الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] . فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: اشْفِنِي مِنَ الْأَعْبُدِ. قَالَ: اسْكُتْ أَسْكَتَ اللَّهُ نَأْمَتَكَ، وَاللَّهِ لَوْ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ لَرَجَمْتُكَ بِأَحْجَارِكَ.
[فَتْحُ الْأَهْوَازِ وَمَنَاذِرَ وَنَهْرِ تِيرَى]
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ. وَقِيلَ: فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ. ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ سَيْفٍ عَنْ شُيُوخِهِ أَنَّ الْهُرْمُزَانَ كَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى هَذِهِ الْأَقَالِيمِ. وَكَانَ مِمَّنْ فَرَّ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ مِنَ الْفُرْسِ، فَجَهَّزَ أَبُو مُوسَى مِنَ الْبَصْرَةِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ مِنَ الْكُوفَةِ جَيْشَيْنِ لِقِتَالِهِ، فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا مِنْهُ مَا بَيْنَ دِجْلَةَ إِلَى دُجَيْلٍ وَغَنِمُوا مِنْ جَيْشِهِ مَا أَرَادُوا، وَقَتَلُوا مَنْ أَرَادُوا، ثُمَّ صَانَعَهُمْ وَطَلَبَ مُصَالَحَتَهُمْ عَنْ بَقِيَّةِ بِلَادِهِ، فَشَاوَرَا فِي ذَلِكَ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ فَصَالَحَهُ، وَبَعَثَ بِالْأَخْمَاسِ وَالْبِشَارَةِ إِلَى عُمَرَ، وَبَعَثَ وَفْدًا فِيهِمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، فَأُعْجِبَ عُمَرُ بِهِ، وَحَظِيَ عِنْدَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عُتْبَةَ يُوصِيهِ بِهِ، وَيَأْمُرُهُ بِمُشَاوَرَتِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِرَأْيِهِ. ثُمَّ نَقَضَ الْهُرْمُزَانُ الْعَهْدَ وَالصُّلْحَ، وَاسْتَعَانَ بِطَائِفَةٍ مِنَ الْأَكْرَادِ، وَغَرَّتْهُ نَفْسُهُ، وَحَسَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ عَمَلَهُ فِي ذَلِكَ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَنُصِرُوا عَلَيْهِ، وَقَتَلُوا مِنْ جَيْشِهِ جَمًّا غَفِيرًا، وَخَلْقًا كَثِيرًا، وَاسْتَلَبُوا مِنْهُ مَا بِيَدِهِ
مِنَ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ إِلَى تُسْتَرَ فَتَحَصَّنَ بِهَا، وَبَعَثُوا إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ الْأُسُودُ بْنُ سَرِيعٍ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ صَحَابِيًّا، رضي الله عنه:
لَعَمْرُكَ مَا أَضَاعَ بَنُو أَبِينَا
…
وَلَكِنْ حَافَظُوا فِي مَنْ يُطِيعُ
أَطَاعُوا رَبَّهُمْ وَعَصَاهُ قَوْمٌ أَضَاعُوا
…
أَمْرَهُ فِي مَنْ يُضِيعُ
مَجُوسٌ لَا يُنَهْنِهُهَا كِتَابٌ فَلَاقَوْا
…
كَبَّةً فِيهَا قُبُوعُ
وَوَلَّى الْهُرْمُزَانُ عَلَى جَوَادٍ
…
سَرِيعِ الشَّدِّ يَثْفِنُهُ الْجَمِيعُ
وَخَلَّى سُرَّةَ الْأَهْوَازِ كَرْهًا
…
غَدَاةَ الْجِسْرِ إِذْ نَجَمَ الرَّبِيعُ
وَقَالَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ، وَكَانَ صَحَابِيًّا أَيْضًا:
غَلَبْنَا الْهُرْمُزَانَ عَلَى بِلَادٍ
…
لَهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ذَخَائِرْ
سَوَاءٌ بَرُّهُمْ وَالْبَحْرُ فِيهَا
…
إِذَا صَارَتْ نَوَاحِيهَا بَوَاكِرْ
لَهَا بَحْرٌ يَعُجُّ بِجَانِبَيْهِ
…
جَعَافِرُ لَا يَزَالُ لَهَا زَوَاخِرْ