأسلوب.

(2)

فصدهم: مكررة في (أ).

(3)

مخالسة: من الخلس وهو الأخذ في نهزة ومخاتلة. والخامس: الذي يأخذ صاحبه على غفلة.

[انظر لسان العرب 6/ 65، ومنال الطالب ص 365].

(4)

أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت (31) في حديث طويل قال عمر:"

ثم إنه قد بلغني أن قائلا منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترنّ امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها. وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، من بايع رجلا من غير-

ص: 739

فهم يشنعون عليه بذلك، ويتهمونه به، ويسبونه، ويشتمونه لأجله، ولعمري إن هذا شبهة «1» . ولكن لما كانت خلافة عمر على السداد والرشاد، وما فيه صلاح البلاد والعباد، وكانت/ أيامه غرة في وجه الدهر، ودولته واسطة في عقد نحر دول العصر لم يضرنا ذلك ولو ثبت تحققه «2» .

- مشورة المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا وأنه كان من خيرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم" الحديث. وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند (1/ 55 - 56) قال ابن تيمية- رحمه الله:" ومعنى ذلك أنها وقعت فجأة لم تكن قد استعددنا لها، ولا تهيأنا، لأن أبا بكر كان متعينا لذلك، فلم يكن يحتاج في ذلك إلى أن يجتمع لها الناس إذ كلهم يعلمون أنه أحق بها، وليس بعد أبي بكر من يجتمع الناس على تفضيله واستحقاقه كما اجتمعوا على ذلك في أبي بكر

" [منهاج السنة 4/ 216 - 217].

(1)

قلت: لم تكن بيعة أبي بكر بمبايعة عمر له لوحده، وإنما كان أول من سبق إلى بيعته وإلا فإن إجماع الصحابة العقد على بيعته- رضي الله عن الجميع- لأنه أحق الناس بها، فهو أفضل الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم وهو" ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا" ولو لم يجمع عليه الصحابة ولم ينص عليه النبي صلى الله عليه وسلم لم تنعقد له البيعة بالخلافة بمجرد بيعة عمر، وكذلك عمر- رضي الله عنه نص على خلافته أبو بكر، ثم بايعه المسلمون وأجمعوا على بيعته وخلافته، ولو لم يجمعوا لم تتم البيعة ولا الخلافة لعمر، وكذلك عثمان- رضي الله عنه أما الكتاب، فقد دلت النصوص على أنه يريد أن ينص على خلافة أبي بكر كما سبق في ذكرنا لبعضها

أما قول الطوفي:" إن هذا شبهة" فهو كذلك على من أعمى الله بصيرته، ولم يتدبر نصوص الكتاب والسنة يعرف منزلة عمر- رضي الله عنه التي ترفعه عن أقل مما قاله فيه الرافضة، وموقفه- رضي الله عنه من مبايعة أبي بكر- رضي الله عنه يدل على فهمه وسعة أفقه ودقيق نظره وشفقته على أمته، وأنه يريد جمع شملها وعدم تفرقها، وكان بذلك موافقا للنصوص الشرعية وإلا لما أجمع الصحابة على ذلك. وكان الأولى بالطوفي أن يفند شبهة الرافضة هذه فليست مما يحتار في ردها المسلم- والله أعلم-.

(2)

لو قال الطوفي عفى الله عنا وعنه: إن ذلك دليل على فضل عمر وأهليته للخلافة بعد أبي بكر- رضي الله عنه إضافة إلى أنه أفضل الأمة بعد أبي بكر، وأن أبا بكر نص على خلافته وأن الإجماع انعقد عليه بعد أبي بكر لكان أحق وأصوب. والله الموفق.

ص: 740