المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ١٠

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ]

- ‌[قُدُومُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَنَازِلَ مَدِينَةِ بَهُرَسِيرَ، وَهِيَ إِحْدَى مُدُنِ كِسْرَى]

- ‌[ذِكْرُ فَتْحِ الْمَدَائِنِ الَّتِي هِيَ مُسْتَقَرُّ مُلْكِ كِسْرَى]

- ‌[وَقْعَةُ جَلُولَاءَ]

- ‌[ذِكْرُ فَتْحِ حُلْوَانَ]

- ‌[فَتْحُ تَكْرِيتَ وَالْمَوْصِلِ]

- ‌[فَتْحُ مَاسَبَذَانَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقَ]

- ‌[فَتْحُ قِرْقِيسِيَاءَ وَهِيتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ]

- ‌[اخْتِطَاطُ الْكُوفَةِ وَبِنَاءُ الْمَسْجِدِ بِهَا]

- ‌[قِصَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَحَصْرِ الرُّومِ لَهُ بِحِمْصَ وَقُدُومِ عُمَرَ إِلَى الشَّامِ أَيْضًا لِيَنْصُرَهُ]

- ‌[فَتْحُ الْجَزِيرَةِ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ طَاعُونَ عَمَوَاسَ]

- ‌[كَائِنَةٌ غَرِيبَةٌ فِيهَا عُزِلَ خَالِدٌ عَنْ قِنَّسْرِينَ أَيْضًا]

- ‌[فَتْحُ الْأَهْوَازِ وَمَنَاذِرَ وَنَهْرِ تِيرَى]

- ‌[فَتْحُ تُسْتَرَ، الْمَرَّةُ الْأُولَى صُلْحًا]

- ‌[ذِكْرُ غَزْوِ بِلَادِ فَارِسَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِينِ]

- ‌[ذِكْرُ فَتْحِ تُسْتَرَ ثَانِيَةً عَنْوَةً وَالسُّوسِ وَرَامَهُرْمُزَ وَأَسْرِ الْهُرْمُزَانِ وَبَعْثِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]

- ‌[فَتْحُ السُّوسِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِي عَشْرَةَ]

- ‌[طَاعُونُ عَمَوَاسَ وَعَامُ الرَّمَادَةِ]

- ‌[ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ عِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[فَتْحُ مِصْرَ]

- ‌[صِفَةُ فَتْحِ مِصْرَ مَجْمُوعًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَسَيْفٍ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[قِصَّةُ نِيلِ مِصْرَ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُتَوَفَّيْنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ]

- ‌[وَقْعَةُ نَهَاوَنْدَ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ]

- ‌[الْفُتُوحَاتُ الَّتِي تَمَّتْ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ]

- ‌[فَتْحُ الرَّيِّ]

- ‌[فَتْحُ قَوْمِسَ]

- ‌[فَتْحُ جُرْجَانَ]

- ‌[فَتْحُ أَذْرَبِيجَانَ]

- ‌[فَتْحُ الْبَابِ]

- ‌[أَوَّلُ غَزْوِ التُّرْكِ]

- ‌[قِصَّةُ السَّدِّ]

- ‌[بَقِيَّةٌ مِنْ خَبَرِ السَّدِّ]

- ‌[قِصَّةُ يَزْدَجِرْدَ بْنِ شَهْرِيَارَ بْنِ كِسْرَى]

- ‌[غَزْوُ الْمُسْلِمِينَ بِلَادَ خُرَاسَانَ مَعَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[فَتْحُ فَسَا وَدَارَابْجِرْدَ وَقِصَّةُ سَارِيَةَ بْنِ زُنَيْمٍ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَكْرَادِ]

- ‌[خَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ وَالْأَكْرَادِ]

- ‌[صِفَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَأَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ بَعْضِ مَا رُثِيَ بِهِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]

- ‌[ثُمَّ اسْتَهَلَّتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[دَفْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمُبَايَعَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

- ‌[وَفِيهَا تُوُفِّيَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ بْنُ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[غَزْوَةُ إِفْرِيقِيَّةَ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَنْدَلُسِ]

- ‌[وَقْعَةُ جُرْجِيرَ وَالْبَرْبَرِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[فَتْحُ طَبَرِسْتَانَ]

- ‌[فِيمَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ]

- ‌[غَزْوَةُ الصَّوَارِي وَغَزْوَةُ الْأَسَاوِدَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ قَتْلِ كِسْرَى مِلِكِ الْفُرْسِ وَهُوَ يَزْدَجِرْدُ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[أَسْبَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ مَجِيءِ الْأَحْزَابِ إِلَى عُثْمَانَ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مِصْرَ]

- ‌[صِفَةُ حَصْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

- ‌[صِفَةُ قَتْلِهِ رضي الله عنه]

- ‌[تَعْلِيقَاتٌ عَلَى مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه]

- ‌[مُدَّةُ حِصَارِهِ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ صِفَتِهِ رضي الله عنه]

- ‌[كَلَامُ الصَّحَابَةِ فِي مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ بَعْضِ مَا رُثِيَ بِهِ رضي الله عنه]

- ‌[كَيْفِيَّةُ قَتْلِ عُثْمَانَ بِالْمَدِينَةِ وَبِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

- ‌[نَسَبُهُ]

- ‌[فِيمَا وَرَدَ فِي فَضَائِلِهِ مَعَ غَيْرِهِ]

- ‌[فِيمَا وَرَدَ مِنْ فَضَائِلِهِ وَحْدَهُ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى فَضِيلَتِهِ رضي الله عنه]

- ‌[فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خُطَبِهِ]

- ‌[مَنَاقِبُهُ رضي الله عنه]

- ‌[مَنَاقِبُهُ الْكِبَارُ وَحَسَنَاتُهُ الْعَظِيمَةُ]

- ‌[ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ، رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوَفِّيَ فِي زَمَانِ دَوْلَةِ عُثْمَانَ]

- ‌[خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ بَيْعَةِ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، بِالْخِلَافَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[بِدَايَةُ خِلَافَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه]

- ‌[ابْتِدَاءُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ]

- ‌[ذِكْرُ مَسِيرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ بَدَلًا عَنْ مَسِيرِهِ إِلَى الشَّامِ]

- ‌[وَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ أَمْرِ الْجَمَلِ]

- ‌[ذِكْرُ أَعْيَانِ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ]

- ‌[فِي ذِكْرِ وَقْعَةِ صِفِّينَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَبَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مُحَاوَلَاتٌ لِلصُّلْحِ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ]

- ‌[ذِكْرُ رَفْعِ أَهْلِ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ مَكْرًا مِنْهُمْ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَخَدِيعَةً]

- ‌[قِصَّةُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[مُنَاظَرَةُ عَلِيِّ رضي الله عنه لِلْخَوَارِجِ]

- ‌[صِفَةُ اجْتِمَاعِ الْحَكَمَيْنِ وَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ الْخَوَارِجِ مِنَ الْكُوفَةِ وَمُبَارَزَتِهِمْ عَلِيًّا رضي الله عنه بِالْعَدَاوَةِ وَالْمُخَالَفَةِ]

- ‌[مَا وَرَدَ فِي الْخَوَارِجِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَا دَارَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ قِتَالِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[مَا دَارَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ قِتَالِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[قِتَالُ عَلِيٍّ الْخَوَارِجَ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

الفصل: ‌[خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه]

[خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

وَلِنَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ تَرْجَمَتِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ قَبْلَ ذَلِكَ.

هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ - بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - وَاسْمُهُ شَيْبَةُ - بْنِ هَاشِمٍ - وَاسْمُهُ عَمْرٌو - بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ - وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ - بْنُ قُصَيٍّ - وَاسْمُهُ زَيْدٌ - بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، أَبُو الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَيُكْنَى بِأَبِي تُرَابٍ وَأَبِي الْقَضْمِ، الْهَاشِمِيُّ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَخَتَنُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ. وَأُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَيُقَالُ: إِنَّهَا أَوَّلُ هَاشِمِيَّةٍ وَلَدَتْ هَاشِمِيًّا. وَكَانَ لَهُ مِنَ الْإِخْوَةِ طَالِبٌ، وَعَقِيلٌ، وَجَعْفَرٌ، وَكَانُوا أَكْبَرَ مِنْهُ، بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ

ص: 411

مِنْهُمْ وَبَيْنَ الْآخَرِ عَشْرُ سِنِينَ، وَلَهُ أُخْتَانِ ; أُمُّ هَانِئٍ وَجُمَانَةُ، وَكُلُّهُمْ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ.

1 -

. كَانَ عَلِيٌّ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَأَحَدَ السِّتَّةِ أَصْحَابِ الشُّورَى، وَكَانَ مِمَّنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَابِعَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَكَانَ رَجُلًا آدَمَ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ شَكِلَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَهُمَا، فِيهِمَا خَفَشٌ، ذُو بَطْنٍ، أَصْلَعَ، وَهُوَ إِلَى الْقِصَرِ أَقْرَبُ، وَكَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ، قَدْ مَلَأَتْ صَدْرَهُ وَمَنْكِبَيْهِ، أَبْيَضُهَا كَثِيرٌ، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الصَّدْرِ وَالْكَتِفَيْنِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، ضَحُوكَ السِّنِّ، خَفِيفَ الْمَشْيِ عَلَى الْأَرْضِ.

أَسْلَمَ عَلِيٌّ قَدِيمًا وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ، وَقِيلَ: ابْنُ ثَمَانٍ. وَقِيلَ: تِسْعٍ. وَقِيلَ: عَشْرٍ. وَقِيلَ: إِحْدَى عَشْرَةَ. وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ

ص: 412

أَسْلَمَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْغِلْمَانِ، كَمَا أَنَّ خَدِيجَةَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَتْ مِنَ النِّسَاءِ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمَوَالِي، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ. وَكَانَ سَبَبُ إِسْلَامِ عَلِيٍّ صَغِيرًا أَنَّهُ كَانَ فِي كَفَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم ; لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةُ مَجَاعَةٍ فَأَخَذُوهُ مِنْ أَبِيهِ، فَكَانَ فِي كَفَالَتِهِ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ بِالْحَقِّ آمَنَتْ خَدِيجَةُ وَأَهْلُ الْبَيْتِ، وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ عَلِيٌّ، وَكَانَ الْإِيمَانُ النَّافِعُ الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ إِلَى النَّاسِ إِيمَانَ الصِّدِّيقِ، رضي الله عنه. وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ. وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ أَوْرَدَهَا ابْنُ عَسَاكِرَ، كَثِيرَةٌ مُنْكَرَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ - رَجُلًا مِنْ مَوَالِي الْأَنْصَارِ - قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلِيٌّ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى. قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّخَعِيِّ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: أَوَّلُ مَنْ آمَنَ خَدِيجَةُ، وَأَوَّلُ رَجُلَيْنِ آمَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ، وَلَكِنْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُظْهِرُ إِيمَانَهُ وَعَلِيٌّ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ. قُلْتُ: يَعْنِي خَوْفًا مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِمُتَابَعَةِ ابْنِ عَمِّهِ وَنُصْرَتِهِ.

ص: 413

وَهَاجَرَ عَلِيٌّ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ مَكَّةَ، وَكَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَرَدِّ وَدَائِعِهِ، ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِ، فَامْتَثَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، ثُمَّ هَاجَرَ، وَآخَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ. وَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا ; لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا، وَرَكَّةِ بَعْضِ مُتُونِهَا، فَإِنَّ فِي بَعْضِهَا:" «أَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي وَخَيْرُ مَنْ أُمِّرَ بَعْدِي» ". وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ مُخَالِفٌ لِمَا ثَبَتَ فِي " الصِّحَاحِ " وَغَيْرِهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ شَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرًا وَكَانَتْ لَهُ الْيَدُ الْبَيْضَاءُ فِيهَا، بَارَزَ يَوْمَئِذٍ فَغَلَبَ وَظَهَرَ، وَفِيهِ وَفِي عَمِّهِ حَمْزَةَ وَابْنِ عَمِّهِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَخُصُومِهِمُ الثَّلَاثَةِ - عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ - نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{هَذَانَ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] الْآيَةَ [الْحَجِّ: 19] . وَقَالَ الْحَكَمُ وَغَيْرُهُ، عَنْ مِقْسَمٍ، «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَفَعَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، الرَّايَةَ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً» . وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: نَادَى مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ بَدْرٍ - يُقَالُ لَهُ: رِضْوَانُ -: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو

ص: 414

الْفَقَارِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيٌّ. قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَإِنَّمَا تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ عَلِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قِيلَ لِي يَوْمَ بَدْرٍ وَلِأَبِي بَكْرٍ قِيلَ لِأَحَدِنَا: مَعَكَ جِبْرِيلُ، وَمَعَ الْآخَرِ مِيكَائِيلُ. قَالَ: وَإِسْرَافِيلُ مَلَكٌ عَظِيمٌ يَشْهَدُ الْقِتَالَ وَلَا يُقَاتِلُ وَيَكُونُ فِي الصَّفِّ.

وَشَهِدَ عَلِيٌّ أُحُدًا، وَكَانَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ وَمَعَهُ الرَّايَةُ بَعْدَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى الْقَلْبِ، وَعَلَى الرَّجَّالَةِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَقِيلَ: الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ. وَقَدْ قَاتَلَ عَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَغَسَلَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، الدَّمَ حِينَ شُجَّ فِي رَأْسِهِ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ.

وَشَهِدَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَتَلَ يَوْمَئِذٍ فَارِسَ الْعَرَبِ وَأَحَدَ شُجْعَانِهِمُ الْمَشَاهِيرِ، عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِيَّ كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ.

وَشَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَبَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَشَهِدَ خَيْبَرَ وَكَانَتْ لَهُ بِهَا مَوَاقِفُ هَائِلَةٌ،

ص: 415

وَمَشَاهِدُ طَائِلَةٌ ; مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَدَعَا عَلِيًّا - وَكَانَ أَرْمَدَ - فَدَعَا لَهُ، وَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ فَلَمْ يَرْمَدْ بَعْدَهَا، فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَتَلَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ» . وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ يَهُودِيًّا ضَرَبَ عَلِيًّا فَطَرَحَ تُرْسَهُ، فَتَنَاوَلَ بَابًا عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَتَرَّسَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنَا وَسَبْعَةٌ مَعِي نَجْهَدُ أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَسْتَطِعْ. وَقَالَ لَيْثٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَفَتَحُوهَا، فَلَمْ يَحْمِلْهُ إِلَّا أَرْبَعُونَ رَجُلًا. وَمِنْهَا أَنَّهُ قَتَلَ مَرْحَبًا فَارِسَ يَهُودَ وَشُجَاعَهُمْ.

وَشَهِدَ عَلِيٌّ، رضي الله عنه، عُمْرَةَ الْقَضَاءِ، وَفِيهَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ

ص: 416

مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ» . وَمَا يُذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُصَّاصِ فِي مُقَاتَلَتِهِ الْجِنَّ فِي بِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ - وَهُوَ بِئْرٌ قَرِيبٌ مِنَ الْجُحْفَةِ - فَلَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْجَهَلَةِ مِنَ الْأَخْبَارِيِّينَ فَلَا يُغْتَرُّ بِهِ.

وَشَهِدَ الْفَتْحَ وَحُنَيْنًا وَالطَّائِفَ، وَقَاتِلَ فِي هَذِهِ الْمَشَاهِدِ قِتَالًا كَثِيرًا، وَاعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُخَلِّفَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» .

وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَمِيرًا وَحَاكِمًا عَلَى الْيَمَنِ، وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثُمَّ وَافَى رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَكَّةَ، وَسَاقَ مَعَهُ هَدْيًا، وَأَهَلَّ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَنَحَرَا هَدْيَهُمَا بَعْدَ فَرَاغِ نُسُكِهِمَا، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: سَلْ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي مَنِ الْأَمْرِ بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُ، فَإِنَّهُ إِنْ مَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَبَدًا. وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُوصِ إِلَيْهِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِ بِالْخِلَافَةِ، بَلْ لَوَّحَ بِذِكْرِ الصِّدِّيقِ، وَأَشَارَ إِشَارَةً مُفْهِمَةً ظَاهِرَةً جِدًّا إِلَيْهِ،

ص: 417

كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَأَمَّا مَا يَفْتَرِيهِ كَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الشِّيعَةِ وَالْقُصَّاصِ الْأَغْبِيَاءِ، مِنْ أَنَّهُ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ، فَكَذِبٌ وَبَهْتٌ وَافْتِرَاءٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُ مِنْهُ خَطَأٌ كَبِيرٌ ; مِنْ جَوْرِ الصَّحَابَةِ وَتَمَالُئِهِمْ بَعْدَهُ، عليه السلام، عَلَى تَرْكِ إِنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ وَإِيصَالِهَا إِلَى مَنْ أَوْصَى إِلَيْهِ، وَصَرْفِهِمْ إِيَّاهَا إِلَى غَيْرِهِ لَا لِمَعْنًى وَلَا لِسَبَبٍ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْحَقُّ، يَعْلَمُ بُطْلَانَ هَذَا الِافْتِرَاءِ ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا خَيْرَ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُمْ خَيْرُ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ الْأُمَمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَمَا يَقُصُّهُ بَعْضُ الْقُصَّاصِ مِنَ الْعَوَامِّ وَغَيْرِهِمْ فِي الْأَسْوَاقِ وَغَيْرِهَا، مِنَ الْوَصِيَّةِ لِعَلِيٍّ بِآدَابٍ وَأَخْلَاقٍ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ، مِثْلَ مَا يَقُولُونَ: يَا عَلِيُّ لَا تَعْتَمَّ وَأَنْتَ قَاعِدٌ، يَا عَلِيُّ لَا تَلْبَسْ سَرَاوِيلَكَ وَأَنْتَ قَائِمٌ، يَا عَلِيُّ لَا تُمْسِكْ عِضَادَتَيِ الْبَابِ، وَلَا تَجْلِسْ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، وَلَا تَخِطْ ثَوْبَكَ وَهُوَ عَلَيْكَ. وَنَحْوَ ذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْهَذَيَانَاتِ فَلَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ هُوَ اخْتِلَاقٌ وَكَذِبٌ وَزُورٌ.

ثُمَّ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ عَلِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ غَسَّلَهُ وَكَفَّنَهُ وَوَلِيَ دَفْنَهُ،

ص: 418

كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُفَصَّلًا. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَسَيَأْتِي فِي بَابِ فَضَائِلِهِ ذِكْرُ تَزْوِيجِهِ بِفَاطِمَةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ وَمُحَسِّنٌ، كَمَا قَدَّمْنَا. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَثِيرٌ مِنْهَا بَلْ أَكْثَرُهَا مِنْ وَضْعِ الرَّوَافِضِ وَالْقُصَّاصِ.

وَلَمَّا بُويِعَ الصِّدِّيقُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ كَانَ عَلِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ بَايَعَ بِالْمَسْجِدِ، كَمَا قَدَّمْنَا. وَكَانَ بَيْنَ يَدَيِ الصِّدِّيقِ كَغَيْرِهِ مِنْ أُمَرَاءِ الصَّحَابَةِ يَرَى طَاعَتَهُ فَرْضًا عَلَيْهِ، وَأَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ قَدْ تَغَضَّبَتْ بَعْضَ التَّغَضُّبِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ الَّذِي فَاتَهَا مِنْ أَبِيهَا، عليه السلام وَلَمْ تَكُنِ اطَّلَعَتْ عَلَى النَّصِّ الْمُخْتَصِّ بِالْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّهُمْ لَا يُوَرَّثُونَ، فَلَمَّا بَلَغَهَا سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا نَاظِرًا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَةِ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَبَقِيَ فِي نَفْسِهَا شَيْءٌ، كَمَا قَدَّمْنَا، وَاحْتَاجَ عَلِيٌّ أَنْ يُدَارِيَهَا بَعْضَ الْمُدَارَاةِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ جَدَّدَ عَلِيٌّ الْبَيْعَةَ مَعَ الصِّدِّيقِ، رضي الله عنهما، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَامَ عُمَرُ فِي الْخِلَافَةِ بِوَصِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، كَانَ عَلِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ بَايَعَهُ، وَكَانَ مَعَهُ يُشَاوِرُهُ فِي الْأُمُورِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ اسْتَقْضَاهُ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ، وَقَدِمَ مَعَهُ فِي جُمْلَةِ سَادَاتِ أُمَرَاءِ الصَّحَابَةِ إِلَى الشَّامِ، وَشَهِدَ خُطْبَتَهُ بِالْجَابِيَةِ، فَلَمَّا طُعِنَ

ص: 419