الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنَ آدَمَ، إِنْ غَفَلْتَ عَنْ نَفْسِكَ وَلَمْ تَسْتَعِدَّ لَهَا، لَمْ يَسْتَعِدَّ لَهَا غَيْرُكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلَا تَكِلْهَا إِلَى غَيْرِكَ. وَالسَّلَامُ.
وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ: آخَرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عُثْمَانُ فِي جَمَاعَةٍ: إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ الدُّنْيَا لِتَطْلُبُوا بِهَا الْآخِرَةَ، وَلَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَرْكَنُوا إِلَيْهَا، إِنَّ الدُّنْيَا تَفْنَى وَإِنَّ الْآخِرَةَ تَبْقَى، لَا تُبْطِرَنَّكُمُ الْفَانِيَةُ وَلَا تَشْغَلَنَّكُمْ عَنِ الْبَاقِيَةِ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى، فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ، وَإِنَّ الْمَصِيرَ إِلَى اللَّهِ، اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ تَقْوَاهُ جُنَّةٌ مِنْ بَأْسِهِ، وَوَسِيلَةٌ عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ الْغِيَرَ، وَالْزَمُوا جَمَاعَتَكُمْ، لَا تَصِيرُوا أَحْزَابًا {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ [آلِ عِمْرَانَ: 103، 104] .
[مَنَاقِبُهُ رضي الله عنه]
فَصْلٌ (مَنَاقِبُهُ رضي الله عنه
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ يَسْتَخْبِرُ النَّاسَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ أَخْبَارِهِمْ وَأَسْعَارِهِمْ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا يُونُسُ - يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ - حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ فَرُّوخَ مَوْلَى الْقُرَشِيِّينَ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا فَأَبْطَأَ
عَلَيْهِ، فَلَقِيَهُ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنْ قَبْضِ مَالِكَ؟ قَالَ: إِنَّكَ غَبَنْتَنِي، فَمَا أَلْقَى مِنَ النَّاسِ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَلُومُنِي. قَالَ: أَوَذَلِكَ يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاخْتَرْ بَيْنَ أَرْضِكَ وَمَالِكَ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:«أَدْخَلَ اللَّهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا ; مُشْتَرِيًا، وَبَائِعًا، وَقَاضِيًا، وَمُقْتَضِيًا» .
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ طَلْحَةَ لَقِيَ عُثْمَانَ وَهُوَ خَارِجٌ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: إِنَّ الْخَمْسِينَ أَلْفًا الَّتِي لَكَ عِنْدِي قَدْ حَصَلَتْ، فَأَرْسِلْ مَنْ يَقْبِضُهَا. فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: إِنَّا قَدْ وَهَبْنَاكَهَا لِمُرُوءَتِكَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: اسْتَعْمَلَ ابْنُ عَامِرٍ قَطَنَ بْنَ عَوْفٍ الْهِلَالِيَّ عَلَى كَرْمَانَ، فَأَقْبَلَ جَيْشٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - أَرْبَعَةُ آلَافٍ - وَجَرَى الْوَادِي فَقَطَعَهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ، وَخَشِيَ قَطَنٌ الْفَوْتَ فَقَالَ: مَنْ جَازَ الْوَادِي فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. فَحَمَلُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْعُظْمِ، فَكَانَ إِذَا جَازَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ قَالَ قَطَنٌ: أَعْطُوهُ جَائِزَتَهُ. حَتَّى جَازَوْا جَمِيعًا وَأَعْطَاهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَأَبَى ابْنُ عَامِرٍ أَنْ يَحْسِبَهَا لَهُ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ أَنِ احْسِبْهَا لَهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَعَانَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمِّيَتِ الْجَوَائِزُ لِإِجَازَةِ الْوَادِي، فَقَالَ الْكِنَانِيُّ ذَلِكَ: