المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[صفة اجتماع الحكمين وهما أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص بدومة الجندل] - البداية والنهاية - ت التركي - جـ ١٠

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتَّ عَشْرَةَ]

- ‌[قُدُومُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَنَازِلَ مَدِينَةِ بَهُرَسِيرَ، وَهِيَ إِحْدَى مُدُنِ كِسْرَى]

- ‌[ذِكْرُ فَتْحِ الْمَدَائِنِ الَّتِي هِيَ مُسْتَقَرُّ مُلْكِ كِسْرَى]

- ‌[وَقْعَةُ جَلُولَاءَ]

- ‌[ذِكْرُ فَتْحِ حُلْوَانَ]

- ‌[فَتْحُ تَكْرِيتَ وَالْمَوْصِلِ]

- ‌[فَتْحُ مَاسَبَذَانَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقَ]

- ‌[فَتْحُ قِرْقِيسِيَاءَ وَهِيتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ]

- ‌[اخْتِطَاطُ الْكُوفَةِ وَبِنَاءُ الْمَسْجِدِ بِهَا]

- ‌[قِصَّةُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَحَصْرِ الرُّومِ لَهُ بِحِمْصَ وَقُدُومِ عُمَرَ إِلَى الشَّامِ أَيْضًا لِيَنْصُرَهُ]

- ‌[فَتْحُ الْجَزِيرَةِ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ طَاعُونَ عَمَوَاسَ]

- ‌[كَائِنَةٌ غَرِيبَةٌ فِيهَا عُزِلَ خَالِدٌ عَنْ قِنَّسْرِينَ أَيْضًا]

- ‌[فَتْحُ الْأَهْوَازِ وَمَنَاذِرَ وَنَهْرِ تِيرَى]

- ‌[فَتْحُ تُسْتَرَ، الْمَرَّةُ الْأُولَى صُلْحًا]

- ‌[ذِكْرُ غَزْوِ بِلَادِ فَارِسَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِينِ]

- ‌[ذِكْرُ فَتْحِ تُسْتَرَ ثَانِيَةً عَنْوَةً وَالسُّوسِ وَرَامَهُرْمُزَ وَأَسْرِ الْهُرْمُزَانِ وَبَعْثِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]

- ‌[فَتْحُ السُّوسِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِي عَشْرَةَ]

- ‌[طَاعُونُ عَمَوَاسَ وَعَامُ الرَّمَادَةِ]

- ‌[ذِكْرُ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ مَنْ تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ عِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[فَتْحُ مِصْرَ]

- ‌[صِفَةُ فَتْحِ مِصْرَ مَجْمُوعًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَسَيْفٍ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[قِصَّةُ نِيلِ مِصْرَ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُتَوَفَّيْنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ]

- ‌[وَقْعَةُ نَهَاوَنْدَ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ]

- ‌[الْفُتُوحَاتُ الَّتِي تَمَّتْ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ]

- ‌[فَتْحُ الرَّيِّ]

- ‌[فَتْحُ قَوْمِسَ]

- ‌[فَتْحُ جُرْجَانَ]

- ‌[فَتْحُ أَذْرَبِيجَانَ]

- ‌[فَتْحُ الْبَابِ]

- ‌[أَوَّلُ غَزْوِ التُّرْكِ]

- ‌[قِصَّةُ السَّدِّ]

- ‌[بَقِيَّةٌ مِنْ خَبَرِ السَّدِّ]

- ‌[قِصَّةُ يَزْدَجِرْدَ بْنِ شَهْرِيَارَ بْنِ كِسْرَى]

- ‌[غَزْوُ الْمُسْلِمِينَ بِلَادَ خُرَاسَانَ مَعَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[فَتْحُ فَسَا وَدَارَابْجِرْدَ وَقِصَّةُ سَارِيَةَ بْنِ زُنَيْمٍ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَكْرَادِ]

- ‌[خَبَرُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ وَالْأَكْرَادِ]

- ‌[صِفَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَأَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ]

- ‌[ذِكْرُ بَعْضِ مَا رُثِيَ بِهِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ]

- ‌[ثُمَّ اسْتَهَلَّتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[دَفْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمُبَايَعَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ]

- ‌[خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

- ‌[وَفِيهَا تُوُفِّيَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ بْنُ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيُّ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[غَزْوَةُ إِفْرِيقِيَّةَ]

- ‌[غَزْوَةُ الْأَنْدَلُسِ]

- ‌[وَقْعَةُ جُرْجِيرَ وَالْبَرْبَرِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ]

- ‌[سَنَةُ ثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

- ‌[فَتْحُ طَبَرِسْتَانَ]

- ‌[فِيمَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ]

- ‌[غَزْوَةُ الصَّوَارِي وَغَزْوَةُ الْأَسَاوِدَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ قَتْلِ كِسْرَى مِلِكِ الْفُرْسِ وَهُوَ يَزْدَجِرْدُ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[أَسْبَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ مَجِيءِ الْأَحْزَابِ إِلَى عُثْمَانَ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مِصْرَ]

- ‌[صِفَةُ حَصْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

- ‌[صِفَةُ قَتْلِهِ رضي الله عنه]

- ‌[تَعْلِيقَاتٌ عَلَى مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه]

- ‌[مُدَّةُ حِصَارِهِ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ صِفَتِهِ رضي الله عنه]

- ‌[كَلَامُ الصَّحَابَةِ فِي مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ بَعْضِ مَا رُثِيَ بِهِ رضي الله عنه]

- ‌[كَيْفِيَّةُ قَتْلِ عُثْمَانَ بِالْمَدِينَةِ وَبِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

- ‌[نَسَبُهُ]

- ‌[فِيمَا وَرَدَ فِي فَضَائِلِهِ مَعَ غَيْرِهِ]

- ‌[فِيمَا وَرَدَ مِنْ فَضَائِلِهِ وَحْدَهُ]

- ‌[ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى فَضِيلَتِهِ رضي الله عنه]

- ‌[فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خُطَبِهِ]

- ‌[مَنَاقِبُهُ رضي الله عنه]

- ‌[مَنَاقِبُهُ الْكِبَارُ وَحَسَنَاتُهُ الْعَظِيمَةُ]

- ‌[ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ، رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوَفِّيَ فِي زَمَانِ دَوْلَةِ عُثْمَانَ]

- ‌[خِلَافَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[ذِكْرُ بَيْعَةِ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، بِالْخِلَافَةِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ]

- ‌[بِدَايَةُ خِلَافَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه]

- ‌[ابْتِدَاءُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ]

- ‌[ذِكْرُ مَسِيرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ بَدَلًا عَنْ مَسِيرِهِ إِلَى الشَّامِ]

- ‌[وَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ أَمْرِ الْجَمَلِ]

- ‌[ذِكْرُ أَعْيَانِ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ]

- ‌[فِي ذِكْرِ وَقْعَةِ صِفِّينَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَبَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مُحَاوَلَاتٌ لِلصُّلْحِ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ]

- ‌[ذِكْرُ رَفْعِ أَهْلِ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ مَكْرًا مِنْهُمْ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَخَدِيعَةً]

- ‌[قِصَّةُ التَّحْكِيمِ]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[مُنَاظَرَةُ عَلِيِّ رضي الله عنه لِلْخَوَارِجِ]

- ‌[صِفَةُ اجْتِمَاعِ الْحَكَمَيْنِ وَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ]

- ‌[ذِكْرُ خُرُوجِ الْخَوَارِجِ مِنَ الْكُوفَةِ وَمُبَارَزَتِهِمْ عَلِيًّا رضي الله عنه بِالْعَدَاوَةِ وَالْمُخَالَفَةِ]

- ‌[مَا وَرَدَ فِي الْخَوَارِجِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَا دَارَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ قِتَالِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[مَا دَارَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ قِتَالِ الْخَوَارِجِ]

- ‌[قِتَالُ عَلِيٍّ الْخَوَارِجَ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ]

- ‌[مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ أَحْدَاثٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

- ‌[سَنَةُ أَرْبَعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ]

الفصل: ‌[صفة اجتماع الحكمين وهما أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص بدومة الجندل]

حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ. فَتُنَادُوا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ. فَجَعَلَ عَلِيٌّ يَقُولُ: هَذِهِ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَمْنَعَكُمْ فَيْئًا مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَأَنْ لَا نَمْنَعَكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَأَنْ لَا نَبْدَأَكُمْ بِالْقِتَالِ حَتَّى تَبْدَأُونَا بِهِ. ثُمَّ إِنَّهُمْ خَرَجُوا بِالْكُلِّيَّةِ عَنِ الْكُوفَةِ وَتَحَيَّزُوا إِلَى النَّهْرَوَانِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ.

[صِفَةُ اجْتِمَاعِ الْحَكَمَيْنِ وَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ]

صِفَةُ اجْتِمَاعِ الْحَكَمَيْنِ وَهُمَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، رضي الله عنهما، بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ

وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَا تَشَارَطُوا عَلَيْهِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ بِصِفِّينَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: اجْتَمَعُوا فِي شَعْبَانَ. وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا، رضي الله عنه، لَمَّا كَانَ مَجِيءُ رَمَضَانَ، بَعَثَ أَرْبَعَمِائَةِ فَارِسٍ مَعَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، وَمَعَهُمْ أَبُو مُوسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَإِلَيْهِ الصَّلَاةُ، وَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، ابْنُهُ فَتَوَافَوْا بِدُومَةِ

ص: 570

الْجَنْدَلِ بِأَذْرُحَ - وَهِيَ نِصْفٌ بَيْنَ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنَ الْبَلَدَيْنِ تِسْعُ مَرَاحِلَ - وَشَهِدَ ذَلِكَ مَعَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ رُءُوسِ النَّاسِ ; كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ. وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ شَهِدَهُمْ أَيْضًا، وَأَنْكَرَ حُضُورَهُ آخَرُونَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ خَرَجَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ بِمَاءٍ لِبَنِي سُلَيْمٍ مُعْتَزِلٌ بِالْبَادِيَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَهْ، قَدْ بَلَغَكَ مَا كَانَ مِنَ النَّاسِ بِصِفِّينَ، وَقَدْ حَكَّمَ النَّاسُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَقَدْ شَهِدَهُمْ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَاشْهَدْهُمْ فَإِنَّكَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَأَحَدُ أَصْحَابِ الشُّورَى، وَلَمْ تَدْخُلْ فِي شَيْءٍ كَرِهَتْهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ، فَاحْضُرْ إِنَّكَ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْخِلَافَةِ. فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِنَّهُ سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا الْخَفِيُّ التَّقِيُّ» . وَاللَّهِ لَا أَشْهَدُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَبَدًا.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَخَاهُ عُمَرَ انْطَلَقَ

ص: 571

إِلَى سَعْدٍ فِي غَنَمٍ لَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: يَا أَبَهْ، أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أَعْرَابِيًّا فِي غَنَمِكَ وَالنَّاسُ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ بِالْمَدِينَةِ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ صَدْرَ عُمَرَ وَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ» . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ ".

وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، ثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ جَاءَهُ ابْنُهُ عَامِرٌ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَفِي الْفِتْنَةِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَكُونَ رَأْسًا؟ لَا وَاللَّهِ حَتَّى أُعْطَى سَيْفًا إِنْ ضَرَبْتُ بِهِ مُؤْمِنًا نَبَا عَنْهُ، وَإِنْ ضَرَبْتُ بِهِ كَافِرًا قَتَلْتُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ التَّقِيَّ»

وَهَذا السِّيَاقُ كَأَنَّهُ عَكْسُ الْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ اسْتَعَانَ بِأَخِيهِ عَامِرٍ عَلَى أَبِيهِ، لِيُشِيرَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَ أَمْرَ التَّحْكِيمِ لَعَلَّهُمْ يَعْدِلُونَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ وَيُوَلُّونَهُ، فَامْتَنَعَ سَعْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَبَاهُ أَشَدَّ الْإِبَاءِ وَقَنِعَ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكِفَايَةِ وَالْخَفَاءِ، كَمَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ

ص: 572

مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ» . وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ هَذَا يُحِبُّ الدُّنْيَا وَالْإِمَارَةَ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى كَانَ هُوَ مِنَ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَتَلَتِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، رضي الله عنه، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ قَنِعَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُوهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ سَعْدًا لَمْ يَحْضُرْ أَمْرَ التَّحْكِيمِ وَلَا أَرَادَ ذَلِكَ وَلَا هَمَّ بِهِ، وَإِنَّمَا حَضَرَهُ مَنْ ذَكَرْنَا، فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْحَكَمَانِ تَرَاوَضَا عَلَى الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ بِعِلْمٍ وَنَظَرٍ فِي تَقْدِيرِ أُمُورٍ، ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَعْزِلَا عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ، ثُمَّ يَجْعَلَا الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ النَّاسِ لِيَتَّفِقُوا عَلَى الْأَصْلَحِ لَهُمْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَقَدْ أَشَارَ أَبُو مُوسَى بِتَوْلِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: فَوَلِّ ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُقَارِبُهُ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَالزُّهْدِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّكَ قَدْ غَمَسْتَ ابْنَكَ فِي الْفِتَنِ وَالدُّنْيَا مَعَكَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ رَجُلُ صِدْقٍ.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا رَجُلٌ لَهُ ضِرْسٌ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ فِيهِ غَفْلَةٌ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ افْطَنْ وَانْتَبِهْ.

ص: 573

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَرْشُو عَلَيْهَا شَيْئًا أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْعَاصِ، إِنَّ الْعَرَبَ قَدْ أَسْنَدَتْ إِلَيْكَ أَمْرَهَا بَعْدَ مَا تَقَارَعَتْ بِالسُّيُوفِ وَتَشَاكَّتْ بِالرِّمَاحِ، فَلَا تَرُدَّنَّهُمْ فِي فِتْنَةٍ مِثْلِهَا أَوْ أَشَدَّ مِنْهَا. ثُمَّ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حَاوَلَ أَبَا مُوسَى عَلَى أَنْ يُقِرَّ مُعَاوِيَةَ وَحْدَهُ عَلَى النَّاسِ فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ حَاوَلَهُ لِيَكُونَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو هُوَ الْخَلِيفَةُ، فَأَبَى أَيْضًا، وَطَلَبَ أَبُو مُوسَى مِنْ عَمْرٍو أَنْ يُوَلِّيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَبَى عَمْرٌو أَيْضًا، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَخْلَعَا مُعَاوِيَةَ وَعَلِيًّا وَيَتْرُكَا الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ النَّاسِ لِيَتَّفِقُوا عَلَى مَنْ يَخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ جَاءَا إِلَى الْمَجْمَعِ الَّذِي فِيهِ النَّاسُ - وَكَانَ عَمْرٌو لَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي مُوسَى بَلْ يُقَدِّمُهُ فِي كُلِّ الْأُمُورِ أَدَبًا وَإِجْلَالًا - فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُوسَى قُمْ فَأَعْلِمِ النَّاسَ بِمَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ.

فَخَطَبَ أَبُو مُوسَى النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى لِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِي أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَمْ نَرَ أَمْرًا أَصْلَحَ لَهَا وَلَا أَلَمَّ لِشَعَثِهَا مَنْ رَأَيٍ قَدِ اتَّفَقْتُ أَنَا وَعَمْرٌو عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّا نَخْلَعُ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ وَنَتْرُكُ الْأَمْرَ شُورَى، وَتَسْتَقْبِلُ الْأُمَّةُ هَذَا الْأَمْرَ فَيُوَلُّوا عَلَيْهِمْ مَنْ أَحَبُّوهُ وَاخْتَارُوهُ، وَإِنِّي قَدْ خَلَعْتُ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ. ثُمَّ تَنَحَّى وَجَاءَ عَمْرٌو فَقَامَ مَقَامَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا قَالَ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ، وَإِنَّهُ قَدْ خَلَعَ صَاحِبَهُ، وَإِنِّي قَدْ خَلَعْتُهُ أَيْضًا كَمَا خَلَعَهُ، وَأَثْبَتُّ صَاحِبِي مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّهُ وَلِيُّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَالطَّالِبُ بِدَمِهِ، وَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ. وَكَانَ عَمْرٌو رَأَى

ص: 574

مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنَّ تَرْكَ النَّاسِ بِلَا إِمَامٍ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يُؤَدِّي إِلَى مَفْسَدَةٍ طَوِيلَةٍ عَرِيضَةٍ أَعْظَمَ مِمَّا النَّاسُ فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَأَقَرَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فَاجْتَهَدَ، وَالِاجْتِهَادُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا مُوسَى تَكَلَّمَ مَعَ عَمْرٍو بِكَلَامِ فِيهِ غِلْظَةٌ، وَرَدَّ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِثْلَهُ.

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ شُرَيْحَ بْنَ هَانِئٍ - مُقَدَّمَ جَيْشِ عَلِيٍّ - وَثَبَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ، وَقَامَ إِلَيْهِ ابْنٌ لِعَمْرٍو فَضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَأَمَّا عَمْرٌو وَأَصْحَابُهُ فَدَخَلُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِتَحِيَّةِ الْخِلَافَةِ، وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَاسْتَحْيَى مِنْ عَلِيٍّ فَذَهَبَ إِلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَشُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَأَخْبَرَاهُ بِمَا فَعَلَ أَبُو مُوسَى وَعَمْرٌو، فَاسْتَضْعَفُوا رَأْيَ أَبِي مُوسَى، وَعَرَفُوا أَنَّهُ لَا يُوَازِنُ عَمْرًا. فَذَكَرَ أَبُو مِخْنَفٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا بَلَغَهُ مَا فَعَلَ عَمْرٌو كَانَ يَلْعَنُ فِي قُنُوتِهِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَأَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَحَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ أَيْضًا، كَانَ يَلْعَنُ فِي قُنُوتِهِ عَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا وَابْنَ عَبَّاسٍ وَالْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ. وَلَا

ص: 575

يَصِحُّ هَذَا عَنْهُمْ، رضي الله عنهم. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِلِ ": أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَحَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَلِيٍّ بِشَطِّ الْفُرَاتِ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اخْتَلَفُوا فَلَا يَزَالُ اخْتِلَافُهُمْ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَبْعَثُوا حَكَمَيْنِ فَضَلَّا وَأَضَلَّا، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَخْتَلِفُ فَلَا يَزَالُ اخْتِلَافُهُمْ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَبْعَثُوا حَكَمَيْنِ، فَيَضِلَّانِ وَيُضِلَّانِ مَنِ اتَّبَعَهُمَا» . فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَرَفْعُهُ مَوْضُوعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِذْ لَوْ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا عِنْدَ عَلِيٍّ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ سَبَبًا لِإِضْلَالِ النَّاسِ، كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَآفَةُ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، وَهُوَ الْكِنْدِيُّ الْحِمْيَرِيُّ الْأَعْمَى. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.

ص: 576