الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَلِيفَةُ عَلَى الْوَزِيرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ وَعَزَلَهُ عَنِ الْوِزَارَةِ وَأَمَرَ بِنَهْبِ دَارِهِ فَنُهِبَتْ أَقْبَحَ نَهْبٍ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ (1) بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ، وَكَانَ قَدِ الْتَزَمَ لِأُمِّ وَلَدِ الْمُعْتَضِدِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، حَتَّى سَعَتْ فِي وِلَايَتِهِ.
وَفِيهَا وَرَدَتْ هَدَايَا كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَقَالِيمِ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا، مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ دينار من مصر اسْتُخْرِجَتْ مَنْ كَنْزٍ وُجِدَ هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ موانع كما يدعيه كثير من جهلة العوام وغيرهم من ضعيفي الأحلام، مكراً وخديعة ليأكلوا أموال الطغام والعوام أهل الطمع والآثام، وَقَدْ وُجِدَ فِي هَذَا الْكَنْزِ ضِلْعُ إِنْسَانٍ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَشْبَارِ وَعَرْضُهُ شِبْرٌ، وَذُكِرَ أَنَّهُ مِنْ قَوْمِ عَادٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ هَدِيَّةِ مِصْرَ تَيْسٌ لَهُ ضَرْعٌ يَحْلُبُ لَبَنًا.
وَمِنْ ذَلِكَ بِسَاطٌ أَرْسَلَهُ ابْنُ أَبِي السَّاجِ فِي جُمْلَةِ هَدَايَاهُ، طُولُهُ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، عُمِلَ فِي عَشْرِ سِنِينَ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَهَدَايَا فَاخِرَةٌ أَرْسَلَهَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيُّ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْعَبَّاسِيُّ أَمِيرُ الْحَجِيجِ مِنْ مدة طويلة.
وفيها توفي
مِنَ الْأَعْيَانِ: أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ: أَبُو عَمْرٍو الْخَفَّافُ الْحَافِظُ.
كَانَ يُذَاكِرُ بِمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ، سَمِعَ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ وَطَبَقَتَهُ، وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ سَرَدَهُ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ، سَأَلَهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ فَجَعَلَهَا خَمْسَةً، فَحَمِدَ اللَّهَ فَجَعَلَهَا عَشْرَةً، ثُمَّ مَا زَالَ يَزِيدُهُ وَيَحْمَدُ السَّائِلُ اللَّهَ حَتَّى جَعَلَهَا مِائَةً.
فَقَالَ: جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَاقِيَةً بَاقِيَةً فَقَالَ لِلسَّائِلِ: وَاللَّهِ لَوْ لَزِمْتَ الْحَمْدَ لَأَزِيدَنَّكَ وَلَوْ إِلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ.
الْبُهْلُولُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ ابْنِ حَسَّانَ بْنِ سِنَانٍ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّنُوخِيُّ، سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيدَ بْنَ مَنْصُورٍ وَمُصْعَبًا الزُّبَيْرِيَّ وَغَيْرَهُمْ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ آخِرُهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْجُرْجَانِيُّ الْحَافِظُ، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا ضَابِطًا بَلِيغًا فَصِيحًا فِي خُطَبِهِ.
تُوُفِّيَ فِيهَا عن خمس وتسعين سنة.
الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ: أَبُو عَلِيٍّ الْخِرَقِيُّ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
كَانَ خَلِيفَةً لِلْمَرُّوذِيِّ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ عِيدِ الْفِطْرِ وَدُفِنَ عِنْدَ قبر الإمام أحمد بن حنبل.
(1) في ابن الاثير 8 / 63: محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان.
وفي الطبري ومروج الذهب والفخري: محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان (*) .
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ حَجَّ عَلَى قَدَمَيْهِ سَبْعًا وَتِسْعِينَ حَجَّةً، وَكَانَ يَمْشِي فِي اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ حَافِيًا كَمَا يَمْشِي الرَّجُلُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ، وَكَانَ الْمُشَاةُ يَأْتَمُّونَ بِهِ فَيُرْشِدُهُمْ إِلَى الطَّرِيقِ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ ظُلْمَةً مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ، وَكَانَتْ قَدَمَاهُ مَعَ كَثْرَةِ مَشْيِهِ كَأَنَّهُمَا قَدَمَا عَرُوسٍ مُتْرَفَةٍ، وَلَهُ كَلَامٌ مَلِيحٌ نَافِعٌ، وَلَمَّا مَاتَ أَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ إِلَى جَانِبِ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ رَزِينٍ، فهما على جبل الطور.
قال أبو نعيم: كان أبو عبد الله المغربي من المعمرين، توفي عن مائة وعشرين سنة، وقبره بجبل طور سينا عند قبر أستاذه علي بن رزين.
قال أبو عبد الله: أفضل الأعمال عمارة الأوقاف (1) .
وقال: الفقير هو الذي لا يرجع إلى مستند في الكون غير الإلتجاء إلى من إليه فقره ليعينه بالاستعانة كما عزره بالافتقار إليه.
وقال: أعظم الناس ذلاً فقير داهن غنياً وتواضع له، وأعظم الناس عزاً غني تذلل لفقير أو حفظ حرمته.
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ابْنُ الْحَافِظِ كَانَ أَبُوهُ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي جَمْعِ التَّارِيخِ، وَكَانَ فَهِمًا حَاذِقًا حَافِظًا، تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْهَا..مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَيْسَانَ النَّحْوِيُّ أَحَدُ حُفِّاظِهِ وَالْمُكْثِرِينَ مِنْهُ، كَانَ يَحْفَظُ طَرِيقَةَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ مَعًا.
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: كَانَ ابْنُ كَيْسَانَ أَنْحَى مِنَ الشَّيْخَيْنِ الْمُبَرِّدِ وَثَعْلَبٍ.
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو سَعِيدٍ، سَكَنَ دِمَشْقَ، رَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْجَوْهَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هَذَا يُدْعَى بِحَامِلِ كَفَنِهِ، وَذَلِكَ
مَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَ نَبَّاشٌ لِيَسْرِقَ كَفَنَهُ فَفَتَحَ عَلَيْهِ قَبْرَهُ.
فَلَمَّا حَلَّ عَنْهُ كَفَنُهُ اسْتَوَى جَالِسًا وَفَرَّ النَّبَّاشُ هَارِبًا مِنَ الْفَزَعِ، وَنَهَضَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هَذَا فَأَخَذَ كَفَنَهُ مَعَهُ وَخَرَجَ مِنَ الْقَبْرِ وَقَصَدَ مَنْزِلَهُ فَوَجَدَ أَهْلَهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَدَقَّ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا فُلَانٌ.
فَقَالُوا: يَا هَذَا لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَزِيدَنَا حُزْنًا إِلَى حُزْنِنَا.
فقال: افتحوا
(1) في صفة الصفوة 4 / 336: أفضل الأعمال عمارة الاوقات في الموافقات (*) .