الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاعْتَذَرَ بَعْضُ الْعُذْرِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ وَحَفِظْتُ، وَلَيْسَ كَمَا سَمِعْتَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " إِنَّهُ سَيُقْتَلُ أَمِيرٌ، وَيَنْتَزِي مُنْتَزٍ» . وَإِنِّي أَنَا الْمَقْتُولُ وَلَيْسَ عُمَرُ، إِنَّ عُمَرَ قَتَلَهُ وَاحِدٌ وَإِنَّهُ سَيُجْتَمَعُ عَلَيَّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَهِدَ لِي عَهْدًا فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ. قَالَ قَيْسٌ: فَكَانُوا يَرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بِهِ.
وَفِي " مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى "، مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَهْلَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:«سَتُبْتَلَى بَعْدِي فَلَا تُقَاتِلْ»
[كَلَامُ الصَّحَابَةِ فِي مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه]
فَصْلٌ (كَلَامُ الصَّحَابَةِ فِي مَقْتَلِ عُثْمَانَ رضي الله عنه
قَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ الْفِتَنِ قَتْلُ عُثْمَانَ، وَآخِرُ الْفِتَنِ الدَّجَّالُ.
وَرَوَى الْحَافِظُ بْنُ عَسَاكِرَ، مِنْ طَرِيقِ شَبَابَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ مُوَرِّقٍ
الْبَاهِلِيِّ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّوَّافِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ. قَالَ: أَوَّلُ الْفِتَنِ قَتْلُ عُثْمَانَ، وَآخِرُ الْفِتَنِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَمُوتُ رَجُلٌ وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ حُبِّ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَّا تَبِعَ الدَّجَّالَ إِنْ أَدْرَكَهُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ آمَنَ بِهِ فِي قَبْرِهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ، ثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، حَدَّثَنِي عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ خَيْرًا فَلَيْسَ لِي فِيهِ نَصِيبٌ، وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ شَرًّا فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ قَتْلُهُ خَيْرًا لَتَحْلُبُنَّهُ لَبَنًا، وَلَئِنْ كَانَ قَتْلُهُ شَرًّا لَتَمْتَصُّنَّ بِهِ دَمًا. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ ".
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ: ذَكَرَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّجْرَانِيُّ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ، كَانَ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِهِ وَهُوَ يُنَاجِي امْرَأَتَهُ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا: خَيْرٌ. فَقَالَ:
إِنَّ شَيْئًا تُسِرَّانِهِ دُونِي مَا هُوَ بِخَيْرٍ. قَالَ: قُتِلَ الرَّجُلُ. يَعْنِي عُثْمَانَ. قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِمَعْزِلٍ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَهُ، وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَهُوَ لِمَنْ حَضَرَهُ، وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، الْيَوْمَ نَفَرَتِ الْقُلُوبُ بِأَنْفَارِهَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَبَقَ بِيَ الْفِتَنَ، قَادَتَهَا وَعُلُوجَهَا، الْحَظِيُّ مَنْ تَرَدَّى بَعِيرُهُ، فَشَبِعَ شَحْمَا وَقَلَّ عَمَلُهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَوْ كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ هُدًى، لَاحْتَلَبَتْ بِهِ الْأُمَّةُ لَبَنًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ ضَلَالًا، فَاحْتَلَبَتْ بِهِ الْأُمَّةُ دَمًا. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، أَنَا الصَّعِقُ بْنُ حَزْنٍ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: خَطَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ لَمْ يَطْلُبِ النَّاسُ بِدَمِ عُثْمَانَ لَرُمُوا بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ عَنْهُ.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَنْصَارِيِّ
قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جِئْتُ عَلِيًّا وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ فَقُلْتُ لَهُ: قُتِلَ عُثْمَانُ. فَقَالَ: تَبًّا لَهُمْ آخِرَ الدَّهْرِ. وَفِي رِوَايَةٍ: خَيْبَةً لَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا وَهُوَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، أَوْ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ رَافِعًا صَوْتَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ. وَقَالَ أَبُو هِلَالٍ: عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُتِلَ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ غَائِبٌ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَرْضَ وَلَمْ أُمَالِئْ.
وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ عَلِيًّا دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَوَقَعَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَبْكِي حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ سَيَلْحَقُ بِهِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ.
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ، وَلَا أَمَرْتُ، وَلَكِنِّي غُلِبْتُ. وَرَوَاهُ غَيْرُ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ.
وَقَالَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِنْ شَاءَ النَّاسُ حَلَفْتُ لَهُمْ عِنْدَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ بِاللَّهِ، مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ، وَلَا أَمَرْتُ بِقَتْلِهِ، وَلَقَدْ نَهَيْتُهُمْ فَعَصَوْنِي. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَلِيٍّ بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَأَنْكَرْتُ نَفْسِي وَجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لِأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلًا قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:«أَلَا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» . وَإِنِّي لِأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ. فَانْصَرَفُوا، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ يَسْأَلُونِي الْبَيْعَةَ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَمُشْفِقٌ مِمَّا أُقْدِمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزْمَةٌ فَبَايَعْتُ، فَلَمَّا قَالُوا: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي وَانْسَكَبْتُ بِعَبْرَةٍ.
وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ بِجَمْعِ الطُّرُقِ الْوَارِدَةِ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ، وَكَانَ يُقْسِمُ عَلَى ذَلِكَ فِي خُطَبِهِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَلَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَلَا مَالَأَ، وَلَا رَضِيَ بِهِ، وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ. ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47]
[الْحِجْرِ: 47] . وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا، ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ، رضي الله عنه، خَيْرَنَا، وَأَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ، وَأَشَدَّنَا حَيَاءً، وَأَحْسَنَنَا طُهُورًا، وَأَتْقَانَا لِلرَّبِّ، عز وجل.
وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَجَالِدٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ زَوْذِيٍّ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ فَقَطَعَ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِ خُطْبَتَهُ، فَنَزَلَ فَقَالَ: إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ عُثْمَانَ كَمَثَلِ أَثْوَارٍ ثَلَاثَةٍ ; أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، وَمَعَهُمْ فِي أَجَمَةٍ أَسَدٌ، فَكَانَ كُلَّمَا أَرَادَ قَتْلَ أَحَدِهِمْ مَنَعَهُ الْآخَرَانِ، فَقَالَ لِلْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ: إِنَّ هَذَا الْأَبْيَضَ قَدْ فَضَحَنَا فِي هَذِهِ الْأَجَمَةِ فَخَلِّيَا عَنْهُ حَتَّى آكُلَهُ. فَخَلَّيَا عَنْهُ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ كَانَ كُلَّمَا أَرَادَ أَحَدَهُمَا مَنَعَهُ الْآخَرُ، فَقَالَ لِلْأَحْمَرِ: إِنَّ هَذَا الْأَسْوَدَ قَدْ فَضَحَنَا فِي هَذِهِ الْأَجَمَةِ، وَإِنَّ لَوْنِي عَلَى لَوْنِكَ، فَلَوْ خَلَّيْتَ عَنْهُ أَكَلْتُهُ. فَخَلَّى عَنْهُ الْأَحْمَرُ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْأَحْمَرِ: إِنِّي آكِلُكَ. فَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَصِيحَ ثَلَاثَ صَيْحَاتٍ. فَقَالَ: دُونَكَ. فَقَالَ: أَلَا إِنِّي إِنَّمَا أُكِلْتُ يَوْمَ أُكِلَ الْأَبْيَضُ. ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: وَإِنَّمَا أَنَا وَهَنْتُ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ. قَالَهَا ثَلَاثًا.
وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجِيءُ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَتَحْمِلُ وِقْرَهَا وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ بَدِّلْ، اللَّهُمَّ غَيِّرْ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ، رضي الله عنه:
قُلْتُمُ بَدِّلْ فَقَدْ بَدَّلَكُمْ
…
سَنَةً حَرَّى وَحَرْبًا كَاللَّهَبْ
مَا نَقِمْتُمْ مِنْ ثِيَابٍ خِلْفَةٍ
…
وَعَبِيدٍ وَإِمَاءٍ وَذَهَبْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَكَانَ فِي مَنْ جَانَبَ عُثْمَانَ - فَلَمَّا قُتِلَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْنَا قَتْلَهُ، وَلَا كُنَّا نَرَى أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُ الْقَتْلَ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ أَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا، وَلَا أَضْحَكَ حَتَّى أَلْقَاكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي وَأُخْتَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوِ ارْفَضَّ أُحُدٌ فِيمَا صَنَعْتُمْ بِابْنِ عَفَّانَ،
لَكَانَ حَقِيقًا. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ ".
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رَجُلًا يَقُولُ لِآخَرَ: قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَلَمْ يَنْتَطِحُ فِيهِ عَنْزَانِ. فَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ: أَجَلْ إِنَّ الْبَقَرَ وَالْمَعْزَ لَا تَنْتَطِحُ فِي قَتْلِ الْخَلِيفَةِ، وَلَكِنْ تَنْتَطِحُ فِيهِ الرِّجَالُ بِالسِّلَاحِ، وَاللَّهِ لَيُقْتَلَنَّ بِهِ أَقْوَامٌ، إِنَّهُمْ لَفِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ مَا وُلِدُوا بَعْدُ.
وَقَالَ لَيْثٌ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: يُحَكَّمُ عُثْمَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْقَاتِلِ وَالْخَاذِلِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ: ثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ، ثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، سَمِعْتُ أَبَا الْأَسْوَدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُشْرَكَ فِي دَمِ عُثْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْهُنَائِيُّ، ثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ، ثَنَا الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ رَضِيعِ
الْجَارُودِ قَالَ: كُنْتُ بِالْكُوفَةِ فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي عَجَبًا ; رَأَيْتُ الرَّبَّ تبارك وتعالى فَوْقَ عَرْشِهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، حَتَّى قَامَ عِنْدَ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَكَانَ نُبْذَةً، فَقَالَ: رَبِّ سَلْ عِبَادَكَ فِيمَ قَتَلُونِي؟ فَانْبَعَثَ مِنَ السَّمَاءِ مِيزَابَانِ مِنْ دَمٍ فِي الْأَرْضِ. قَالَ: فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: أَلَا تَرَى مَا يُحَدِّثُ بِهِ الْحَسَنُ؟ فَقَالَ: حَدَّثَ بِمَا رَأَى.
وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُجَالِدٍ، عَنْ طُحْرُبٍ الْعِجْلِيِّ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأُقَاتِلَ بَعْدَ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا ; رَأَيْتُ الْعَرْشَ، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مُتَعَلِّقًا بِالْعَرْشِ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ عُمَرُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَرَأَيْتُ عُثْمَانَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَنْكِبِ
عُمَرَ، وَرَأَيْتُ دَمًا دُونَهُمْ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا دَمُ عُثْمَانَ يَطْلُبُ اللَّهَ بِهِ.
وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: ثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ شَبِيبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ: نَفَرَتِ الْقُلُوبُ مَنَافِرَهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَتَآلَفُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مُصْتُمُوهُ مَوْصَ الْإِنَاءِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: ثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: غَضِبْتُ لَكُمْ مِنَ السَّوْطِ وَلَا أَغْضَبُ لِعُثْمَانَ مِنَ السَّيْفِ! اسْتَعْتَبْتُمُوهُ حَتَّى إِذَا تَرَكْتُمُوهُ كَالْقَلْبِ الْمُصَفَّى قَتَلْتُمُوهُ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ: تَرَكْتُمُوهُ كَالثَّوْبِ النَّقِيِّ مِنَ الدَّنَسِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ. وَفِي
رِوَايَةٍ: ثُمَّ قَرَّبْتُمُوهُ فَذَبَحْتُمُوهُ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ. فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ: هَذَا عَمَلُكِ، أَنْتِ كَتَبْتِ إِلَى النَّاسِ تَأْمُرِينَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَيْهِ. فَقَالَتْ: لَا وَالَّذِي آمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَكَفَرَ بِهِ الْكَافِرُونَ، مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ حَتَّى جَلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا. قَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى لِسَانِهَا. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَيْهَا. وَفِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجَ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ، زَوَّرُوا كُتُبًا عَلَى لِسَانِ الصَّحَابَةِ إِلَى الْآفَاقِ، يُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى قِتَالِ عُثْمَانَ، كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا حَزْمٌ الْقُطَعِيُّ، ثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ بْنُ سَوَادَةَ، أَخْبَرَنِي طَلْقُ بْنُ خُشَّافٍ. قَالَ: قُتِلَ عُثْمَانُ فَتَفَرَّقْنَا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم، نَسْأَلُهُمْ عَنْ قَتْلِهِ، فَسَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: قُتِلَ مَظْلُومًا لَعَنَ اللَّهُ قَتَلَتَهُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ لَمَّا سَمِعَتْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ: رحمه الله، أَمَا إِنَّهُمْ لَنْ