الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَقُّهَا فِي يَوْمٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْقَسْمَ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ اسْتِحْبَابُ أَنْ يَصْحَبَهَا أَحْيَانًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ
وَلَوْ كَانَ لَهُ مُسْتَوْلَدَاتٌ وَإِمَاءٌ فَلَا يَقْسِمُ لَهُنَّ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النِّكَاحِ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ وَأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي الْمُضَاجَعَةِ وَلَوْ حَطَّتْ لِزَوْجِهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهَا فِي الْقَسْمِ فَهُوَ حَرَامٌ وَهُوَ رِشْوَةٌ وَتَرْجِعُ بِمَالِهَا وَكَذَا لَوْ جَعَلَتْ مِنْ مَهْرِهَا شَيْئًا لِيَزِيدَهَا فِي الْقَسْمِ أَوْ زَادَهَا فِي مَهْرِهَا أَوْ جَعَلَ لَهَا شَيْئًا لِتَجْعَلَ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا فَالْكُلُّ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الضِّرَّتَيْنِ أَوْ الضَّرَائِرِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ لِلُزُومِ الْوَحْشَةِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الضَّرَائِرُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِالرِّضَا يُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى حَتَّى لَوْ طَلَبَ وَطْأَهَا لَمْ تَلْزَمْهَا الْإِجَابَةُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً وَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَالْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى التَّنْظِيفِ، وَالِاسْتِحْدَادِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ كُلِّ مَا يَتَأَذَّى مِنْ رَائِحَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْغَزْلِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّزَيُّنِ بِمَا يَتَأَذَّى بِرِيحِهِ كَأَنْ يَتَأَذَّى بِرَائِحَةِ الْحِنَّاءِ الْمُخَضِّبِ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ التَّعْزِيرِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَضْرِبُهَا فِيهَا
وَفِي بَابِ النَّفَقَاتِ مَا يَجُوزُ لَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَمَا لَا يَجُوزُ قَالُوا وَلَوْ كَانَ أَبُوهَا زَمِنًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ عَلَيْهِ مُؤْمِنًا كَانَ أَوْ كَافِرًا فَإِنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَعْصِيَ الزَّوْجَ فِي الْمَنْعِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُطِيعَهُ فِي كُلِّ مُبَاحٍ يَأْمُرُهَا بِهِ اهـ.
وَفِيهَا مِنْ آخِرِ الْجِنَايَاتِ: ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا ضَرْبًا فَاحِشًا وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ يُعَزَّرُ الزَّوْجُ اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَهُوَ غَيْرُ الْمُبَرِّحِ فَإِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ فِيهِ وَذَكَرَ الْبِقَاعِيُّ فِي الْمُنَاسَبَاتِ حَدِيثًا «لَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ» وَحَدِيثًا آخَرَ «أَنَّهُ نَهَى الْمَرْأَةَ أَنْ تَشْكُوَ زَوْجَهَا» وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الرَّضَاعِ)
لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ الْوَلَدَ أَيْ غَالِبًا وَهُوَ لَا يَعِيشُ غَالِبًا فِي ابْتِدَاءِ إنْشَائِهِ إلَّا بِالرَّضَاعِ وَكَانَ لَهُ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَهِيَ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِمُدَّةٍ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ أَحْكَامِهِ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ مَا تَتَعَلَّقُ الْمَحْرَمِيَّةُ بِهِ إجْمَالًا وَذَكَرَ هُنَا التَّفَاصِيلَ الْكَثِيرَةَ ثُمَّ قِيلَ كِتَابُ الرَّضَاعِ لَيْسَ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا عَمِلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَنَسَبَهُ إلَيْهِ لِيُرَوِّجَهُ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ أَبُو الْفَضْلِ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمُسَمَّى بِالْكَافِي مَعَ الْتِزَامِهِ إيرَادَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ مَحْذُوفَةَ التَّعَالِيلِ وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَوَائِلِ مُصَنَّفَاتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ اكْتِفَاءً بِمَا أَوْرَدَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مَصُّ الثَّدْيِ مُطْلَقًا، وَفِي الْمِصْبَاحِ رَضِعَ الصَّبِيُّ رَضَعًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ نَجْدٍ وَرَضَعَ رَضْعًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ لُغَةٌ لِأَهْلِ تِهَامَةَ وَأَهْلُ مَكَّةَ يَتَكَلَّمُونَ بِهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أَصْلُ الْمَصْدَرِ مِنْ هَذِهِ اللُّغَةِ بِكَسْرِ الضَّادِ وَإِنَّمَا السُّكُونُ تَخْفِيفٌ مِثْلُ الْحَلِفِ، وَالْحَلْفِ وَرَضَعَ يَرْضَعُ بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ رَضَاعًا وَرَضَاعَةً بِفَتْحِ الرَّاءِ وَأَرْضَعْته أُمُّهُ فَارْتَضَعَ فَهِيَ مُرْضِعٌ وَمُرْضِعَةٌ أَيْضًا وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَجَمَاعَةٌ إنْ قُصِدَ حَقِيقَةُ الْوَصْفِ بِالْإِرْضَاعِ فَمُرْضِعٌ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَإِنْ قُصِدَ مَجَازُ الْوَصْفِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مَحَلُّ الْإِرْضَاعِ فِيمَا كَانَ أَوْ سَيَكُونُ فَبِالْهَاءِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] وَنِسَاءٌ مَرَاضِعُ وَمَرَاضِيعُ وَرَاضَعَتْهُ مُرَاضَعَةً وَرِضَاعًا بِالْكَسْرِ وَهُوَ رَضَعِيٌّ بِالْكَسْرِ وَرَضِيعِيٌّ اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ رَضِعَ مِنْ بَابِ سَمِعَ وَضَرَبَ وَكَرُمَ فَأَفَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الضَّادِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ كَمَا يَجُوزُ فِي الضَّادِ مِنْ مَصْدَرِهِ الْفَتْحُ، وَالْكَسْرُ، وَالسُّكُونُ وَكَمَا يَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ الْفَتْحُ، وَالْكَسْرُ، وَالضَّمُّ لَكِنْ الضَّمُّ
ــ
[منحة الخالق]
بِأَنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَسْتَوْفِيَ وَلَهَا أَنْ تَتْرُكَ اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: كَوْنُ الْحَقِّ لَهَا إنَّمَا هُوَ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ أَمَّا بَعْدَهُ فَاعْتَبَرَهُ الْمَشَايِخُ إسْقَاطًا عَنْهُ فَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْحَقَّ حَيْثُ كَانَ لَهَا وَأَسْقَطَتْهُ لِمُعَيَّنَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَهَا فِي مَهْرِهَا. . . إلَخْ) قَالَ الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ حَقُّهَا فَإِذَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِهِ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْجَوَازِ فَتَأَمَّلْ اهـ.
وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ مِنْ تَعْلِيلِ صِحَّةِ رُجُوعِهَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِضَرَّتِهَا بِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ فَتَدَبَّرْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْكَلَامُ الَّذِي قَالُوهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَمَنْ أَفْتَى بِجَوَازِ أَخْذِ الْمَالِ بِمُقَابَلَتِهِ إنَّمَا بَنَاهُ عَلَى الْعُرْفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا عُرْفَ هُنَا وَأَمَّا مَنْ مَنَعَهُ مُطْلَقًا يَقُولُ بِالْمَنْعِ هُنَا بِالْأَوْلَى تَدَبَّرْ.
[كِتَابُ الرَّضَاعِ]
بِمَعْنَى أَنْ يَرْضَعَ مَعَهُ آخَرُ كَالْمُرَاضَعَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَمَا أَفَادَهُ (قَوْلُهُ: هُوَ مَصُّ الرَّضِيعِ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ وُصُولُ اللَّبَنِ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرِ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ الْآتِيَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا حَلَبَتْ لَبَنَهَا فِي قَارُورَةٍ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ تَثْبُتُ بِإِيجَارِ هَذَا اللَّبَنِ صَبِيًّا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَصُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْوُصُولِ فَأَطْلَقَ السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبَّبَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَصِّ، وَالصَّبِّ، وَالسَّعُوطِ، وَالْوَجُورِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيَّةِ الرَّجُلُ، وَالْبَهِيمَةُ وَأَطْلَقَهَا فَشَمِلَ الْبِكْرَ، وَالثَّيِّبَ، وَالْحَيَّةَ، وَالْمَيِّتَةَ وَقَيَّدْنَا بِالْفَمِ، وَالْأَنْفِ لِيَخْرُجَ مَا إذَا وَصَلَ بِالْإِقْطَارِ فِي الْأُذُنِ، وَالْإِحْلِيلِ، وَالْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ وَبِالْحُقْنَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْوُصُولِ لَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعٍ وَلَا يَدْرِي أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا لَا يُحَرِّمُ النِّكَاحَ لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
وَفِي الْقُنْيَةِ: امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِي لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيَيْنِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ الْأَمْرُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَقَلُّهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ وَلَا يَدْرِي مَنْ أَرْضَعَهَا وَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَلَامَةٌ وَلَا يَشْهَدْ لَهُ بِذَلِكَ يَجُوزُ نِكَاحُهَا اهـ
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَالْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ كُلَّ صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَإِذَا فَعَلْنَ فَلْيَحْفَظْنَ أَوْ لِيَكْتُبْنَ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ صَبِيًّا مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا خَافَتْ هَلَاكَ الرَّضِيعِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ إحْيَاءً لِلنَّفْسِ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُدْخِلَ وَلَدَهُ إلَى الْحَمْقَاءِ لِتُرْضِعَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ لَبَنِ الْحَمْقَاءِ» ، وَقَالَ:«اللَّبَنُ يُعْدِي» وَإِنَّمَا نَهَى لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْحَمْقَاءِ يُعَرِّضُ وَلَدَهُ لِلْهَلَاكِ بِسَبَبِ قِلَّةِ حِفْظِهَا لَهُ وَتَعَهُّدِهَا أَوْ لِسُوءِ الْأَدَبِ فَإِنَّهَا لَا تُحْسِنُ تَأْدِيبَهُ فَيَنْشَأُ الْوَلَدُ سَيِّئَ الْأَدَبِ وَقَوْلُهُ: «اللَّبَنُ يُعْدِي» يُحْتَمَلُ أَنَّ الْحَمْقَاءَ لَا تَحْتَمِي مِنْ الْأَشْيَاءِ الضَّارَّةِ لِلْوَلَدِ فَيُؤَثِّرُ فِي لَبَنِهَا فَيَضُرُّ بِالصَّبِيِّ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا تَقُولُهُ الْأَطِبَّاءُ فَإِنَّهُمْ يَأْمُرُونَ الْمُرْضِعَةَ بِالِاحْتِمَاءِ عَنْ أَشْيَاءَ تُورِثُ بِالصَّبِيِّ عِلَّةً وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ حَتَّى إذَا اتَّفَقَ اتِّفَاقٌ لَا يُضَافُ إلَى الْعَدْوَى كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَا تُسَافِرُوا، وَالْقَمَرُ فِي الْعَقْرَبِ فَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْهُ فَإِنَّمَا نَهْي عَنْهُ لِئَلَّا يَتَّفِقَ اتِّفَاقٌ فَيُنْسَبَ إلَى كَوْنِ الْقَمَرِ فِي الْعَقْرَبِ فَيَكُونُ إيمَانًا بِالنُّجُومِ وَتَكْذِيبًا لِلْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي النَّهْيِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ.
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ مُنْتَقِضٌ طَرْدًا وَعَكْسًا لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ الْمَصُّ وَلَا رَضَاعَ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ وَيَنْتَفِي الْمَصُّ فِي الْوَجُورِ، وَالسَّعُوطِ وَلَمْ يَنْتِفْ الرَّضَاعُ، وَالثَّدْيُ مُذَكَّرٌ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّدْيُ لِلْمَرْأَةِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّجُلِ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الثَّدْيُ وَهِيَ الثَّدْيُ، وَالْجَمْعُ أَثْدٍ وَثُدِيٌّ وَأَصْلُهَا أَفْعَلُ وَفُعُولُ مِثْلُ أَفْلُسَ وَفُلُوسٍ وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى ثِدَاءٍ مِثْلُ سَهْمٍ وَسِهَامٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بِهِ، وَإِنْ قَلَّ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا مَا حُرِّمَ مِنْهُ بِالنَّسَبِ) أَيْ حُرِّمَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ مَا حُرِّمَ بِسَبَبِ النَّسَبِ قَرَابَةً وَصِهْرِيَّةً فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَوْ كَانَ الرَّضَاعُ قَلِيلًا لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورِ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحُرْمَةَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ تُعْتَبَرُ بِحُرْمَةِ النَّسَبِ فَشَمِلَ حَلِيلَةَ الِابْنِ، وَالْأَبِ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهَا حَرَامٌ بِسَبَبِ النَّسَبِ فَكَذَا بِسَبَبِ الرَّضَاعِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَفِي الْقُنْيَةِ زَنَى بِامْرَأَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا مِنْ الرَّضَاعِ اهـ.
وَلِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] قُلْنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ وَأَمَّا حَدِيثُ «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ» وَمَا دَلَّ عَلَى التَّقْدِيرِ فَمَنْسُوخٌ صَرَّحَ بِنَسْخِهِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حِينَ قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ) أَيْ ذَكَرَ الْمَصَّ (قَوْلُهُ: لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ) أَمَّا عَلَى تَأْوِيلِهِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَصِّ الْوُصُولُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الْمَنْفَذَيْنِ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ وَإِرَادَةِ الْمُسَبَّبِ فَلَا نَقْضَ لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ وُجُودَ مَصِّ اللَّبَنِ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَوَصَلَ أَمْ لَا لِلتَّلَازُمِ الْعَادِيِّ بَيْنَ الْمَصِّ، وَالْوُصُولِ لُغَةً قَالَ فِي الْقَامُوسِ مَصِصْتُهُ بِالْكَسْرِ وَمَصَصْته كَخَصَصْتُهُ أَخُصُّهُ شَرِبْته شُرْبًا رَفِيقًا كَامْتَصَصْتُهُ اهـ.
وَكَيْفَ يَصِحُّ مَا ادَّعَاهُ مَعَ قَوْلِهِ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ وَأَمَّا الْوَجُورُ، وَالسَّعُوطُ فَمُلْحَقَانِ بِالْمَصِّ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ خَصَّهُ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ.
الرَّضْعَةُ لَا تُحَرِّمُ فَقَالَ كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ، وَالرَّضَاعُ، وَإِنْ قَلَّ يَحْصُلُ بِهِ نَشْوٌ بِقَدْرِهِ فَكَانَ الرَّضَاعُ مُطْلَقًا مَظِنَّةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّغِيرِ وَفَسَّرَ الْقَلِيلَ فِي الْيَنَابِيعِ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْجَوْفِ وَقَيَّدَ بِالثَّلَاثِينَ لِأَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَهَا لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَأَفَادَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ بَعْدَ الْفِطَامِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ بِالطَّعَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزِيًّا إلَى وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ الْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِهَا بَعْدَهُ فَخِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى إذَا اخْتَلَفَتْ كَانَ التَّرْجِيحُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَشَارَ بِجَعْلِ الْمُدَّةِ ظَرْفًا لِلْمُحَرَّمَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ عَلَى الْأَبِ بَلْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ دِيَانَةً بَعْدَهُمَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَهُمَا مَحْمَلُ ذِكْرِ الْحَوْلَيْنِ فِي التَّنْزِيلِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْأَصَحُّ قَوْلُهُ: مَا مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ فِي حَقِّ التَّحْرِيمِ أَيْضًا وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَمُرَادُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الدَّلِيلِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُهُ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَى الْمُقَلِّدِ بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي الدَّلِيلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْخَانِيَّةِ وَلَكِنْ قَالَ فِي آخِرِ الْحَاوِي الْقُدْسِيُّ: فَإِنْ خَالَفَاهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمُفْتَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ دَلِيلِهِمَا وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا رَضَاعَ بَعْدَ التَّمَامِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] فَإِنَّمَا هُوَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ بِالتَّرَاضِي، وَالتَّشَاوُرِ وَبَعْدَهَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا وَبِهِ يَضْعُفُ مَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ، وَالْمُحِيطِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَيَكُونُ دَلِيلًا لَهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ ضَيَاعِ الْقَيْدَيْنِ حِينَئِذٍ
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لِلْإِمَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ قَامَ الْمُنْقَصُ فِي الْحَمْلِ فَبَقِيَ الْفِصَالُ عَلَى حَالِهِ فَقَدْ رَجَعَ إلَى الْحَقِّ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْ أَنَّ الثَّلَاثِينَ لَهُمَا لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالْعَامَانِ لِلْفِصَالِ وَاخْتَلَفُوا فِي إبَاحَتِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي، قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَهْلُ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ لِلَّبَنِ الْبِنْتُ أَيْ الَّذِي نَزَلَ بِسَبَبِ بِنْتٍ مُرْضَعَةٍ نَفْعًا لِوَجَعِ الْعَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الرَّمَدُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ مُتَعَذِّرٌ فَالْمُرَادُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْنَى الْمَنْعِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَصْلُهُ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَبُ أَصْلًا، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَلِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَتِهِ عَلَى فِطَامِ وَلَدِهَا مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَضُرَّهُ الْفِطَامُ كَمَا لَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْإِرْضَاعِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ عَلَى الْفِطَامِ قَبْلَهُمَا لِأَنَّ لَهَا حَقَّ التَّرْبِيَةِ إلَى تَمَامِ مُدَّةِ الْإِرْضَاعِ إلَّا أَنْ تَخْتَارَ هِيَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى الْإِرْضَاعِ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالرَّضَاعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ حَتَّى إذَا أُرْضِعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَسْلَمُوا وَخَرَجُوا إلَى دَارِنَا ثَبَتَتْ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ وَأُخْتَ ابْنِهِ) يَعْنِي فَإِنَّهُمَا يَحِلَّانِ مِنْ الرَّضَاعِ دُونَ النَّسَبِ أَطْلَقَ الْمُضَافَ، وَالْمُضَافَ إلَيْهِ فَفِي أُمِّ أُخْتِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الْأُولَى الْأُمُّ رَضَاعًا، وَالْأُخْتُ نَسَبًا بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أُخْتَهُ نَسَبًا وَلَمْ تُرْضِعْهُ، الثَّانِيَةُ: عَكْسُهُ أَنْ يَكُونَ لِأُخْتِهِ رَضَاعًا أُمٌّ مِنْ النَّسَبِ، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَا رَضَاعًا بِأَنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا وَصَبِيَّةً وَلِهَذِهِ الصَّبِيَّةُ أُمٌّ أُخْرَى مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ تُرْضِعْ الصَّبِيَّ، وَفِي أُخْتِ ابْنِهِ ثَلَاثٌ أَيْضًا فَالْأُولَى أَنْ تَكُونَ الْأُخْتُ رَضَاعًا فَقَطْ بِأَنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ مِنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا الِابْنِ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ ارْتَضَعَا عَلَى غَيْرِ امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ رَضَاعًا فَقَطْ وَلَهُ أُخْتٌ مِنْ النَّسَبِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَا رَضَاعًا وَمُرَادُهُ مِنْ الِابْنِ الْوَلَدُ فَيَشْمَلُ الْبِنْتَ، وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ: إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ إنْ أُرِيدَ بِالْأُمِّ الْأُمُّ رَضَاعًا وَبِالْأُخْتِ الْأُخْتُ رَضَاعًا لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بِطَرِيقِ الرَّضَاعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْأُمِّ الْأُمُّ نَسَبًا وَبِالْأُخْتِ الْأُخْتُ رَضَاعًا أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ قُلْنَا الْمُرَادُ مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِطَرِيقِ الرَّضَاعِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّبَبَ فِي اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ عَدَمُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَإِنَّهَا فِي التَّحْرِيمِ مِنْ الرَّضَاعِ وُجُودُ الْمَعْنَى الْمُحَرِّمِ فِي النَّسَبِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي هَذَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ إنَّمَا حُرِّمَتْ لِكَوْنِهَا أُمَّهُ أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الرَّضَاعِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ أُخْتَ ابْنِهِ نَسَبًا إنَّمَا حُرِّمَتْ لِكَوْنِهَا بِنْتَه أَوْ بِنْتَ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الرَّضَاعِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَصْرَ فِي كَلَامِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ الِانْتِفَاءُ فِي صُوَرٍ أُخْرَى فَزَادَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ فِي الْوِقَايَةِ أَرْبَعَةٌ: أُمُّ عَمِّهِ، وَعَمَّتُهُ، وَأُمُّ خَالِهِ، وَخَالَتُهُ لِأَنَّ أُمَّ هَؤُلَاءِ مَوْطُوءَةُ الْجَدِّ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ، وَفِي شَرْحِهَا وَلَا تَنْسَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا اهـ.
يَعْنِي: مِنْ اعْتِبَارِ الرَّضَاعِ فِي الْمُضَافِ فَقَطْ أَوْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ أَوْ فِيهِمَا وَزَادَ الشَّارِحُونَ صُوَرًا أُخْرَى الْأُولَى أُمُّ حَفَدَتِهِ رَضَاعًا بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَ وَلَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِهِ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِهِ أَوْ بِنْتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى فِي الرَّضَاعِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ حَفَدَ حَفَدًا خَدَمَ فَهُوَ حَافِدٌ، وَالْجَمْعُ حَفَدَةٌ مِثْلُ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَعْوَانِ حَفَدَةٌ وَقِيلَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَفَدَةٌ لِأَنَّهُمْ كَالْخُدَّامِ فِي الصِّغَرِ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ
، وَالثَّانِيَةُ جَدَّةُ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ بِأَنْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَهُ وَلَهَا أُمٌّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَذِهِ الْأُمِّ بِخِلَافِهِ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ أُمُّ امْرَأَتِهِ، الثَّالِثَةُ: عَمَّةُ الْوَلَدِ مِنْ الرَّضَاعِ بِأَنْ كَانَ لِزَوْجِ الْمُرْضِعَةِ أُخْتٌ فَلِأَبِ الرَّضِيعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِهِ مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا خَالَةَ وَلَدِهِ لِأَنَّهَا حَلَالٌ مِنْ النَّسَبِ أَيْضًا لِأَنَّهَا أُخْتُ زَوْجَتِهِ الرَّابِعَةُ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ التَّزَوُّجُ بِأَبِي أَخِيهَا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ بِأَخِي وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَبِأَبِي حَفَدَتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَبِجَدِّ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَبِخَالِ وَلَدِهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ النَّسَبِ لِمَا قُلْنَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ اعْتِبَارِ الرَّضَاعِ فِي الْمُضَافِ فَقَطْ أَوْ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ أَوْ فِيهِمَا يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَأَفَادَ أَنَّهَا تَبْلُغُ نَيِّفًا وَسِتِّينَ مَسْأَلَةً لَيْسَ هَذَا الْمُخْتَصَرُ مَوْضِعُ ذِكْرِهَا وَأَحَالَ إلَى الذِّهْنِ فِي حِلِّ بَعْضِهَا وَتَبِعَهُ فِي الْإِضْرَابِ عَنْ حِلِّهَا الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ وَأَقُولُ: فِي بَيَانِ حِلِّهَا إنَّ مَسْأَلَتَيْ الْكِتَابِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً لِأَنَّ لِأُمِّ أَخِيهِ بِتَذْكِيرِ الْأَخِ وَبِتَأْنِيثِ الْأُخْتِ صُورَتَيْنِ لِجَوَازِ إضَافَةِ الْأُمِّ إلَى الْأَخِ، وَالْأُخْتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالِاعْتِبَارَاتِ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ سِتَّةٌ وَلِأُخْتِ ابْنِهِ بِتَذْكِيرِ الِابْنِ وَتَأْنِيثِ الْبِنْتِ صُورَتَيْنِ لِجَوَازِ إضَافَةِ الْأُخْتِ إلَى الِابْنِ، وَالْبِنْتِ وَبِالِاعْتِبَارَاتِ سِتَّةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ صُورَتَانِ أَمَّا بِاعْتِبَارِ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَوْ مَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأُمِّ أَخِيهِ يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِأَبِي أَخِيهَا فِيهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الثَّانِيَةُ أَعْنِي أُمَّ عَمِّهِ وَعَمَّتَهُ وَأُمَّ خَالِهِ وَخَالَتَهُ فَهِيَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً أَيْضًا لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ بِالِاعْتِبَارَاتِ الثَّلَاثِ اثْنَا عَشَرَ وَلِكُلٍّ مِنْهَا صُورَتَانِ
أَمَّا بِاعْتِبَارِ مَا يَحِلُّ لَهُ أَوْ لَهَا فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ التَّزَوُّجُ بِأُمِّ عَمِّ وَلَدِهِ رَضَاعًا يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِأَبِي عَمِّ وَلَدِهَا رَضَاعًا إلَى آخِرِ الْأَقْسَامِ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ أَعْنِي أُمَّ حَفَدَتِهِ وَجَدَّةَ وَلَدِهِ وَعَمَّةَ وَلَدِهِ فَهِيَ بِالِاعْتِبَارَاتِ الثَّلَاثِ تِسْعَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا صُورَتَانِ بِاعْتِبَارِ مَا يَحِلُّ لَهُ أَوْ لَهَا فَإِنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ التَّزَوُّجُ بِأُمِّ حَفَدَتِهِ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ التَّزَوُّجُ بِأَبِي حَفَدَتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهَا عَمُّ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ حَلَالٌ مِنْ النَّسَبِ أَيْضًا لَهَا لِأَنَّهُ أَخُو زَوْجِهَا وَلَكِنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ لَا يُنْتَقَصُ بِهِ لِأَنَّ بَدَلَهُ خَالُ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ جَائِزٌ لَهَا
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .