المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْكُفْرُ.   (قَوْلُهُ: وَبَانَتْ لَوْ أَسْلَمَا مُتَعَاقِبًا) لِأَنَّ رِدَّةَ الْآخَرِ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٣

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرَ الْمُحْرِم إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى]

- ‌[فَصْلٌ قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدًا أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ مَنْ قَتَلَهُ]

- ‌(بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ)

- ‌(بَابُ إضَافَةِ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ فِي الْحَجّ أَوْ الْعُمْرَة]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ فِي الْحَجُّ]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ)

- ‌(بَابُ الْهَدْيِ)

- ‌[مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(كِتَابُ النِّكَاحِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاح]

- ‌[بَابُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْفَاءِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ بَعْضُ مَسَائِلِ الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاح]

- ‌(بَابُ الْمَهْرِ)

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ)

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْكَافِر]

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ)

- ‌(كِتَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[الْمُحْرِمَات بِسَبَبِ الرَّضَاعِ]

- ‌[وَلَبَنُ الرَّجُلِ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ]

- ‌ أَرْضَعَتْ ضَرَّتَهَا

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[بَابُ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ)

- ‌(بَابُ الْكِنَايَاتِ فِي الطَّلَاقِ)

- ‌(بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ)

الفصل: الْكُفْرُ.   (قَوْلُهُ: وَبَانَتْ لَوْ أَسْلَمَا مُتَعَاقِبًا) لِأَنَّ رِدَّةَ الْآخَرِ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ

الْكُفْرُ.

(قَوْلُهُ: وَبَانَتْ لَوْ أَسْلَمَا مُتَعَاقِبًا) لِأَنَّ رِدَّةَ الْآخَرِ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً وَيُعْلَمُ بِهِ حُكْمُ الْبَيْنُونَةِ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِالْأَوْلَى وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الزَّوْجُ، وَإِنْ كَانَ هِيَ فَلَهَا النِّصْفُ وَبَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مُطْلَقًا وَلَا تَرِثُ مِنْهُ إنْ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَإِنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا وَرِثَتْهُ كَذَا فِي الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: تَزَوَّجَ صَبِيَّةً لَهَا أَبَوَانِ مُسْلِمَانِ فَارْتَدَّا مَعًا تَبِنْ لِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ تَبَعًا لِلْأَبَوَيْنِ وَتَبَعًا لِلدَّارِ بِاعْتِبَارِ الِاتِّصَالِ، وَالْمُجَاوَرَةِ وَلِهَذَا اللَّقِيطُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ وَلَوْ أُدْخِلَتْ صَغِيرَةٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ مَعَهَا أَبَوَاهَا فَمَاتَتْ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَتَبَعِيَّةُ الدَّارِ هُنَا قَائِمَةٌ فَبَقِيَتْ مُسْلِمَةً لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَإِنْ لَحِقَا بِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ بَانَتْ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ الدَّارِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي دَارِنَا مُسْلِمًا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ ارْتَدَّ الْآخَرُ وَلَحِقَ بِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَبِنْ وَيُصَلَّى عَلَيْهَا إذَا مَاتَتْ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ حُكْمٌ تَنَاهَى بِالْمَوْتِ مُسْلِمًا وَكَذَا بِالْمَوْتِ مُرْتَدًّا لِأَنَّ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ قَائِمَةٌ وَلَوْ أَنَّ صَبِيَّةً نَصْرَانِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ تَمَجَّسَ أَبُوهَا وَقَدْ مَاتَتْ الْأُمُّ نَصْرَانِيَّةً لَمْ تَبِنْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ خَيْرَ الْوَالِدَيْنِ دِينًا فَبَقِيَتْ عَلَى دِينِ الْأُمِّ وَلَوْ تَمَجَّسَ أَبَوَاهَا بَانَتْ وَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ هُنَا تَبَعًا لِلدَّارِ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُثْبِتُ التَّبَعِيَّةَ ابْتِدَاءً مَا دَامَتْ تَبَعِيَّةُ الْأَبَوَيْنِ قَائِمَةً فَإِنْ بَلَغَتْ عَاقِلَةٌ مُسْلِمَةٌ ثُمَّ جَنَتْ ثُمَّ ارْتَدَّ أَبُوهَا لَمْ تَبِنْ، وَإِنْ لَحِقَ بِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ أَصْلًا لَا تَبَعًا وَكَذَلِكَ الصَّبِيَّةُ الْعَاقِلَةُ لَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ جُنَّتْ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَصْلًا فِي الْإِسْلَامِ اهـ.

وَهُنَا مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى مَسْأَلَةُ مَا إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ أُخْتَانِ وَحُكْمُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ التَّزَوُّجُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ أَوْ فِي عَقْدَيْنِ فَنِكَاحُ مَنْ يَحِلُّ سَبْقُهُ جَائِزٌ وَنِكَاحُ مَنْ تَأَخَّرَ فَوَقَعَ الْجَمْعُ بِهِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِ بَاطِلٌ، الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ مَا إذَا بَلَغَتْ الْمُسْلِمَةُ الْمَنْكُوحَةُ وَلَمْ تَصِفْ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهَا تَبِينُ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(بَابُ الْقَسْمِ)

بَيَانٌ لِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَأَخَّرَهُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا عِنْدَ تَعَدُّدِ الْمَنْكُوحَاتِ، وَالنِّكَاحُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَلَا هُوَ غَالِبٌ فِيهِ، وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرُ قَسَمَ، وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْقَسْمُ الْعَطَاءُ وَلَا يُجْمَعُ، وَالرَّأْيُ، وَالشَّكُّ، وَالْغَيْثُ، وَالْمَاءُ، وَالْقَدْرُ وَهَذَا يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ بِالْفَتْحِ إذَا أُرِيدَ الْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ إذَا أُرِيدَ النَّصِيبُ اهـ.

وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الزَّوْجَ مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَمَجَّسَ أَبَوَاهَا بَانَتْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ تَمَجَّسَا أَوْ ارْتَدَّا تَأَمُّلٌ، فَلْيُتَدَبَّرْ اهـ.

قُلْت الْفَرْقُ ظَاهِرٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْبِنْتَ بِارْتِدَادِ أَبَوَيْهَا الْمُسْلِمَيْنِ تَبْقَى مُسْلِمَةً تَبَعًا لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلدَّارِ، وَالْمُرْتَدُّ فِي حُكْمِ الْمُسْلِمِ يُجْبِرُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ تَمَجُّسِ أَبَوَيْهَا النَّصْرَانِيِّينَ لِأَنَّهَا تَصِيرُ تَبَعًا لَهُمَا فِي التَّمَجُّسِ وَلَا يُمْكِنُ تَبَعِيَّتُهَا لِلدَّارِ مَعَ بَقَاءِ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي ارْتَدَّا لِلْأَبَوَيْنِ النَّصْرَانِيِّينَ وَلَيْسَ بِالْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي الْمُحِيطِ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً صَغِيرَةً وَلَهَا أَبَوَانِ نَصْرَانِيَّانِ فَكَبِرَتْ وَهِيَ لَا تَعْقِلُ دِينًا مِنْ الْأَدْيَانِ وَلَا تَصِفُهُ وَهِيَ غَيْرُ مَعْتُوهَةٍ فَإِنَّهَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا، مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا تَعْقِلُ دِينًا بِقَلْبِهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا تَصِفُهُ لَا تَعْرِفُهُ بِاللِّسَانِ، وَكَذَلِكَ الصَّغِيرَةُ الْمُسْلِمَةُ إذَا بَلَغَتْ عَاقِلَةً وَلَا تَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَلَا تَصِفُهُ وَهِيَ غَيْرُ مَعْتُوهَةٍ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا كَمَا ذَكَرْنَا وَمُحَمَّدٌ رحمه الله سَمَّى هَذِهِ فِي الْكِتَابِ مُرْتَدَّةً، وَفِي الْكَافِي وَلَا مَهْرَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ يَجِبُ الْمُسَمَّى، وَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ عِنْدَهَا وَيُقَالُ لَهَا هُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قَالَتْ: نَعَمْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهَا، وَفِي الْمُحِيطِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إذَا بَلَغَتْ فَعَرَفَتْ الْإِسْلَامَ فَإِنْ قَالَتْ: أَنَا أَعْرِفُ الْإِسْلَامَ وَأَقْدِرُ عَلَى وَصْفِهِ إلَّا أَنِّي لَا أَصِفُهُ هَلْ تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ رحمهم الله عَلَى قَوْلِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لِصَيْرُورَتِهِ مُسْلِمًا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا قَالَتْ: أَنَا أَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَأَعْرِفُهُ لَكِنْ لَا أَقْدِرُ عَلَى الْوَصْفِ هَلْ تَبِينُ قِيلَ يَجِبُ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَتْ هَاتَانِ اللَّتَانِ بَلَغَتَا قَدْ عَقَلَتَا الْإِسْلَامَ أَوْ النَّصْرَانِيَّةَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَا وَلَكِنْ لَمْ يَصِفَا ذَلِكَ وَلَا غَيْرَهُ لَمْ تَبِنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ صَدَقَ قَلْبُهُ كَانَ مُسْلِمًا وَأَنْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ أَخَذَ الْمَاتُرِيدِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ وَعَامَّةِ مَشَايِخِنَا قَالُوا لَا بَلْ الْإِقْرَارُ شَرْطٌ وَتَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُمَا عَقَلَتَا الْإِسْلَامَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَصِفَا ذَلِكَ فَلَا يَبِينَانِ أَمَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا.

[بَابُ الْقَسْمِ]

ص: 233

بِالْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] مَعْنَاهُ لَنْ تَسْتَطِيعُوا الْعَدْلَ، وَالتَّسْوِيَةَ فِي الْمَحَبَّةِ فَلَا تَمِيلُوا فِي الْقَسْمِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَ تَعَالَى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وَغَايَتُهُ الْقَسْمُ.

وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَاسْتَفَدْنَا أَنَّ حِلَّ الْأَرْبَعِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ خَوْفِ عَدَمِ الْعَدْلِ وَثُبُوتُ الْمَنْعِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ عِنْدَ خَوْفِهِ فَعُلِمَ إيجَابُهُ عِنْدَ تَعَدُّدِهِنَّ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خَافَ عَدَمَ الْعَدْلِ حَرُمَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدَةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْ:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا} [النساء: 3] فِي الْقَسْمِ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْمَثْنَى، وَالثَّلَاثِ، وَالْأَرْبَعِ فَوَاحِدَةً نَدْبٌ إلَى نِكَاحِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ خَوْفِ تَرْكِ الْعَدْلِ فِي الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا يُخَافُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ، وَالنَّفَقَةِ وَاجِبٌ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خَافَ عَدَمَ الْعَدْلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا خَافَ الْجَوْرَ حَرُمَ التَّزَوُّجُ فَكَيْفَ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا قُلْت الْعَدْلُ بِمَعْنَى تَرْكِ الْجَوْرِ لَيْسَ بِمُرَادٍ هُنَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِلْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ وَهَذَا إنَّمَا يَحْرُمُ تَرْكُهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ لَا التَّزَوُّجُ إذَا خَافَ عَدَمَهُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء: 3] أَيْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاحِدَةِ، وَالْمَمْلُوكَاتِ أَقْرَبُ إلَى أَنْ لَا تَعُولُوا فَفَسَّرَ الْأَكْثَرُ الْعَوْلَ بِالْجَوْرِ يُقَالُ عَالَ الْمِيزَانُ إذَا مَالَ وَعَالَ الْحَاكِمُ إذَا جَارَ وَفَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ بِكَثْرَةِ الْعِيَالِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ أَنْ لَا تُعِيلُوا لِأَنَّهُ مِنْ أَعَالَ يُعِيلُ

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لُغَوِيٌّ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِكَلَامِ غَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي اللُّغَةِ عَالَ الرَّجُلُ إذَا كَثُرَتْ مُؤْنَتُهُ فَتَفْسِيرُهُ بِكَثْرَةِ الْعِيَالِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْعِيَالِ كَثْرَةُ الْمُؤَنِ وَبِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ: «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» .

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدْلَ فِي الْكِتَابِ مُبْهَمٌ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ وَصَرَّحَ بِهِ بِأَنَّهُ مُطْلَقًا لَا يُسْتَطَاعُ فَعُلِمَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْهُ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ، وَكَذَا السُّنَّةُ جَاءَتْ مُجْمَلَةً فِيهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ الْمَرْوِيَّ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ «كَانَ عليه السلام يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» يَعْنِي الْقَلْبَ أَيْ زِيَادَةُ الْمَحَبَّةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا عَدَاهُ دَاخِلٌ تَحْتَ مِلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ فِي التَّسْوِيَةِ، وَمِنْهُ عَدَدُ الْوَطَآتِ، وَالْقُبُلَاتِ، وَالتَّسْوِيَةُ فِيهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» أَيْ مَفْلُوجٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ الْمُرَادَ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَكِنْ لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاجِبَ فِي الْبَيْتُوتَةِ، وَالتَّأْنِيسِ فِي الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَضْبِطَ زَمَانَ النَّهَارِ فَبِقَدْرِ مَا عَاشَرَ فِيهِ إحْدَاهُمَا يُعَاشِرُ الْأُخْرَى بِقَدْرِهِ بَلْ ذَلِكَ فِي الْبَيْتُوتَةِ وَأَمَّا النَّهَارُ فَفِي الْجُمْلَةِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي الْمَحَبَّةِ لَمَّا بَيَّنَ الشَّارِعُ سُقُوطَهَا بَقِيَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مُرَادًا وَهُوَ الْبَيْتُوتَةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنْ لَا تَجِبَ التَّسْوِيَةُ فِيمَا عَدَاهَا وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالتَّسْوِيَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الْبَيْتُوتَةِ لَا فِي الْمُجَامَعَةِ لِأَنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى النَّشَاطِ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحُرَّتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ فِي الْمَأْكُولِ، وَالْمَشْرُوبِ، وَالْمَلْبُوسِ، وَالسُّكْنَى، وَالْبَيْتُوتَةِ اهـ.

وَهَكَذَا ذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ فِي النَّفَقَةِ فَالتَّسْوِيَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ أَيْضًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ اعْتِبَارِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ إيجَابُهُ عِنْدَ تَعَدُّدِهِنَّ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرْضًا لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَتَدَبَّرْ اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْضِيَّةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِقَطْعِيِّ الثُّبُوتِ، وَالدَّلَالَةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَهُنَا قَوْله تَعَالَى:{فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَالْوَاجِبُ وَاحِدَةً أَوْ الْمَفْرُوضُ وَاحِدَةً أَوْ الْمَطْلُوبُ وَاحِدَةً فَلَيْسَ صَرِيحًا بِفَرْضِيَّةِ تَزَوُّجِ الْوَاحِدَةِ فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ فَرْضِيَّةُ الْقَسْمِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ فَالْأَمْرُ لَيْسَ نَصًّا فِي الْفَرْضِ الْقَطْعِيِّ بَلْ يَعُمُّ الظَّنِّيَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ النَّدْبَ، وَالْإِبَاحَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلَيْسَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ وَهَذَا إنْ أُخِذَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْفَتْحِ، وَإِنْ أُخِذَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ} [النساء: 3] عَلَى مَا يَأْتِي فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خَافَ عَدَمَ الْعَدْلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ. . . إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيِّ حَيْثُ قَالَ: مُسْتَدْرِكًا عَلَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ لَكِنْ فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3] أَيْ الْزَمُوهَا مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ لَا الْحَتْمِ اهـ.

وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ مِنْ حَمْلِ النَّدْبِ فِي كَلَامِ الْبَدَائِعِ عَلَى اللُّغَوِيِّ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ وَتَرَكَهَا كَانَ جَوْرًا وَقَدْ قَالُوا يَحْرُمُ التَّزَوُّجُ عِنْدَ خَوْفِ الْجَوْرِ وَتَخْصِيصُ مَا هُنَا بِأَنَّهُ يَحْرُمُ بَعْدَ وُجُوبِهِ يُقَالُ فِي غَيْرِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ جَوْرٍ وَجَوْرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا التَّزَوُّجُ إذَا خَافَ عَدَمَهُ) اُنْظُرْ مَا وَقَعَ هَذَا الْكَلَامُ وَلَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَحْرُمُ تَرْكُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ تَرْكُهُ بَعْدَ وُجُوبِهِ لَا يَحْرُمُ التَّزَوُّجُ قَبْلَ وُجُوبِهِ إذَا خَافَ عَدَمَهُ

ص: 234

حَالِهِمَا فَلَا لِأَنَّ إحْدَاهُمَا قَدْ تَكُونُ غَنِيَّةً، وَالْأُخْرَى فَقِيرَةً فَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا فِي النَّفَقَةِ، وَفِي الْغَايَةِ: اتَّفَقُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ فِي النَّفَقَةِ قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ فِي النَّفَقَةِ يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا عَلَى الْمُخْتَارِ فَكَيْفَ يَدَّعِي الِاتِّفَاقَ فِيهَا عَلَى التَّسْوِيَةِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الرَّجُلِ وَحْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْبِكْرُ كَالثَّيِّبِ، وَالْجَدِيدَةُ كَالْقَدِيمَةِ، وَالْمُسْلِمَةُ كَالْكِتَابِيَّةِ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَسْمِ لِإِطْلَاقِ مَا تَلَوْنَا وَمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» «وَقَوْلُهُ: عليه السلام لِأُمِّ سَلَمَةَ إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك وَسَبَّعْتُ لِنِسَائِي، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ لَك وَدُرْتُ» فَالْمُرَادُ التَّفْضِيلُ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْجَدِيدَةِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَحَادِيثَ مُحْتَمِلَةٌ فَلَمْ تَكُنْ قَطْعِيَّةَ الدَّلَالَةِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ، وَالْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِتَرَدُّدِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الْقَطْعِيَّةِ وَكَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَمُقَابِلَيْهِنَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ مِنْهَا، وَالْمَرِيضَةِ، وَالصَّحِيحَةِ، وَالرَّتْقَاءِ، وَالْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ، وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، وَالْمُحَرَّمَةِ، وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَمُقَابِلَاتِهِنَّ وَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ رَجْعِيًّا فَإِنْ قَصَدَ رَجْعَتَهَا قَسَمَ لَهَا وَإِلَّا لَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ بَابِ الرَّجْعَةِ وَأَمَّا النَّاشِزَةُ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَسْمِ إنَّمَا هُوَ لِلصِّحَّةِ، وَالْمُؤَانَسَةِ دُونَ الْمُجَامَعَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ زَوْجٍ وَزَوْجٍ فَالْمَجْبُوبُ، وَالْعِنِّينُ، وَالْخَصِيُّ كَالْفَحْلِ وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا دَخَلَ بِامْرَأَتَيْهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لِحَقِّ النِّسَاءِ وَحُقُوقُ الْعِبَادِ تَتَوَجَّهُ عَلَى الصِّبْيَانِ عِنْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَقَالَ مَالِكٌ وَيَدُورُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ بِهِ عَلَى نِسَائِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ عِنْدَنَا وَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَتَرْكِهِ فَهَلْ يَأْثَمُ الْوَلِيُّ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَدْرِ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْثَمَ

وَفِي الْمُحِيطِ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الصَّغِيرُ بِهَا فَلَا فَائِدَةَ فِي كَوْنِهِ مَعَهَا اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى الْبَالِغِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ فِي كَوْنِهِ مَعَهَا فَائِدَةً وَلِذَا إنَّمَا قَيَّدُوا بِالدُّخُولِ فِي امْرَأَةِ الصَّبِيِّ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَلَا يُجَامِعُ الْمَرْأَةَ فِي غَيْرِ يَوْمِهَا وَلَا يَدْخُلُ بِاللَّيْلِ عَلَى الَّتِي لَا قَسْمَ لَهَا وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا بِالنَّهَارِ لِحَاجَةٍ وَيَعُودُهَا فِي مَرَضِهَا فِي لَيْلَةِ غَيْرِهَا فَإِنْ ثَقُلَ مَرَضُهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا حَتَّى تُشْفَى أَوْ تَمُوتَ اهـ.

وَفِي الْهِدَايَةِ، وَالِاخْتِيَارْ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْوِيَةُ دُونَ طَرِيقِهِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ عَلَى صِرَافَتِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدُورَ سَنَةً سَنَةً مَا يَظُنُّ إطْلَاقُ ذَلِكَ لَهُ بَلْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُطْلِقَ لَهُ مِقْدَارَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَإِذَا كَانَ وُجُوبُهُ لِلتَّأْنِيسِ وَدَفْعِ الْوَحْشَةِ وَجَبَ أَنْ تُعْتَبَرَ الْمُدَّةُ الْقَرِيبَةُ وَأُظَنُّ أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ مُضَارَّةً إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِهِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ لِأَنَّهُ لَا مُضَارَّةَ حَيْثُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقَسْمِ لِأَنَّهَا مُطْمَئِنَّةٌ بِمَجِيءِ نَوْبَتِهَا، وَالْحَقُّ لَهُ فِي الْبُدَاءَةِ بِمِنْ شَاءَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَسْمِ فَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ لِلزَّوْجَةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِالْوَطْءِ لِأَنَّ حَلَّهُ لَهَا حَقُّهَا كَمَا أَنَّ حَلَّهَا لَهُ حَقُّهُ وَإِذَا طَالَبَتْهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَجِبُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ اهـ.

وَلَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَرَّةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا طَلَبَتْ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى شَهْوَتِهِ لَهَا، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا أَحْيَانَا، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا شَهْرًا فَخَاصَمَتْهُ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ قَضَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا وَمَا مَضَى هَدَرٌ غَيْرَ أَنَّهُ أَثِمَ فِيهِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ فِيهِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَلَوْ عَادَ بَعْدَمَا نَهَاهُ الْقَاضِي أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً وَأَمَرَهُ بِالْعَدْلِ لِأَنَّهُ أَسَاءَ الْأَدَبَ وَارْتَكَبَ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَهُوَ الْجَوْرُ فَيُعَزَّرُ فِي ذَلِكَ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَإِذَا عُزِّرَ فَتَعْزِيرُهُ بِالضَّرْبِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ: لَا يُعَزَّرُ بِالْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَدْرَكُ الْحَقُّ فِيهِ بِالْحَبْسِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ اهـ. وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ لِلْقَاضِي.

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى الْبَالِغِ) الْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِي نَفْيِ الْمُضَارَّةِ مُطْلَقًا نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ.

لَكِنْ نَقَلَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ التَّقْيِيدَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَذَا قَالَ فِي الرَّمْزِ لِلْمَقْدِسِيِّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى قَدْرِ عَيْنٍ فِيهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَمَنَعَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إلَّا بِإِذْنِ الْأُخْرَى اهـ.

قُلْت لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَلَاثَةً أَوْ سَبْعَةً وَعِنْدَ أُخْرَى كَذَلِكَ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ، وَالسِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ.

وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ حَيْثُ قَالَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَلَ وَرُوِيَ عَنْ الْأَشْعَثِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ حِينَ دَخَلَ بِهَا إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك وَسَبَّعْتُ لَهُنَّ» اهـ.

ص: 235

الْخِيَارَ فِي التَّعْزِيرِ بَيْنَ الضَّرْبِ، وَالْحَبْسِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْحُرَّةِ ضِعْفُ الْأَمَةِ) يَعْنِي إذَا كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ فَلِلْحُرَّةِ الثُّلُثَانِ مِنْ الْقَسْمِ وَلِلْأَمَةِ الثُّلُثُ بِذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَلِأَنَّ حِلَّ الْأَمَةِ أَنْقَصُ مِنْ حِلِّ الْحُرَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إظْهَارِ النُّقْصَانِ فِي الْحُقُوقِ وَأَطْلَقَهَا فَشَمِلَ الْمُكَاتَبَةَ، وَالْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ، وَالْمُبَعَّضَةَ لِأَنَّ الرِّقَّ فِيهِنَّ قَائِمٌ، وَفِي الْبَدَائِعِ: وَهَذَا التَّفَاوُتُ فِي السُّكْنَى، وَالْبَيْتُوتَةِ فَأَمَّا فِي الْمَأْكُولِ، وَالْمَشْرُوبِ، وَالْمَلْبُوسِ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَاتِ اللَّازِمَةِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِ أَمَّا عَلَى اعْتِبَارِ حَالِهِمَا فَلَا، وَفِي الْمِعْرَاجِ: لَوْ أَقَامَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ يَوْمًا ثُمَّ أَعْتَقَتْ لَمْ يُقِمْ عِنْدَ الْحُرَّةِ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَتُجْعَلُ حُرِّيَّتُهَا عِنْدَ انْتِهَاءِ النَّوْبَةِ بِمَنْزِلَةِ حُرِّيَّتِهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ النَّوْبَةِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ عِنْدَ حُرَّةٍ يَوْمًا ثُمَّ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ تَحَوَّلَ عَنْهَا إلَى الْمُعْتَقَةِ لِمَا ذَكَرْنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَافِرُ بِمَا شَاءَ مِنْهُنَّ، وَالْقُرْعَةُ أَحَبُّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَثِقُ بِإِحْدَاهُمَا فِي السَّفَرِ وَبِالْأُخْرَى فِي الْحَضَرِ، وَالْقَرَارِ فِي الْمَنْزِلِ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ أَوْ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَوْ يَمْنَعُ مِنْ سَفَرِ إحْدَاهُمَا كَثْرَةُ سِمَنِهَا فَتَعْيِينُ مَنْ يَخَافُ صُحْبَتَهَا فِي السَّفَرِ لِخُرُوجِ قُرْعَتِهَا إلْزَامٌ لِلضَّرَرِ الشَّدِيدِ وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالْمُنَافِي لِلْحَرَجِ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ قُرْعَتِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُنَّ إذَا أَرَادَ سَفَرًا فَكَانَ لِلِاسْتِحْبَابِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَكَيْفَ وَهُوَ مَحْفُوفٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَاهُنَّ سَوْدَةَ وَجُوَيْرِيَةَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ وَصَفِيَّةَ وَمَيْمُونَةَ وَمِمَّنْ آوَى عَائِشَةَ، وَالْبَاقِيَاتِ رضي الله عنهن أَجْمَعِينَ - قَالَ الْقَاضِي فِي تَفْسِيرِهِ:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] تُؤَخِّرُهَا وَتَتْرُكُ مُضَاجَعَتَهَا {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] تَضُمُّ إلَيْك وَتُضَاجِعُهَا أَوْ تُطَلِّقُ مَنْ تَشَاءُ وَتُمْسِكُ مَنْ تَشَاءُ {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ} [الأحزاب: 51] أَيْ طَلَبْت {مِمَّنْ عَزَلْتَ} [الأحزاب: 51] طَلُقَتْ بِالرَّجْعَةِ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51] فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اهـ.

قَيَّدَ بِالسَّفَرِ لِأَنَّ مَرَضَهُ لَا يُسْقِطُ الْقَسْمَ عَنْهُ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ عليه السلام لَمَّا مَرِضَ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَأَذِنَّ لَهُ» وَلَمْ أَرَ كَيْفِيَّةَ قَسْمِهِ فِي مَرَضِهِ إذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ التَّحَوُّلَ إلَى بَيْتِ الْأُخْرَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَسْمِهِ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ إذَا صَحَّ ذَهَبَ إلَى الْأُخْرَى بِقَدْرِ مَا أَقَامَ عِنْدَ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ إذَا أَقَامَ لَا يَقْضِي لِلْمُقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ إذَا وَهَبَتْ قَسْمَهَا لِأُخْرَى) فَأَفَادَ جَوَازَ الْهِبَةِ، وَالرُّجُوعِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ رضي الله عنها وَأَمَّا صِحَّةُ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ فَلَا يَسْقُطُ، وَقَدْ فَرَّعَ الشَّافِعِيَّةُ هُنَا تَفَارِيعَ لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا ذَكَرَهَا، مِنْهَا أَنَّهَا إذَا وَهَبَتْ حَقَّهَا لِمُعَيَّنَةٍ وَرَضِيَ بَاتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ كَرِهَتْ مَا دَامَتْ الْوَاهِبَةُ فِي نِكَاحِهِ وَلَوْ كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ وَهَبَتْهُ لِلْجَمِيعِ جَعَلَهَا كَالْمَعْدُومَةِ وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً جَازَ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَلَعَلَّ مَشَايِخَنَا إنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ إنَّمَا هِيَ إسْقَاطٌ عَنْهُ فَكَانَ الْحَقُّ لَهُ سَوَاءٌ وَهَبَتْ لَهُ أَوْ لِصَاحِبَتِهَا فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ حِصَّةَ الْوَاهِبَةِ لِمَنْ شَاءَ.

(تَتِمَّةٌ)

فِي حُقُوقِ الزَّوْجَيْنِ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ: الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ لِلْآيَةِ وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَقِيلَ التَّفْصِيلُ، وَالْإِحْسَانُ إلَيْهَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَخُلُقًا وَقِيلَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهَا كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ مَعَ نَفْسِهِ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمِنْهَا إذَا حَصَلَ نُشُوزٌ أَنْ يَبْدَأَهَا بِالْوَعْظِ ثُمَّ بِالْهَجْرِ ثُمَّ بِالضَّرْبِ لِلْآيَةِ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ عَلَى التَّوْزِيعِ وَاخْتُلِفَ فِي الْهَجْرِ فَقِيلَ يَتْرُكُ مُضَاجَعَتَهَا وَقِيلَ يَتْرُكُ جِمَاعَهَا، وَالْأَظْهَرُ تَرْكُ كَلَامِهَا مَعَ الْمُضَاجَعَةِ، وَالْجِمَاعِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ، وَفِي الْمِعْرَاجِ إذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ يُؤْمَرُ أَنْ يَبِيتَ مَعَهَا وَلَا يُعَطِّلَهَا، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ لَهَا لَيْلَةٌ مِنْ كُلِّ أَرْبَعٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَمِنْ كُلِّ سَبْعٍ إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَتَعَيَّنُ

ــ

[منحة الخالق]

فَإِنَّ مُقْتَضَى ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ بَعْدَ التَّثْلِيثِ أَنَّ لَهُ التَّسْبِيعَ وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَادَةً عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا أَقَامَ عِنْدَ الْأُولَى) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاخْتِيَارُ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَيْهِ حَالَ صِحَّتِهِ فَفِي مَرَضِهِ أَوْلَى فَإِذَا مَكَثَ عِنْدَ الْأُولَى مُدَّةً أَقَامَ عِنْدَ الثَّانِيَةِ بِقَدْرِهَا اهـ.

وَهَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مُدَّةَ إقَامَتِهِ دَوْرًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَيْهِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيَّ حَيْثُ قَالَ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ شَهْرًا فَطَلَبَتْ مِثْلَهَا الْأُخْرَى لَا يَفْعَلُ وَيَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْتَأْنِفُ هُنَا بِالْأَوْلَى اهـ.

نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ فَلَوْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَقَامَ عِنْدَ الْأُخْرَى ثَلَاثَةً فَقَطْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْحَقُّ لَهُ. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: كَوْنُ الْحَقِّ لَهُ فِيمَا إذَا وَهَبَتْ لِصَاحِبَتِهَا مَمْنُوعٌ فَفِي الْبَدَائِعِ فِي تَوْجِيهِ الْمَسْأَلَةِ

ص: 236