الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سِنِينَ وَعَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، عَلَى الْمَشْهُورِ، وَاخْتَلَفُوا فِي سِنِّهِ يَوْمَ قُتِلَ ; فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً. وَقِيلَ: سِتٌّ - وَقِيلَ: ثَمَانٌ - وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقِيلَ: سِتُّونَ. وَقِيلَ: اثْنَتَانِ - وَقِيلَ: ثَلَاثٌ. وَقِيلَ: تِسْعٌ - وَسِتُّونَ سَنَةً. وَقِيلَ: ثَمَانُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِنَّ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ سَارَ إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مِصْرَ أَبَا عَوْنِ بْنَ يَزِيدَ.
[شَيْءٌ مِنْ تَرْجَمَةِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ]
وَهَذَا شَيْءٌ مِنْ تَرْجَمَةِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ
هُوَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ آخِرُ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَأُمُّهُ أَمَةٌ كُرْدِيَّةٌ يُقَالُ لَهَا: لُبَابَةَ. وَكَانَتْ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ أَخَذَهَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ يَوْمَ قَتَلَهُ، فَاسْتَوْلَدَهَا مَرْوَانَ هَذَا، وَيُقَالُ: إِنَّهَا كَانَتْ أَوَّلًا لِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ كَانَتْ دَارُ مَرْوَانَ هَذَا فِي سُوقِ الْأَكَّافِينَ. قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ قَتْلِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَبَعْدَ مَوْتِ يَزِيدَ بْنِ الْوَلِيدِ ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَخَلَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَاسْتَتَبَّ لَهُ الْأَمْرُ فِي النِّصْفِ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: مَرْوَانُ الْجَعْدِيُّ، نِسْبَةً إِلَى رَأْيِ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، وَيُلَقَّبُ بِالْحِمَارِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَلَكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ كَانَتْ خِلَافَتُهُ مُنْذُ سَلَّمَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى أَنْ بُويِعَ لِلسَّفَّاحِ خَمْسَ سِنِينَ وَشَهْرًا، وَبَقِيَ مَرْوَانُ بَعْدَ بَيْعَةِ السَّفَّاحِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ.
وَكَانَ أَبْيَضَ مُشْرَبًا، أَزْرَقَ الْعَيْنَيْنِ، كَبِيرَ اللِّحْيَةِ، ضَخْمَ الْهَامَةِ، رَبْعَةً، وَلَمْ يَكُنْ يُخَضِّبُ. وَلَّاهُ هِشَامٌ نِيَابَةَ أَذْرَبِيجَانَ وَإِرْمِينِيَّةَ وَالْجَزِيرَةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، فَفَتَحَ بِلَادًا كَثِيرَةً وَحُصُونًا مُتَعَدِّدَةً فِي سِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ الْغَزْوَ، قَاتَلَ طَوَائِفَ مِنَ النَّاسِ وَالتَّرْكِ وَالْخَزَرِ وَاللَّانِ وَغَيْرِهِمْ، فَكَسَرَهُمْ وَقَهَرَهُمْ، وَقَدْ كَانَ شُجَاعًا، بَطَلًا مِقْدَامًا، حَازِمَ الرَّأْيِ، وَلَكِنْ مَنْ يَخْذُلِ اللَّهَ يُخْذَلْ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ تَذْهَبُ مِنْهُمُ الْخِلَافَةُ إِذَا وَلِيَهَا مَنْ أُمُّهُ أَمَةٌ، فَلَمَّا وَلِيَهَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً، فَأُخِذَتِ الْخِلَافَةُ مِنْ يَدِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ لِأَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ.
وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، أَنَا سَهْلُ بْنُ بِشْرٍ، أَنَا الْخَلِيلُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيلِ، أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَهْمِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صُبْحٍ، ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ نَجِيحٍ أَبُو الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ الْخِلَافَةُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ يَتَلَقَّفُونَهَا تَلَقُّفَ الْغِلْمَانِ الْأُكْرَةَ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْهُمْ فَلَا خَيْرَ فِي عَيْشٍ» . هَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ جِدًّا.
وَقَدْ سَأَلَ الرَّشِيدُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ: مَنْ خَيْرُ الْخُلَفَاءِ ; نَحْنُ أَمْ بَنُو أُمَيَّةَ؟ فَقَالَ: هُمْ كَانُوا أَنْفَعَ لِلنَّاسِ، وَأَنْتُمْ أَقْوَمُ بِالصَّلَاةِ. فَأَعْطَاهُ سِتَّةَ آلَافٍ.
قَالُوا: وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ كَثِيرَ الْمُرُوءَةِ، كَثِيرَ الْعُجْبِ، يُعْجِبُهُ اللَّهْوَ وَالطَّرَبَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَشْتَغِلُ عَنْ ذَلِكَ بِالْحَرْبِ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الْحُسَيْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَلَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُنْقِذٍ الْأَمِيرِ فِي مَجْمُوعٍ لَهُ: كَتَبَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ تَرَكَهَا بِالرَّمْلَةِ عِنْدَ انْزِعَاجِهِ إِلَى مِصْرَ مُنْهَزِمًا:
وَمَا زَالَ يَدْعُونِي إِلَى الصَّبْرِ مَا أَرَى
…
فَآبَى وَيُدْنِينِي الَّذِي لَكَ فِي صَدْرِي
وَكَانَ عَزِيزًا أَنْ تَبِيتِي وَبَيْنَنَا
…
حِجَابٌ فَقَدْ أَمْسَيْتِ مِنِّي عَلَى عَشْرِ
وَأَنْكَاهُمَا وَاللَّهِ لِلْقَلْبِ فَاعْلَمِي
…
إِذَا زِدْتُ مِثْلَيْهَا فَصِرْتُ عَلَى شَهْرِ
وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَيْنِ وَاللَّهِ أَنَّنِي
…
أَخَافُ بِأَنْ لَا نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ
سَأَبْكِيكِ لَا مُسْتَبْقِيًا فَيْضَ عَبْرَةٍ
…
وَلَا طَالِبًا بِالصَّبْرِ عَاقِبَةَ الصَّبْرِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اجْتَازَ مَرْوَانُ وَهُوَ هَارِبٌ بِرَاهِبٍ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَاهِبُ، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِالزَّمَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، عِنْدِي مِنْ تَلَوُّنِهِ أَلْوَانٌ. قَالَ: هَلْ تَبْلُغُ الدُّنْيَا مِنَ الْإِنْسَانِ أَنْ تَجْعَلَهُ مَمْلُوكًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: تُحِبُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَنْتَ مَمْلُوكٌ لَهَا. قَالَ: فَمَا السَّبِيلُ فِي الْعِتْقِ؟ قَالَ: بُغْضُهَا وَالتَّخَلِّي عَنْهَا. قَالَ: هَذَا مَا لَا يَكُونُ. قَالَ الرَّاهِبُ: أَمَّا تَخَلِّيهَا مِنْكَ فَسَيَكُونُ، فَبَادِرْ بِالْهَرَبِ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُبَادِرَكَ. قَالَ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ مِلْكُ الْعَرَبِ مَرْوَانُ تُقْتَلُ فِي بِلَادِ السُّودَانِ وَتُدْفَنُ بِلَا أَكْفَانِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمَوْتَ فِي طَلَبِكَ، لَدَلَلْتُكَ عَلَى مَوْضِعِ هَرَبِكَ.
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ: كَانَ يُقَالُ: يَقْتُلُ ع بْنُ ع بْنِ ع بْنِ ع م بْنَ م بْنِ م. يَعْنُونَ يَقْتُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَلَسَ مَرْوَانُ يَوْمًا وَقَدْ أُحِيطَ بِهِ، وَعَلَى رَأْسِهِ خَادِمٌ لَهُ