الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا وحق الخضوع عند التلاقي * مَا جَزَاءُ مَنْ يحب إلا يحب وذكر عنه قَالَ: رَأَيْتُ مَجْنُونًا (1) عَلَى بَابِ جَامِعِ الرُّصَافَةِ يوم جمعة عرياناً وهو يقول: أَنَا مَجْنُونُ اللَّهِ فَقُلْتُ أَلَا تَسْتَتِرُ وَتَدْخُلُ إلى الجامع فتصلى الجمعة.
فقال: يَقُولُونَ زُرْنَا وَاقْضِ وَاجِبَ حَقِّنَا * وَقَدْ أَسْقَطَتْ حَالِي حُقُوقَهُمْ عَنِّي إِذَا أَبْصَرُوا حَالِي وَلَمْ يأنفوا لها * ولم يأنفوا مني أَنِفْتُ لَهُمْ مِنِّي وَذَكَرَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ عنه أنه انشد لنفسه فقال: مضتِ الشَّبِيبَةُ وَالْحَبِيبَةُ فَانْبَرَى * دَمْعَانِ فِي الْأَجْفَانِ يَزْدَحِمَانِ
مَا أَنْصَفَتْنِي الْحَادِثَاتُ رَمَيْنَنِي * بِمُوَدِّعَيْنِ وَلَيْسَ لي قلبان كانت وَفَاتُهُ رحمه الله لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا (2) مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ بِبَغْدَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَقَرَّ أَمْرُ الْخَلِيفَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ وَاصْطَلَحَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ وَنَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ عَلَى ذَلِكَ
، ثُمَّ حَارَبَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ تَكِينَ التُّرْكِيَّ فَاقْتَتَلَا مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً، ثُمَّ ظَفِرَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بتكين فسمل بين يديه، واستقر أمره بالموصل والجزيرة، واستحوذ ركن الدولة على الري وانتزعها من الخراسانية، واتسعت مملكة بني بويه جداً، فَإِنَّهُ صَارَ بِأَيْدِيهِمْ أَعْمَالُ الرَّيِّ وَالْجَبَلِ وَأَصْبَهَانَ وَفَارِسَ وَالْأَهْوَازِ وَالْعِرَاقِ، وَيُحْمَلُ إِلَيْهِمْ ضَمَانُ الْمَوْصِلِ وديار ربيعة من الجزيرة وغيرها ثُمَّ اقْتَتَلَ جَيْشُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ وَجَيْشُ أَبِي القاسم الْبَرِيدِيِّ فَهُزِمَ أَصْحَابُ الْبَرِيدِيِّ وَأُسِرَ مِنْ أَعْيَانِهِمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ.
وَفِيهَا وَقَعَ الْفِدَاءُ بَيْنَ الرُّومِ والمسلمين على يد نصر المستملي أَمِيرِ الثُّغُورِ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَكَانَ عِدَّةُ الْأَسَارَى نَحْوًا مِنْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ (3) مُسْلِمٍ ولله الحمد والمنة
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَسَنُ بْنُ حَمُّوَيْهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي الْإِسْتِرَابَاذِيُّ.
رَوَى الْكَثِيرَ وَحَدَّثَ، وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ لِلْإِمْلَاءِ، وَحَكَمَ بِبَلَدِهِ مدة
(1) في رواية الوفيات وابن الجوزي: معتوها.
(2)
زيد في الوفيات: بقيتا من ذي الحجة.
(3)
في الكامل 8 / 469: ألفين وأربعمائة وثمانين أسيرا مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (*) .
طويلة، وكان من المجتهدين في العبادة المتهجدين بالأسحار، ويضرب به المثل في ظرفه وفكاهته.
وقد مات فجأة على صدر جا
…
؟ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخُتُّلِيُّ، سَمِعَ ابْنَ أَبِي الدنيا وغيره، وحدث عنه الدارقطني وغيره، وكان ثقة نبيلاً حَافِظًا، حَدَّثَ مِنْ حَفِظِهِ بِخَمْسِينَ أَلْفِ حَدِيثٍ.
عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ رَغْبَانَ بْنِ عَبْدِ السَّلام بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَغْبَانَ بْنِ زَيْدِ بْنِ تَمِيمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ الْمُلَقَّبُ بِدِيكِ الْجِنِّ الشَّاعِرُ الْمَاجِنُ الشِّيعِيُّ.
وَيُقَالُ: إنه من موالي بني تميم، لَهُ أَشْعَارٌ قَوِيَّةٌ.
خُمَارِيَّةٌ وَغَيْرُ خُمَارِيَّةٍ، وَقَدِ استجاد أبو نواس شعره في الخمازيات.
علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو الحسن الوزير لِلْمُقْتَدِرِ وَالْقَاهِرِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَسَمِعَ الْكَثِيرَ، وَعَنْهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً نبيلاً فاضلاً عفيفاً، كثير التلاوة والصيام والصلاة، يحب أهل العلم ويكثر مجالستهم، أَصْلُهُ مِنَ الْفُرْسِ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ الْقَائِمِينَ على الحلاج.
وروي عنه أنه قال: كسبت سَبْعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ أَنْفَقْتُ مِنْهَا فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا، وَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ حِينَ نُفِيَ مِنْ بَغْدَادَ طَافَ بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة في حر شديد، ثم جاء إلى منزله فألقى نفسه وقال: أشتهي على الله شربة ثلج.
فقال له بعض أصحابه: هذا لا يتهيأ ههنا.
فقال: أعرف ولكن سيأتي به الله إذا شاء، وأصبر إلى المساء.
فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ جَاءَتْ سَحَابَةٌ فأمطرت وسقط منا برد شديد كثير فجمع له صاحبه من ذلك الْبَرَدِ شَيْئًا كَثِيرًا وَخَبَّأَهُ لَهُ، وَكَانَ الْوَزِيرُ صائماً، فلما أمسى جاء به، فلمَّا جاء المسجد أقبل إليه صاحبه بأنواع الأشربة وكلها بثلج، فجعل الوزير يسقيه لمن حواليه من الصوفية والمجاورين، ولم يشرب هو منه شيئاً فلما رجع إلى المنزل جئته بشئ من ذلك الشراب كنا خَبَّأْنَاهُ لَهُ وَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ لَيَشْرَبَنَّهُ فَشَرِبَهُ بَعْدَ جهد جهيد، وقال أَشْتَهِي لَوْ كُنْتُ تَمَنَّيْتُ الْمَغْفِرَةَ.
رحمه الله وغفر له.
ومن شعره قَوْلُهُ: فَمَنْ كَانَ عَنِّي سَائِلًا بشماتةٍ * لِمَا نَابَنِي أَوْ شَامِتًا غَيْرَ سَائِلِ فَقَدْ أَبْرَزَتْ مِنِّي الْخُطُوبُ ابْنَ حُرَّةٍ * صَبُورًا عَلَى أَهْوَالِ تِلْكَ الزَّلَازِلِ وَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بن الحسن التَّنُوخِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّ عَطَّارًا مَنْ أَهْلِ الْكَرْخِ كَانَ
مَشْهُورًا بِالسُّنَّةِ، رَكِبَهُ ستمائة دينار ديناً فأغلق دُكَّانَهُ وَانْكَسَرَ عَنْ كَسْبِهِ وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ، وَأَقْبَلَ على الدعاء والتضرع والصلاة ليال كَثِيرَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ تِلْكَ اللَّيَالِي رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْوَزِيرَ فَقَدْ أَمَرْتُهُ لَكَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ الرَّجُلُ قَصَدَ بَابَ
الْوَزِيرِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، فَجَلَسَ لَعَلَّ أَحَدًا يستأذن له على الوزير حَتَّى طَالَ عَلَيْهِ الْمَجْلِسُ وَهَمَّ بِالِانْصِرَافِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ الْحَجَبَةِ قُلْ لِلْوَزِيرِ: إِنِّي رَجُلٌ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَقُصَّهُ على الوزير.
فقال له الحاجب: وأنت صاحب الرؤيا؟ إِنَّ الْوَزِيرَ قَدْ أَنْفَذَ فِي طَلَبِكَ رُسُلًا متعددة.
ثم دخل الحجاب فأخبروا الوزير فقال: أدخله عليّ سريعاً.
فدخل عليه فأقبل عليه الوزير يستعلم عن حاله واسمه وَصِفَتِهِ وَمَنْزِلِهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْمُرُنِي بِإِعْطَائِكَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فأصبحت لا أدري من أسأل عنك، ولا أعرفك ولا أعرف أين أنت، وَقَدْ أَرْسَلْتُ فِي طَلَبِكَ إِلَى الْآنِ عِدَّةً رسل فجزاك الله خيراً عن قصدك إياي.
ثم أمر الوزير بِإِحْضَارِ أَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ: هَذِهِ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسِتُّمِائَةٍ هِبَةٌ مِنْ عِنْدِي.
فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي أَرْجُو الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ فِيهِ.
ثُمَّ أَخَذَ مِنْهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَالَ الْوَزِيرُ: هَذَا هُوَ الصِّدْقُ واليقين.
فخرج ومعه الأربعمائة دينار فَعَرَضَ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ أَمْوَالَهُمْ فَقَالُوا: نَحْنُ نَصْبِرُ عَلَيْكَ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَافْتَحْ بِهَذَا الذَّهَبِ دُكَّانَكَ وَدُمْ عَلَى كَسْبِكَ.
فَأَبَى إِلَّا أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الثُّلُثَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمْ مِائَتَيْ دينار، وفتح حانوته بالمائتي دينار الباقية، فما حال عليه الحول حتى ربح أَلْفَ دِينَارٍ.
وَلِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْوَزِيرِ أَخْبَارٌ كثيرة صالحة.
كانت وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعِينَ سَنَةً.
وَيُقَالُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مُحَمَّدُ بن إسماعيل ابن إِسْحَاقَ بْنِ بَحْرٍ (1) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، كَانَ ثِقَةً ثَبْتًا فَاضِلًا، سَمِعَ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ وَغَيْرَهُ، وَعَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ مهدي، توفي فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
هَارُونُ بْنُ محمد ابن هَارُونَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ عَمْرِو بْنِ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرِ بْنِ عامر بن أسيد بن تميم بْنِ صُبْحِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سعيد بن حبنة أَبُو جَعْفَرٍ، وَالِدُ الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الحسن بْنِ هَارُونَ.
كَانَ أَسْلَافُهُ مُلُوكَ عُمَانَ فِي قديم الزمان، وجده يزيد بن جابر أدرك الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ هَارُونُ هَذَا أَوَّلَ مَنِ انْتَقَلَ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ عُمَانَ فنزل بغداد وحدث بها، وروى عن أبيه، وَكَانَ فَاضِلًا مُتَضَلِّعًا مِنْ كُلِّ فَنٍّ، وَكَانَتْ داره مجمع العلماء في سائر الأيام، ونفقاته دارّة عليهم، وكان له منزلة عالية، ومهابة بِبَغْدَادَ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ ثَنَاءً كَثِيرًا، وَقَالَ: كَانَ مُبَرِّزًا فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالشِّعْرِ، ومعاني القرآن، وعلم الكلام.
(1) في الكامل 8 / 468: نجر (*) .